جدة – ياسر خليل

تحتفل المملكة العربية السعودية في 22 فبراير بيوم التأسيس، مستذكرة إنجازاتها الاقتصادية والاجتماعية في مختلف المجالات. وقد نجح الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- في توحيد الدولة السعودية، وسار على نهجه أبناؤه، مما جعل المملكة نموذجًا للوحدة والاستقرار. وفي هذا السياق، يتحدث نخبة من أساتذة الأدب والتاريخ الإسلامي والسياسة لـ”البلاد” لإبراز عظمة هذه الإنجازات.

في البداية، تحدث الدكتور محمد صالح حامد سيد أحمد، وكيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز سابقًا ومستشار في مركز البحر الأحمر بجدة، عن نجاح الدولة السعودية الأولى في ضم مكة المكرمة والمدينة المنورة. إلا أن قوات الإمام عبدالله بن سعود لم تتمكن من دخول مدينة جدة، ولم تتمكن المدينة من السقوط في يد السعوديين. فقد قام الإمام عبدالله بن سعود بحصار المدينة لمدة أسبوع، تكبد خلالها خسائر كبيرة، مما دفعه إلى تعديل خطته والتوجه في طريق العودة إلى وادي مر الظهران، حيث استقبلته الأسرة الشريفة في المنطقة، وعين أميرًا من ذوي بركات هناك. بعد ذلك، غادر الإمام إلى الدرعية تاركًا وراءه حامية صغيرة في مكة. وعند عودته إلى بلاده، تمكن الشريف غالب من دخول مكة المكرمة بسهولة. وفي موسم الحج، ترك أمير الحج الشامي 150 جنديًا تحت قيادة الشريف غالب. ومن خلال القوة العسكرية التي كانت ترافقه، بالإضافة إلى الأموال التي قدمت له والمدافع التي جلبها من جدة، تمكن الشريف غالب من رفع الحصار عن مكة واستعادة ميناء الليت التابع لجدة. وقد تحقق ذلك من خلال عملية مشتركة من البر والبحر، حيث أعيد الميناء مرة أخرى تحت إدارة جدة.

وأضاف: استعرضنا تاريخ الدولة السعودية ودخول الحجاز تحت حكم الدولة السعودية الأولى، حيث استمرت المدن والأقاليم في الانضواء تحت الحكم السعودي. لكن إذا نظرنا إلى مساحة المملكة العربية السعودية الواسعة، يمكننا تخيل طبيعتها الجغرافية والطبوغرافية، بما في ذلك الصحاري التي تمتد من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، حيث كانت الطرق وعرة والمواصلات محدودة، مع الاعتماد على الجمال والقوافل التي كانت وسيلة النقل الأساسية في الجزيرة العربية للتجارة والنقل، فضلاً عن استخدامها في الزراعة لسحب المياه.

ومضى سيد أحمد قائلًا: نعود إلى فترة تأسيس الدولة السعودية الأولى، حيث كانت المملكة شاسعة الأطراف وغير مأهولة بالسكان باستثناء الواحات، مما جعلها بيئة صحراوية طبيعية. وقد شد انتباهي الرحلة التي قام بها الكابتن ج. فورستر سادلير، الإنجليزي، في عام 1819م، حيث جاء من الهند إلى الخليج العربي، شرق المملكة، وطاف بالأحساء والقطيف، مرورًا عبر الجزيرة العربية من الشرق إلى الغرب. وكان سادلير مبعوثًا من الحكومة البريطانية التي كانت قد استولت على الهند وبدأت تمارس تجارتها مع دول الخليج والعراق العثماني وبلاد فارس، وكانت علاقاتها مع الخليج قوية للغاية.

