تفوق حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي (CDU/CSU) بفارق مريح عن أقرب منافسيه في الانتخابات العامة المبكرة بألمانيا، وفقا للنتائج الأولية التي ظهرت في وقت متأخر من مساء الأحد.

وجاء تقدم الحزب المصنف بأنه "يميني معتدل"، ويرأسه فريدرش ميرتز، بعد أن نجح في الحفاظ على قيادات الحزب من يمين الوسط، وإقناع القاعدة الانتخابية التقليدية بالتصويت مرة أخرى للحزب، ومن خلال منافسة أجندة حزب البديل من أجل ألمانيا "AfD" الشعبوي المتطرف تجاه المهاجرين واللاجئين والتفوق عليها.



فيما مني حزب المستشار الألماني أولاف شولتز (الحزب الديمقراطي الاجتماعي) "SPD" بخسارة كبيرة، ولم يحصل سوى على 16.4 بالمئة من أصوات الناخبين.

وعانى الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي الجديد "FDP"، الذي أدى انسحابه من الائتلاف الحاكم إلى إجراء انتخابات مبكرة، من خسائر فادحة. ولن يدخل الحزب البرلمان الألماني بعد فشله في الوصول إلى الحد الأدنى المطلوب وهو 5%.

وبحسب الباحث والخبير في الشأن الأوروبي وسام أبو الهيجاء، فإن تفوق الحزب المسيحي جاء بعد استخدامه الخطاب الأكثر تشددا تجاه المهاجرين في تاريخ الحزب.

واللافت أن استقطاب الناخبين بورقة المهاجرين، نجح رغم أن رئيس الحزب ميرتز  تملص من الإجابة عن الأسئلة الكبرى المتعلقة بالاقتصاد والأمن والطاقة، والتي ظلت مفتوحة دون إجابة واضحة لدى الناخبين الألمان، حيث استطاع ميرتز إرضاء المزاج العام المتشنج تجاه المهاجرين لدى الناخبين الألمان، وصرف أنظارهم عن القضايا المفصلية التي تهدد مستقبل البلاد، بحسب ما صرح به أبو الهيجاء لـ"عربي21".


استهداف للمسلمين
قال وسام أبو الهيجاء إن فريدرش ميرتز كان واضحا في خطابه السلبي تجاه المسلمين، حيث إنه تجاهل دعوة الأقلية المسلمة للمؤتمرات الانتخابية للحزب.

وأوضح أن ظهورر ميرتز في مؤتمر الحزب الأخير استعدادا للحملة الانتخابية وهو يستمع لتوصيات أعضاء الحزب، شكّل صدمة لدى المسلمين في ألمانيا.

وأوصى أعضاء بارزون في الحزب بمحاربة الإسلام السياسي في ألمانيا، ووضع سياسة صارمة تجاه المراكز الإسلامية التي تتلقى دعماً من الخارج، واستبعاد ممثليها عن مؤتمر الإسلام في ألمانيا الذي ترعاه الحكومة للحوار مع شخصيات ومؤسسات تمثل الأقلية المسلمة، وإحداث إصلاحات في الخطاب الديني الإسلامي المستمد من القرآن على غرار الإصلاحات في الكنيسة الكاثوليكية.

وأعطت هذه التوصيات مؤشراً مبكراً حول التوجهات المتشددة للحكومة القادمة تجاه المسلمين، والعودة إلى سياسة الإملاءات عوضاً عن الحوار ومكافحة خطاب الكراهية ضد الإسلام المتفشي داخل المجتمع الألماني والنخب السياسية، بحسب أبو الهيجاء.

خطر الترحيل
فوز الحزب الاتحادي المسيحي، والتقدم الملحوظ في عدد أصوات "حزب البديل" المتطرف، فتح تساؤلا حقيقيا وخطيرا حول مستقبل المهاجرين.

بحسب وسام أبو الهيجاء، فإن ميرتز الذي تحدث عن ترحيل المهاجرين، قد يعمل بشكل حثيث على ترحيل اللاجئين السوريين ممن فقدوا صفة الحماية المؤقتة بعد سقوط نظام بشار الأسد وزوال أسباب لجوئهم.

