أحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحولاً مفاجئاً في سياسية واشنطن التي استمرت ثلاثة أعوام تجاه أوكرانيا، مما أثار مخاوف من أن الصين قد تصبح أكثر جرأة في الدفع بمطالبتها الإقليمية تجاه تايوان، رغم أن الخبراء يشيرون إلى أن بكين على الأرجح تتبنى موقف الانتظار لمتابعة تطورات الوضع في أوروبا، بحسب تقرير على موقع "إيه بي سي نيوز" الإخباري الأميركي.

خلال الأسبوعين الماضيين، قال ترامب إن أوكرانيا "لم يكن ينبغي لها أن تبدأ الحرب"، مضيفا أن أوكرانيا "قد تصبح روسية يوماً ما"، وشكك في شرعية حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بينما قلب الموقف الأميركي الطويل الأمد في عزل روسيا بسبب عدوانها، من خلال بدء محادثات مباشرة مع موسكو.

ماكرون ينصح ترامب

وقبل التوجه إلى واشنطن لإجراء محادثات مع ترامب، يوم الاثنين، صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه سيؤكد على أنه "لا يمكنك أن تكون ضعيفاً في مواجهة الرئيس بوتين." وأضاف ماكرون أنه سيقول لترامب: "ليست أنت، ليست من ميزاتك، وليس في مصلحتك. فكيف يمكنك إذن أن تكون ذا مصداقية في مواجهة الصين إذا كنت ضعيفاً في مواجهة بوتين؟"

كما تعزم موسكو أن أوكرانيا ترجع تاريخياً إلى روسيا، تدعي الصين أن جزيرة تايوان ذات الحكم الذاتي هي جزء من أراضيها، ولم يستبعد الرئيس الصيني شي جين بينغ استخدام القوة للاستيلاء عليها.

 ويوم الجمعة، ظهر ترامب وكأنه تراجع عن تصريحاته السابقة التي كانت تُلقي اللوم على أوكرانيا لبدء الحرب، لكن التحول المفاجئ الشامل في سياسة إدارته تجاه النزاع قد يدفع بعض التايوانيين للتساؤل "ما إذا كانت الولايات المتحدة قد تسحب السجادة من تحت أقدامهم أيضاً"، وفقاً لما قاله راسل هسياو، المدير التنفيذي لمعهد تايوان العالمي في واشنطن.

ومع ذلك، على الرغم من أن بكين تتابع عن كثب تصريحات ترامب، فإنه من غير المرجح أن تتصرف على عجل. وأضاف هسياو: "لا أعتقد أن شي جين بينغ سيكون جريئاً لدرجة أن يتخذ قراراً حازماً قائلاً إنه لمجرد أن ترامب تصرف بطريقة معينة تجاه أوكرانيا، فإنه سيتصرف بالمثل تجاه تايوان. ترامب لا يمكن التنبؤ بتصرفاته."

 كان ترامب يحظى بشعبية كبيرة في تايوان عندما ترك منصبه في عام 2021، وقد نُسب إليه الفضل في تقريب العلاقة بين الولايات المتحدة والجزيرة. وبموجب القانون الأميركي، تلتزم الولايات المتحدة بتزويد تايوان بالأجهزة والتكنولوجيا الكافية لصد أي غزو من البر الرئيسي للصين، لكنها تتبع سياسة "الحياد الاستراتيجي" فيما يتعلق بما إذا كانت ستتدخل للدفاع عن تايوان.

ترامب وتايوان

في الآونة الأخيرة، أصبح ترامب أكثر انتقاداً لتايوان، قائلاً إنه ينبغي عليها دفع تكاليف دفاعها العسكري للولايات المتحدة. وفي عدة مناسبات، اتهم تايوان أيضاً بسرقة أعمال تصنيع رقائق الكمبيوتر من الولايات المتحدة، واقترح في وقت سابق من هذا الشهر إمكانية فرض تعريفات جمركية على أشباه الموصلات.

