يمانيون:
2025-02-24@00:04:41 GMT

وداعًا يا قائدَ الأحرار

تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT

وداعًا يا قائدَ الأحرار

إسماعيل سرحان

في مشهدٍ تتنهد فيه أرواحُنا باكيةً، وداعك، يتلاشى كُـلُّ شيء حولنا، ويقف الوجع صامتًا، والقلبُ يئنُّ على الفراق الأعظم. إنه اليوم الحزين الذي لن يكون مُجَـرّد يوم آخر، بل تاريخ يُسجل بحروف من دموع وأمل.

يومٌ يئن فيه الحجر والشجر، وتنزف فيه السماء بلا حدود، يوم يتبدى فيه الوجع الفظيع على وجوه الأطفال وكبار السن، حَيثُ لا صوت يتجاوز صداقة الألم المترسب في النفوس.

إنه اليومُ الحزين، الذي يتعانق فيه الحزن بالأمل، وتتدافع فيه الدموع لترويَ أرضًا عطشى لذكراك. يومٌ تعبر فيه الريح عن آلام الأُمَّــة والقدس والجبل الأسود، في حين ينساب نهر الليطاني باكيًا عليك، حتى هذه اللحظة. كيف يمكننا أن نتخيل مجرىً مائيًّا دون أعوام من النضال، دون شغفك الذي أشعل شريان المقاومة؟

إنها ساعةُ اليقين، سادةَ المجاهدين! أنتم الذين توارون قائدَكم في لحده، تبكونه فقدًا، وتجددون العهد “على خُطَى ثابتين”. كيف سيعود الدفء إلى قلوبكم وقد غابت شمس العز والمقاومة؟ لكن رغم حجم الفقد، عليكم وعلينا وعلى الأُمَّــة بكلها، تحمل الطيور أجنحتها، تبكي على نعشك، كأنها تعزف ألحانَ وداع القلوب المحترقة، لتوصيل رسالتها: لن تنطفئ شعلة المقاومة، ولن يتلاشى اسمُك من الذاكرة، كأنها تعرف أنها تودع رجلًا كان صونها من عتبات الانكسار.

شهيد الإسلام والإنسانية أنت الذي رَمَّمتَ أحزاننا، كنتَ الطمأنينةَ في قلوبنا. كيف لنا أن نعيد تشكيل أفكارنا وأحلامنا ونحن نفتقدك؟ كيف نستمر في المسير وقد غاب عنا من كان يعزف لنا لحن الجهاد المقاومة؟

كيف يمكن لنا أن نتخيَّلَ الحياةَ للأُمَّـة دونَ قيادتِك النبيلة؟ وأنت، يا من كُنتَ سيفًا مسلطًا على الباطل، لم يكن الخذلان يعرفك.

يا عزيز الروح: عزاؤنا الوحيد، أنك لن تموت! ما صنعته في سفر التاريخ خَالِد، كنبع ينساب عبر العصور، وفي كُـلّ بيتٍ تُهمس فيه أخبارك، ستظل جدران الذكرى تحتضن صوت الحق الذي دوّى حين خفتت الأصوات.

بكيناك، يا سيد العشق، فقدًا عليك، بوصفٍ لا يُحصى من الآلام، لكن في كُـلّ دمعة تسقط من العيون، تمتزج القوة بالضعف، لتسرد قصص الأمل والبقاء.

لك، يا سيد المقاومة، وعليك يأتي الحزن ليكون فراقك دافعًا نحو استئناف المشوار. لن ننسى وعدك، نحن ثابتون على الخُطَى، مُجددين العهد: “سنبقى هنا، على خطاك ثابتين”. أنت الأمل الذي نحياه في قلوبنا، إن كُـلّ دمعة تسقط من العيون كفيلة بأن تكون شهبًا تنير درب المستضعفين، ونارًا تحرق الطغاة والمستكبرين.

نعم، رحل الجسد، لكن الأثر باقٍ.

أنت، يا نصر الله لم تكن مُجَـرّد قائد بل أُمَّـة تجسدت في رجل، وعقيدة راسخة، وفكرة متجذرة في الأرض. نضالك سطرّته في صفحات التاريخ، ليبقى خالدًا كما هي الإرادَة الفولاذية التي أردتها لأمتك وأمة جدك رسول الله صلى الله عليه وآله، وصوتًا دوّى في ساحات المقاومة حتى أصبح نصرًا يتجسد في أرض الواقع.

رحلت يا من كانت لك اليد القوية التي مسحت دموع الظلم عنا، ولكنك تظل في كُـلّ نقطة حجر عثرة أمام اليهود، وتضحية كبرى في سبيل الله وَالعدالة، وتظل في كُـلّ قلب ينبض بالإيمان.

سلام عليك، يا شهيد أُمَّـة الإسلام، لما أشعلت جذوة الأمل فينا، ونعدك أنها لن تُطفأ.

ستستمر المقاومة على خطاك، وسنبقى نرفع رايتك في كُـلّ ميدانٍ نرسم فيها معالم المجد بوضوح اليقين. فأنت الأمل الباقي، وكلما وقع الفجر على الأرض، تذكرناك وتعود ذكراك كما لو كنت موجود بيننا.

شهيد القدس نعدك أننا لن ننساك، سنظل نعتزّ بك، سنظل نتذكر كُـلّ لحظة خطتها يدك الكريمة. سلامٌ على من حمل راية العزة حتى آخر رمق، وعلى من ظل اسمه منارةً للكرامة والمقاومة، ما دامت الأرض تنبض بالحياة. لن يكون الفراق معك إلا سبيلًا للمضي قدمًا، فذكركم هو عزم دائم على مواصلة الطريق.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی ک ـل

إقرأ أيضاً:

وداع مليوني حزين في تشييع نصر الله وصفي الدين في بيروت

بيروت- في مشهد يفيض بالحزن والأسى، احتشد أكثر من مليون مشيع في شوارع بيروت، مودعين الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين، في واحدة من كبرى الجنازات التي شهدها لبنان تاريخيا.

وتوافدت الجموع الغفيرة من مختلف المناطق اللبنانية، ومن دول عربية وأوروبية، لتشارك في وداع استثنائي، جسّد حجم الفقدان، وألقى بظلاله الثقيلة على قلوب المشيعين.

الجماهير احتشدت منذ ساعات الفجر الأولى وسط أجواء من الحزن والحداد (الجزيرة) حضور استثنائي

وسط الزحام والدموع، تحدث القادمون من مختلف الدول عن حزنهم العميق، وهو ما انعكس في كلام باقر الجابري، القادم من العراق، قائلا "باستشهاد سيد المقاومة وسيد الجهاد، جئنا نحن المواكب العراقية، وخاصة موكب جمعية أنصار الإمام الخيرية، لنشارك إخوتنا اللبنانيين حزنهم، ولنكون في خدمة المعزين والمشيّعين".

أما آيات أيوب، الفلسطينية القادمة من بيروت، فتعبر عن امتنانها وحزنها في آنٍ واحد، وتقول "حضرنا اليوم لنؤكد وجودنا وولاءنا، ولنعلن أننا باقون على خطاه، ماضون في مسيرته، نحن ممتنون جدًا للشعب اللبناني، ولأهل الجنوب الذين لم يساوموا على الحق".

ومن اليمن، جاء جميل محمد أحمد، متحدثا بحرقة وغضب "جئنا لتشييع سيد الشهداء وسيد الأمة، ولولا الإجراءات المشددة لكان كل الشعب اليمني هنا، لقد كان هذا الرجل نصيرا للعرب والمسلمين، قدم كل شيء لنصرة الحق، ودعم أهل غزة ورفع راية الإسلام هناك".