وتابع: ألف الكابتن سادلير، مبعوث الحكومة البريطانية في الهند، كتابًا عن رحلته، وكان قد حمل معه رسالة من الحاكم العام للهند وسيفًا هدية لإبراهيم باشا، قائد القوات المصرية التي كانت تتجه إلى الحجاز ونجد. وكان هدف سادلير من هذه الرحلة مقابلة إبراهيم باشا وطلب مساعدته العسكرية للهجوم على قواسم رأس الخيمة، الذين كانوا خاضعين للسيادة السعودية، حيث أزعجوا البريطانيين في مياه الخليج حتى سواحل الهند. ثم أبحر سادلير إلى أبوشتهر، القطيف، الأحساء، ثم إلى نجد، حيث علم بأن إبراهيم باشا رحل إلى المدينة المنورة، فتابع رحلته للحاق به، حيث اجتمع به في آثار، ثم ذهب إلى ينبع ومنها إلى جدة. في عام 1819، قابل الباشا مرة أخرى في جدة قبل أن يغادر إلى المخا عائدًا إلى الهند عبر البحر. وقد وثق سادلير خلال رحلته الكثير من الأحداث والرجال والبلدان والمناطق التي مر بها، واعتبر الأوربي الوحيد الذي عبر الجزيرة العربية من شرقها إلى غربها. وقد قامت الحكومة البريطانية بنشر مذكراته عام 1866 في بومباي.

وزاد: من هنا، أصبح من الواضح للحكومة السعودية ضرورة ربط أطراف المملكة ببعضها البعض، ولذلك تم تأسيس شركة الخطوط الحديدية السعودية (SAR). وقد بدأت بخطوط قطار الحرمين الشريفين التي تربط جدة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، بالإضافة إلى خط آخر من الدمام إلى الرياض، مع رحلات إضافية إلى المجمعة والقصيم وحائل والجوف. وفي المستقبل القريب، سيكتمل الخط من الجوف إلى جدة، حيث سيتصل قطار شرق المملكة مع قطار غربها. هذا المشروع كان حلمًا تحقق بفضل توجيهات صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أتاح تطوير وسائل النقل المتنوعة مثل الطائرات والقطارات والحافلات التي تعمل على مدار الساعة لخدمة الحجاج والمسافرين. كما تم مد الشبكة الحديدية لتصل إلى دول الخليج، مما يعزز التواصل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين دول مجلس التعاون الخليجي. هذه الإنجازات تبرز في عهد المملكة الحالية، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عراب رؤية 2030. نسأل الله أن يحفظ المملكة العربية السعودية ويجعلها دائمًا في عز وازدهار، لنحتفل بيوم التأسيس في السنوات القادمة بسعادة ورفاهية وتنمية مستدامة.

توحيد واستقرار وأمن

أشارت الدكتورة هالة ذياب المطيري، الأمين العام للجمعية التاريخية السعودية ونائب المشرف على فرع الجمعية في منطقة مكة المكرمة، إلى أن أئمة الدولة السعودية الأولى تمكنوا من توحيد معظم مناطق شبه الجزيرة العربية، مما نقلها إلى عهد جديد اتسم بالاستقرار والأمن، إضافة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية. وبفضل قيام الدولة السعودية القوية، ظهر العديد من العلماء، وازدهرت المجالات العلمية والاقتصادية، كما تم إنشاء العديد من المؤسسات والنظم الإدارية. وأصبحت الدولة تتمتع بمكانة سياسية كبيرة بفضل قوتها ومبادئها الإسلامية، فضلاً عن اتساع رقعتها الجغرافية وسياسة حكامها المتوازنة التي كانت تعتمد على نصرة الدين الإسلامي وخدمة المجتمع وتعزيز تقدمه الحضاري. وقد شهدت الدولة السعودية الأولى (1744-1818م) تطورًا حضاريًا بارزًا في مختلف المجالات، ومن أبرز هذه المجالات:

الجانب السياسي والإداري:

قامت الدولة السعودية الأولى على أسس الإسلام، حيث كان الحكم يعتمد على الشريعة الإسلامية. أسس الإمام محمد بن سعود نظامًا إداريًا قويًا شمل الحاكم والمستشارين والقضاة وولاة الأقاليم، مما ساعد في توسيع الدولة لتشمل معظم شبه الجزيرة العربية وبالتالي تحقيق الاستقرار السياسي.

الجانب الاقتصادي:

شهدت الزراعة ازدهارًا ملحوظًا بفضل الاهتمام بالآبار والعيون، خاصة في مناطق مثل الدرعية والأحساء. كما ازداد النشاط التجاري نتيجة تطور الأسواق الداخلية وازدهار طرق القوافل التجارية. فرضت الدولة نظامًا ماليًا يعتمد على الزكاة والضرائب المنظمة لتمويل الأنشطة الحكومية والعسكرية.

