تواصلت التوترات في الأراضي الفلسطينية وسط تصعيد إسرائيلي غير مسبوق في شمال الضفة الغربية، حيث أطلقت إسرائيل عملية عسكرية واسعة أطلقت عليها اسم "السور الحديدي". 

وتسببت هذه العملية في تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من مخيمات اللاجئين، وتدمير البنية التحتية، وتعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة، يأتي ذلك بعد وقف إطلاق النار في غزة، مما يشير إلى تحول مركز العمليات العسكرية الإسرائيلية نحو الضفة الغربية.

تهجير قسري في شمال الضفة

أعلنت إسرائيل، يوم الأحد 23 فبراير 2025، أنها قامت بطرد عشرات الآلاف من الفلسطينيين من ثلاث مخيمات للاجئين في شمال الضفة الغربية، ومنعت عودتهم إلى منازلهم. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الجيش تلقى تعليمات "للبقاء في هذه المخيمات لمدة عام على الأقل"، وعدم السماح بعودة السكان الفلسطينيين إليها.

منذ 21 يناير، بعد 48 ساعة فقط من دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، بدأ الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية "السور الحديدي"، التي استهدفت مخيمات جنين وطوباس وطولكرم. ووفقًا لبيان رسمي صادر عن وزير الدفاع، تم إجلاء نحو 40 ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونور شمس، والتي أصبحت الآن خالية من السكان.

وحسب الأمم المتحدة، أسفرت العملية العسكرية عن مقتل 51 فلسطينيًا، بينهم سبعة أطفال، إضافة إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، كما أحصت المنظمة الدولية وجود عشرات الآلاف من السكان الذين لا يزالون نازحين بعد مرور شهر على بدء العملية العسكرية.

وفي خطوة غير مسبوقة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية (2000-2005)، قام الجيش الإسرائيلي بنشر دباباته في الضفة الغربية المحتلة، وعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هذا التحرك بقوله: "إنه يشير إلى شيء واحد فقط، وهو أننا سنكافح الإرهاب بكل الوسائل وأينما كان".

من جانبه، قال فايز السيد، أحد سكان جنين الذين نزحوا إلى قباطية: "الجيش الإسرائيلي دمر المحلات والبنى التحتية في محاولة لفرض سياسة تهجير الفلسطينيين، لكننا لن نرحل عن أرضنا".

زيارة نتنياهو وتكثيف العمليات العسكرية

قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بزيارة القوات المنتشرة في مخيم طولكرم للاجئين يوم الجمعة، في خطوة غير مسبوقة، حيث أمر بتكثيف العمليات العسكرية في المنطقة. وقد وصفت وزارة الخارجية الفلسطينية هذه الزيارة بأنها "اقتحام وعدوان".

وكجزء من العملية، قامت القوات الإسرائيلية بهدم عشرات المنازل في مخيمات طولكرم وجنين، لشق طرقات داخل المناطق المكتظة بالسكان، ووفقًا لمايكل هوروفيتس، الخبير في الشؤون الأمنية لدى "لو بيك إنترناشيونال"، فإن نشر الدبابات في الضفة الغربية "لا يحمل أي منطق عسكري حقيقي، بل يبدو وكأنه رسالة واضحة تهدف إلى ترسيخ وجود طويل الأمد في المناطق التي استهدفتها العمليات الإسرائيلية".

ومنذ بدء وقف إطلاق النار في غزة في 19 يناير، أصبح من الواضح أن إسرائيل توجه اهتمامها بشكل متزايد نحو الضفة الغربية، وأبدى وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، رغبته في ضم أجزاء كبيرة من الضفة، مستفيدًا من الدعم الذي تحظى به إسرائيل من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

منذ 7 أكتوبر 2023، قُتل ما لا يقل عن 900 فلسطيني في الضفة الغربية بنيران الجيش الإسرائيلي أو المستوطنين، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية. وفي المقابل، قُتل ما لا يقل عن 32 إسرائيليًا، من بينهم جنود، في هجمات فلسطينية أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، وفقًا لبيانات رسمية.

ووسط تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية والتوترات المستمرة، يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية مرحلة غير مسبوقة من التهجير والعنف. وفي ظل استمرار هذا التصعيد، يبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى يمكن أن يمتد هذا الصراع، وما هي التداعيات المحتملة على الاستقرار في المنطقة؟

وفي ظل التطورات المتسارعة في ملف التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، تبرز مخاوف متزايدة من تعثر تنفيذ الاتفاقات المبرمة للهدنة في قطاع غزة، نتيجة مماطلة إسرائيلية واضحة. 

الدكتور أيمن الرقبنتنياهو يواصل المماطلة

وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي في حركة فتح، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل التهرب من تنفيذ بنود الاتفاق، مما يهدد بإفشال المساعي الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق تهدئة مستدامة.

