سواليف:
2025-02-24@17:33:32 GMT

الإنحراف عن مقاصد التدين

تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT


#الإنحراف عن #مقاصد_التدين
مقال الإثنين: 24 / 2 / 2025

بقلم : د. #هاشم_غرايبه
اكتشف الإنسان مبكرا أنه مدني بطبعه، ولا يمكنه العيش إلا ضمن مجتمعات، فبدأ البحث عن ضوابط صلاح المجتمع، واجتهد الفلاسفة فوجدوا أن الإنسان مفطور على قيم الخير، لكن فطرة حب البقاء وحفظ النوع أنشأت الأنانية والطمع، فتولدت جراء ذلك النزاعات للإستئثار بمقومات المعيشة.


ولما تبين أن المصالح المتناقضة للأفراد داخل المجتمع، ولا تلك بين المجتمعات المختلفة، أقوى من قيم الخير الكامنة في النفس، وجدوا أنه لا بد من الرادع، فاخترعوا الدولة، لكن المشكلة تفاقمت باستثارة شهوة الحكم والتملك والنفوذ.
عندها، فهم الإنسان الدواعي الفطرية في نفسه التي تدفعه للبحث عن الإله، لأنه ما من حل إلا بالرضوخ لسلطة قاهرة تفصل في نزاعات الأفراد، ويمتثل لها الحاكم والمحكوم، وهذه السلطة يجب أن تكون جبارة لا قبل لقوة بشرية بالخروج عليها.
ولما عجز العقل عن اكتشافها، أنزل الله الدين على البشر: “قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ” [البقرة:34]، هاديا لمعرفته، ومنظما لما عجزوا عن ضبطه.
ولما كان مما قضى به الله في سابق علمه، أن يُعطى الإنسان الخيار في اتباع هذا الهدى (الدين) أو رفضه، حتى تسقط الذريعة لمن عصى الرسل واتبع هواه ورفض الإلتزام بالمنهج القويم، فيصبح التباين بين المؤمن والكافر بيّناً، والحجة دامغة، وعندما تنتهي فترة فرز الصالح من الطالح في الدنيا، ويحل أوان الحساب، يتم فرز من استحق نعيم الله الأبدي.
هذه ببساطة هي فلسفة الحياة البشرية، التي يترك فيها العنان للإنسان ليفعل ما يحلو له، إما متحللا من الضوابط التي جاء بها الدين، أو ليحتكم الى عقله وفطرته فيتّبع الدين .. وعندها يعتبر المرء متدينا.
من هنا نستنتج مقاصد الدين، وهي باختصار: الصلاح والإستقامة، وجاء هذا في قوله تعالى: “فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا” [الكهف:110]، وفي قوله تعالى: “فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” [هود:112].
لقد اشتط البعض في تفسير مقاصد الدين وتحميلها فوق ما وجدت له، ومن أشهر أوجه الإنحراف:
1 – إكراه البشر على التدين: عندما خلق الله الإنسان منحه العقل مميزا عن سائر المخلوقات، ليعرف الله به وليس بحواسه، وذلك معنى الإيمان، والذي هو تحدٍّ عقلي، ولولا وجود الكفر لما كان تمييز المؤمن ممكنا، لذلك كانت الحتمية الوجودية البشرية بوجود هذه التضادية، وعليه فليس ممكنا أن يؤمن كل البشر: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ” [يونس:99].
2 – التكفير: وهو أمر عانت منه البشرية على مر العصور، وهو الحكم على الشخص أو الجماعة أو المنطقة بالكفر، وبالطبع لا يمكن القطع بذلك من الأفعال الظاهرة، لأن الإيمان قناعة في سريرة الشخص لا يعلمها غير الله.
وفي العصر الحاضر يماثله الإتهام بالإرهاب، وأغلب من يلجأ إلى ذلك المتنفذون والحكام، وهي التهمة الأسهل في حق المعارض أو المعيق لمكاسبهم، وبالرغم من أن الله عز وجل لم يكلف أحدا بالتقصي والتحقق من كون المرء مؤمنا أو كافرا، كما أنه لم ينزل نصا شرعيا بقتل المرتد، إلا أن الحكام وأتباعهم استندوا الى هذه التهمة في التخلص من الكثيرين بقتلهم.
3 – الإكتفاء بالعبادات السهلة وترك المكلفة: فالصلاة والصيام والذكر والقيام وسائر العبادات الفردية سهلة على النفس قليلة الكلفة، أما العبادات المجتمعية فهي تحتاج كلفاُ ثقيلة في المال والنفس، بدءاً بالزكاة، ثم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالجهاد دفاعا عن حق المؤمنين في الحياة الكريمة، وعن حقهم في اتباع الدين.
4 – التدين الشكلي: أي الاكتفاء بأداء العبادات من غير تمثل معانيها في الصلاح والطيب من الأخلاق، فيستغرق الفرد في الشعائر انطلاقا من حسابات تجارية محضة، فهو يواصل الأعمال السيئة معتقدا أن عباداته تكدس له من الحسنات ما يزيد عن السيئات.
الدين أنزله الله تعالى لنفع الناس في حياتهم الدنيوية: نفع الذات بالصلاح والإستقامة، ونفع الغير بأعمال الخير.
وجعل جزاء ذلك ثوابا في الدنيا والآخرة.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