الجانب الاجتماعي:

لعبت القبائل والعشائر دورًا كبيرًا في المجتمع، لكن الدولة السعودية الأولى عملت على توحيد هذه القبائل تحت راية واحدة، مع تعزيز القيم الإسلامية من خلال التعليم والوعظ، مما ساعد في نشر الأخلاق والتسامح. كما دعم الحكام العلماء والمصلحين، مما أسهم في نشر الفكر الصحيح.

الجانب الديني والثقافي:

تأسست الدولة على منهج الدعوة الذي نادى به الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مما ساعد في نشر التوحيد ومحاربة البدع. كما تأسست حلقات علمية ومساجد ساهمت في نشر العلم الشرعي. كان للقضاء الشرعي دور مهم في فض النزاعات وإقامة العدل بين الناس.

الجانب العمراني:

شهدت الدرعية، عاصمة الدولة السعودية الأولى، نهضة عمرانية كبيرة، حيث تم بناء القصور والمساجد والأسواق. كما تطورت أنظمة الري والزراعة، مما ساهم في تحسين الإنتاج الغذائي. استخدمت المواد المحلية في البناء، مثل الطين والخشب، بما يتناسب مع طبيعة المنطقة الصحراوية.

الجانب العسكري:

امتلكت الدولة جيشًا قويًا يعتمد على القبائل والفرق النظامية، مما ساعد في توسيع نفوذها. كما استخدمت الدولة استراتيجيات حربية متقدمة، مثل التحصينات وبناء القلاع. بفضل هذه العوامل، أصبحت الدولة السعودية الأولى قوة مؤثرة في الجزيرة العربية، قبل أن تسقط عاصمتها الدرعية على يد العثمانيين في عام 1818م بعد الحملة التي قادها إبراهيم باشا.

عمق تاريخي وحضاري

من جانبها، أكدت أ.د. رحمة بنت عواد السناني، أستاذ آثار وتاريخ الجزيرة العربية القديم بجامعة طيبة، أن تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ يعكس العمق التاريخي والحضاري للمملكة العربية السعودية، وهو ما حرص ولي العهد صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان -حفظه الله- على تأكيده في أولويات رؤية 2030. فقد شكلت هذه الدولة ركيزة راسخة لإبراز تاريخ المملكة العريق الذي يتجاوز الثلاثمائة عام من خدمة الإسلام والمسلمين. إذ تُعد الدولة السعودية الأولى أول نظام سياسي موحد في الجزيرة العربية بعد قرون من التمزق والتشتت منذ انتقال العاصمة الإسلامية إلى دمشق في منتصف القرن الأول الهجري.

وأضافت أنه عند احتفالنا سنويًا بيوم التأسيس، يجب أن نتذكر بفخر الإمام المؤسس محمد بن سعود -رحمه الله- الذي اختار الدرعية عاصمة لدولته الجديدة، وهو خيار يعكس رؤية ثاقبة. فالدرعية، التي أسسها الأمير مانع المريدي في سنة 850هـ، تتمتع بتاريخ عريق وموقع استراتيجي متميز على وادي حنيفة وتشرف على أهم طرق الحج والتجارة، مما جعلها محط أنظار الإمام محمد بن سعود وأحفاده من بعده. لقد كانت الدرعية مركزًا دينيًا واقتصاديًا، حيث كان من الضروري الحفاظ على الأمن وتأمين الطرق التي يسلكها الحجاج والتجار. هذا بدوره ساعد على ازدهار الاقتصاد والتجارة وتقدم الدولة السعودية الأولى، بدءًا من عاصمتها الدرعية.

وتابعت د. رحمة قائلة: إن قيام الدولة السعودية الأولى انعكس إيجابًا على استقرار الحجاز، حيث أصبح الحج ممكنًا للمسلمين من جميع أنحاء العالم في ظروف آمنة ومستقرة، وهو ما كان مفقودًا قبل ذلك بسبب انتشار الفوضى والاعتداءات على الحجاج. وقد تمكن الإمام محمد بن سعود من تمكين الدين الإسلامي وتيسير أداء شعائره، في مقدمتها فريضة الحج، مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.