وفي الوقت نفسه، قام ترامب بتعيين العديد من المتشددين تجاه سياسة الصين في إدارته، بما في ذلك في مناصب عليا مثل وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيجسث.

بعد اجتماعه مع حلفاء الناتو في بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر، شدد هيجسث على أنه إذا قررت الولايات المتحدة سحب دعمها من أوكرانيا، فسيكون ذلك للتركيز على منطقة آسيا والمحيط الهادئ وترك الدفاع الأوروبي في المقام الأول للأوروبيين. وقال هيجسث: "إن التأثير الرادع في المحيط الهادئ هو أمر لا يمكن قيادته إلا من قبل الولايات المتحدة."

وبعد بضعة أيام، أصدر روبيو بياناً مشتركاً مع نظرائه من اليابان وكوريا الجنوبية بعد اجتماعهم على هامش مؤتمر أمني في ميونيخ، مؤكدين "أهمية الحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان كعنصر لا غنى عنه للأمن والازدهار للمجتمع الدولي."

وفي خطوة أغضبت بكين، أزالت وزارة الخارجية الأميركية سطراً في ورقة معلومات حكومية معدلة عن الجزيرة كان تعبر عن معارضة الولايات المتحدة لاستقلال تايوان.

قالت ميا نوينز، الباحثة في سياسات الأمن والدفاع الصيني بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: "إذا كنتُ مكان بكين، لكنت سأولي أقصى درجات الاهتمام لما قاله هيجسث عن سبب تغيير الولايات المتحدة لدعمها لأوكرانيا." وأضافت: "قال هيجسث إن الأمر يتعلق بمنطقة الهندو-باسيفيك، وأن للولايات المتحدة أولويات في أماكن أخرى، ولا أعتقد، من منظور بكين، أن ذلك سيكون مطمئناً."

 وأوضحت نوينز أن التحول في السياسة تجاه أوكرانيا سيمنح الصين الفرصة للدفع برسالة مفادها أن الولايات المتحدة شريك غير موثوق، لكنها أضافت أنه من غير المرجح أن تفسر بكين استعداد واشنطن الظاهر للتنازل عن الأراضي الأوكرانية على أنه يعني أن تايوان مفتوحة أيضاً للانضمام إلى الصين.

زيادة القوة الوطنية

وقالت نوينز: "الاتجاهات العامة لكل من الولايات المتحدة والصين، فيما ينظران إلى المستقبل، ليست بالضرورة متغيرة. لا أحد يرغب في التنازل عن أي مساحة؛ فكلاهما يرغب في الاستمرار في مسار يزيد من قوتهما الوطنية."

يذكر أنه في الشهور الأولى من فترة ترامب الأولى، كانت هناك مخاوف من أن إدارته قد تقترب كثيراً من الصين، لكنه في الواقع اتبع نهجاً أكثر صرامة مما اتبعه البعض قبله، حسبما قال إيوان غراهام، كبير محللي الدفاع في معهد السياسات الاستراتيجية الأسترالي. وأوضح غراهام أنه بالرغم من أن جميع حلفاء الولايات المتحدة "يجب أن يقلقوا من تخلي إدارة ترامب عن أوكرانيا واستعدادها للتعامل مع بوتين"، فإنه من البسيط الافتراض بأن ترتيبات مماثلة ستُطبق على وضع الصين وتايوان.

وأضاف غراهام: "من المرجح أكثر أن تحاول الإدارة الأميركية، بشكل خاطئ، إخراج أوكرانيا من الساحة بجعلها مشكلة أوروبية، وذلك لمواجهة الصين من موقع أقوى نسبياً. أعتقد أن هذا نهج خطير بسبب السوابق المروعة التي يضعها، ولكنه من غير المرجح أن يتكرر مع الصين."

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات ترامب أوكرانيا تايوان ترامب الصين الأراضي الأوكرانية ترامب وزيلينسكي أميركا وأوكرانيا أميركا والصين الصين وتايوان توحيد الصين وتايوان أميركا وتايوان ترامب أوكرانيا تايوان ترامب الصين الأراضي الأوكرانية أخبار أميركا الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

معاريف: هذا السبب الحقيقي وراء نهج ترامب تجاه مصر والأردن

نشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تحليلا للعميد عوديد تيرا، فسّر فيه سبب نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه مصر والأردن.

