تمر العلاقات الفرنسية الجزائرية بتدهور في الفترة الأخيرة، على خلفية العديد من الملفات، وكان آخرها ما تردد عن رفض الجزائر طلباً فرنسياً باستخدام مجالها الجوي لتنفيذ عملية عسكرية في النيجر، وهو ما قوبل بنفي من باريس.

ورغم التهديدات العسكرية المتواصلة من قبل منظمة "يإكواس" والاتحاد الإفريقي، يعتزم المجلس العسكري في نيامي المضي قدماً في المرحلة الانتقالية التي اقترحها والمقررة لمدة 3 سنوات، ما ينذر باحتمالية تنفيذ إجراءات استثنائية لحل الأزمة في النيجر.

#فرنسا تردّ على تقارير استخدام أجواء #الجزائر في استهداف #النيجر https://t.co/akCCE7Xgx8

— 24.ae (@20fourMedia) August 22, 2023 تضارب فرنسي جزائري

وحول تباين المواقف بين فرنسا والجزائر، قال اللواء محمد عبد الواحد، المتخصص في الأمن القومي والجماعات الإرهابية والشؤون الإفريقية والاستراتيجية لـ 24: "على الرغم من أن الجزائر نشرت هذا الخبر عبر إذاعتها الرسمية، الإثنين، بأنها رفضت طلباً فرنسياً لفتح أجوائها أمام تدخل عسكري في النيجر، إلا أن هذا الخبر يطرح علامات استفهام كثيرة".

وأضاف أنه "ربما حدث سوء فهم من قبل الطرفين، لأن فرنسا تعلم جيداً موقف الجزائر المتمثل في رفض الانقلاب العسكري، كما أنها ضد شن أي عملية عسكرية في النيجر"، مشيراً إلى أن الجزائر لن تسمح بأي مؤثرات على أمنها القومي، فالهجوم على النيجر يعني نزوح ولاجئين وحدود مفتوحة تكلفها الكثير، خاصة وأن لها حدود متقاربة مع مالي وليبيا.

في حين أكدت الدكتورة إيمان الشعراوي، الباحثة المتخصصة في الشأن الافريقي، مدير وحدة الدراسات الافريقية بمركز المستقبل الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، في حديث لـ24 أن، "ما أعلنت عنه الجزائر برفضها طلب فرنسي باستخدام الأجواء الجزائرية في عملية عسكرية مرتبطة بالنيجر، والنفي الفرنسي لهذا الأمر بعدها بساعات، يأتي في إطار ما تمر به العلاقات بين الدولتين من تدهور في الفترة الأخيرة، بسبب الخلاف حول الكثير من الأوضاع الأمنية بمنطقة الساحل، والرفض الشعبي لأي تدخل فرنسي في الشؤون الجزائرية باعتباره المستعمر السابق، فضلًا عن سعي الجزائر لأن تلعب دور الدولة القائد في منطقة الساحل الإفريقي بما يتعارض مع النفوذ الفرنسي".

وأشارت إلى أن الجزائر ترفض أي محاولات للتدخل العسكري في النيجر، وذلك لما يحمله هذا التدخل من تداعيات سلبية تؤثر على استقرار النيجر وإقليم الساحل والصحراء بوجه عام، مما يزيد من الأعباء الأمنية عليها وذلك مع طول حدودها الجنوبية عبر مالي والنيجر وليبيا، وانتشار التنظيمات الإرهابية، فضلًا عن رفضها تحويل النيجر لساحة للصراع الدولي بين القوى العظمى تؤثر على مصالحها هناك.

حقيقة العمل العسكري

وعن التهديدات المتواصلة بشن عملية عسكرية في النيجر، قال اللواء عبد الواحد: "على الرغم من أن الحل العسكري هو أحد السيناريوهات المطروحة لحل أزمة النيجر، إلا أن في التقدير استبعاده بسبب تداعياته الكارثية على المنطقة".
وأضاف "أعتقد أن إيكواس تستخدم سياسة "حافة الهاوية"، فالتلويح باستخدام العمل العسكري في هذا الوقت، يأتي لردع الانقلابيين وإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى السلطة مرة أخرى".