وأضاف الرقب، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل التهرب من الالتزام بالاتفاق الذي تم التوقيع عليه، مشيرًا إلى أن هناك مماطلة واضحة في الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتمديد المرحلة الأولى، وهو ما يثير المخاوف من أن يكتفي نتنياهو بهذه المرحلة دون الانتقال إلى الثالثة.

ولفت الرقب، إلى أن القاهرة والدوحة، إلى جانب الولايات المتحدة، يبذلون جهودًا كبيرة لإنجاح هذه الهدنة، إلا أن هناك مماطلة متعمدة من قبل نتنياهو، لافتًا إلى أن بنود الاتفاق الحالي تشبه إلى حد كبير مقترحًا قدمته القاهرة عام 2024، والذي قوبل أيضًا بالمماطلة من الجانب الإسرائيلي.

وأكد الرقب أنه يرى أن هناك نية واضحة من نتنياهو للاكتفاء بالمرحلة الثانية من الاتفاق، دون الانتقال إلى المرحلة الثالثة، التي تتضمن إعادة إعمار غزة وتحقيق الاستقرار بشكل كامل. 

وأعرب الرقب عن خشيته من أن يكون الهدف الحقيقي لنتنياهو هو العودة إلى الحرب بدلًا من تحقيق التهدئة والاستقرار في المنطقة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فلسطين غزة الضفة الغربية الضفة وقف إطلاق النار المزيد رئیس الوزراء الإسرائیلی العملیات العسکریة الجیش الإسرائیلی فی الضفة الغربیة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

أحدثُه اعتقال السمودي .. الاحتلال يوسّع استهدافه للصحفيين في الضفة الغربية

"اقتحموا المنزل مع ساعات الفجر، بطريقة همجية، فتشوا كل شيء، وحطموا كثيرا من محتوياته، ثم اقتادوا والدي ووضعوه في آلية بوز النمر وغادروا"، كلمات وصف بها محمد لحظات اعتقال الجيش الإسرائيلي لوالده الصحفي علي السمودي من منزله في حي الزهراء في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اقتحمت منزل السمودي في الخامسة من فجر اليوم الثلاثاء، بعد تفجير مدخله، وأخضعته للتحقيق الميداني لمدة 20 دقيقة، كما حاولوا تفتيش زوجة نجله الأكبر رغم أنها حامل في الأشهر الأخيرة، ورفعوا الأسلحة الرشاشة على ابنته البالغة من العمر 20 عاما. 

السمودي أصيب برصاص الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر بالتزامن مع استهداف الزميلة شيرين أبو عاقلة (وكالات) تنكيل

وبحسب العائلة، لم يبلّغ جنود الاحتلال عن سبب اعتقال الأب، كما لم يحمل الاستجواب في منزله تفسيرا، حيث ركز الجنود على طبيعة عمل السمودي، ووضع منزله وكيف جهّزه وبناه.

يقول محمد (28 عاما) للجزيرة نت "كان والدي موجودا في المنزل مع أختي وزوجة أخي فقط، ولم يوجد أحد منا نحن الشباب في المنزل، لكن تصرف الجنود كان همجيا جدا، حيث دمروا مقتنيات المنزل بشكل كامل وأرهبوا الموجودين، الأهم من ذلك أنهم جردوا والدي من ملابسه في الشارع، وأدخلوه الآلية العسكرية من دونها".

إعلان

ويضيف "والدي يعاني من أمراض مزمنة، حيث يعاني من قرحة في المعدة، والسكري والضغط، ويحتاج لعلاج يومي يُؤخذ مرتين في اليوم، كما أنه يحتاج إلى حقنة أنسولين لتنظيم السكري تؤخذ كل يومين، وللأسف لم يُسمح له بأخذ علاجه معه وهذا ما يستدعي القلق على حالته الصحية".

ولم تبلَّغ العائلة عن الوجهة التي اقتاد الاحتلال السمودي إليها، وهو ما صعّب من تواصلهم مع محامي لمتابعة قضيته، وأكد محمد "لا معلومات لدينا، المحامي قال لي يجب أن نعرف على الأقل أين هو للمباشرة بالقضية، لكن نادي الأسير وعدني بعد اتصال أجراه معي أن يتولى محامٍ من النادي قضية الوالد وحالته الصحية"، وهو ما أكده النادي أيضا للجزيرة نت.

ويحمّل محمد جيش الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن أي تدهور في وضع والده الصحي، خاصة وأنه عانى قبل 3 أشهر من سكتة قلبية، ويوضح "والدي يحتاج لنظام غذائي صحي لأنه مريض سكري، ولا يناسبه الطعام العادي ولا حتى الجاهز، كما أنه يحتاج أدوية يومية، وحالته الصحية غير مستقرة أبدا، ونحن في العائلة نخشى أن يصيبه أي أذى، أو أن تتدهور صحته".

 

استهداف متكرر

منذ بدء عملية "السور الحديدي" العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، عرقل الاحتلال الاسرائيلي عمل الصحفيين الفلسطينيين في المخيم ومنعَهم من التغطية واحتجز عددا منهم.

