انهيارات محتملة.. العقوبات الأمريكية قريبة ولا مناص منها: ترامب يفرض واقع جديد على العراق - عاجل
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
تشير التوقعات إلى أن العراق مقبل على مرحلة جديدة من الضغوط الاقتصادية الأمريكية، في إطار سياسة واشنطن الساعية إلى تقويض النفوذ الإيراني في المنطقة. الباحث في الشأن العراقي، عباس عقيل، والمختص في الشؤون الاستراتيجية، مصطفى الطائي، أكدا في تصريحات منفصلة لـ"بغداد اليوم" أن العقوبات الأمريكية على العراق باتت مسألة وقت، مستندين إلى معطيات سياسية واقتصادية تعكس نهج الإدارة الأمريكية الحالية.
الملف السياسي وأهمية التوازن
قال الباحث عباس عقيل إن "العقوبات الاقتصادية الأمريكية على بغداد قادمة ولا شك في ذلك، فالمسألة ليست سوى قضية وقت"، لكنه استبعد أن يكون الهدف الأساسي منها هو تغيير الطبقة السياسية في البلاد أو الإطاحة بالإطار التنسيقي، مشيرًا إلى أن "إدارة ترامب لا تسعى بالضرورة إلى تغيير القوى الحاكمة بقدر ما تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني داخل العراق".
وأضاف عقيل أن "مواقف الإدارة الأمريكية تجاه العراق ليست نتيجة لضغوط من لوبيات داخل واشنطن، بل تعكس قناعة متنامية في البيت الأبيض بأن العراق أصبح جزءًا من النفوذ الإيراني"، موضحًا أن هذا التصور ليس مقتصرًا على وجهة النظر الأمريكية، بل يعبر عنه عراقيون أيضًا.
وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا عقوبات جديدة على عدد من المصارف العراقية، مما أثار قلقًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية العراقية. تأتي هذه العقوبات في إطار الجهود الأمريكية لمكافحة تمويل الإرهاب وضمان الامتثال للقوانين الدولية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الأنشطة غير المشروعة.
وقد تؤدي هذه العقوبات إلى تقييد وصول العراق إلى الأسواق المالية العالمية، مما يُعقد عمليات الاستيراد والتصدير ويؤثر على الاستقرار الاقتصادي. كما قد تُضعف العقوبات ثقة المواطنين والمستثمرين في المصارف المحلية، مما يؤدي إلى انخفاض الودائع وزيادة الضغوط على السيولة. بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه التحويلات المالية الدولية صعوبات أكبر، خاصة مع تقييد التعامل مع المصارف العراقية من قبل المؤسسات المالية العالمية.
الأبعاد الاقتصادية وعراقيل تجارية
من جانبه، أوضح المختص في الشؤون الاستراتيجية مصطفى الطائي أن "أمريكا تدرك جيدًا أن العراق يعد الريئة الاقتصادية لإيران، ولهذا ستسعى إلى فرض عقوبات متنوعة تستهدف بغداد بشكل مباشر، في محاولة للحد من الدعم المالي الإيراني".
وأضاف الطائي أن "تصريحات النائب الثاني لرئيس البرلمان، شاخوان عبد الله، بشأن العقوبات الأمريكية لم تأتِ من فراغ، بل تعكس رسائل تسلمها خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، ما يشير إلى وجود خطة أمريكية واضحة بهذا الصدد".
وأشار إلى أن "التداعيات الاقتصادية لهذه العقوبات ستكون خطيرة على العراق، حيث تعتمد الحكومة العراقية على الدولار الأمريكي في تعاملاتها المالية، وأي قيود أمريكية على التحويلات المالية ستؤثر سلبًا على الاقتصاد العراقي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين".
وبحسب مراقبين ومختصين، تشكل التجارة بين العراق وإيران جانبًا مهمًا من العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تربطهما حدود طويلة وعلاقات تاريخية وثقافية واقتصادية عميقة. تنقسم هذه التجارة إلى قسمين رئيسيين: التجارة الظاهرة (الرسمية) والتجارة المخفية (غير الرسمية أو الموازية)، وكل منهما له خصائصه وتأثيراته.
فيما يتعلق بالتجارة الظاهرة، تُعد إيران واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للعراق، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين مليارات الدولارات سنويًا. تشمل الصادرات الإيرانية إلى العراق مجموعة واسعة من السلع، مثل المواد الغذائية، والمنتجات الصناعية، والكهرباء، والمواد الإنشائية. كما تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين لتسهيل التبادل التجاري وتعزيز التعاون الاقتصادي، بما في ذلك اتفاقيات في مجالات الطاقة والنقل والاستثمار.