فيما لفتت الشعراوي، إلى حالة التخبط التي تعيشها فرنسا، والبحث عن حلفاء لها في توجيه ضربة عسكرية للنيجر من خلال الإيكواس، وذلك بعد أن تخلت عنها الولايات المتحدة الأمريكية التي تميل للتعامل مع المجلس العسكري النيجري وحل الأزمة دبلوماسياً، لذلك إلى الآن لم تقم بتوصيف ما حدث في النيجر بالانقلاب العسكري، فضلًا عن تعيين واشنطن سفيرة جديدة في النيجر بعد الإطاحة بمحمد بازوم، وهو ما يؤكد تباين الموقفين الفرنسي والأمريكي.

حسابات خاطئة

وأشار اللواء عبد الواحد في حديثه لـ 24، إلى أن تلويح إيكواس باللجوء إلى العملية العسكرية مر بمرحلتين، الأولى كانت بالتهديد بشن عمل عسكري عقب الانقلاب مباشرة، والذي كشف عن سوء تقدير من المجموعة، نظراً لأن الانقلاب وضعها أمام تحديات جديدة.

وأوضح أن الإيكواس توصلت إلى حسابات خاطئة، فالصراع على رأس النظام الدولي أفرز عن وجود استقطاب شديد في المنطقة، وتمرد عدد من الدول على المجموعة والاتحاد الإفريقي مثل مالي وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى انقسام المنظمة على نفسها بين رافض ومؤيد للعملية العسكرية.
وأضاف "منظمة الإيكواس لم تظن أن يُصعّد الانقلابيون بهذا الشكل المتواصل، ويرفضون الإفراج عن محمد بازوم وإعادة الدستور".

تأهب في #النيجر وانتظار لتحركات #إيكواس https://t.co/jiGkGYCskg

— 24.ae (@20fourMedia) August 22, 2023

ومن جهتها، أوضحت الشعراوي، أن الانقلابيين في النيجر يواجهون تحدياً جديداً يتمثل بظهور حركة تتبنى العمل المسلح ضد الجيش وقادة الانقلاب العسكري بقيادة عيسى أغ بولا، حليف الرئيس النيجري محمد بازوم.

وأكدت الشعراوي أن بولا سيحصل على دعم من قبل الدول الرافضة للانقلاب العسكري، وعلى رأسهم فرنسا، فضلًا عن بعض المواطنين داخل النيجر الذين يرفضون الانقلاب العسكري ولم يجدوا كياناً أو فصيلاً يعبرون عن أنفسهم من خلاله، ما يزيد الأمر تعقيداً داخل النيجر بالشكل الذي قد يدخلها في دوامة الحرب الأهلية وانتشار التنظيمات الإرهابية.

لا أهداف عسكرية

وكشفت الشعراوي لـ 24، أن فرنسا لن تُقدم على الحل العسكري بشكل مباشر، وأنها تضغط على منظمة الإيكواس للقيام بذلك، مستبعدة توجيه ضربة عسكرية للنيجر في ظل رفض أكثر من نصف دول المنظمة على رأسهم مالي وبوركينا فاسو هذا التدخل، والرفض الشعبي من قبل المؤسسات المنتخبة في دول الجوار مثل مجلس الشيوخ النيجيري، بالإضافة إلى رفض الاتحاد الأفريقي للتدخل العسكري، وعدم تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الخيار، الذي يضعف الموقف الفرنسي ويمنعها من التدخل عسكرياً بشكل منفرد.

"إيكواس" ترفض الفترة الانتقالية في #النيجر

https://t.co/WjMqRJvn98

— 24.ae (@20fourMedia) August 21, 2023

في حين، رأى اللواء عبد الواحد أنه حتى الآن فإنه من غير المعروف ما هي الدوافع الحقيقة لأي عمل عسكري، هل هي دوافع أخلاقية لإعادة الديمقراطية إلى النيجر، أم هي دوافع انتقامية للانقلابيين وما فعلوه، من أجل ضمان عدم تكرار هذه التجربة في المنطقة؟.