إعلان

أما الطفلة زهراء، التي وقفت بعينيها الواسعتين وسط الحشد، فكان لكلماتها وقع خاص، إذ قالت بصوت بريء "عندما استشهد، شعرنا بحزن عميق، لقد فقدناه، لكنه الآن في الجنة، ومع ذلك نشعر أنه ما زال معنا على هذه الأرض".

مظاهر الحزن والفقد كانت واضحة على وجوه مئات آلاف المشاركين (الجزيرة) حشود مليونية

انطلقت المراسم من ملعب كميل شمعون الرياضي في بيروت، حيث احتشدت الجماهير منذ ساعات الفجر الأولى، ووسط أجواء من الحزن والحداد، رفعت الأعلام اللبنانية وأعلام حزب الله، بينما علت الهتافات التي عبرت عن حجم الخسارة.

شهدت المراسم حضورا رسميا واسعا، حيث مثل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، في حين حضر وزير العمل محمد حيدر ممثلا لرئيس الحكومة القاضي نواف سلام، كما شاركت وفود رسمية وشعبية من أكثر من 70 دولة، أبرزها إيران، والعراق، واليمن، والكويت، والبحرين، وتونس.

واستُهلت المراسم بتلاوة آيات من القرآن الكريم، تلاها عزف النشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب الله، قبل أن تُنقل الجثامين بين المشيعين لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة، ومع تصاعد مشاعر الحزن، شهدت الأجواء تطورا أمنيا لافتا، حيث حلق الطيران الإسرائيلي على علو منخفض فوق المنطقة.

الجنازة امتدت على مسافة 3 كيلومترات (الجزيرة) المقاومة مستمرة

في كلمته التي ألقاها خلال التشييع، أكد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أن "المقاومة مستمرة كخيار إستراتيجي"، مشددا على أن الحزب باق على العهد رغم الخسائر الكبيرة، وأوضح قاسم أن "الموافقة على وقف إطلاق النار مع إسرائيل في هذه المرحلة تمثل نقطة قوة"، لكنه أكد في الوقت ذاته ضرورة تحمل الدولة اللبنانية مسؤولياتها.

وأضاف أن "إسرائيل لم تلتزم، وقد صبرنا، لكننا نواجه احتلالا وعدوانا، والقصف على الداخل اللبناني يعد اعتداء واضحا"، كما شدد على أن حزب الله لن يسمح للولايات المتحدة "بالتحكم بلبنان".

إعلان

وبعد انتهاء المراسم في المدينة الرياضية، حمل المشيعون نعش الأمين العام السابق حسن نصر الله، في مسيرة امتدت لنحو 3 كيلومترات، وصولا إلى موقع الدفن المستحدث خصيصا له بين الطريقين المؤديين إلى مطار رفيق الحريري الدولي، والذي من المتوقع أن يتحول إلى مزار اعتبارا من يوم غد الاثنين.

أما جثمان هاشم صفي الدين، فسيُنقل إلى مسقط رأسه في بلدة دير قانون النهر في جنوب لبنان، حيث سيُدفن يوم غد الاثنين.

مقالات مشابهة

  • المقاومة نبض.. والأمة قلب (سيرة شهيد حول الدم إلى إيقاع للخلود)
  • حين خرج شعب النور لمواراة الشمس.. يوم وداع شهيد المسلمين والإنسانية وصفيه
  • وداع مليوني حزين في تشييع نصر الله وصفي الدين في بيروت
  • وداعًا يا شهيدَ الإسلام والإنسانية إنَّا على العهد ماضون
  • شهيد الإسلام والإنسانية.. فصل جديد من الصمود والتحدي
  • “انتصار الدم على السيف” في أجواء وداع شهيد الإسلام والإنسانية
  • هذا ما قالته حماس في وداع “نصر الله وصفي الدين”
  • غدا “طوفان الوفاء” في وداع سيديّ شهداء الأمة
  • المقاومة والشهادة والانتصار في فكر شهيد الإنسانية السيد حسن نصر الله