أما التجارة المخفية أو غير الرسمية، فهي تشكل جزءًا كبيرًا من التبادل الاقتصادي بين العراق وإيران، وتتم عبر الحدود البرية بعيدًا عن الرقابة الرسمية. تشمل هذه التجارة تهريب السلع مثل الوقود، والتبغ، والأجهزة الإلكترونية، والسلع الفاخرة، بالإضافة إلى الأدوية والمنتجات الزراعية، إضافة الى تهريب العملة والنفط وهي العمليات المستهدفة بالعقوبات.
وتؤثر التجارة المخفية سلبًا على الاقتصاد العراقي، حيث تُضعف الصناعات المحلية بسبب تدفق السلع الإيرانية بأسعار منخفضة، كما تساهم في انتشار الفساد وعدم الاستقرار الأمني في المناطق الحدودية. بالإضافة إلى ذلك، تُثير هذه التجارة مخاوف دولية، خاصة من جانب الولايات المتحدة، بسبب احتمال استخدامها في تمويل أنشطة غير مشروعة أو جهات مصنفة كإرهابية.
في المقابل، تستفيد إيران بشكل كبير من التجارة مع العراق، سواء الرسمية أو المخفية، حيث تُعتبر السوق العراقية منفذًا مهمًا للسلع الإيرانية في ظل العقوبات الدولية المفروضة على إيران. كما تُساهم هذه التجارة في تعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي الإيراني في العراق.
الأبعاد الأمنية وتأثيرات محتملة
يرى عباس عقيل أن "الأحداث الأخيرة في المنطقة، خصوصًا ما تلا طوفان الأقصى، أظهرت ملامح المرحلة المقبلة"، مشيرًا إلى أن "النظام السياسي في العراق، الذي تأسس بعد عام 2003، لن ينهار، لكن الطبقة الحاكمة، خصوصًا الإطار التنسيقي، معرضة لخطر حقيقي بسبب قبولها بأن يكون العراق جزءًا من النفوذ الإيراني، وتشجيعها للفصائل المسلحة، وهو ما قد يجعلها في مواجهة مباشرة مع العقوبات الأمريكية".
الملف الدبلوماسي وموقف العراق دوليًا
تشير المعطيات إلى أن العراق يواجه تحديًا دبلوماسيًا صعبًا، إذ أن العقوبات الأمريكية قد تؤثر على علاقاته مع القوى الغربية، ما قد يدفعه إلى مزيد من التقارب مع روسيا والصين لتعويض الخسائر الاقتصادية المحتملة.
ويرى الطائي أن "الولايات المتحدة لم تغلق الباب أمام العراق بشكل كامل، لكنها تطالب بموقف أكثر استقلالية عن طهران"، مضيفًا أن "العقوبات قد تشمل تقليص التعاون الأمني بين بغداد وواشنطن، ما قد يؤثر على جهود مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل بقاء تهديدات تنظيم داعش في بعض المناطق العراقية".
خطوة ضرورية لمصلحة العراق
في ظل هذه التحديات، يرى مراقبون أن العراق بحاجة إلى إعادة تقييم سياسته الخارجية لتجنب التصعيد مع الولايات المتحدة، من خلال اتباع نهج أكثر توازنًا في علاقاته الإقليمية، وتقليل اعتماده على إيران اقتصاديًا وسياسيًا.
يؤكد الطائي أن "العراق يمكنه تجنب السيناريو الأسوأ من خلال تبني إصلاحات اقتصادية تقلل من اعتماده على الدولار الأمريكي في التعاملات المالية، بالإضافة إلى تعزيز علاقاته مع الدول العربية والخليجية لمواجهة التبعات الاقتصادية للعقوبات".
دوامة جديدة أم فرصة؟
يبدو أن العراق مقبل على مرحلة معقدة، حيث تتزايد الضغوط الأمريكية بهدف تقليص النفوذ الإيراني، وهو ما قد يضع الحكومة العراقية في موقف صعب بين مطالب واشنطن وضغوط طهران. وفي ظل هذه التحديات، يتعين على العراق اتخاذ خطوات جادة لحماية اقتصاده واستقراره السياسي، لتجنب الدخول في دوامة جديدة من الأزمات.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: العقوبات الأمریکیة الولایات المتحدة النفوذ الإیرانی بالإضافة إلى هذه التجارة على العراق أن العراق الطائی أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
واشنطن تضغط على بغداد.. إما السماح باستئناف تصدير نفط كردستان أو العقوبات
تضغط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على بغداد للسماح باستئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق أو مواجهة عقوبات إلى جانب إيران.
واستئناف صادرات إقليم كردستان العراق شبه المستقل قد يساعد في تعويض الانخفاض المحتمل في صادرات النفط الإيرانية التي تعهدت واشنطن بخفضها إلى الصفر في إطار سياسة "أقصى الضغوط" التي تنتهجها مع طهران.
وقالت ثمانية مصادر مطلعة لرويترز إن الضغوط المتزايدة من الإدارة الأمريكية الجديدة كانت السبب الرئيسي وراء إعلان العراق يوم الاثنين استئناف تصدير النفط من الإقليم الذي يحظى بحكم ذاتي.
