يمانيون:
2025-02-24@00:11:06 GMT

إنَّا على العهد

تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT

إنَّا على العهد

زهراء العرجلي

في زمن كثر فيه حكام المناصب فباتت الشعوب أضحية يقدمها حكامها الأراذل لأسيادهم الغربيين.

وفي وقت كثر الخنوع والاستسلام لمن هم أوهن من بيت العنكبوت، فانقلبت الموازين حين خنعت الشعوب وسلَّمت زمام أمرها لحكامها المحكومين من واشنطن لتلقِّي بمقاليد الأمور لليهود والنصارى.

ومع كُـلّ هذا الضلال والذل والخزي الذي كانت تعيشه الشعوب، ومن بلد هو بلد العز والفخر والشموخ ومن بيتٍ طيب وَطاهر خرج منه سيد المقاومة كما خرج منه أمير المؤمنين قديمًا، جاء سيد المقاومة فأشرقت بقدومه الأرض وانجلى بطلعته ديجور العمالة المستبد.

السيد حسن نصرالله، حفيد المصطفى وشبيه علي المرتضى، وابن فاطمة الزهراء.

وفي عام ١٩٩٢م وبعد اغتيال السيد عباس موسوي من قبل الكيان الغاصب تولى سيد الأُمَّــة السيد حسن منصب الأمين العام لحزب الله، ذلك الحزب الذي ناصر المظلوم وثار ضد الظالم.

فكان الأمين العام رجلًا لا يخاف في الله لومة لائم، فجسد قول الحق عزيز على الكافرين رحيم بالمؤمنين، عشقته القلوب، وتعلقت به الأرواح، كان سيد الأُمَّــة وسيد القضية، ذلك هو السيد الذي لم ينس فلسطين في أي خطاب يلقيه، هو الصادق الذي كان إذَا قال فعل، ففدى فلسطين بروحه ودمه.

وحين أعلنوا العدوان على اليمن كان هو الناصر الوحيد والسيد الوفي الذي لم يتركنا ليوم واحد.

خذلنا العالم فكان السيد نصرالله هو الصوت الوحيد الذي أدان واستنكر ورفض، قتلنا العالم فأحيانًا هو بكلماته التي كانت كالبلسم.

هو الذي قال: “إن لم يكن الشعب اليمني من العرب فمن العرب”!

كنا حين نشعر بالخِذلان نستمع له وهو يقول إن أفضل شيء عمله بحياته هو الخطاب الذي ألقاه في ثاني أَيَّـام العدوان على اليمن، فنشعر بكفيه الحانيتين تمتد لتحتضننا، كان بالنسبة لنا الحضن الحاني، والبلسم الشافي، والعزيز الغالي.

عرفناه عزيزًا كريمًا فما ازداد إلا عزة وكرامة وحبًّا في أعيننا يومًا بعد يوم.

نحن الذين كنا ننتظر حين يلقي خطابه بفارغ الصبر فنزداد شرفًا بحديثه عن اليمن.

فكان السيد الشهيد سيدنا وأبانا ووليَّ أمرنا، وكان شعب لبنان موطننا الآخر أما حزب الله فقد كان ولا زال بمثابة الروح لأنصار الله.

وفي السابع من أُكتوبر لعام 2023 استيقظ الناس على الطوفان الذي دَكَّ عرش الكيان الغاصب وأضج مضجعهم، وبعد اندلاع الحرب على غزة وجرائم الإبادة التي توجع بشاعتها الشجر والحجر وكل شيء في هذا الوجود غير البشر، ولم يتحَرّك قلب هذا العالم الميت قيد أنملة فيشعر بواجبه تجاه هذا الشعب المظلوم المستجير.

فكان محور المقاومة السبَّاقين في الاستجابة لأنين الجرحى ودموع الثكلى، لقد كان هذا المحور المساند والمناصر والمجيب الوحيد الذي لم يلزم الصمت ويغض الطرف وأهل غزة يستجيرون وما من مجيب.

فأغاظ أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا وكل من يدين لهم بالولاء، فأرادوا إشعالها حربًا كبرى قد تكون الحرب العالمية الثالثة، فكان المحور لهم بالمرصاد، فما خاف ولا وهن ولا تراجع.

بعدها قاموا بتفجيرات البيجر في لبنانَ ليبدأ العدوان على لبنان العزيز، فكان حزب الله بقيادة أسده الغالب هم جنود الله على أرضه فهم ولدوا ليزيلوا هذا الكيان الغاصب.

وفي يوم الجمعة، السابع والعشرين من شهر سبتمبر لعام 2024 حدثت الفاجعة الكبرى والجريمة النكراء، زلزال كبير هز العاصمة بيروت ويا ليته هز العالم بأكمله ولم يهزها،

قنوات الإعلام تثرثر بكلام لا يستوعبه العقل فكيف يصدقه القلب؟!