هل تلغى النار يوم القيامة؟.. القصة الكاملة لتصريحات الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن عدد المسلمين حاليا حوالي 2 مليار، بينما لم يصل عدد المسلمون في العصور السابقة إلى هذا الرقم.

وأضاف علي جمعة، في تصريحات على قناة "العربية"، أن الدقيقة عند الله تساوي 34 عاما، فإذا عاش الإنسان 100 سنة في الدنيا، فهو بذلك قد عاش 3 دقائق فقط من الزمن الذي عند الله- عز وجل-.

وأشار إلى أن اليوم عند الله يعادل 50 ألف سنة مما في الأرض، كما ورد في القرآن الكريم، في قوله تعالى "تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" (المعارج: 4).

هل تلغى النار يوم القيامة؟

وكشف علي جمعة، أنه من المحتمل إلغاء النار يوم القيامة، فهناك أدلة شرعية تؤكد هذا التصور كما أن هذا الحديث ليس جديدا، بل تحدث فيه علماء أهل السنة والجماعة عبر العصور، وأبرزهم: ابن القيم وابن تيمية.

وأوضح علي جمعة، أن الله- تعالى- لا يخلف وعده، وقد يخفف في الوعيد الذي وضعه لهم، منوها بأن النار قد تُفنى أو تُلغى أو يتصرف الله فيها كما يشاء بتجلي رحمته، حيث أن رحمة الله- تعالى- فوق كل شيء، وأنها تشمل جميع عباده المؤمنين.

وأشار إلى أن فناء النار أو تلغى أو يفعل الله ما يشاء، هو مذهب أهل السنة وهذا مذهب ابن القيم وابن تيمية، فليس الأمر حديثا ولا رأي توصلنا إليه من الأدلة، بل هو كلام الصحابة والتابعين، وهو أن الله لا يخلف وعده، بل قد يخفف الوعيد.

وأكد أن هناك ثقافة سائدة بعد تولي العثمانيين شئون المسلمين في الدولة العثمانية، والنبي يقول مثلا (القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر الناس) فكل الناس في ثقافتها العامة أخذوا الجزء الثاني، وذلك بثقافة سائدة وليس بحقيقة دينية موثقة، وهي أن القبر حفرة من حفر النار، وأن به عذاب القبر وفيه السؤال وفيه العقاب، ونسوا صدر الحديث وهو حديث متفق على صحته ومتفق في الاعتقاد به.

عدد المسلمين في الجنة

وأوضح علي جمعة، أنه سيدخل الجنة بلا حساب سبعون ألف، ويتشفع كل واحد منهم في 70 ألف، وضرب هذا الرقم، ينتج قرابة 5 مليارات مسلم سيدخلون الجنة.

وأشار إلى أن عدد المسلمين حتى الآن 2 مليار، وعدد المسلمين في العصور السابقة لا يساوي هذا الرقم، فإذن رحمة الله واسعة وهذا هو المعنى الذي نريده دون جدل لا فائدة فيه إلا القدح في سلوك المسلمين وانهيار العقلية الإسلامية.

مقالات مشابهة

  • 5 أمور تجعلك تدخل رمضان بهمة ونشاط وتعينك على العبادات والطاعات
  • باقي على رمضان 2025 أقل من 111 ساعة.. علي جمعة: احذروا 3 أفعال
  • هل تلغى النار يوم القيامة؟.. القصة الكاملة لتصريحات الدكتور علي جمعة
  • المقاومة نبض.. والأمة قلب (سيرة شهيد حول الدم إلى إيقاع للخلود)
  • في رثاء المرحوم شوفان الطوالبة
  • "خلق الإنسان باحثا".. إصدار يسلط الضوء على القدرات الكامنة لدى البشر
  • ما الحالات التي يباح فيها الفطر في رمضان؟ .. مفتي الجمهورية السابق يجيب
  • رمضـان علـى الأبـواب.. فمـا أشبـه اليـوم بالبارحـة!
  • بعد النجاحات التي حققها.. العربي الأوربي لحقوق الإنسان يتحصل على صفة «مراقب»