وأضافت أن هذا النهج استمر في الدولة السعودية الثانية والثالثة، حيث أولت المملكة عناية كبيرة بتوسيع الحرمين الشريفين وتوفير كافة الخدمات لضيوف الرحمن، مما مكن ملايين المسلمين من أداء شعائرهم بيسر وسهولة. وأشارت إلى أن التوسعات المتتالية للحرمين الشريفين هي خير مثال على ذلك. كما ختمت بالحديث عن الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي اختار لقب “خادم الحرمين الشريفين” ليختصر كل حديث عن التمكين والنصرة لله.

أما الدكتورة ريم بنت عجب العوني، أستاذ مساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فقد أوضحت أن يوم التأسيس في 23 فبراير من كل عام يمثل مناسبة وطنية تُذكر بذكرى وضع اللبنات الأولى للدولة السعودية على يد الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ/1727م. هذا اليوم يعكس عمق الجذور التاريخية للدولة السعودية ويبرز تطورها السياسي والاجتماعي على مر القرون، وصولًا إلى الدولة الحديثة التي تمد جذورها في عمق الجزيرة العربية.

وأشارت إلى أن تأسيس الدولة السعودية جاء في سياق تاريخي يميز تلك الفترة، حيث كانت الجزيرة العربية تعيش حالة من التشتت السياسي وعدم الاستقرار. في ظل هذه الظروف، برز الإمام محمد بن سعود وأسس الدولة السعودية الأولى في الدرعية، مستندًا إلى مبادئ الاستقلال السياسي، والاستقرار الاجتماعي، والازدهار الاقتصادي. وأضافت أن تأسيس الدولة السعودية لم يكن مجرد حدث سياسي عابر، بل كان نقطة تحول في تاريخ الجزيرة العربية، حيث شكلت الدرعية نموذجًا للدولة المستقرة ومركزًا سياسيًا وثقافيًا، كما كانت قاعدة لنشر مبادئ الوحدة والتنمية.

تحولات كبيرة في تاريخ الجزيرة العربية

أكد الدكتور خالد عبدالله الكُريري، من قسم التاريخ بجامعة الملك عبد العزيز، أن الإمام محمد بن سعود، رحمه الله، يُعتبر من الشخصيات البارزة التي أحدثت تحولاً كبيرًا في تاريخ الجزيرة العربية. فقد كان رائد التأسيس وصاحب المشروع السياسي الذي أسفر عن قيام دولة قوية ذات أركان ثابتة، تقوم على مبادئ القرآن الكريم، ويعمها الأمن والاستقرار، والعدل والنماء. استمرت رحلته البطولية نحو بناء الدولة ما يقارب الأربعين عامًا، حيث عانت الجزيرة العربية قبل حكمه من الاضطراب والتفكك، وكانت تفتقر إلى وحدة سياسية تجمع الأقاليم تحت سلطة واحدة، مما أدى إلى انتشار الفوضى والفقر والجهل.

وأضاف الدكتور الكُريري أن الإمام محمد بن سعود كان يدرك جيدًا ضرورة بناء دولة موحدة في ظل الظروف المضطربة، وكان يتسم بالقيادة الحكيمة والقوة السياسية. وقد بدأت انطلاقة الدولة السعودية الأولى في عام 1139هـ/1727م عندما وحد الإمام محمد بن سعود شطري الدرعية، وأخذ من حي سمحان مركزًا لحكمه، ما شكل بداية عهد جديد للدولة السعودية، يتسم بالقوة والأمن والاستقرار.

وأشار إلى أن الإمام محمد كان حريصًا على بناء مجتمع قوي ومستقر في الدرعية، حيث فرض العدل ومنع الظلم، وساهم في تقوية العلاقات بين المدن النجدية وبناء جيش قوي لحماية الدولة من الهجمات الخارجية. كما عمل على تأمين طرق الحج والتجارة، مما ساهم في ازدهار الاقتصاد وتأسيس أسواق ومواسم تجارية.

وأبرز الكُريري الدور الهام الذي لعبه الإمام محمد في الإصلاح الديني والثقافي، حيث قام بتوظيف مبادئ الدعوة الإصلاحية التي أتى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نشر التعليم، وتعزيز محو الأمية، وتأسيس دور علمية في مختلف مناطق الدولة. وختم حديثه بالتأكيد على أن يوم التأسيس يُعد يومًا تاريخيًا مهمًا يعكس عمق الدولة السعودية التاريخي والحضاري، ويعزز الانتماء والهوية الوطنية والثقافية.