أيدٍ مرتجفة تتطلع إلى السماء، وكلمات متقطعة تتمتم بالدعاء، إلا السيد حسن، هكذا قال الجميع ولكن إرادَة الله كانت فوق كُـلّ إرادَة.

وفي الثامن والعشرين جرى تأكيد خبر استشهاد معز الأُمَّــة وحبيبها، سيد الوعد.

استشهد سيد الانتصارات فكان دمه الزاكي بركانًا يهز عروش المستكبرين.

هو الذي قال “عندما ننتصر ننتصر وعندما نستشهد ننتصر”، فانتصرت بدمه فلسطين ورفرفت راية الحق عاليًا، فكان السيد هو المربي والمعلم والأب الموجه والحنون، كان العطوف البشوش، كان آية في التواضع، ودرسًا للأخلاق النبيلة، كان القرآن الذي يمشي على هذه الأرض وما كانت تليق بسيد مثله نهاية غير هذه النهاية المشرِّفة.

لينظر العدوّ اليوم ليشاهد أنه باغتياله لسيد شهداء الأُمَّــة أحيا العالم بأكمله، لتنظروا إلى ذلك الموكب الذي يملأُ الأرض لتشييع أطهر الخلق، اغتلتم السيد حسن فكان العالم بأكمله حسن نصرالله، أردتم إبعاده فصار أقرب من حبل الوريد، فصار يعرفه من لم يتعرف عليه قبل رحيله، صار يحبه كُـلّ من سمع به.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: السید حسن

إقرأ أيضاً:

الرثاء للعابرين.. أما نصرُ الله فباقٍ

حسام باشا

كيف يُرثى من كان نورًا يشع في ليل الأُمَّــة، وسيفًا مشرعًا لم يعرف غمدًا، وراية لا تنكّس أبدًا؟ كيف يُرثى من صار جزءًا من ذاكرة الأرض، من كُـلّ ذرة تراب سارت عليها خطاه؟ كيف يُرثى من لم يعرف الفناء إليه سبيلًا، من بقي صوته صدىً لا يهدأ، وروحه قسمًا لا يُنقض، وظله عهدًا لا يموت؟

أيها العابرون بين السطور، اقرأوه في نبض المقاومين المتقد كجمرة لا تخبو، في كُـلّ يدٍ تلتفّ حول الزناد، في جبين كُـلّ وليد، في أعين الأُمهات اللواتي أحرقت دموعهنّ المحتلّ قبلَ وجناتهنّ، وفي حجارة الأرض التي احتضنت خطى المجاهدين ونقشت على ترابها أسماء الخالدين. اقرأوه، فليس في موكب العظماء متسعٌ للضعفاء، ولا في سجلّ الخالدين مكان لمن خذلوا العهد. هو من خطّ بحضوره سِفرًا لا يُمحى، من جاب الميادين، كلما اشتد الوطيس، وكلما ضاق أحرار الأُمَّــة ذرعًا بالمحتلّ، وكلما علا نداء الأرض: أين الرجال؟

السيد حسن نصر الله لم يكن مُجَـرّد قائدٍ عابر في سجلّ الزمن، بل كان ملحمةً متكاملة، بطلها صمود لا يلين، وسلاحها إيمان لا يتزعزع، وأحداثها تُروى على ألسنة الأحرار كما تُروى الأساطير الخالدة. لم يكن مُجَـرّد اسم في معجم، ولا رجلٍ يقف في دائرة الضوء لوهلة ثم ينطفئ، بل كان زلزالًا يقلب المعادلات، رياحًا تعصف بأركان الطغيان، صوتًا يُسمع حين حاولت قوى الاستكبار أن تفرض الصمت، وثائرًا من طرازٍ فريد، لم يختر المواجهة سعيًا وراء مجد شخصي؛ بل لأَنَّ الظلم استوطن، والاستبداد استشرى، فكان لا بد لصوت الحق أن يعلو. لم يكن سيفه من فولاذ فحسب، بل كانت كلماته سلاحًا يضرب بالحق، وإرادته سدًّا منيعًا أمام مشاريع الهيمنة، وموقفه قبسًا من نور لكل من أظلمت في وجهه دروب العزة.

هو المعادلة التي غيّرت وجه الصراع، رجلٌ صعدت كلماته منابر التاريخ قبل أن تُدوَّن في دفاتره، فحين كان يتحدث، كانت الأرض تنصت، وحين يَعِدُ كان الوفاء قرين كلماته، وحين كان يواجه، لم يكن وحده، بل كانت خلفه أُمَّـة آمنت بروحه وعزيمته، وأيقنت أن النصر وعدٌ إلهيٌّ لمن صبر وثبت على العهد. وقف حَيثُ يخشى الآخرون، وتقدّم حَيثُ يحجم الجبناء، فكان الاسم الذي ارتبط بمواجهةٍ لا تعرف الهزيمة.

