الحرب الأوكرانية.. كيف تحدد الجغرافيا العسكرية مسار الحل السلمي؟
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
لا شك في أنه عندما تنطلق محادثات السلام الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا بجدية، ستتأثر بظروف ساحة المعركة. وفي نهاية المطاف، تعد مكاسب الطرفين المتحاربين ووضعهما الاستراتيجي القوة الحاسمة التي سيجري استغلالها في المفاوضات، وفقاً لما ذكره ستافروس أتلاماز أوغلو، الصحفي العسكري المتمرس المتخصص في العمليات الخاصة، والمحارب القديم بالجيش اليوناني.
وقال أتلاماز أوغلو، الحاصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية المتقدمة من جامعة جونز هوبكنز، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إن البيانات في صالح الكرملين، فالجيش الروسي في وضع الهجوم. وعلى النقيض منه، تخوض القوات الأوكرانية حملة دفاعية.
وتمسك روسيا حالياً بزمام المبادرة الاستراتيجية كما تملي الخطوات في ساحة المعركة إلى حد كبير. وعلى الصعيد الآخر، تتخذ أوكرانيا ردود أفعال على تحركات الجيش الروسي، في محاولة للتصدي لتقدمه التكتيكي.
As Russia-Ukraine Peace Talks Begin, Who’s Winning The War? https://t.co/ChxpSqlcmO via @TheNatlInterest
— Nino Brodin (@Orgetorix) February 23, 2025 جولة في ميدان المعركةويقول أتلاماز اوغلو إن "هناك حالياً في الحرب 5 جبهات نشطة، تمسك روسيا بزمام المبادرة في 4 منها، بينما تسيطر أوكرانيا على واحدة. ويتمركز الجهد الروسي الرئيسي في شرقي أوكرانيا، في اتجاه خاركيف، ثاني أكبر المدن الأوكرانية".
وبحسب معهد دراسة الحرب الأمريكي، فإن هدف الكرملين في هذه الجبهة هو "إبعاد القوات الأوكرانية من الحدود الدولية مع منطقة بلغورود، والاقتراب إلى مدى نيران المدفعية بالنسبة لمدينة خاركيف"، وكان الجيش الروسي في المراحل الأولى من الحرب في مدى إطلاق قذائف المدفعية على خاركيف، إلا أن الهجمات الأوكرانية المضادة الناجحة أغاثت المدينة بحلول الخريف.
وتقع الجبهة الروسية الثانية في منطقة لوهانسك جنوب شرقي أوكرانيا. وتهدف القوات الروسية هنا للسيطرة على المنطقة برمتها. وتقع الجبهة الروسية الثالثة إلى الجنوب مباشرة من السابقة، في منطقة دونيتسك. وتهدف روسيا هنا أيضاً إلى السيطرة على المنطقة برمتها. وتشكل منطقتا لوهانسك ودونيتسك منطقة دونباس، التي تحتوي على ثروة معدنية وإمكانيات صناعية.
وأخيراً، تدافع روسيا في الجنوب سعياً للإبقاء على خط الاتصال كما هو. وشيدت روسيا هنا أكثر التحصينات الدفاعية شمولاً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وعلى الجانب الأوكراني، تمسك كييف بزمام المبادرة في منطقة كورسك داخل روسيا. وسيطر الجيش الأوكراني منذ أغسطس (آب) 2024، على موقع عسكري كبير في روسيا، مما أجبر روسيا على تخصيص عشرات الآلاف من القوات لمقاومته. ومنذ بداية القتال هناك، استعادت بعض المناطق التي استولت عليها أوكرانيا بصعوبة، لكن أوكرانيا ما زالت تسيطر على جزء كبير، بما في ذلك بلدة سودجا.
ويعد القتلى والجرحى من الاعتبارات المهمة أيضاً. ووفقا للتقديرات الغربية يبلغ متوسط عدد القتلى والجرحى في صفوف الجيش الروسي يومياً ما يربو على 1500 فرد في المرحلة الحالية من الحرب. وفقدت القوات الروسية إجمالاً نحو 863 ألف رجل في القتال، بمتوسط حوالي 800 رجل يومياً منذ انطلاق الغزو الشامل.
ومن ناحية أخرى، يفقد الأوكرانيون رجالاً أقل لكونهم في وضع الدفاع. ويعني تكتم كييف على أعداد القتلى والجرحى وإحجام الغرب عن مشاركة التقديرات لأسباب سياسية، أنه من الصعب تحديد متوسط الخسائر اليومية لأوكرانيا بشكل دقيق. وذكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تقدير معلن نادر، أن القوات الأوكرانية فقدت نحو 400 ألف بين قتيل وجريح، أو حوالي 365 قتيلاً وجريحاً يومياً منذ 24 فبراير (شباط) 2022.