الدرعية معهد الدولة

قال الأستاذ الدكتور فهد بن عتيق المالكي، نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية التاريخية السعودية، أن الدرعية تُعد مهد الدولة السعودية الأولى، حيث كانت المدينة التاريخية التي تأسست على يد الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ/1727م. ولفت إلى أن الدرعية بدأت نشأتها على يد مانع بن ربيعة المريدي، الذي أسس غُصيبة، أحد أقدم أحياء المدينة، ما جعلها نقطة استراتيجية في قلب الجزيرة العربية، وساهم موقعها الجغرافي في توسعها وازدهارها. وأضاف المالكي أن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، أولى الدرعية اهتمامًا خاصًا، حيث أطلق برنامج تطوير الدرعية التاريخية ليجعلها مركزًا ثقافيًا حضاريًا. كما أشار إلى أن الأمير محمد بن سلمان ضم مشروع تطوير الدرعية ضمن المشاريع الكبرى التي يملكها صندوق الاستثمارات العامة، مع خطط لاستقطاب 27 مليون زائر بحلول 2030.

من جهة أخرى، أكد الأستاذ الدكتور زهير بن عبدالله الشهري، مدير مركز بحوث التأسيس والتاريخ الوطني، أن تأسيس الدولة السعودية كان بمثابة إنجاز سياسي استثنائي، حيث استطاع الإمام محمد بن سعود تحويل التشتت والولاءات المتعددة في الجزيرة العربية إلى مشروع دولة موحدة. وأضاف أن مشروع الدولة السعودية يرتبط بالقيم والمبادئ التي تمثل دافعًا فكريًا ومعنويًا لاستدامة الوحدة والتنمية، مشيرًا إلى أن هذه القيم لا تزال حية في ذاكرة المجتمع السعودي، وتواصل تحفيزهم نحو الصعود التاريخي والحضاري، ما يضمن استمرارية النجاح والتقدم.

مناسبة تجسد معاني العزة

في السياق ذاته، اعتبر الدكتور محمد الحلفي، عضو جمعية التاريخ السعودية، أن يوم التأسيس في 22 فبراير يمثل مناسبة وطنية هامة تجسد معاني العزة والاعتزاز بالجذور التاريخية العميقة للمملكة. ففي عام 1727م، وضع الإمام محمد بن سعود الأساس لدولة سعودية موحدة، مؤسسًا مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي والوحدة، ليجعل هذا اليوم شاهدًا على الإرادة الصلبة والنهج الراسخ لقادة المملكة.

وأشار الحلفي إلى أن يوم التأسيس يعكس الهوية الوطنية الممتدة عبر ثلاثة قرون، والتي بنيت على أسس العدل والمساواة والترابط الاجتماعي، ما جعلها نواة قوية لبناء كيان متماسك قادر على التكيف مع التحولات. وأضاف أن المملكة اليوم، تحت قيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تسير بثبات نحو المستقبل مع رؤية 2030، مستلهمة من روح الطموح والإنجاز التي رسخها يوم التأسيس.

ولفت إلى أن الهوية البصرية ليوم التأسيس تُجسد الإرث التاريخي العريق للمملكة، من خلال الرموز التي تعكس سمات المجتمع السعودي، مثل الفروسية والشجاعة والتجارة والتكافل الاجتماعي، ما يُبرز غنى التراث الوطني. وتابع الحلفي بأن الاحتفال بهذا اليوم ليس مجرد إحياء لذكرى تاريخية، بل هو تأكيد على استمرارية المسيرة الوطنية والوفاء للوطن وقيادته، وجدد أبناء المملكة عهدهم بالحفاظ على مكتسبات الوطن وتحقيق رؤى طموحة لمستقبل مشرق.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الدولة السعودیة الأولى تاریخ الجزیرة العربیة الأمیر محمد بن سلمان الإمام محمد بن سعود فی الجزیرة العربیة العربیة السعودیة الحرمین الشریفین أن یوم التأسیس مکة المکرمة التی کانت رحمه الله حیث کانت ما جعلها حیث کان من خلال بن عبد فی نشر فی عام مرکز ا على ید إلى أن

إقرأ أيضاً:

السعودية تحتفل بـيوم التأسيس.. ماذا يختلف عن اليوم الوطني؟

تحتفل الحكومة السعودية اليوم السبت، بذكرى "يوم التأسيس" التي استحدثتها لأول مرة في العام 2022.