كان قدرًا خُطّ بحبر المقاومة، حكايةً صنعتها الإرادَة الإلهية، فصولها جهادٌ لا ينتهي، وعنوانها صبرٌ يصنع المستحيل. لم يكن قائدًا تقليديًّا، بل كان أيقونةً يقتدي بها من آمنوا أن الحق لا يُوهب، بل يُنتزع، وأن الكرامة لا تُستجدى، بل تُفرض.

رفع راية الحرية حَيثُ سقطت رايات الاستسلام، ونادى بالحق، حَيثُ حاول الزيف أن يتسيّد المشهد، كان جرسًا يدقّ كلما حاول الأحرار أن ينهضوا من تحت الركام، بوصلةً تشير دائمًا إلى طريق المقاومة.

نعم، غاب الجسد، يوم كان لقاؤه مع الشهادة، يوم قدمت الأُمَّــة أعظم شيء لها في معركة طوفان الأقصى، لكن روحه لا تزال تعبر السماء كوميض البرق، تضيء دروب المقاومين، تهتف في قلوبهم: “إن النصر آتٍ، وإن الوعد حق، وإن القيد لا يدوم”.

مضى إلى الخلود حاملًا روحه على راحتَيْه كمن يقدِّمها لله قربانًا، ارتشف من كأس الشهادة حتى ارتوى، وسمت روحه إلى مقام الاصطفاء، هناك في علياء العندية، حَيثُ الخلود الأبدي والرضوان السرمدي، مستبشرةً بوعدٍ لا يُخلف: “بَلْ أَحْيَاءٌ (عِندَ) رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”.

لكنه قبل ذلك، أرسى للنصر بابًا من جبهته الشامخة، طرقه بقبضته الحيدرية حتى انفتح للأُمَّـة فكرةً تعيش، طريقًا لا ينتهي، ودمًا لن يجف حتى يرتوي التراب بالنصر.

لم يمت، شهيد الإسلام، بل تحرّر من قيد الزمن، صار دمًا يسري في شرايين الأرض، كلمةً تخرج من أفواه المقاومين، سطرًا يُضاف إلى سفر الانتصارات، وصفحةً جديدة تُخطّ بمداد الكرامة.

إنه هناك، في كُـلّ يدٍ تعانق الزناد، في كُـلّ طفلٍ وُلد ليكون مقاومًا، في كُـلّ أُمٍّ ودّعت ابنها بدمعة، لكنها عاهدت أن تُنجب ألف مقاومٍ بعده.

أوجعنا الرحيل، لكنه لم يُسقطنا، بل زادنا ثباتًا. لن نبكيَه بكاءَ العاجزين، بل كما تئنُّ السيوف حين يُداهِمُها الصدأُ، غيرَ أنَّى لحدِّها أن يكلَّ، وهو المعدن الأصيل الذي لا يخذله الزمن. سنبكيه كما تبكي الأرض فَقْدَ وقع أقدام الأطهار، غير أن خطاه قد انغرست في صميمها، وتغلغل معناه في ذراتها.

لقد كان امتدادًا لجده الحسين عليه السلام، مشعلًا يضيء الدرب لمن يأتي بعده، وكما أنبتت دماء كربلاء نصرًا، فَــإنَّ دمه سيُنبت ألف نصر، وسيحمل لواءَه رجالٌ ما خانوا العهد، ولا نكثوا القسم، ولا بدّلوا تبديلا.

سلامٌ عليك شهيد الإسلام في الخالدين، وسلامٌ عليك عند ربك تُرزق، وسلامٌ عليك في ذاكرة الأرض، وفي وجدان أُمَّـة لن تنسى أن السيف الذي صنعته، لم يُغمد بعد.

مقالات مشابهة

  • نصرالله .. القائد الذي نصر اليمن عندما خذله العالم
  • الرثاء للعابرين.. أما نصرُ الله فباقٍ
  • الموت يلاحق 22 مدنياً.. فروا من المتمردين فكان الماء بانتظارهم في الكونغو
  • هل الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه كلب أو صورة؟.. أمين الفتوى يجيب
  • شاهد| هذا هو المكان الذي سيدفن فيه جثمان الأمين العام الأسبق لـ”حزب الله” اللبناني الشهيد السيد حسن نصر الله (فيديو)
  • إنّا على العهد: إلى شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله ورفاقه العظماء
  • إنّا على العهد إلى شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله ورفاقه العظماء
  • عضو كتلة الوفاء اللبنانية: تشييع السيد نصر الله هو يوم تجديد العهد لقائدنا
  • من الأسير الإسرائيلي هشام السيد الذي ستسلمه القسام دون مراسم؟
  • سرّ جديد عن اغتيال نصرالله.. من الذي خطط لذلك؟