واللافت أن العمل على ترحيل المهاجرين يأتي على الرغم من اندماجهم في المجتمع وانخراطهم بسوق العمل، حتى أصبحوا يشكلون الغالبية في القطاع الصحي والمواصلات وفي قطاع الخدمات والقطاع الصناعي وقطاع النقل.

وقال أبو الهيجاء إن سياسة ترحيل المهاجرين سيكون لها تأثير سلبي على النمو الاقتصادي المتعثر وفق مراكز بحث ألمانية، ويضع عشرات الآلاف من المهاجرين أمام مصير مجهول.


سحب الجنسية
ومن ضمن السياسات التي تشكل هاجساً لدى المهاجرين بعد فوز حزب الاتحاد المسيحي في الانتخابات، دخول قانون سحب الجنسية الألمانية من المدانين بارتكاب جرائم ومخالفات قانونية حيز التنفيذ.

وقال وسام أبو الهيجاء إن القانون الأساسي يخلو من أية ضوابط دستورية تحدد طبيعة الجرائم التي تجيز للسلطات التنفيذية والقضائية إسقاط الجنسية عن المدانين، وهو ما قد يهدد بتوسيع دائرة المشمولين بالإجراءات التي أعلن عنها ميرتز في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية قبل شهر من الانتخابات.

ولفت أبو الهيجاء إلى أن "الخطاب المتشدد لرئيس حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتز خلال حملته الانتخابية تجاه المهاجرين، والحديث عن سعيه للحفاظ على هوية ألمانيا المسيحية والقومية، هو مؤشر على تبني الحكومة القادمة سياسة العزل للأقلية المسلمة في ألمانيا وتقليص مساحة الحوار مع ممثليهم تحت شعار مكافحة التشدد وفرض القيم الألمانية على الخطاب الإسلامي".

وأوضح أن هذا "سيؤدي إلى زيادة خطاب الكراهية والعداء للإسلام، وجعل الأقلية المسلمة مشاعاً لحملات التحريض الإعلامية، ومادة انتخابية للأحزاب المتنافسة في الانتخابات المحلية القادمة".

توزيع "البوندستاغ"
يبلغ عدد مقاعد البوندستاغ 630 مقعدًا، ويتحدد عدد المقاعد التي يشغلها أي حزب حسب حصته من الأصوات، علما بأنه يتعين على أي حزب أن يحصل على 5 بالمئة على الأقل من الأصوات لدخول البرلمان.

ومع ذلك، فإنه يُمنح استثناء للأحزاب التي ترشِّح مرشحين فائزين في ثلاث دوائر انتخابية على الأقل: فالفوز بثلاثة مقاعد فردية يرفع عتبة الـ 5 بالمئة للحزب المعني. 

ووفقا للنتائج الأولية، فإن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي سيحصل على 208 مقاعد، مقابل 152 لـ"البديل"، و120 لحزب شولتس "الديمقراطي الاشتراكي"، و85 لحزب الخضر، و64 للحزب اليساري.



شكل الحكومة المقبلة
ورغم فوز حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، بأكبر حصة من الأصوات، إلا أنه لا يتمتع بالأغلبية المطلقة، وسوف يحتاج إلى الدخول في ائتلاف مع حزب آخر لتأمين 316 مقعدا، وهو الحد الأدنى للأغلبية، وتشكيل الحكومة المقبلة.

واستبعد حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي تشكيل ائتلاف مع حزب البديل من أجل ألمانيا، مؤكدًا أنه يشكل "جدار الحماية" لليمين المتطرف.

وهذا يترك ائتلافًا كبيرًا ثنائي الاتجاه مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي أو ائتلافًا ثلاثيًا يضم حزب الخضر كخيارات أكثر ترجيحًا، اعتمادًا على التوزيع النهائي للمقاعد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الانتخابات المهاجرين شولتس المانيا الانتخابات المهاجرين شولتس المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الاتحاد المسیحی الدیمقراطی تجاه المهاجرین فی ألمانیا

إقرأ أيضاً:

حزب المحافظين يفوز بالانتخابات الألمانية

 

بعد يوم حافل، أعلن حزب المحافظين في ألمانيا فوزه بالانتخابات التشريعية، وقال مرشح الحزب لمنصب المستشار فريدريش ميرتس إن حزبه يدرك حجم التحديات وما تحتاجه ألمانيا.