وتقول الحكومة السعودية إن سبب الاحتفال بـ"يوم التأسيس"، هو استذكار تاريخ الأئمة الذين أسسوا الدولة السعودية الأولى والثانية، حيث أسس الإمام محمد بن سعود الدولة الأولى عام 1727.

فيما تحتفل السعودية في أيلول/ سبتمبر من كل عام، بـ"اليوم الوطني"، والذي يشير إلى توحيد الملك عبد العزيز للمملكة وتأسيس "المملكة العربية السعودية" عام 1932.

وقال الملك سلمان في أمر ملكي صدر في كانون الثاني/ يناير 2022، إن يوم 22 شباط/ فبراير من كل عام، سيكون عطلة رسمية بمناسبة "يوم التأسيس"، مضيفا أنه "اليوم الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية، عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1727".

إلا أن هذا القرار جرى تفسيره من قبل خبراء، بأنه محاولة رسمية من السعودية لتهميش دور محمد بن عبد الوهاب، والذي شارك محمد بن سعود تأسيس الدولة السعودية الأولى، حيث جرى تهميش دوره في احتفالات يوم التأسيس.

وأطلقت الحكومة السعودية موقعا إلكترونيا لـ"يوم التأسيس"، كشفت من خلاله عن دوافع استحداث احتفال بهذا اليوم، وهي التي تتلخص في "الاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية، والاعتزاز بالارتباط الوثيق بين المواطنين وقادتهم، وبما أرسته الدولة من الوحدة والاستقرار والأمن"، إضافة إلى نقاط أخرى تتلخص حول الوحدة الوطنية.

وكان لافتا تسليط الموقع الضوء على جوانب لم يتم ذكرها في كتب التاريخ المعتمدة سابقا، والمناهج الدراسية، إذ جاء بحسب الموقع أن الدولة السعودية الأولى كان ينتشر فيها الفن والموسيقى، باستخدام الربابة والطبل.

وركز الموقع على واقع النساء في الدولة السعودية الأولى، إذ قال إن النساء كن يرتدين ثيابا ملونة، وأخرى منسوجة بالحرير كانت تأتي من العراق، والهند، مشيرا إلى أن زوجات الإمام سعود بن عبد العزيز كن يرتدين الحرير الهندي المذهب.

"مجرد داعية"
في آذار/ مارس 2022، قلل ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، من الدور الذي لعبه عبد الوهاب في تأسيس الدولة السعودية الأولى، في تناقض كبير مع كافة الكتب التاريخية السعودية عن تلك الحقبة.

وقال ابن سلمان في مقابلة مع مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية، إن عبد الوهاب كان مجرد داعية، من بين دعاة ساهموا في تلك الحقبة، مضيفا أن "الشيخ محمد بن عبدالوهاب ليس السعودية، فالمملكة لديها المذهب السنّي والشيعي، وفي المذهب السنّي توجد أربعة مذاهب، ولدى الشيعة مذاهب مختلفة كذلك، ويتم تمثيلها في عدد من الهيئات الشرعية، ولا يمكن لشخص الترويج لأحد هذه المذاهب ليجعلها الطريقة الوحيدة لرؤية الدين في المملكة".
 
تغيير المناهج
وطرأ تغيير كبير على منهج مادة "الاجتماعيات" في عهد الملك سلمان، والتي تشمل التاريخ، جاء عبر تقليص الدور المذكور في السابق لمحمد بن عبد الوهاب في قيام الدولة السعودية الأولى، مقابل إبراز اسم "مانع المريدي"، بوصفه أقدم من يذكرهم التاريخ من أجداد أسرة آل سعود، وبأنه مؤسسة إمارة الدرعية الأولى، التي هي بذرة للدولة.

ويصور المنهاج الجديد للصف السادس الابتدائي، والذي اطلعت عليه "عربي21"، أن عبد الوهاب جاء من العيينة إلى الدرعية التي كانت عاصمة للدولة السعودية الأولى، طالبا العون من إمامها محمد بن سعود، والذي أبدى موافقة على ذلك.