وكان من بينهم السمودي، الذي احتجز لأكثر من مرة في محيط المخيم، كان آخرها عندما تم احتجازه على مدخل مخيم جنين القريب من مستشفى جنين الحكومي قبل أسبوعين، وسُحب هاتفه المحمول لعدة ساعات، وتم تهديده إن وُجد في محيط المخيم مستقبلا.

وسبق أن تعرض السمودي -الذي يبلغ من العمر 58 عاما- لإصابة مباشرة برصاص الاحتلال في الجزء العلوي من الصدر وخرجت من الظهر، بالتزامن مع استهداف الزميلة شيرين أبو عاقلة واغتيالها عند مدخل مخيم جنين الغربي، المعروف باسم "دوار العودة"، كما أصيب عام 2023 بشظايا رصاص حي في الرأس داخل مخيم جنين أثناء تغطيته لاقتحام قوات الاحتلال للمخيم.

إعلان

وتعتبِر العائلة أن اعتقال علي السمودي قد يكون مقدمة لاستهداف الصحفيين في جنين واعتقالهم، إثر محاولتهم تغطية عمليات الجيش الإسرائيلي في المخيم، فقد سبق أن اعتقلت قوات الاحتلال 3 صحفيين آخرين من جنين، هم مجاهد السعدي، وحمزة زيود، وحمزة علاونة، وتعرضت الطواقم الصحفية لاعتداءات كثيرة خلال تغطيتها لاقتحامات الاحتلال المتكررة لمخيم جنين وبلدات المحافظة.

ويعمل علي السمودي حاليا مراسلا لصحيفة القدس الفلسطينية، إضافة لتعاونه مع عدد من الوكالات الإخبارية المحلية، كراديو البلد في جنين، وهو أب لـ4 أبناء، ويعمل صحفيا منذ نهاية التسعينيات.

 

تضييق على الصحفيين

سجلت نقابة الصحفيين الفلسطينيين ارتفاعا بعدد الاعتداءات الإسرائيلية خلال الربع الأول من العام الجاري بحق الطواقم الصحفية في الضفة، ووثقت 343 واقعة انتهاك واعتداء وجريمة، من بينها اعتداءات لفظية وتهديد وغرامات مالية وحذف مواد صحفية.

وجاء في التقرير الذي نشر السبت الماضي أن "الارتفاع المرعب كان في وقائع الاستهداف المباشر بالرصاص الحي، حيث تم تسجيل 49 واقعة، كان الموت فيها قريبا جدا من الصحفيين، بحجة تحذيرهم من الاقتراب أو إبعادهم عن المكان، في منهجية إرهابية لا مثيل لها بالعالم".

كما تعرض نحو 117 صحفيا لقمع واحتجاز، وتمت ملاحقة الطواقم الصحفية ومنعها من التغطية، وسجلت أغلب الحالات في القدس وجنين، حيث تعرض نحو 14 صحفيا لاعتداءات جسدية مثل الضرب بأعقاب البنادق والركل بالأقدام، فيما سُجلت 16 حالة مصادرة معدات للعمل وتحطيمها.

وبحسب نادي الأسير، فإن سلطات الاحتلال تواصل اعتقال 49 صحفيا منذ بدء الحرب على قطاع غزة، مؤكدا أنّ سلطات الاحتلال في الضّفة تستهدف الصحفيين عبر عمليات الاعتقال الإداري، أي تحت ذريعة وجود "ملف سري"، حيث يصل إجمالي الصحفيين المعتقلين إداريا إلى 19 صحفيا، كان آخرهم الصحفيان سامر خويرة، وإبراهيم أبو صفية.

إعلان

كما تعتقل قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين على خلفية ما يسمى بـ"التحريض"، حيث تحوّلت منصات التواصل الاجتماعيّ إلى أداة لقمع الصحفيين، وفرض المزيد من السيطرة والرّقابة على عملهم وعلى حرية الرأي والتعبير.

مقالات مشابهة

  • عاجل. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي لا يستبعد توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة ويتوعد بتدمير حماس
  • الجيش الإسرائيلي يهدم منزلي عائلتين في قرية قبيا شمال الضفة الغربية المحتلة
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل حربه على مخيمات الفلسطينيين شمال الضفة.. 40 ألف نازح
  • تصاعد التوتر بين الهند وباكستان يثير مخاوف من حرب نووية
  • المملكة تعرب عن قلقها بشأن تصاعد التوترات بين الهند وباكستان وتدعو لحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية
  • جيش الاحتلال يقتحم بلدة حجة شرق قلقيلية في الضفة الغربية
  • أحدثُه اعتقال السمودي .. الاحتلال يوسّع استهدافه للصحفيين في الضفة الغربية
  • قوات العدو تعتقل 14 فلسطينياً في الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدن الضفة الغربية
  • تصاعد العمليات اليمنية يحطم هيبة البنتاغون ويفضح هشاشة العدوّ الصهيوني