وكالة الصحافة المستقلة:
2025-02-24@12:50:20 GMT

الشاهد غائب!

تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT

فبراير 24, 2025آخر تحديث: فبراير 24, 2025

د. عامر ممدوح

كاتب وأكاديمي

يعلمنا أساتذتنا في الدراسة الاكاديمية ان كلمات من قبيل (الحقيقة) و(الواقع) يجب ان تكون بعيدة جداً عن استخدام المؤرخ، ذلك لأن التاريخ سيبقى مدار ظن، وتحديث مستمر، وأفهام متعددة، والأمر مرتبط بشكل أساسي بمدى توفر المعلومة الموثقة الصحيحة من عدمها والأثر الدال عليها.

تذكرت تلك التعليمات الصارمة، والتي تمثل محدداً لازماً في عمل كل باحث يخوض او يتخصص في هذا الميدان، وانا اقرأ مذكرات أستاذ كبير، إذ لمحت وسط السطور إلى رأي ومعلومة وصلته تخص قضية ما ظلت مثار جدل وتحليل طويل، فان صحت نكون أمام طرح مغاير لكل ما سبق خلال عقود ماضيات.

ويبدو ان إصدار حكم نهائي بخصوص القضية أعلاه يبدو اليوم أكثر صعوبة في ظل غياب المادة المكتوبة، والأهم غياب الشاهد المواكب للحدث، فإذا كنا نتحدث عن قصة وقعت قبل 5 عقود تقريباً، فكيف الحال بحوادث وقعت قبل قرون؟!

وليس في ذلك دعوة إلى نسف كل تفاصيل هذا العلم بالمطلق كما يحلو للبعض، أبداً، ولكن هي إشارة اجدها لازمة للتأني في إطلاق الأحكام، تجاه الأحداث والجماعات والشخصيات على حدٍ سواء.

وحتى لو تم تكوين رأي او موقف ما يجب أن يظل اعتقادنا راسخاً بانه اجتهاد قابل للخطأ او الصواب بأي حال من الأحوال، وأن الأمر قد يتغير بالكلية ربما في حال العثور على معلومة ما او سماع رواية جديدة لم يسبق طرحها.

إننا ــ وهذا الحال ــ ننتصر للمنهج العلمي الرصين في التعاطي مع الماضي البعيد والقريب، وكذلك نحقق الانصاف المطلوب لمن سبقنا، ممن غادرونا وافتقدوا اليوم إلى الشاهد الثبت الذي قد ينصفهم، ويا لكثرة تلك القضايا الشائكة التي ما تزال تنتظر ولو حرفاً يضاف إلى سجلها العتيق.

واليوم ونحن نعيش مخاض العراق العسير منذ أكثر من عقدين، كم قصة مرت، وكم قول أطلق، وكم تقييم وضع بحدّة بالغة تجاه هذه الجهة او تلك، او هذا الشخص او ذاك، ونكتشف بعد حين أن كل تلك الأحكام كانت ظالمة لأن الشاهد الوحيد غاب واندثر أثره.

وفضلاً عن الزامية فعل التدقيق تجاه ما يحيط بنا بدءً من أصغر دائرة إلى أعلاها، فان ذلك السلوك المطلوب هو الذي يوجد البناء الصحيح الذي نفتقده، والجو الإيجابي العلمي الذي نحتاجه ونحن نسير وبتعثر كبير نحو مستقبلنا المجهول.

دعوة صادقة للتثبت، وخطوة مهمة لتقييم الماضي والحاضر والبيئة والمحيط، وبحث مطلوب عن كل شاهد صادق قد يكون منزوياً أو غاب وترك أثراً، وأساس لا غنى عنه للبناء إن أردناه أن يكون قوياً متيناً وقادراً على مجابهة الرياح العاتية، وما أكثرها اليوم.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

الموقف العربي فيما وراء خطة ترامب تجاه قطاع غزة

يجب الانتباه ابتداء إلى أن خطة ترامب تجاه غزة ومقاومتها مرتبطة بسقفين أو مستويين:

الأول: مستوى أعلى يتحدث عن استملاك غزة وتهجير أهلها، وإيجاد حالة ضغط هائل على أهل غزة وعلى مصر والأردن للتعامل بواقعية معها، وقبول ما يمكن قبوله وتنفيذ "الخروج الطوعي" بقوة الأمر الواقع.