وعموماً، يحظى الجيش الروسي اليوم بوضع أفضل إجمالاً. ولدى الكرملين رجال وذخائر ونفوذ سياسي مما يساعدها في تحمل سقوط عدد أكبر من القتلى والجرحى.
ومع ذلك، فإنه من ناحية أخرى تحظى أوكرانيا بدعم تحالف دولي قوي بقيادة الولايات المتحدة. ورغم أن هذا الدعم قد يكون محل تشكيك، فإن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يبقي على أوكرانيا في الحرب.
وعلاوة على ذلك، يظل الجيش الأوكراني القوة العسكرية الأكثر فعالية بالمقارنة بالجيش الروسي. وبرغم ذلك أصبح الجانبان منهكين، ويبدو أنهما يشعران بأن تحقيق أهدافهما عن طريق تسوية على أساس التفاوض بات أكثر احتمالاًَ، ومن هنا يأتي الضغط على موسكو وكييف من أجل التوصل لحل دبلوماسي لإنهاء الحرب، حسبما أوضح أتلاماز أوغلو.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الكرملين أوكرانيا الولايات المتحدة الحرب الأوكرانية روسيا أمريكا القتلى والجرحى الجیش الروسی
إقرأ أيضاً:
بعد عامين من الحرب .. تفاصيل سيطرة الجيش السوداني على الخرطوم؟
قسمت استعادة الجيش السوداني غالب أجزاء العاصمة الخرطوم ظهر قوات الدعم السريع، بعد أن كانت تتمدد في مفاصل العاصمة ومواقعها الإستراتيجية قرابة العامين. وكان وجودها في مواقع حساسة -بينها القصر الرئاسي ومباني الإذاعة والتلفزيون- بحكم المشاركة في تأمينها، قد أتاح لها الفرصة لتستولي عليها فور بدء القتال العنيف منتصف أبريل 2023.
التغيير ـــ وكالات
ويتفق خبراء عسكريون على أن استعادة الجيش القصر الرئاسي يوم 21 مارس/آذار الماضي مثلت الضربة الأقوى لقوات الدعم السريع، خاصة أن ذلك تحقق بعد نحو ستة أيام من إعلان قائد تلك القوات محمد حمدان دقلو “حميدتي” يوم 15 آذار الماضي أنهم لن يغادروا القصر، وستبقى قواته في المقرن وفي الخرطوم.
وظهر حميدتي وقتها لأول مرة مرتديًا الكدمول -غطاء الرأس- مع الزي العسكري، متحدثًا عن أن الدعم السريع قد تغير تمامًا وأصبح لديه تحالفات سياسية وعسكرية، مهددًا بأن القتال في الفترة المقبلة سيكون مختلفًا “ومن كل فج عميق”. لكن الوقائع أثبتت أن قوات حميدتي لم تصمد أمام هجمات الجيش وحلفائه.
بداية الحصاركثف الجيش السوداني والقوات المساندة له الحصار على الدعم السريع في الخرطوم منذ إطلاق الهجوم البري الواسع يوم 26 سبتمبر 2024، وتمكن خلاله من الاستحواذ على رؤوس الجسور الرئيسية في شمال وغرب العاصمة، وهي جسر الحلفايا وجسر الفتيحاب وجسر النيل الأبيض الرابط بين أم درمان والخرطوم والموصل إلى منطقة المقرن القريبة من وسط الخرطوم، حيث دارت مواجهات شرسة امتدت لأسابيع طويلة.
بالتوازي مع ذلك، كان الجيش يحقق انتصارات متوالية في ولايات السودان الوسطى التي كانت خاضعة لقوات الدعم السريع، حيث تمكن من تحرير جبل موية بولاية سنار في أكتوبر الماضي، ليشكل هذا التقدم علامة فارقة في مسارح العمليات العسكرية المباشرة، تفككت بعدها قدرات الدعم السريع وقوته الصلبة، مع استعادة الجيش مدن الدندر والسوكي وسنجة عاصمة ولاية سنار وغيرها من المناطق، لتتراجع قوات الدعم السريع جنوبًا حتى حدود دولة جنوب السودان، وشمالًا نحو ولاية الجزيرة.
وبعد تحرير الجزء الأكبر من ولاية سنار، واصل الجيش تقدمه حتى تمكن من استعادة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، في يناير الماضي، وأعقب ذلك إبعاد قوات الدعم السريع من مدن وقرى الولاية، وصولًا إلى جسر سوبا شرقي الخرطوم.
ويقول قائد قوات العمل الخاص بمحور سنار فتح العليم الشوبلي للجزيرة نت إن اكتمال عملية تحرير الجزيرة أسهم في فرض حصار على الدعم السريع داخل الخرطوم، وكانت إحدى مفاتيح تحريرها.