ويتناقض هذا التاريخ من المنهاج السعودي الجديد، مع المنهاج السابق الذي أعطى مساحة كبيرة للدور الذي لعبه عبد الوهاب في تأسيس الدولة السعودية الأولى رفقة محمد بن سعود.

إذ أعطى المنهاج السابق مساحة للتعريف بشخص محمد بن عبد الوهاب، ورحلته في طلب العلم بالمدينة المنورة، والبصرة، والتركيز على جهوده في محاربة "الشرك".

كما أعطى المنهاج السابق لمحة عن وضع الجزيرة العربية قبل مشروع محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود، متهما الناس حينها بالتوسل في القبور والأشجار، والجهل بأمور الدين، وهو ما خلق "حاجة إلى دعوة إصلاحية تنشر التوحيد الخالص، وحكومة قوية توحد البلدان".
 
"تذكير بالتوسع"
تزامنا مع "يوم التأسيس"، نشر الصحفي السعودي المقرب من الحكومة، سلمان الأنصاري، خريطة قال إنها تظهر مدى توسع الدولة السعودية الأولى، وتظهر وصولها إلى جل دول الخليج، وجزء من الكويت، والعراق.

وقال ناشطون إن الخريطة المعلقة في "قصر المصمك" أيضا، توضح الطموحات "التوسعية" للمملكة في دول الجوار، مشيرين إلى أن تداولها يعد استفزازا للدول الأخرى، لا سيما أن دولا مثل سلطنة عمان، كان لها امتداد أيضا داخل السعودية.

بحسب المعارضة، والأكاديمية السعودية مضاوي الرشيد، فإن محمد بن سلمان حاول من خلال التغيير في التاريخ السابق للمملكة، فصل العلاقة بين الأسرة الحاكمة (آل سعود)، وبين الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي توسم دعوته بـ"الإرهاب"، وبأنها سبب بنشوء التنظيمات المتطرفة.

وقالت الرشيد في تصريحات مسجلة، إن الاتفاق الذي تم بين محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب في 1744، هو تاريخ نشأة الدولة، وليس التواريخ التي بدأت المملكة بترويجها لاحقا، والتي تمتد لسنوات قبل هذا التاريخ.


Three centuries of unity, justice, and glory. pic.twitter.com/igPjc5hay7

— Salman Al-Ansari (@Salansar1) February 21, 2023

الا يعتبر تداول مثل هذه الصور ونشرها على نطاق واسع بمثابة اعلان حرب واستفزاز لدول شقيقة في #مجلس_التعاون ؟!#يوم_التاسيس #السعودية https://t.co/4VrcBtlXG7

— داتسون???? (@datsun220y) February 21, 2023

هذه بعد خرائط اخرى تعود للـ"القرن 18م" تظهر حدود عُمان إلى القرب من الأحساء في السعودية
حيث بلغت أقصى اتساع لها فوقع تحت نفوذ سلطانها الامارات،قطر وجزء كبير من المنطقة الشرقية من المملكة بالاضافة لساحل شرق افريقيا وفارس https://t.co/GdnE5MuTjb pic.twitter.com/utDzMoMUUh

— ١١٩١١٤ (@the119114) February 22, 2023

مقالات مشابهة

  • "فجر الدرعية" تنقل زوارها في رحلة إلى إنجازات الإمام محمد بن سعود
  • “ذاكرة الأرض” بالطائف والباحة ينقل زواره إلى عبق التاريخ ومراحل تأسيس الدولة السعودية
  • الصحف العربية.. السعودية تحتفل بيوم التأسيس.. واهتمام بالهواجس الأوروبية من التقارب الروسي الأمريكي
  • السعودية تحتفل بـيوم التأسيس.. ماذا يختلف عن اليوم الوطني؟
  • مهد التأسيس وصناعة الأمجاد.. كيف أصبحت الدرعية نواة الدولة السعودية الأولى؟
  • “الدرعية”.. مهد الدولة السعودية وانطلاقة أمجادها
  • مراحل الدولة السعودية
  • مختصون يروون لـ "اليوم" أسرار تأسيس كيان الدولة السعودية الأولى
  • محافظ الدرعية يزور مبادرة “مكان التاريخ” ويطّلع على الإرث الأمني