وذكر تيرا أن ضغط ترامب على مصر والأردن من أجل استقبال مهجرين من قطاع غزة، له أهداف أعمق من ذلك، قائلا إن الرئيس الأمريكي يدرك أن التحالفات الاقتصادية لم تعد قابلة للاعتماد عليها اليوم. ومن ثم تسعى إلى توسيع قاعدة هرمها الأمني والإقليمي، إلى جانب استخدام الدول التي تشترك في المصالح مع الولايات المتحدة، كورقة ضغط لتوسيع سيطرتها الاستراتيجية.

وأضاف "المسألة الرئيسية التي تهم الأمريكيين هي وقف وتطوير الأسلحة النووية في إيران. ويدعو ترامب إلى تحقيق المصالح من خلال القوة، سواء باعتبارها تهديدًا أو تحقيقًا للتهديد، عندما لا تحقق الوسائل الأخرى النتيجة المرجوة".

وتابع "ومن ناحية أخرى، لا يريد ترامب بإرسال قوات أمريكية إلى الحرب، ولا حتى جنود على الأرض. ومن ثم، فإن القوة الوحيدة القادرة على التهديد وحتى تنفيذ التهديد الأمريكي لإيران هي جيش الدفاع الإسرائيلي".


وتابع أن "الولايات المتحدة بقيادة ترامب تريد أن تخلق لنفسها صورة قوة تهديدية تنفذ تهديداتها. ولتحقيق هذه الغاية، يمكن أن يكون الشرق الأوسط بمثابة نموذج أو دعاية جيدة لها، الأمر الذي سيجعل العالم يدرك أن أمريكا تبنت استراتيجية مبتكرة للتعامل مع أولئك الذين يضرون بمصالحها".


وأضاف "ومن خلال خلق مثل هذا النموذج، يمكن لإسرائيل أن تعمل كرافعة قوة، عندما يكون العدو مشتركاً. ولذلك فمن الأنسب لترامب أن يجد توافقاً في المصالح مع القوة الإسرائيلية لصالح هذه الرؤية الضرورية".

ومن الممكن بحسب "معاريف" أن يحدث في وقت لاحق من الفترة تغيير في الاستراتيجية الأمريكية، حيث تسعى إلى تحقيق المزايا التي خلقتها لنفسها في خلق الردع من أجل فرض السلام في الشرق الأوسط، ولكن سيكون من الحماقة السياسية عدم الاستفادة من هوية المصالح الاستراتيجية القائمة الآن، بحسب التحليل.

وأعتقد أن هذا النهج الجريء والاستباقي في القتال مهم حتى من دون التحالف مع الأميركيين. وهذه خطوة استراتيجية تخدم إسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء، وهذا أمر جيد.



مقالات مشابهة

  • معاريف: هذا السبب الحقيقي وراء نهج ترامب تجاه مصر والأردن
  • والتز: الولايات المتحدة تعيد النظر في سياستها تجاه روسيا وأوكرانيا
  • بكين تلوح بالرد على القيود الجديدة على الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة
  • ترامب: لن تسمح للمهاجرين غير الشرعيين باحتلال الولايات المتحدة
  • ترامب: لن نسمح للمهاجرين غير الشرعيين باحتلال الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تقترح قرارًا خاصًا في الأمم المتحدة بذكرى الحرب في أوكرانيا
  • الانتخابات الألمانية من منظور دولي: كيف ترى كل من الولايات المتحدة، روسيا والصين الحدث؟
  • مدفيديف: أوكرانيا يجب أن تنحني عند أقدام الولايات المتحدة وتستعد للاستسلام
  • الولايات المتحدة تضغط على أوكرانيا.. خدمة إنترنت ستارلينك مقابل المعادن النادرة