اليوم كرامة السودان هي الأعلى انتصارا للتالي
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
كتاب المؤتمر الوطني :
اليوم كرامة السودان هي الأعلى انتصارا للتالي
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
منذ بدأت مشهديات الحراك السياسي الذي صنع التغيير الديسمبري في 2019 م ، وضع السودان أولى خطواته على طريق السير إلى أسلوب العيش المفضي إلى الكارثة .
فدخلت أغلب التنظيمات والحركات السياسية والهيئات المدنية في ( حجر العمى ) وكل كيان منهم يتصرف على نحو غير عقلاني .
بل الأصح استخدموا العقول للتدمير لا البناء ،
وانتهاك الحياة بدلا من الدفاع عنها .
تغيرت رؤى وتحولت مواقف ، وتداخلت معاني المفاهيم ، وعلاقات معقدة ، وقسوة تناقضات ، فبات البلد رمزا للضياع والتغرب والمجهول .
نسينا قيمة الحوار وبهذا فارقنا التضامن والواجب والإحترام حتى دخلنا جميعا كارثة الحرب الشاملة .
ولأن الحوار هو الفاعل الأقوى في صوغ الإنسانية ،
وانطلاق لعبة المعرفة باستخدام المنطق والعقل .
وفي محاولة تلمس السقف الأعلى لجوهر ذلك المعنى ، استلمت رسالة بعث بها إلينا مولانا أحمد محمد هارون رئـــــيس حزب المؤتمر الوطني المفـــــــوض رسالة مكتوبة بتاريخ 18/فبراير 2025م .
والرسالة مرفقة بورقة موسومة بعبارة باذخة الجمال :
( مقترح أجندة المستقبل لليوم واليوم التالي )
الرسالة في متنها تلتمع إشارة شجاعة ، كأنها تنطق بجلاء قائلة : هذه صفحات كتابنا ، تشريعا لآفاق جديدة ، لا ندعي الإكتمال ، وإن كنا نتوق له ، لكن باسهامكم سنكون أقرب إليه وكثيرا .
بقدرما فاجئني هذا المذهب الجديد للمؤتمر الوطني ، هذا الشغف الصادق للإستئناس بالرؤى المتعددة .
وأدهشني حقا عظمة إشعاع المعاني التي احتشدت بدلالاتها في متن الورقة ، كل معنى من المعاني يأتي كسهم مسنون ، موجها ( للآن ) و ( للآتي ) و( الهنا ) و( الهناك ) .
أخذت أبحث في الورقة ، متفحصا وناقدا مدققا
فوجدتها ذهبت مذهبا بعيدا وحميما في اقترابه من الآخر الوطني .
وجدت إجوبة تنطوي في أسئلتها العاصفة ، وكانها تتبنى قول ( فرانز كافكا ) : أسئلة لا تحمل أجوبتها فيها ، ليست جديرة بأي جواب .
بهذا يمكن القول أن هذه الورقة هي الأهم والأثمن في هذا الوقت من أوقات السودان ، لكونها الأشد تشويقا وإثارة وغنى بعوالم الفكر المتنوع المهيب .
الورقة مشروع سياسي يملك طاقة خلق أكبر عدد ممكن من الأبواب المفتوحة على القريب والبعيد ، على الوطني والأجنبي ، بل هو مشروع شغف بالممكن الأسمى والأفضل .
وينبني منظورنا الكلي للورقة ، من قراءتنا المتأملة لمجموع أنساق علاماته الدلالية ، والتي تتولد أولا من ( العتبة الأولى ) أو سيميائية العنوان :
( حزب المؤتمر الوطني
مقترح أجندة المستقبل لليوم واليوم التالي ) ..
إذ يدخل العنوان ، ومتن الورقة في علاقة تكاملية وترابطية الأول يعلن ، والثاني يفسر يفصل ملفوظا مبرمجا الى درجة أعلى سقوفات الإنتاج ، عنصرا وراء عنصر ، حتى الخاتمة .
نجح العنوان نجاحا باهرا ، أن يكون النواة الدلالية الأصلية التي تتولد منها الدلالات الكلامية الأخرى في ممارسة عمليات المذاهنة ، وإذكاء الحوار الراقي والحيوي ، رغبة أكيدة في القبض بكل أسباب إحسان حيوات الناس اليوم وغدا .