التغيير ــ وكالات

جاء فوز المحافظين متقدمين على حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني رغم تحقيقه أفضل نتيجة له في تاريخه، وفقا لاستطلاعي رأي أجراهما تلفزيونان عامان.

وحصل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ على نسبة تتراوح بين 28,5% و29%، بحسب الاستطلاعين اللذين بثتهما محطتي “إيه آر دي” و”زي دي إف”.
نتيجة غير مسبوقة

في حين حصل حزب البديل من أجل ألمانيا على ما بين 19,5% و20% وهي نتيجة غير مسبوقة لحزب يميني متطرف في انتخابات اتحادية منذ الحرب العالمية الثانية.

واستبعد ميرتس الذي من المرجح أن يتولى منصب المستشار خلفا للاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس، أي تحالف حكومي مع اليمين المتطرف.

من جانبها أشادت زعيمة أقصى اليمين في ألمانيا أليس فايدل بـ”النتيجة التاريخية” التي حقّقها حزبها “البديل من أجل ألمانيا” في الانتخابات التشريعية.

وقالت فايدل في مقر حزبها في برلين بعدما حصل حزب “البديل من أجل ألمانيا” على ما بين 19,5 و20 % من الأصوات، أي ضعف ما حصل عليه قبل أربع سنوات، وهي نتيجة تاريخية لهذا التشكيل المناهض للهجرة والذي أسس عام 2013 “لقد حققنا نتيجة تاريخية”، مضيفة أن الحزب أصبح الآن “راسخا بقوة” في المشهد السياسي.

بدوره أفاد المستشار الألماني أولاف شولتس بأن نتائج الانتخابات بصادمة، مشيرا إلى أنه “المسؤول” عن هزيمة الحزب الاشتراكي ويصفها بـ”المريرة”.

يذكر أن ميرتس يسعى إلى تشكيل ائتلاف حاكم بين التحالف المسيحي (المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة ميرتس، والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي أو حزب الخضر، في حين يرفض زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري ماركوس زودر بشدة تشكيل ائتلاف مع حزب الخضر.
شريك ثالث

وإذا تمكنت عدة أحزاب صغيرة من التغلب على عتبة الـ5% لدخول البرلمان، فربما سيتعين على التحالف المسيحي البحث عن شريك ثالث في الائتلاف الحاكم.

هذا ويتعين على البرلمان الألماني الجديد الانعقاد في موعد لا يتجاوز 30 يوما بعد الانتخابات أي في 25 مارس المقبل.

لكن رغم ذلك لا يُتوقع اتخاذ القرار بشأن الحكومة المستقبلية إلا بعد أسابيع أو أشهر من الانتخابات. وسيكون البرلمان الجديد أقل حجما بشكل كبير بفضل إصلاح يقضي بتحديد عدد أعضاء البرلمان بـ 630 عضوا، أي أقل من العدد الحالي بأكثر من 100 عضو.

يشار إلى أن تلك الانتخابات المبكرة التي كانت مقررة أساسا في سبتمبر المقبل، أتت بعد انهيار الائتلاف الحاكم، الذي كان يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، في نوفمبر الماضي (2024)، وخسارة المستشار أولاف شولتس (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) تصويت الثقة في البرلمان كما كان يرغب.

الوسومالمانيا المسيحي انتخبات حزب المحافظين

مقالات مشابهة

  • ما تأثير نتائج الانتخابات الألمانية على المهاجرين؟ مخاوف على المسلمين
  • الاتحاد الديمقراطي المسيحي في الصدارة ولكن.. 4 دروس أفرزتها انتخابات ألمانيا
  • حزب المحافظين يفوز بالانتخابات الألمانية
  • ترامب عن نتائج الانتخابات الألمانية: يوم عظيم
  • الاتحاد المسيحي يتصدر الانتخابات التشريعية في ألمانيا
  • الاتحادي المسيحي يكتسح الانتخابات الألمانية.. وخسارة حزب المستشار شولتس
  • نتائج الانتخابات تثير مخاوف يهود ألمانيا
  • الانتخابات الألمانية.. ملفات ساخنة على طاولة البوندستاج
  • ألمانيا .. قيادي بـ الاشتراكي الديمقراطي: نتائج الانتخابات هزيمة تاريخية لـ شولتز