كما تساءل عن عدم وجود أهداف للعملية العسكرية إلى الآن، هل ستكون شاملة تهدف إلى تحرير محمد بازوم، أم أنها ستكون عملية جوية تقوم من خلالها بضرب المقرات العسكرية وتدمير البنى الأساسية؟.

 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني النيجر فرنسا الجزائر إكواس الانقلاب العسکری عملیة عسکریة عبد الواحد محمد بازوم فی النیجر فضل ا عن من قبل

إقرأ أيضاً:

الجيش الأميركي يكمل انسحابه من النيجر

أعلنت الولايات المتحدة، اليوم الاثنين، أنها أنجزت سحب قواتها من النيجر بالكامل، تنفيذا لمطالب الحكومة في الدولة الواقعة في منطقة الساحل الأفريقي.
وقالت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، في بيان "تعلن وزارة الدفاع الأميركية ووزارة الدفاع الوطني لجمهورية النيجر أن سحب القوات والمعدات الأميركية من النيجر انتهى".
وأكدت أفريكوم أن العملية تمت "من دون تعقيدات".
يُنهي هذا الانسحاب الوجود العسكري الأميركي في البلد الواقع في غرب أفريقيا.
ومطلع أغسطس، أنجز الجيش الأميركي انسحابه من قاعدة أغاديز الأخيرة له في النيجر. وأكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، حينها، أن نحو "عشرين شخصا" ما زالوا في النيجر لضمان سحب ما تبقى من معدات عسكرية أميركية.
وفي السنوات الأخيرة، شكلت النيجر مركزا للعمليات الأميركية والفرنسية الهادفة إلى مكافحة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل.
وبدأ انسحاب القوات الأميركية من النيجر في مايو، بعدما ألغت الحكومة في مارس اتفاق التعاون العسكري بين الطرفين.
وعلى الرغم من انسحابها، ما زال للولايات المتحدة "أهداف أمنية مشتركة" مع النيجر، حسبما قال الجنرال كينيث إيكمان الذي يرأس القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) مطلع أغسطس.
وأضاف "احترمنا سيادتهم بالكامل. طلبوا منا المغادرة، وامتثلنا لذلك، وقمنا بذلك بسلام واحترام".
وأفاد بأن الخطوة التالية ستكون "الاستماع" إلى احتياجات النيجر من أجل "علاقة مستقبلية في المجال الأمني مع الولايات المتحدة".
وقال "كانت شروطهم عدم الحديث عن المستقبل حتى يتم الانسحاب".
وفي 30 أغسطس، أعلن الجيش الألماني إنهاء انسحابه من النيجر وعودة آخر جنوده في قاعدته العسكرية في نيامي إلى ألمانيا.

أخبار ذات صلة تشريد مليون شخص ومقتل مئات في غرب أفريقيا جراء الفيضانات تصاعد الإرهاب يزيد معدلات الهجرة من «الساحل الأفريقي» المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • بعد تكريمه من الرئيس السيسي.. من هو "سامي" نجل الشيخ الشعراوي؟
  • الجيش الأميركي يكمل انسحابه من النيجر
  • أمريكا تعلن سحب كامل قواتها من النيجر
  • نسخة طبق الأصل من والده.. 6 معلومات عن سامي الشعراوي بعد تكريمه من الرئيس
  • وزير الخارجية يستقبل ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر
  • عطاف يستلم أوراق إعتماد سفير جنوب إفريقيا 
  • ارحلوا..لا ترحلوا: تخبط إسرائيلي بعد إسقاط منشورات تحذير على جنوب لبنان
  • موعد مباراة مصر وتونس في نهائي البطولة الأفريقية للشباب
  • تخبط إسرائيلي.. إلقاء منشورات جنوبي لبنان بدون موافقة الجيش
  • شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل زواج أسطوري بالقاهرة والعروسين يتفاعلان مع أغنياتها بالرقص