الثاني: مستوى وسيط مستهدف بشكل أكثر جدية، ويرى ترامب والاحتلال الإسرائيلي أنه ممكن التحقيق وأكثر واقعية، وسيجد له صدى إيجابيا في البيئة العربية، ولدى سلطة رام الله. وهو تحقيق ما فشل فيه الاحتلال في أهدافه المعلنة من سحق حماس ونزع سلاح المقاومة، وإخراجها ليس فقط من إدارة القطاع، وإنما من المشاركة هي وتيارها المقاوم، من المشاركة في المؤسسات والحياة المدنية، كما حدث في الضفة الغربية.

فإذا لم يتحقق المستوى الأول، يتم "التنازل" للمستوى الثاني، ليبدو الأمر وكأن الدول العربية حققت "انتصارا"، بينما تتم محاولة تبليع الفلسطينيين "الطُّعم"، بدفعهم للاستجابة للمستوى الثاني!!

سيناريوهات:

أمام الدول العربية، وخصوصا مصر والأردن، ثلاثة سيناريوهات في مواجهة خطة ترامب، التي تهدف لتهجير فلسطينيي قطاع غزة:

1- الموافقة الضمنية أو العملية على خطة ترامب، وفتح الباب أمام عملية التهجير، بحجة المعالجة الإنسانية "المؤقتة" لقيام الاحتلال الإسرائيلي بتحويل قطاع غزة إلى منطقة مدمرة وغير قابلة للحياة، ورفضه السماح بإدخال مواد البناء وإعادة الإعمار، مع استمراره في عدوانه على القطاع بدرجات مختلفة وتحويله إلى بيئة غير آمنة وبيئة طاردة.

2- "الرفض الناعم" لخطة ترامب، من خلال الاستمرار في إغلاق الحدود في وجه عملية التهجير، واستخدام لغة هادئة في امتصاص واستيعاب اندفاعة ترامب وتبريرها تدريجيا، وتجنُّب أي احتكاك مباشر معه؛ مع التأكيد المتواصل على أن سلوك ترامب يُهدّد مصالحها العليا وأمنها القومي ويهدد بخسارتها لحلفائها في المنطقة، وهو ما يعني ضمنا خسارتها لمصالحها في المنطقة.

3- الرفض القوي الحاسم لخطة ترامب، وتفعيل البيئات الشعبية والمؤسسات الرسمية ضد الخطة، واستخدام لغة هجومية رادعة، ورفضها المطلق للابتزاز السياسي والمالي، وتحميل ترامب والاحتلال الإسرائيلي مسؤولية إسقاط مسار التسوية السلمية وحل الدولتين.

حتى الآن، يبدو السيناريو الأول مستبعدا، لأن ذلك يتعارض مع الأمن القومي لهذه الدول، ولأنه قد يتسبب لها بمشاكل سياسية وشعبية، أو ينعكس على نسيجها الاجتماعي كما في الأردن. كما أن السيناريو الثالث يظل مستبعدا، فليس ثمة رغبة ولا إمكانية بالنسبة للأنظمة السياسية لمواجهة ترامب وتحدِّيه. ولذلك، فمن خلال القراءة الواقعية للمنظومة العربية وأدائها السياسي وخلفياتها، يبدو السيناريو الثاني في "الرفض الناعم" أكثر ترجيحا.

* * *

تسويق نزع أسلحة المقاومة:

ولأن الموقف العربي سيكون رافضا لخطة التهجير، فسيتم تقديمه شعبيا باعتباره موقفا "بطوليا" وطنيا وقوميا. وعند ذلك سيلجأ الاحتلال الإسرائيلي والأمريكان إلى الضغط على غزة من خلال ثلاث أوراق: الأولى إمكانية استئناف الحرب على غزة وما تحمله من مآس ومعاناة؛ والثانية قطع السبل على إدخال المساعدات ومنع عملية إعادة الإعمار، والثالثة مواصلة عملية التهجير داخل القطاع وجعله منطقة غير قابلة للحياة.

وعند ذلك، سيتم تسويق فكرة إرسال قوات عربية ودولية للقطاع، وإدارته بمشاركة سلطة رام الله وفق المعايير الإسرائيلية، وإخراج حماس وتيار المقاومة من الحياة السياسية والعامة، ونزع أسلحة المقاومة.. باعتبار ذلك متطلبات ضرورية لوقف نزيف الدماء وإفشال مشروع التهجير وإمكانية البدء بالإعمار. وسيتم تقديم ذلك باعتباره مصلحة عليا، وسيتم السعي لحشر حماس باعتبارها سببا في تعطيل هذه المصالح.

أما "إقناع" الطرفين الإسرائيلي والأمريكي بـ"التراجع" عن فكرة التهجير، فسيظهر وكأنه تنازل كبير، بينما يكون الاحتلال الإسرائيلي في الحقيقة قد أنجز هدفه الرئيسي المعلن من الحرب.

