الانتخابات الألمانية.. عودة المحافظين وصعود اليمين وهزيمة مدوية للاشتراكيين
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
برلين- حقق الاتحاد المسيحي نصرا كبيرا في الانتخابات التشريعية التي جرت، أمس الأحد، متقدما على حزب البديل من أجل ألمانيا "اليميني المتطرف" الذي حقق أفضل نتيجة له منذ تأسيسه قبل 12 عاما، وذلك وفق النتائج الأولية التي أعلنها التلفزيون الألماني بعد إغلاق صناديق الاقتراع.
وأظهرت النتائج خسارة كبيرة لحزب المستشار الحالي أولاف شولتس (الاشتراكي الديمقراطي) والذي خسر أكثر من 9 نقاط مقارنة بسباق 2021.
وفاز الاتحاد المسيحي بزعامة فريدريش ميرتس (المستشار القادم) بأكثر من 28.5% من الأصوات، ليبدأ مشاوراته لتشكيل الحكومة القادمة، حسب ما أعلن في خطاب الفوز بالقول "نحن بحاجة لتشكيل حكومة مستقرة بأسرع وقت ممكن مع دعم أغلبية برلمانية، لأن العالم في الخارج لن ينتظرنا ولا ينتظر مشاورات حزبية طويلة الأمد لتشكيلها".
استبعاد اليمين
وأضاف ميرتس "يجب علينا الإسراع الآن في تشكيل حكومة قادرة على تلبية الاحتياجات الداخلية وعلى الحكم في ألمانيا، ويجب أن يكون لنا حضورنا في أوروبا ونؤخذ على محمل الجد في العالم".
إعلانواستبعد أي تحالف حكومي مع "اليمين المتطرف" معربا عن أمله في أن يتمكن من تشكيل الائتلاف القادم مع حزب واحد فقط وألا يضطر للاعتماد على ثالث، قائلا إن "الأمر لن يكون سهلا وسيزيد من تعقيد الأمور" وذلك خلال لقاء جمع قادة الأحزاب المتنافسة في "حلقة برلين" المخصصة لنقاش النتائج عبر محطتي "إيه آر دي" و"زي دي إف" بعد كل انتخابات.
ومن جهته، قال شولتس إنه يتحمل المسؤولية عن الهزيمة المدوية التي حظي بها حزبه بانتخابات البوندستاغ الـ21، مؤكدا أنه لن يشارك في الحكومة القادمة ولكنه سيحتفظ بمقعده في البرلمان، علما بأنها أسوأ نتيجة يحصل عليها الاشتراكيون منذ الوحدة الألمانية.
أما رئيس الحزب الديمقراطي الحر كريستيان ليندر فأعلن انسحابه من الساحة السياسية بعد النتائج المخيبة للآمال، قائلا "إذا غادر الحزب البوندستاغ، فمن الطبيعي أنني سأترك الحياة السياسية أيضا". وهذا ما تشير إليه القراءات الأولى لنتائج الانتخابات بأن الديمقراطي الحر لن يجتاز 5% التي يحتاجها أي حزب لدخول البرلمان.
مزاج التغييرتقول كاميلا مولينبيرغ الباحثة الاجتماعية -للجزيرة نت- إن الائتلاف الحاكم السابق، والمعروف باسم "ائتلاف إشارة المرور" أصبح في عداد الماضي منذ السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وإن مزاج التغيير لدى المواطنين بدا واضحا.
وأوضحت "بدلا من إعادة تموضع الأحزاب الحاكمة (الاشتراكيون والأحرار والخضر) ترشح القادة الثلاثة مع الطاقم الذي لم يعد كثيرون يرغبون في رؤيته. فشولتس لم يكن مرغوبا حتى لدى شريحة واسعة في حزبه، إلا أنه اعتبر نفسه الأجدر في قيادة الحزب بالانتخابات، والأمر نفسه بالنسبة لليندر وروبرت هابيك مرشح حزب الخضر للمستشارية. ولذا جاءت النتيجة بمعاقبتهم من قبل الناخبين".