وأفادت أربعة مصادر من الثمانية أن العراق تسرع في الإعلان عن استئناف التصدير دون تفاصيل حول كيفية معالجة الأمور الفنية العالقة.
كانت الحكومة الأمريكية قد قالت إنها تريد عزل إيران عن الاقتصاد العالمي والقضاء على إيراداتها من صادرات النفط لإبطاء خطتها لتطوير سلاح نووي.
وأعلن وزير النفط العراقي بشكل مفاجئ الاثنين استئناف الصادرات من كردستان الأسبوع المقبل في خطوة من شأنها أن تنهي نزاعا دام قرابة عامين أدى إلى انقطاع إمدادات بأكثر من 300 ألف برميل يوميا تدخل الأسواق العالمية عبر تركيا.
وتنظر طهران إلى جارها وحليفها العراق كعنصر رئيسي في الحفاظ على اقتصادها في ظل العقوبات. لكن المصادر قالت إن بغداد، شريكة الولايات المتحدة أيضا، تخشى من الوقوع في مرمى نيران سياسات ترامب الهادفة للضغط على إيران.
ويرغب ترامب في أن يقطع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع إيران. وذكرت رويترز الأسبوع الماضي أن البنك المركزي العراقي منع خمسة بنوك خاصة إضافية من الحصول على الدولار بعد طلب من وزارة الخزانة الأمريكية.
ولدى إيران نفوذ عسكري وسياسي واقتصادي كبير في العراق تمارسه عبر جماعات مسلحة شيعية وأحزاب سياسية مدعومة منها. لكن الضغوط الأمريكية المتزايدة تأتي في وقت تراجعت فيه قوة إيران بسبب هجمات "إسرائيل" على الجماعات المسلحة المدعومة منها أو المتحالفة معها في المنطقة.
وازداد تهريب النفط من إقليم كردستان العراق إلى إيران في شاحنات بعد إغلاق خط الأنابيب الذي كان ينقل الخام إلى ميناء جيهان التركي في 2023. وقال ستة من المصادر إن الولايات المتحدة تحث بغداد على الحد من ذلك التهريب.
وأفادت رويترز في تموز/ يوليو بأن شاحنات تتولى تهريب ما يقدر بنحو 200 ألف برميل يوميا من الخام منخفض السعر من كردستان العراق إلى إيران، وبدرجة أقل إلى تركيا. وقالت المصادر إن الصادرات ظلت عند ذلك المستوى تقريبا.
وقال مسؤول عراقي في قطاع النفط ومطلع على شحنات الخام التي تعبر إلى إيران "تضغط واشنطن على بغداد لضمان تصدير الخام الكردي إلى الأسواق العالمية عبر تركيا بدلا من بيعه بثمن منخفض إلى إيران".
وبخلاف زيادة التهريب عبر إيران بعد إغلاق خط الأنابيب، أشارت رويترز في العام الماضي إلى ازدهار شبكة أكبر يقدر بعض الخبراء أنها تجمع مليار دولار سنويا على الأقل لإيران والجماعات المتحالفة معها في العراق منذ تولى السوداني منصبه في 2022.
وأكد مسؤولان في الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة العراقية استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان. وقال أحدهما إن الخطوة ستساعد في تخفيف الضغوط التي تؤدي إلى زيادة أسعار النفط.
وردا على سؤال عن ضغوط الإدارة على العراق قال مسؤول في البيت الأبيض "ليس من المهم للأمن الإقليمي فقط أن يُسمح لشركائنا الأكراد بتصدير نفطهم، بل وأيضا للمساعدة في الحفاظ على انخفاض سعر الوقود".
وكان هناك تعاون عسكري وطيد بين السلطات في إقليم كردستان والولايات المتحدة خلال الحرب على تنظيم الدولة.
واستأنف ترامب حملة "أقصى الضغوط" على إيران بعد أيام من عودته للبيت الأبيض في يناير كانون الثاني. وإضافة إلى الجهود الرامية إلى خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، أمر ترامب وزير الخزانة الأمريكي بضمان عدم قدرة إيران على استخدام النظام المالي العراقي.
ووعد ترامب مع عودته إلى البيت الأبيض بخفض تكاليف الطاقة للأمريكيين. ومن الممكن أن يؤدي الانخفاض الحاد في صادرات النفط من إيران إلى ارتفاع أسعار الخام، مما سيؤدي إلى زيادة أسعار البنزين في جميع أنحاء العالم.
واستئناف الصادرات من كردستان سيساعد في تعويض بعض الخسارة التي قد تلحق بالإمدادات العالمية بسبب انخفاض الصادرات الإيرانية، لكنه لن يعوض سوى حصة ضئيلة من أكثر من مليوني برميل يوميا من النفط الخام والوقود الذي تشحنه إيران.