المؤسسات الدينية في مصر.. حصن فكري في مواجهة الإرهاب
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعد المؤسسات الدينية في مصر، وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، حصنًا منيعًا في مواجهة التطرف والإرهاب، حيث تلعب دورًا مهمًا في محاربة الفكر المتطرف ونشر قيم الاعتدال والتسامح، وتأتي هذه الجهود في إطار استراتيجية شاملة للدولة المصرية للقضاء على الإرهاب، ليس فقط بالمواجهات الأمنية، ولكن أيضًا عبر تجفيف منابع التطرف الفكري والديني.
تلعب المؤسسات الدينية دورًا مهمًا في تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تستند إليها الجماعات الإرهابية، فالتطرف الديني يعتمد بشكل أساسي على تحريف النصوص لخدمة أهداف سياسية أو أيديولوجية، وهنا يأتي دور الأزهر ودار الإفتاء في توضيح المعاني الحقيقية للنصوص الدينية، والرد على التأويلات الخاطئة التي تشوه تعاليم الإسلام.
في هذا السياق، أنشأ الأزهر "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف"، وهو منصة إلكترونية متخصصة في رصد الفتاوى المتطرفة وتفنيدها استنادًا إلى أدلة شرعية صحيحة، كما تعمل دار الإفتاء المصرية من خلال "مرصد الفتاوى التكفيرية" على رصد وتوضيح خطورة الفتاوى التي تصدرها الجماعات الإرهابية، ونشر الفتاوى الصحيحة التي تتماشى مع التعاليم الإسلامية السمحة.
تدرك وزارة الأوقاف أهمية تأهيل الأئمة والدعاة لمواجهة الفكر المتطرف، ولهذا أطلقت برامج تدريبية متطورة لتمكينهم من التعامل مع القضايا الفكرية والدينية التي يطرحها الإرهابيون. وتهدف هذه البرامج إلى تعزيز الخطاب الديني الوسطي، وتحفيز رجال الدين على استخدام الأساليب العصرية في الدعوة، بما يشمل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
كما خصصت وزارة الأوقاف أكاديمية متخصصة لتدريب الأئمة والدعاة، حيث يتم إعدادهم ليكونوا قادرين على مواجهة الأفكار الهدامة بحجج علمية وأدلة شرعية قوية.
إلى جانب ذلك، تتعاون المؤسسات الدينية مع وسائل الإعلام لضمان وصول رسائلها إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور. ويتم تنظيم لقاءات دورية وبرامج توعوية على القنوات الفضائية، فضلًا عن نشر مقالات وتحليلات في الصحف والمواقع الإلكترونية، وذلك لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تروج لها الجماعات المتطرفة.
تلعب وسائل الإعلام دورًا رئيسيًا في نشر الفكر الوسطي، وتحرص المؤسسات الدينية على التعاون مع القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الإلكترونية لضمان وصول رسائلها إلى الجمهور العريض.
الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف ينظمون لقاءات دورية وبرامج توعوية على القنوات الفضائية، فضلًا عن نشر مقالات تحليلية في الصحف، وذلك للرد على مزاعم الجماعات المتطرفة وتصحيح الأفكار المغلوطة التي يروجون لها.
تمثل فئة الشباب الهدف الرئيسي للجماعات الإرهابية، لذا تسعى المؤسسات الدينية إلى تعزيز وجودها في المدارس والجامعات من خلال الندوات التثقيفية، والحوارات المفتوحة مع الطلاب، بهدف تمكينهم من التمييز بين المفاهيم الصحيحة والمغلوطة، وتشجيعهم على التفكير النقدي وعدم الانجرار وراء الدعايات المتطرفة.
على المستوى الدولي، تدرك المؤسسات الدينية في مصر أن مكافحة الإرهاب تحتاج إلى تعاون دولي، ولهذا تعمل على تعزيز الشراكات مع مؤسسات دينية كبرى حول العالم، من خلال توقيع اتفاقيات تعاون، والمشاركة في مؤتمرات دولية تهدف إلى تعزيز الحوار بين الأديان، ومواجهة الإسلاموفوبيا، وتوضيح حقيقة أن الإسلام دين سلام وليس دين عنف أو تطرف.