لم يقتصر التصويت على الأحزاب الثلاثة فقط، بل أيضا على أسلوب الحكم الذي اتبعه "ائتلاف إشارة المرور" فقد سئم المواطنون من الوزارات التي لم تقدم حلولا جذرية لحياتهم اليومية، بل أثقلتهم بالقرارات واللوائح الجديدة، ابتداء من قانون التدفئة إلى قضايا السكن والضمان الاجتماعي، وفق تصريح المراسل السياسي لؤي غبرة للجزيرة نت.
إعلانويرى المراسل أن الحكومة نجحت بتحويل حماية المناخ إلى معركة داخلية بين أحزاب الائتلاف، وتركيز الضمان الاجتماعي على دعم العاطلين عن العمل بدلا من حل قضايا المستأجرين والمتقاعدين وأزمة الرواتب. ووفقا له "يتحمل شولتس مسؤولية السجل السيئ لهذا الائتلاف لأنه استمر بصفته مرشحا لمنصب المستشار ليُبقي وجه الحزب الاشتراكي في الحملة الانتخابية".
حالة استقطابوتابع المراسل السياسي "من الصعب أن نتخيل الديناميكية التي كان بوريس بيستوريوس (وزير الدفاع من الحزب الاشتراكي والشخصية الأكثر حضورا لدى المواطنين الألمان) في مواجهة ميرتس غير المحبوب. وبما أن شولتس أصبح تاريخا الآن، يتعين على بيستوريوس إعادة تنظيم الحزب الاشتراكي، وقد يضطر إلى الجنوح نحو اليمين بعض الشيء".
ورغم تحقيق حزب البديل من أجل ألمانيا "الشعبوي" نجاحا تاريخيا بحصوله على أكثر من 20% من الأصوات فإنه سيبقى في المعارضة بعد تأكيد المستشار القادم ميرتس رفضه التحالف مع الحزب تحت أي ظرف. ولكن مع كل ذلك تمكن اليمينيون من مضاعفة نسبتهم في البرلمان مقارنة مع انتخابات 2021.
يُذكر أن انتخابات 2025 سجلت نسبة مشاركة تاريخية فاقت 83%، وهي النسبة الأكبر منذ سقوط جدار برلين وتوحيد الألمانيتين عام 1990. وتُرجعها الباحثة مولينبيرغ إلى "حالة الاستقطاب التي رافقت الدعاية الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بقضايا الهجرة واللجوء، مما دفع المواطنين للمشاركة في التصويت للدفاع عن مواقفهم".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
استطلاع: أوروبا الأولوية القصوى للحكومة الألمانية الجديدة
برلين "د ب أ":اختتمت الأحزاب الألمانية اليوم حملاتها الانتخابية بإقامة العديد من الفعاليات في مختلف أنحاء ألمانيا، وذلك قبل فتح صناديق الاقتراع لانتخاب البرلمان الاتحادي الجديد (بوندستاج) غداً الأحد.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه من المؤكد فوز التحالف المسيحي في الانتخابات، إلا أن تشكيل حكومة ائتلافية قد يكون تحديا كبيرا، حيث أظهرت استطلاعات أن التحالف المسيحي لن يحقق سوى أغلبية ضئيلة من الناحية الحسابية، ما يعني أنه سيضطر إلى تشكيل ائتلاف مع حزبين آخرين، وهو ما يعني أيضا قدرة أقل على الأداء وعدم استقرار أكبر على غرار الائتلاف الحاكم من يسار الوسط، الذي انهار قبل أشهر قليلة في ألمانيا، والذي كان يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر.