ويضيف “القوات التي حررت الجزيرة هي التي أحكمت الخناق على الدعم السريع داخل الخرطوم ورفعت من وتيرة تحركات الجيش وتحرير مواقع كانت تحت سيطرة المليشيا، حيث تم تطويق الدعم السريع من ثلاثة محاور، وهي: شرق النيل (سوبا شرق)، وجنوب الخرطوم (الباقير)، ومحور جبل أولياء”.
تضييق الخناقبالتزامن مع تلك التحركات، ظلت قوات الجيش القادمة من أم درمان غربًا تتقدم ببطء بهجمات برية مسنودة بالطيران والمسيرات والقصف، حتى تمكنت من إنهاء قبضة الدعم السريع على الخرطوم بحري، وربط القوات مع سلاح الإشارة، ثم التقدم صوب مقر القيادة العامة بالخرطوم.
ومع تمكن الجيش من فك الحصار عن القيادة العامة، بدأ التحضير سريعًا لخطة تحرير القصر الرئاسي والوزارات المهمة التي تحيط به، وعلى رأسها الخارجية ومجلس الوزراء.
وبحسب مصدر عسكري من القوات المساندة للجيش تحدث للجزيرة نت، فإن قادة الجيش وضعوا خطة محكمة للسيطرة على وسط الخرطوم، الذي كان يتسم بخطورة كبيرة بحكم انتشار قناصة الدعم السريع في مبانيه العالية المحيطة بالقصر وحتى البعيدة نسبيًا عنه كقاعة الصداقة وبرج الفاتح، لافتًا إلى أن القناصة كانوا مزودين بأسلحة متطورة وصواريخ موجهة.
ويشير المصدر العسكري إلى أن القوات القادمة من أم درمان واجهت مقاومة شرسة في منطقة المقرن، وهي من المواقع الحاكمة في التوجه صوب القصر.
ويؤكد أن الجيش ومسانديه من القوات الأخرى فقدوا أعدادًا كبيرة من المقاتلين في هذه الجبهة، حيث تم استهدافهم على يد عناصر الدعم السريع بأسلحة القنص، ومع ذلك كان الإصرار متعاظمًا وسط قوات الجيش للتقدم، مسنودًا بقصف المسيرات والمدفعية، وفقما يقول.
المعركة الفاصلةبعد الحصار المطبق على عناصر الدعم السريع وسط الخرطوم والقصر الرئاسي، لم تستسلم قوات الدعم السريع بسهولة، بل دفعت بقوات كبيرة من جنوب الخرطوم حاولت فتح الطريق لخروج القوة المحاصرة في القصر وسحبها باتجاه الجنوب.
وبالفعل دارت معارك عنيفة يومي 18 و19 الماضي في شارع القصر، لكن موقف الجيش تعزز وقتها بالتقاء جنود سلاح المدرعات بالقيادة العامة، مما قاد لترجيح كفة الجيش بقوة ليستمر في التقدم باتجاه القصر.
يقول المصدر العسكري إن هذه المواجهة الشرسة كسرت شوكة قوات الدعم السريع، وتلقت خلالها ضربات قوية، حيث تم تدمير ما لا يقل عن 100 عربة وقتل حوالي 600 من عناصر الدعم، بعد أن لعب الطيران المسيّر دورًا محوريا في الحسم، واستهداف القوة الصلبة والدفاعات المتقدمة للدعم السريع وسط الخرطوم.
الانهيار الكاملمهدت هذه المعركة الحاسمة لتمكين الجيش من استلام القصر الرئاسي يوم 21 مارس وانهارت بعدها دفاعات قوات الدعم السريع، وبدأت تلك القوات في الانسحاب تباعًا من المواقع الحيوية في شرق الخرطوم وجنوبها.
ولم تشهد المقار التي كانت تحتلها وتتخذ منها مراكز للقيادة والسيطرة في ضاحية الرياض، والمدينة الرياضية، وحي المطار، وجامعة أفريقيا العالمية، أي قتال بعد أن اختارت ما تبقى من قوات الدعم السريع الانسحاب جنوبًا ومغادرة الخرطوم.
يُشار إلى أن الجيش لم يعلن حتى الآن رسميًا تحرير الخرطوم، حيث لا تزال المواجهات العسكرية محتدمة في غرب أم درمان، مع تقدم ملحوظ للجيش الذي أعلن المتحدث باسمه اليوم الثلاثاء عن التمكن من “سحق وتدمير شراذم مليشيا آل دقلو” -في إشارة للدعم السريع- في مناطق الصفوة والحلة الجديدة وقرية الصفيراء ومعسكر الكونان، مشيرًا إلى “استمرار ملاحقة وتصفية ما تبقى من جيوب محدودة” في المنطقة.
المصدر : الجزيرة
الوسومالجزيرة الجيش الخرطوم الدعم السريع سنار