ظهر ادعاء يقول إنه يجوز للمسلم الغنى أن يفطر في رمضان، ويطعم عن كل يوم عدة مساكين، بحجة أن الله ليس في حاجة إلى صيامه، فهل يجوز له الإفطار مع الإطعام؟ سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية.

وأجابت الإفتاء عن هذا السؤال قائلة: إن صيام شهر رمضان من أركان الإسلام المعلومة من الدِّين بالضرورة، فقد دلَّ على ذلك القرآن والسُّنَّة وإجماع الأمة، فصيامه فرضُ عينٍ على كلٍّ مسلم بالغ عاقل خالٍ عن موانعه، لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، فالله سبحانه تعالى أوجب علينا فرض الصيام بهذه الآية؛ لأن قوله ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ﴾ معناه: فُرِضَ عليكم.

كما جاء عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللهُ، وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفقٌ عليه، وقد أجمع العلماء على أن لا فرض في الصوم غير شهر رمضان.

وأكدت الإفتاء انه لا يجوز للمسلم الغنى الفطر في رمضان ما دام بالغًا عاقلًا خاليًا عن الأعذار الموانع.

وأوضحت ان الإفطار في شهر رمضان بغير عذر حرام شرعًا، وحرمته قطعية، فإذا أكل أو شرب في نهار رمضان عامدًا عالمًا بوجوب الصوم عليه من غير عذرٍ ولا ضرورةٍ من سفرٍ أو مرضٍ أو نحوهما، فقد ظلم نفسَهُ باقترافِ كبيرة من كبائر الذنوب، وعليه أن يتوب إلى اللهِ تعالى من هذا الذنب العطيم بالاستغفار والندم، مع وجوب قضاء الصيام لا الإطعام بإجماع الأئمة الأعلام.

وردت  على الدعوى التى تجيز  فطر المسلم الغنى في رمضان لان الله ليس في حاجة لصيام عبده، فيسوغ له الفطر مع الإطعام، وقالت: هذه الدعوى فسادة لفساد مبناها، لان الأصل في الصوم أنه شُرِعَ تعبدًا لله عزَّ وجلَّ ليتحقق التسليم لأمر الله عزَّ وجلَّ.

واستطردت قائلة : فالعبادات مبناها على التعبد، أي الطواعية والإذعان وعدم معرفة الحكمة والعلة في ذلك، وإنما تفعل إجلالًا لرب العباد وانقيادًا إلى طاعته وطلبًا لثوابه.

وبناء على ذلك يحرم على المسلم الفطر في رمضان ما دام بالغًا عاقلًا خاليًا عن الأعذار والموانع، ودعوى جواز ذلك بحجة أن الله ليس في حاجة إلى صيامه -دعوى فاسدة؛ لفساد مبناها؛ لأن الحق أن علة وجوب الصيام التعبد لله تعالى والطاعة والامتثال ليتحقق التسليم لأمر الله عزَّ وجلَّ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: رمضان شهر رمضان صيام مسلم الإطعام غني الافتاء الافطار فى رمضان اركان الاسلام فی رمضان

إقرأ أيضاً:

مفاهيم إسلامية: الكتاب والقرآن

#مفاهيم_إسلامية: #الكتاب و #القرآن
مقال الإثنين: 21 / 4 / 2025

د. #هاشم_غرايبه
يختلط على كثيرين التمييز بين مفهومي الكتاب والقرآن، وهل هما مسمى لشيء واحد، وان كان كذلك فلماذا تأتي الإشارة له بهذا المسمى أو ذاك.
لغويا الكتاب جذره اللغوي الفعل الثلاثي (كتب)، والقرآن جذره (قرأ)، من هنا يمكن فهم المسألة، فالكتاب هو المدون، وكتب الله جميعا تسمى الكتاب، ويأتي بالمفرد لأنه اسم نوع دال على أي كتاب أنزله الله للبشر، وهو مكتوب لأن أصله مدون في اللوح المحفوظ.
القرآن هو مسمى الكتاب الذي أنزله الله على آخر انبيائه عليه الصلاة والسلام، وبالطبع كانت مشيئة الله أن يبقي الرسول الكريم أميا، لأنه يعلم أن أهل الكتاب حسدا منهم سينكرون نبوته، وسيقولون أن ما يوحى اليه من الكتاب نقله عن التوراة أو درسه عن آخرين كتبوه له، لذلك كان ينزل الآيات في روعه فتثبت في ذاكرته ويقرؤه للناس منها، فلذلك كان قرآنا.
الكتب السماوية التي أنبأنا بها الله خمسة، ومضمونها العقدي واحد وهو التوحيد، ومحتواها التشريعي جميعها مبني على الوصايا العشر التي ذكرها الله في القرآن في الآيات 151-152 من سورة الأنعام. وأقدمها صحف ابراهيم وموسى، والتي ليس لها أثر الآن لكن مضمونها وارد في الآيات 38-44 من سورة النجم.
وثانيها التوراة وانزلت على موسى عليه السلام.
والثالث هو الزبور الذي أنزل على داود عليه السلام.
والرابع هو الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام
أما الخامس وهو آخرها فهو القرآن الذي أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام.
المسألة الهامة: طالما أنها جميعا أنزلت من الله تعالى، فلا يمكن أن يكون بينها تناقض أو تباين، فهل أن المرء مخير في اتباع أي منها!؟.
صحيح أن أصلها كلها من الله، لكنه أنزلها بهذا التسلسل الزمني خلال فترة تتجاوز 2500 عام لحكمة أرادها تعالى.
فقد كان تنزلها خلال تلك الحقب متوافقا مع التطور الفكري للبشر في المفاهيم والمعارف والإمكانات، كما أنه كان ينزلها على أقوام محددين ولفترة محددة، ويأتي كل كتاب لاحق مصدقا بما سبقه وليس ناقضا له، ومؤكدا على اتباع الدين الذي أنزله الله كمنهج حياة للبشر الجدد الذين أنجاهم من طوفان نوح، ومسماه الإسلام، وكان كل رسول يدعو لاتّباعه، وكل رسالة متضمنة لنسخة محدثة ومزيدة من تشريعات الدين، لذا فهي متطورة عما سبقها بمقدار التطور البشري أنئذ.
عندما وصل هذا التطور الى الدرجة المطلوبة أنزل الله رسالته الختامية، واستكمل فيها الدين الكامل، والتشريعات النهائية، لذلك كان مطلوبا من البشر جميعا اتباعها، سواء من آمن بالرسالات السابقة أم لم يكن مؤمنا، ولأنه لن يُبعث رسول آخر بعدها، فهي ستكون للعالمين جميعا، لذلك كُلف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأصعب مهمة كلف بها من قبله، وهي تبليغ الدعوة للعالمين، وكلف المؤمنون بإكمال تبليغها لكل من لم تصله مكانا أو لم يشهدها زمانا.
هكذا نفهم لماذا سمح الله تعالى للبشر أن يحرّفوا تشريعات الرسالات السابقة، ولم يحفظ كتبه السابقة من عبث المغرضين، فمنها ما فُقد جزئيا أو كليا، ومنها ما حرّف فضاعت الثقة بالتمييز بين الصحيح والموضوع.
لكنه تعالى تكفل بذاته العلية بحفظ القرآن فقط، فظل عبر الأزمنة كما أنزله.
ذلك ربما لأنه تعالى أراد ان يكون كتابه هو القرآن، لذلك كان كاملا لا نقص فيه ولا إغفال لتشريع ولا ركن عقيدة ولا لتفصيل للدين، ولما كان منطقيا أن يكون آخر تعديل ملغيا لما سبقه، لذلك فالقرآن مغن عن كل الكتب السابقة: “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ” [المائدة:48]، وعليه نفهم غضب النبي صلى الله عليه وسلم من عمر حين رآه يطالع قراطيس أهل الكتاب، فقال: “أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب! والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق، فتكذبوهم به، أو بباطل فتصدقوا، والذي نفسي بيده، لو أن موسى -صلى الله عليه وسلم- كان حيًّا، ما وسعه إلا أن يتبعني”.
نتوصل الى أن كتاب الله الوحيد الباقي كما أنزله الله للبشر هو القرآن، لذا فهو الدستور الوحيد للمؤمن.

مقالات مشابهة

  • عيد بلا فرحة: رمضان وعيد الفطر في غزة بين الأمل المفقود واستمرار الحرب
  • كلمة واحدة وصف بها رسول الله من يحافظ على صلاة الضحى.. اغتنمها ولا تتركها
  • هل يجوز أداء قيام الليل بعد صلاة العشاء مباشرة.. أمين الفتوى يوضح
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح
  • ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
  • هل الدعاء يُزيد الرزق؟.. انسى الفقر نهائيًا بـ3 أعمال وآية
  • خالد الجندي: لا يجوز الإساءة حتى إلى الدابة أو أي حيوان
  • هل يجوز أداء سنة الظهر أربع ركعات متصلة؟.. الإفتاء تُجيب
  • ما مبطلات صيام الستة من شوال؟.. تعرف عليها
  • مفاهيم إسلامية: الكتاب والقرآن