24 فبراير، 2025

بغداد/المسلة:  أعلن البيت الأبيض عن بدء تحقيق شامل في ملف المساعدات الأمريكية المقدمة إلى العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003، وذلك بقرار مباشر من الرئيس دونالد ترامب.

هذه المساعدات، التي تجاوزت عشرات المليارات من الدولارات، كانت تهدف إلى دعم إعادة الإعمار، تطوير البنية التحتية، تعزيز الديمقراطية، وتقديم الخدمات الإنسانية، إلى جانب تمويل منظمات المجتمع المدني.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: إلى أين ذهبت هذه الأموال الضخمة، ومن استفاد منها فعلاً؟

تكشف المعلومات الأولية أن المساعدات الأمريكية للعراق، التي بدأت تتدفق بعد سقوط نظام صدام حسين، شملت مشاريع ضخمة لإعادة بناء البلاد بعد سنوات من الحروب والعقوبات.

غير أن تقارير سابقة أشارت إلى وجود خلل كبير في إدارة هذه الأموال.

على سبيل المثال، أوضح تقرير صادر عن مكتب المفتش العام الأمريكي لإعادة إعمار العراق في عام 2011 أن نحو 60 مليار دولار أُنفقت دون رقابة صارمة، مما أدى إلى تبديد جزء كبير منها في مشاريع لم تكتمل أو لم تُنفذ أصلاً. بعض هذه المشاريع، التي كان من المفترض أن تحسن حياة العراقيين، تحولت إلى مجرد أسماء على الورق، بينما اختفت الأموال في جيوب مجهولة.

وفي تعليق على هذا التحقيق، قال النائب العراقي السابق محمد عثمان الخالدي إن الكشف عن حقائق هذا الملف قد يضع العديد من الأطراف في موقف محرج، سواء كانت قوى سياسية داخل العراق أو حتى مسؤولين في الإدارة الأمريكية. وأضاف أن التحقيق قد يكشف ما إذا كانت الأموال قد استُخدمت لدعم شخصيات أو أحزاب معينة لتعزيز نفوذها، بدلاً من توجيهها لخدمة الشعب العراقي. هذا التصريح يعكس مخاوف متزايدة من أن الفساد وسوء الإدارة قد أفسدا فرصة العراق في الاستفادة من هذه المساعدات.

القرار الأمريكي بفتح هذا التحقيق ليس مجرد خطوة إدارية، بل قد يكون له تداعيات سياسية وأمنية عميقة.

العراق، الذي يعاني منذ عقود من عدم الاستقرار، كان يُنظر إليه كحليف استراتيجي لواشنطن في المنطقة، لكن ضياع مليارات الدولارات يثير تساؤلات حول فعالية هذا التحالف.

وإذا ثبت أن أموال المساعدات ذهبت إلى جيوب فاسدين أو تم توجيهها لدعم أطراف سياسية بعينها، فقد يؤدي ذلك إلى إعادة تقييم العلاقات بين البلدين. على سبيل المثال، تشير تقديرات غير رسمية إلى أن ما يصل إلى 30% من المساعدات المالية ربما لم تصل إلى وجهتها المقصودة، وهو رقم صادم إذا تم تأكيده رسمياً.
من جهة أخرى، يمكن أن يكون هذا التحقيق بمثابة فرصة للعراق لمعالجة الفساد المزمن الذي ينخر اقتصاده. فوفقاً لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2023، يحتل العراق المرتبة 157 من أصل 180 دولة، مما يعكس تفشي الفساد في مؤسساته. التحقيق الأمريكي قد يدفع باتجاه إصلاحات داخلية، لكنه قد يثير أيضاً توترات سياسية إذا شعرت الأطراف المستفيدة من هذه الأموال بالتهديد.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الفساد العقاري يطيح بممتلكات الدولة وسط غياب القوانين

29 مارس، 2025

بغداد/المسلة: تصاعدت المخاوف من استمرار التجاوز على أملاك الدولة وسط غياب قانون واضح يحميها، مما أدى إلى فقدان آلاف العقارات لصالح جهات متنفذة أو عبر صفقات مشبوهة.

التحركات النيابية الأخيرة كشفت عن أرقام صادمة لحجم الاعتداءات على الأملاك العامة، في وقت تتسارع فيه الجهود التشريعية لوقف النزيف المستمر منذ أكثر من عقدين.

وكشف عضو مجلس النواب أمير المعموري، السبت، عن تحركات لإصدار قانون جديد يعالج هذه الأزمة، مؤكداً أن لجنة نيابية متخصصة تفاجأت بعدم وجود تشريع واضح لحماية أملاك الدولة من الضياع والبيع العشوائي.

وأوضح أن البرلمان بصدد مراجعة القوانين ذات الصلة، أبرزها قانون 21 لسنة 2013 وقانون الاستثمار، بالإضافة إلى قوانين أخرى تخص عقارات وزارتي العدل والمالية، سعياً لوقف التجاوزات ومنع استغلال النفوذ في عمليات البيع والتمليك.

أظهرت التحقيقات أن أكثر من 9000 عقار تابع لوزارة المالية تم الاستيلاء عليه، في حين يتراوح عدد العقارات المتجاوز عليها في باقي الوزارات بين 35,000 و40,000 عقار، وفق بيانات نقلها المعموري.

وأشار إلى أن بعض القرارات التنفيذية السابقة ساهمت في فقدان الدولة لملكياتها، إما من خلال بيعها بأسعار زهيدة أو إسقاط سندات الملكية بطرق غير قانونية، مؤكداً ضرورة إلغائها وإجراء إصلاحات جوهرية بالتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

تحولت أزمة العقارات الحكومية إلى ملف ساخن في أروقة البرلمان بعد ظهور مؤشرات على تزايد نفوذ بعض الجهات في السيطرة على الممتلكات العامة.

والفساد العقاري أخطر من الفساد المالي.. اذ ان عقارات الدولة تُباع بأقل من ربع قيمتها الحقيقية بصفقات يبررها مسؤولون! .

والسؤال: كيف يُمكن لدولة أن تفقد هذا الكم الهائل من الممتلكات دون أن يحاسب أحد؟ .

تتجه الأنظار نحو البرلمان الذي تعهد بإحالة ملفات الفساد المرتبطة بهذا الملف إلى هيئة النزاهة والقضاء، لضمان استرداد العقارات المنهوبة. وأكد المعموري أن النواب سيحصلون على جميع الوثائق والبيانات المتعلقة بالتجاوزات لمتابعتها بشكل دقيق، مشدداً على ضرورة إنهاء هذه الظاهرة التي تفاقمت على مدى 20 عاماً دون حلول جذرية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الفساد العقاري يطيح بممتلكات الدولة وسط غياب القوانين
  • ازدواجية المعايير .. العراق نموذجًا
  • اعتراف برلماني: عمولات الأحزاب تعصف بمشاريع الإعمار
  • الطباطبائي: حل الجشد بأمر الإمام خامنئي
  • لها مئات المشاريع في العراق.. واشنطن تغلق الوكالة الأمريكية للتنمية رسميا
  • صحيفة: ترامب يريد السيطرة على اقتصاد أوكرانيا لاسترداد أموال المساعدات الأمريكية
  • اقليم البصرة ضرورة للعراق
  • تفاصيل صادمة: تسجيلات هاتفية تكشف أسرار الفساد في بلدية إسطنبول الكبرى
  • واشنطن تُقحم الشأن الداخلي العراقي عبر ملف الحشد في خلافها مع إيران
  • العراق يواجه تحديات التوازن بين واشنطن وطهران