سودانايل:
2025-02-24@11:05:51 GMT
هل سيكون ميثاق نيروبي بداية جادة لنهاية الحرب؟
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
يدور كلام كثير عن تقسيم الدولة السودانية و تهديد الوحدة الوطنية و يذهب البعض في التشاؤم بعيدا لوصف الحال بأنه تفتيت للوطن و حالة غير مسبوقة من التشظي للتراب الوطني و قواه الإجتماعية و السياسية.
الصور و التقارير الواردة من نيروبي هذه الأيام ترسل رسالة واضحة لأصحاب الرؤي الموصوفة بالأعلي بالنفي التام لها.
بالنظر للميثاق نفسه فإنه يرسل تطمينات لقوي الثورة السودانية و الشعب السوداني عموما حول طبيعة الحكومة البديلة لحكومة البرهان الكيزانية و الإنقلابية. لا نقول حكومة موازية لأن حكومة بورتسودان الإسلامية ليست حكومة شرعية لتوازيها حكومة أخري و لا الحكومة المزمع قيامها بعد إعلان الدستور الموقع في بيروبي شرعية لكنها تحتفظ بتمثيل واسع للقوي السياسية و الحركات المسلحة من غير الكيزان.
ما تم سرده بالأعلي هو الملمح السياسي العام للمسألة. تشكل هذه الخطوة السياسية الفوقية إلي حد ما و المعزولة نسبيا عن الشارع السوداني أكبر هزة سياسية أصابت واقعنا السياسي الذي خربته الحركة الإسلامية منذ إنقلابها المشؤوم في 30 يونيو 1989م.
ما تمّ في نيروبي ليس معزولا عمّا سبقه من أحداث أعقبت إنتصار ثورة ديسمبر المجيدة. بما يشمل إنقلاب البرهان/حميدتي في 25 اكتوبر 2021م ضد حكومة حمدوك العاجزة التي و بإرادة قياداتها سلمّت ملفات السلام و العلاقات الخارجية و الإصلاح الإقتصادي للعسكر و إمتنعت عن تكوين برلمان الثورة الذي كان سيكون الترياق الناجع لحسم و ترتيب تركة نظام ال 30 من يونيو 1989م.
تركت حكومة حمدوك الضعيفة ملفات غاية في خطورة دون حسم مثل سيطرة الشركات الموبوءة بالإسلاميين اللصوص و مملوكة زيفاً للجيش و الشرطة و الأمن و الدعم السريع علي مداخل و مخارج الإقتصاد السوداني. و تركت ملف المحاسبة دون أي فعل يقود إلي تحقيقها و لا حتي الممارسة الشكلية القاضية بتسليم المطلوبين لدي محمكة الجنايات الدولية. عجز و فشل حكومتي حمدوك أحد أهم العوامل التي أبقت علي دولة الكيزان كما هي في القطاع الأمني ،الخدمة المدنية، القضاء و النيابة و زارة العدا لا بل و في الحياة العامة.
ما يتم الآن في نيروبي هو دخول قوي كانت مبتعدة عن تفاصيل الأحداث خلال الفترة بعد إنتصار الثورة و علي رأس هذه القوي الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. و هو أيضا إعلان لا نعرف مدي صدقيته من الدعم السريع بتبنيه علي الصعيد العملي لأجندة سياسية قريبة من الشارع و مفارقة بالكامل لأجندة الحركة الإسلامية الهادفة للإنفراد بالحكم و نهب الموارد. و هو أيضا إعلان عن إنحياز أقسام من القوي المدنية و السياسية التي كانت في تقدم ( حمدوك) للدعم السريع.
بعد إعلان حكومة ميثاق نيروبي سيكون الدعم السريع مختلفا و ربما سيتغير إسمه و تدخل في قيادته قيادات جديدة بعقيدة عسكرية مختلفة عن عقيدة الجنجويد العسكرية التي إنبت علي الإنتهاكات و قتل المدنيين في جو من ضمان الإفلات من العقاب. هذه القيادات الجديدة في الدعم السريع ستجيء من الحركة الشعبية شمال و الحركات المنتمية لما كان يسمي بالجبهة الثورية. هذا الإختلاف المأمول علي حسب ما أري كذبته ممارسات القوات المشتركة التي كانت ضمن الجبهة الثورية حال إنظمامها للجيش الكيزاني و دونكم حادثة تجار المخدرات بالأمس القريب في كسلا. و لا نظن في دكتور الهادي إدريس و لا الحلو و لا الطاهر حجر نفس الظن و اتمني ألا يخيبوا ظننا فيهم.
ما يتم في نيروبي سيسفر بالضرورة أذا نجحت حكومة ميثاق نيروبي في فرض السلام بقوة السلاح ، سيسفر عن حل سلمي للنزاع يوقف الحرب و يفتح الطريق أمام شراكة جديد بين الجيش الإسلامي و الحركات المسلحة و الدعم السريع في ثوبه الجديد و بعض القوي الساسية. هذه الشراكة سيكون أمامها عقبات كثيرة مرتبطة بتناقضات المصالح الإقليمية حول موارد السودان و شواطئه و أراضيه الزراعية و موارده المعدنية و الغابية و موارد الثروة الحيوانية، لأنه ببساطة هذه الحرب ليست حرباً سودانية صرفة حتي يعالج مشكلتها و يوقفها السودانيون لوحدهم، هي حرب إقليمية مرتبطة بدوائر رأس المال العالمي الذي لا تعنيه حياتنا كشعب بل يهتم و يسعي للسيطرة علي مواردنا عبر حكومات وطنية تابعة و ضعيفة و عدوة لشعبها.
بارقة الأمل الوحيدة أمامنا كقوي ثورة مدنية و سلمية هي وقف الحرب و حلول السلام الذي سنتمكن بعده من مواصلة ثورتنا من أجل التغيير الذي سيخدم مصالحا نحن بنات و أبناء شعبنا خارج النخب الحاكمة و الطامحة للحكم و النهب و السيطرة علي الوطن دون رضاء أهله.
طه جعفر الخليفة
أونتاريو – كندا
23 فبراير 2025م
taha.e.taha@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع حقیقة وجود
إقرأ أيضاً:
كاميرون هديسون: من المثير للاهتمام رؤية البيان الفاتر من الأمم المتحدة الذي يحذر من إنشاء الدعم السريع لحكومة موازية ولكن دون إدانته
قال الدبلوماسي الأمريكي السابق كاميرون هديسون إنه من المثير للاهتمام رؤية البيان الفاتر من الأمم المتحدة الذي يحذر من إنشاء الدعم السريع لحكومة موازية ولكن دون إدانته.الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب