ظاهرة وجود حكومة في الداخل ومعارضة ( مسلحة أو مدنية ) في الخارج واحدة من ثقافة الستينات المتخلفة ، والتي بدأت مع دولة ما بعد الإستعمار وعلي إثر ظهور المعسكرين الغربي والشرقي ، حيث حتم ذلك سيطرة معسكر علي الحكم في بلد معين ، وخروج المعسكر الآخر ليحمل السلاح لتغيير المعسكر المغاير ، لأن ثقافة الستينيات البائدة التي غذتها القوي الكبرى ( فهمتنا ) أن اللغة الوحيدة مع الآخر المختلف تحت سقف الوطن هي السلاح والإفناء والتدمير الشامل .
رويدا رويدا تخلصت الدول الإفريقية من تلك الظاهرة المتخلفة التي تفتح الأبواب للعمالة ، والتخابر ضد الوطن وتعمل علي تعميق خطاب الكراهية بين أفراد المجتمع الواحد وتستنزف طاقات الوطن وشبابه في طاحونة من الموت المجاني والمعارك الفارعة ، في التسعينيات تخلصت دولا مثل إثيوبيا ، أرتريا ، تشاد من إرث الحروب الأهلية وتصفية وجود المعارضة بالخارج ، للأسف الشديد وبينما كانت الدول الأفريقية تتخلص من ذلك الإرث البغيض تفنن السودانيون في توليد المشروعيات الزائفة ، لتقنين هذه الثقافة المتخلفة ، حتي صارت هي الأساس ( حكومة في الداخل ومعارضة في الخارج ) ومفاوضات عدمية تعيد مناقشة قضايا تمت مناقشتها ( ديشيليون مرة ) والتوقيع عليها ( بعدد حبات الحصي والرمال ) ..
هل يعتقد الجيل الجديد أن ما تم في نيروبي مؤخرا هو إكتشاف للذرة قام به ( عبدالرحيم وشركاه ) ، أم هو نظرية سياسية جديدة إستولدها الحلو من بطون كتب ( السلفية اليسارية القديمة ) بديالكتيكها الجديد الذي يوالي الغرب ويخدم أجندته ؟
إذا كان هناك من يعتقد ذلك ، أو من نسي تاريخنا القريب فليقرأ :
في الفترة من 15 إلي 23 يونيو من العام 1995 إجتمعت قوي سياسية في العاصمة الأرترية أسمرا تحت شعار ( مؤتمر القضايا المصيرية ) نعم قضايا مصيرية الذي يذكرك بميثاق التأسيس الكذوب، ألم أقل لكم ان ما يجري في بلادنا يمكن أن يكون كل شيء، مسرح ، كوميديا ، خيانة ، كل شئ إلا أنه ليس سياسة بمعناها الذي يبتغي النفع العام..
ناقش ذلك المؤتمر قضايا الوطن الأساسية :
– إيقاف الحرب وإحلال السلام
ـ حق تقرير المصير
– علاقة الدين بالدولة
– شكل الحكم خلال المرحلة الإنتقالية
– برامج وآليات تصعيد النضال من أجل إسقاط نظام الجبهة الإسلامية
– ترتيبات ومهام الفترة الإنتقالية
– مقومات سودان المستقبل
– هيكلة التجمع الوطني الديموقراطي
– القضايا الإنسانية
الشئ الوحيد الذي لم يناقشه المؤتمرون وقتها هو تكوين حكومة موازية ، والسبب في رأيي أن قادة المعارضة يومها أكثر وطنية وحكمة ، وأقل تهورا وغبنا شخصيا ، وحتي القوي التي وقعت كانت في حدود عشر جهات فقط ، لأن السودان يومها لم يبلغ مرحلة تناسل الكيانات الهلامية من أجل ( خداع الذات وطمأنة الأنفس الأمارة بالسوء ) ..
ماهي القوي التي وقعت علي ذلك الميثاق :
١/ الحزب الإتحادي الديمقراطي
٢/ حزب الأمة
٣/ الحركة الشعبية لتحرير السودان
٤/ تجمع الأحزاب الإفريقية
٥/ الحزب الشيوعي
٦/ القيادة الشرعية
٧/ النقابات
٨/ مؤتمر البجة
٩/ فوات التحالف السودانية
١٠/ الشخصيات الوطنية ..
كانت نتيجة تلك الوثيقة شرعنة التمرد على القوات المسلحة ، ونقل الصراع من مجاله المدني إلي العسكري ، وتمرير فكرة إنفصال جنوب السودان علي طبق من ذهب ، وبعد تضييع عشر سنوات ومقتل الآلاف إنفصل الجنوب وعادت الأحزا لتنحالف مع ( الجبهة الإسلامية) ذاتها وتتبوأ فيها أعلي المناصب وكأن شيئا لم يكن ( وانا هنا لست ضد عودتهم ومشاركتهم في الحكم ، ولكني أتساءل لماذا إحتاجوا كل هذا الوقت وهذه الأرواح ليتوصلوا لنتيجة يعرفها راعي الضأن في خلاء الكبابيش ) ..
للأسف الشديد نخبتنا لا تقرأ وإذا قرأت لا تفهم ، ولذلك نحن ندور في دائرة فارغة منذ الإستقلال وإلي اليوم ، وبينما تتقدم الشعوب نتراجع نحن إلي الوراء ، أتساءل اعزائي القراء ماهي الأسباب الرئيسية حسب رأيكم ؟؟
ياسرر يوسف
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
عمرو أديب: وسط القاهرة في الماضي كانت أجمل
أكد الإعلامي عمرو أديب، أنه “هل فيه مكان في العالم من 100 سنة أحلى من دلوقتي، وسط القاهرة في الماضي كان أجمل وكانت كأنه شايفين حتة من باريس أو نيويورك”.
وقال عمرو أديب، خلال تقديمه برنامج “الحكاية”، أن "مصر تحت ايديها ثروة ولكن لا بد من حسن إدارتها، مؤكدا أنه لا بد أن يتم بالعلم وبوجود لجنة استشارية بها اكبر مهندسين في مصر، وفتح المجال أمام المستثمرين.
وتابع مقدم برنامج “الحكاية”، أن منطقة وسط القاهرة بعد 2011 كانت تعاني من ظاهرة الباعة الجائلين، ولكن بفضل جهود الدولة، نجحت في فرض نوع من الإنضباط، وعودة أهمية تلك المنطقة.