من الناحية اللغوية ، امتازت الورقة بتراكيب نحوية دافقة الجمال موحية تمنح الناس شغف القراءة برغم بساطة الأسلوب .
ولم تتنكر الورقة في منهجها الكلي على الصرامة العلمية ولا الموضوعية ، برغم النزوع الأدبي الريان المحبب ، كما نهضت بحبكة حاذقة بدأت بالعنوان الأعلى المتتبع لمكونات عناصر السرد الأخرى .
بدا التمهيد بالحكي عن ( الآن ) ولزوميات المرحلة بالقول :
( إن اللحظة الوطنية الحالية هى لحظة ووقت المدافعة وردع العدوان ، وإستكمال مهمة التحرير وإنهاء العدوان الغاشم والوحشي والبربري الذي حل ببلادنا ، ويجب ألا نفقد التركيز عن ذلك )
بتلك الكلمات القاطعة وضع المؤتمر الوطني مسألة كرامة السودان والدفاع عنه هو الواجب المقدس الذي لا يسبقه عمل …
وذلك إعتقاد راسخ في قلوب الإسلاميين السودانيين ، تفردوا – ولازال يتفردون – من حيث قدرتهم الهائلة في النظر إلى الواقع ، وإلتصاقا به والتعامل وفق واجبات الوقت .
وهم كذلك أوضح فلسفة وتوقا إلى تخطى مظاهر الأشياء وقشورها لملامسة الجوهر بكل جسارة الأبطال .
بذلك تجذروا في تربة السودان ، وتجذر السودان فيهم ، دخلوا في إهاب البلد وتفاصيله .
فالعالم كله نظر ورأى ، وعرف أنه ليس في السودان أي كيان سياسي ، له الرغبة ، أو القدرة الذاتية الدافعة ، لمزاحمة أعضاء المؤتمر الوطني في ساحات الفداء للقتال مع القوات المسلحة .
فقد وضح للعالم المهتم بالشأن السوداني ، أن المصلحة العليا وكرامة البلاد ، لا يتجرد في سبيلها اليوم ، إلا المؤتمر الوطني .
وهذه القراءة ليست من قراءة سطور الأوراق ، وإنما في قراءة ( بيان الميدان ) لا حيث تتخبط اللافتات الباهتة والشعارات الملساء ، المكرورة البائسة .
الإسلاميون أكبر من كل عمليات ( الشيطنة ) التي جلب لها خصومها كل ساحر ومارد ونمرود .
الإسلاميون في السودان ، تجاوزا كل إطار سائد ومألوف في الحياة .
وبينما يعمل ( الآخرون ) في هذا الوقت ، أن يبتعد الواحد منهم عن الآخر يعلن المؤتمر الوطني مفصحا بالقول :
( بيد أن بدء التفكير الجهير عن حال البلاد الآن ومستقبلها ، يظل مطروحاً ومطلوباً على أمل المساعدة في ترتيب أوضاعنا الداخلية الحالية بشكل يمكننا من صد وردع العدوان ، ويمهد لحوارات تأخذ زمنها وموقعها من بعد أن تضع الحرب أوزارها ، وبالتالي فإننا نصنف طبيعة الحوارات والنقاشات الوطنية الحالية بوصفها أعمال تمهيدية ، نتعرف من خلالها على أراء بعضنا البعض ، ونسعى جميعاً لتوفير أسباب بقاء وجداننا موحداً )
وبتلك الكلمات ذات الدور الدينميكي المتنوع المحتكم إلى ( ظرف الحال ) بدأت الورقة من الجزئي لتصل إلى الكلي ، للكشف عن الرؤية ، اليوم ، مشيا إلى التالي من الأيام .
وهنا يستبين كيف أخذ المؤتمر الوطني على نفسه في كل هذه الأحوال ، أن يكون تخطيطه للآفاق الجديدة ، تخطيط نابع من عمق معنى الوطن والإنتماء إليه .
فالقارئ المتأمل للورقة ، يجد أن المؤتمر الوطني ، يطل في هذا العهد ، جديدا ، وأكثر تلاءما مع مرتكزاته الفكرية .
فقد وقف مع ذاته ، مراجعا أعمال سنوات عمره الماضية ، متساءلا :
* هل يمكن ان نقدم الجديد ، في حياة أهل السودان إذا ظل القديم يستعبدنا ، ويجذبنا إلى الخلف ، ويمنعنا من أن نتقدم بخطوات أخرى إلى الأمام ؟
* ما الذي علينا اليوم أن نحذفه من صفحات عمرنا ؟
* وما الذي علينا أن نمحوه من ذاكرتنا ومن تاريخنا ؟
* وما الذي علينا نقده ، ونقضه ، ومراجعته ؟
* وما الذي علينا إعادة التفكير فيه ، وإعادة تركيبه وإعادة صياغته بشكل مختلف ؟
تلك هي الأسئلة القائمة في صدور شباب ورجال ونساء المؤتمر الوطني نفسه ، أسئلة انطوت فيها إجابات حاسمة .
في هذه الورقة المقدمة من المؤتمر الوطنى في تقديري ، هو إبداع كتابة أخرى تعمل لزمن جديد مختلف ولحياة أخرى جديدة مختلفة .
فالممارسة التي نشهدها والأدبيات التي نقرأها الآن تؤكد أن فعل التغير والتغيير ممكن .
فالورقة عملت على بناء قناعات فكرية جديدة ، وبناء اختيارات اخرى جديدة .
وما قدمته الورقة عن المشروع الفكري للمؤتمر الوطني ، يراه أهل السودان شاخصا في حرب الكرامة .
شخصيات باذخة ، ومواقف ثابتة ، رجال بمختلف هيئاتهم وأعمارهم ، وتعدد إمكنتهم ، يقفون في خطوط النار ، أشلاء أجسادهم إختلطت بإشلاء أجساد جنود القوات المسلحة .
يجمعهم نبل أرواحهم ، التي خاضوا بها بحور الرجاءات وما فتأت أياديهم تقبض على أعنة خيول البذل والعطاء ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، والعهد هو العهد .
” أماه ذلك دربي قد أموت بـــه
فلا يسوؤك كأس قد شربنـــاه
لا تجزعي لفتى إن مات محتسبا
فالموت في الله أسمى ما تمنــاه ”
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی الذی علینا
إقرأ أيضاً:
مؤتمر الحوار الوطني السوري ينطلق الثلاثاء
دمشق (زمان التركية)ـ قالت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري يوم الأحد إنها ستبدأ بإرسال الدعوات للأشخاص لحضور الحدث في وقت لاحق من اليوم، مضيفة أن المؤتمر من المقرر أن ينطلق يوم الثلاثاء.
وقال أحد أعضاء اللجنة المكونة من خمسة أعضاء لـ دلخواز محمد من رووداو في مؤتمر صحفي في دمشق: “اليوم سيتم إرسال الدعوات لأولئك الذين من المقرر أن يشاركوا في المؤتمر”.
وقال أيضًا إنهم سيستقبلون السوريين المقيمين في الخارج والذين سيحضرون الحدث يوم الاثنين – قبل يوم واحد من الحدث.
وقال عضو آخر في اللجنة في المؤتمر الصحفي إن اللجنة عقدت عشرات الاجتماعات في جميع المحافظات حضرها 4000 امرأة ورجل من خلفيات مختلفة.
التقت اللجنة يوم الخميس مع العديد من الأشخاص من محافظة الحسكة في دمشق وعينت لهم ممثلين للمحافظة. تقع الحسكة في شمال شرقي سوريا الخاضع للإدارة الكردية (روج آفا). لم تتم دعوة ممثلي الأحزاب الكردية.
ومع ذلك، قال بعض الأكراد الذين شاركوا في الاجتماع إنهم لا يمثلون الأكراد.
وقال أحمد هلال، وهو ناشط كردي من الحسكة، لرووداو: “أولئك الذين يشاركون هنا جاؤوا نيابة عن أنفسهم ولا يمثلون الأكراد”.
وقال المجلس الوطني الكردي (ENKS/KNC)، وهو مظلة لأحزاب المعارضة، في بيان يوم الخميس إن الحوار الوطني هو المفتاح لتشكيل مستقبل البلاد، لكنه أدان تهميش الأحزاب السياسية الكردية من العملية.
كما أدانت الأحزاب الكردية الأخرى والسلطات التي يسيطر عليها الأكراد في روج آفا استبعادهم.
Tags: المجلس الوطني الكرديلمؤتمر الحوار الوطني السوري