التحديات التي تواجه المؤسسات الدينيةرغم الجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسسات الدينية، إلا أن هناك عددًا من التحديات التي لا تزال قائمة، وأبرزها الانتشار السريع للأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، ورغم الجهود المبذولة من قبل المؤسسات الدينية لمواجهة هذه الظاهرة، لا يزال الإنترنت يشكل ساحة مفتوحة لنشر الفكر المتطرف، مما يتطلب تكثيف الجهود الرقمية لمواجهته.
من التحديات الأخرى ضعف التنسيق بين المؤسسات المختلفة، حيث تحتاج المواجهة الفكرية للإرهاب إلى تضافر جهود المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية لضمان وصول الخطاب الديني المعتدل إلى جميع شرائح المجتمع، وتعزيز الوعي بخطورة الفكر المتطرف وآثاره المدمرة.
كما أن مواكبة التطورات التكنولوجية تمثل تحديًا آخر، حيث يجب على المؤسسات الدينية استغلال التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر للوصول إلى الأجيال الجديدة، خاصة أن الشباب هم الفئة الأكثر استخدامًا للمنصات الرقمية، وهم في الوقت ذاته الفئة الأكثر استهدافًا من قبل الجماعات المتطرفة.
تلعب المؤسسات الدينية في مصر دورًا بالغ الأهمية في مواجهة الإرهاب، ليس فقط من خلال المواجهة الفكرية، ولكن أيضًا عبر تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع، ورغم النجاحات التي تحققت، لا يزال الطريق طويلًا، حيث تتطلب مكافحة الإرهاب جهودًا مستدامة ومتكاملة تجمع بين المؤسسات الدينية والتعليمية والأمنية والإعلامية، لضمان بناء مجتمع قوي ومحصن ضد التطرف.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: استراتيجية الافتاء الأزهر الشريف الجماعات الإرهابية المؤسسات الدینیة فی مصر الفکر المتطرف فی مواجهة من خلال
إقرأ أيضاً:
مؤشر الإرهاب العالمي.. هجمات الذئاب المنفردة في الغرب ترتفع لـ52 خلال 2025
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أفاد "مؤشر الإرهاب العالمي (GTI) لعام 2025" الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام IEP بالولايات المتحدة الأمريكية بارتفاع عمليات الإرهاب التي ترتكبها الذئاب المنفردة في الغرب، من ٣٢ إلى ٥٢ هجومًا في عام ٢٠٢٤، وتتميز هذه الهجمات غالباً بأنها تُنفذ من قبل شباب في سن المراهقة، ليس لديهم صلات رسمية بالمنظمات الإرهابية، بل يُجرى تجنيدهم عن بعد من خلال المحتوى عبر الإنترنت، ويصممون أيديولوجيات شخصية تمزج بين وجهات نظر متضاربة متأثرة بمنتديات هامشية وبيئات الألعاب وتطبيقات المراسلة المشفرة والويب المظلم.
ونظرا لعدم وجود انتماءات، فإن هذا النوع من الهجمات يصعب على وكالات الاستخبارات تتبعها، وتبرز خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا التحيزات، مما يدفع الشباب الساخطين نحو محتوى أكثر تطرفًا.
كان تجدد الهجمات في الغرب ملحوظًا بشكل خاص في سبع دول من بين أكثر 50 دولة تأثرًا في المؤشر، هي: السويد وأستراليا وفنلندا وهولندا والدنمارك وسويسرا، وألمانيا التي كانت الأسوأ ترتيبًا في المرتبة 27 على المؤشر.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، تصاعدت جرائم الكراهية المعادية للسامية والمعادية للإسلام بشكل حاد بعد بداية حرب غزة، مع ارتفاع الحوادث المسجلة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تستهدف الجالية اليهودية بنسبة 270% في شهرين فقط، وظهرت أنماط مماثلة في أوروبا وأستراليا، حيث تم الإبلاغ عن هجمات على المعابد اليهودية على مدار العام.