وفي هذه الأجواء، فبينما كانت البيئة الشعبية الفلسطينية ترفض بأغلبية ساحقة التدخل العربي والأجنبي في إدارة قطاع غزة، حيث لم يدعم هذه الفكرة أكثر من اثنين أو ثلاثة في المئة وفق استطلاعات الرأي في أثناء الحرب، كما لم يدعم فكرة إدارة سلطة رام الله للقطاع بقيادة محمود عباس أكثر من 15 في المئة وفق الاستطلاعات نفسها.. فستصبح هكذا حلول قابلة للتسويق، ليس بالضرورة باعتبارها الأفضل، وإنما على قاعدة أهون الضررين. أما حماس فكانت تحظى بنحو 60 في المئة من التأييد.

مواجهة التحدي:

يمكن التعامل مع هذا التحدي وفق المعطيات والخطوط العامة التالية:

1- إن إدارة قطاع غزة هو شأن فلسطيني، وإن الفلسطينيين هم المعنيون بوضع التصورات المناسبة، وصناعة قرارهم في ضوء توافقهم الوطني. أما اللاجئون الفلسطينيون في القطاع، فانتقالهم الطبيعي الذي تدعمه القرارات الدولية هو لأرضهم الفلسطينية التي أخرجوا منها سنة 1948.

2- إن سلاح المقاومة هو الذي حمى قطاع غزة طوال خمس حروب شرسة شنها الاحتلال على القطاع، وهو حق طبيعي للشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه وتحرير أرضه.

3- إن سلاح المقاومة هو الذي أفشل التهجير، وأجبر الاحتلال على الانسحاب من القطاع، ونجح في عقد صفقة مُشرِّفة لتبادل الأسرى، وبالتالي كان هو خط الدفاع الأول عن الأمة العربية والإسلامي، وعن الأمن القومي العربي والإسلامي، وإن بقاءه وتقويته هو مصلحة عليا؛ وإن محاولة نزعه يفتح المجال للتغوّل الصهيوني على البيئة العربية والإمعان في تطويعها وإضعافها.

4- لا يجوز مكافأة الاحتلال على إجرامه ومجازره ووحشيته، ولا يجوز معاقبة المقاومة على بطولتها وتضحياتها وإنجازاتها. إن الاستجابة للأجندة الإسرائيلية الأمريكية يحقق لها بالسياسة ما فشلت فيه بالحرب، ويضع الدول العربية التي قد تتوافق مع هذه الأجندة، ليس فقط في مواجهة الإرادة الحرة للشعب الفلسطيني وخياراته، وإنما أيضا في مواجهة شعوبها التي تدعم بشكل عام خط المقاومة.

5- إن الأولى بالبيئة العربية إفشال مخططات التهجير والتطويع، من خلال التأكيد على الإرادة الحرة للشعب الفلسطينية، وحقه في أرضه وتحريرها، ومن خلال فك الحصار والسماح بدخول مواد الإغاثة وإعادة الإعمار.

6- إن الإرادة الأمريكية والإرادة الإسرائيلية ليست قدرا، وكلا الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية يعانيان من أزمات كبيرة، وليستا في وضع يمكنهما من شنّ حروب واسعة، وطبيعة ترامب نفسه تميل للتأزيم والمساومة لكنها لا تميل للحروب. وإذا كانت المقاومة قد تمكنت من تحدي العدوان والمخططات الإسرائيلية الأمريكية وإفشالها، فمن باب أولى أن تتمكن الدول العربية من إفشالها إن قررت ذلك، واستخدمت الأدوات المكافئة لتحقيقها.

x.com/mohsenmsaleh1

مقالات مشابهة

  • معاريف: هذا السبب الحقيقي وراء نهج ترامب تجاه مصر والأردن
  • الإجراءات الجنائية.. متى تصل الغرامة على الشاهد لـ 2000 جنيه؟
  • شهيد وإصابات برصاص العدو الصهيوني شرق غزة
  • محمد عمرا.. اعتقال الذبابة الذي شغل الشرطة الفرنسية وهو بعمر 11 عاماً
  • الموقف العربي فيما وراء خطة ترامب تجاه قطاع غزة
  • البدوي الذي يشتم رائحة الثلج ..!
  • لأبراهام مانغيستو الذي أفرجت عنه حماس اليوم قصة مختلفة... فما هي؟
  • سرّ جديد عن اغتيال نصرالله.. من الذي خطط لذلك؟
  • لماذا يعرف مسرح الجريمة بـ«الشاهد الصامت»؟.. خبير يوضح في بودكاست «أول الخيط»