وفي ختام الحملة الانتخابية، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن ثقته في أنه سوف يفوز في دائرته الانتخابية بمدينة بوتسدام.وقال مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمنافسة على منصب المستشار قبل يوم واحد من الانتخابات العامة: "أنا متأكد تماما من أنني أستطيع الفوز بالدائرة مرة أخرى - تماما مثل المرة الأخيرة.. الأجواء مماثلة لها"، معربا عن ثقته أيضا في فوز قوائم حزبه في الانتخابات.
وفي استطلاعات الرأي الأخيرة، كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي متخلفا كثيرا عن التحالف المسيحي المحافظ وحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي.
وراهن شولتس على الناخبين الذين لم يحسموا قرارهم بعد، وقال: "أنا لا أؤمن بالمعجزات، بل أؤمن بالفوز في الانتخابات... أنا مقتنع بأن الكثير من المواطنين هذه المرة لن يتخذوا قرارهم إلا في مراكز الاقتراع"، معربا عن ثقته في أن كثيرين سيقررون منح الصوتين (الأول والثاني) للحزب الاشتراكي الديمقراطي، "حتى نكون أقوياء بما يكفي وحتى تتمكن الحكومة من الاستمرار تحت قيادتي".
تجدر الإشارة إلى أن نصف عدد النواب في البرلمان الاتحادي (بوندستاج) يجرى انتخابه عبر القوائم الحزبية في الولايات (الصوت الثاني)، بينما يتشكل النصف الثاني من نواب يتم انتخابهم بشكل مباشر في الدوائر الانتخابية (الصوت الأول).
ويتنافس شولتس في بوتسدام كمرشح مباشر ضد وزيرة الخارجية المنتمية لحزب الخضر أنالينا بيربوك، من بين آخرين. وفي الصباح زار شولتس منصة حملة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في وسط المدينة وتحدث إلى مواطنين.
وقيم شولتس الحملة الانتخابية على نحو إيجابي، وقال: "الحملة الانتخابية كانت مثيرة للإعجاب للغاية واستمتعت بها"، مضيفا أن العديد من المواطنين مهتمين بمعرفة المزيد.
وكشف استطلاع للرأي أن غالبية الألمان يرون أن تعزيز التضافر الأوروبي ينبغي أن يكون أهم مهمة في السياسة الخارجية للحكومة الألمانية الجديدة.
وفي الاستطلاع الذي أجراه معهد "فورسا" لقياس مؤشرات الرأي، بتكليف من مجلة "إنترناتسيوناله بوليتيك"، قال 57% من الألمان إن هذا الهدف ينبغي أن يكون الأولوية السياسية القصوى للحكومة الجديدة، بزيادة قدرها خمس نقاط مئوية عن استطلاع مماثل أجري نهاية عام .2023
وبحسب الاستطلاع، يرى الألمان أن ثاني أهم أولولية بالنسبة للحكومة الجديدة ينبغي أن تكون زيادة القدرات الدفاعية لألمانيا (38%).
وأشار المشاركون إلى أن الالتزام العالمي بمزيد من حماية المناخ تتراجع أهمية بالنسبة للألمان، حيث يرى 26% منهم أن هذه القضية يجب أن تكون لها الأولوية لدى الحكومة الجديدة، مقابل 35% قبل عام.
ويحظى هدف الحد من نفوذ الدول الاستبدادية بدعم أقل من ذي قبل (من 32% نهاية عام 2023 إلى 20% الآن)، بينما ارتفع الدعم لقضية توسيع المساعدات لأوكرانيا قليلا من 14% إلى 17%.
وأيد أنصار حزب الخضر بشكل خاص تعزيز التضافر الأوروبي (79%)، في حين تلعب هذه القضية دورا ثانويا نسبيا بالنسبة لأنصار حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي (36%). ويمثل هدف تعزيز القدرة الدفاعية لألمانيا أهمية أدنى من المتوسط بكثير بالنسبة لأنصار حزب الخضر (9%) وحزب "اليسار" (8%).