فاوست هو أسطورة ألمانية قديمة، تناولها الكثير من الأدباء في أعمالهم، ومنهم الأديب الألماني الشهير جوتا، الذي استلهمها فكرةً واسمًا لمسرحيته التراجيدية، التي كتبها ما بين عامي 1806-1832، وتحكي عن شخصية فاوست الذي ورث عن عمه أموالاً مكنته من تعلُّم الكثير من علوم زمانه، ولما أدركه الكبر، اعتقد فاوست أن كل ما بلغه من علم لا نفع فيه، حتى ندم على سنوات عمره، ليظهر له الشيطان مفستوفيليس، الذي أشعره بأنه مشفقٌ على حاله، فيقايضه على روحه وجسده، مقابل أن يجلب له السعادة ويحقق له كل ما يريد خلال أربعة وعشرين عامًا، ووقَّع فاوست العقد مع الشيطان مفستوفيليس بدمه، ومضى ليقضي سنوات عمره في ارتكاب الشرور والرذائل، ومع انتهاء سنوات العقد يأتي الشيطان مفستوفيليس من أجل تنفيذ اتفاقه مع فاوست، ألا وهو الحصول على روحه وجسده.
وبالتوازي مع شخصية فاوست، نجد شخصية الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الذي أقنعه الغرب وأمريكا بتحقيق المجد لأوكرانيا، بوعدهم له بدخول حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ومن ثمّ الخروج على العلاقات التاريخية الاستراتيچية بين أوكرانيا وروسيا، والتسبب بشكل أو بآخر في الإضرار بأمن روسيا القومي، وفق صفقة مع زيلينسكي -في حالة ضمِّ أوكرانيا- يتم بمقتضاها نشرُ أسلحة دمار شامل ورؤوس نووية بالقرب من حدود روسيا، وغيرها من الأضرار التي يمكن أن تنجم من دخول أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وبما يخالف النظام الروسي. ما دفع روسيا حفاظًا على أمنها القومي إلى شن الحرب على أوكرانيا وغزوها، وذلك بعد فشلها في إقناع زيلينسكي بالتراجع عن موقفه، ما تسبب في ضم روسيا للكثير من الأراضي الأوكرانية، إضافة إلى الدمار والخراب الذي وقع، ووقوع الكثير من القتلى والجرحى في أوكرانيا، ودخول الحرب عامها الرابع، والتسبب في نزوح الكثير من الأوكرانيين للخارج، وانهيار الاقتصاد الأوكراني الذي كان واعدًا في الاقتصاد العالمي. ولأن زيلينسكي قَبِلَ صفقة الحرب بالوكالة ضد روسيا، فقد تلقى مقابل ذلك الكثير من الأسلحة والمساعدات الأمريكية والأوروبية لمواصلة تلك الحرب المدمرة. لكن دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فمع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلطة، يكتشف زيلينسكي أن أمريكا ترامب قد تراجعت عن مساندتها له، بل إنها باتت تفرض عليه الآن القبول بشروط السلام، وبدء المحادثات الإيجابية لعودة العلاقات الأمريكية والروسية من جديد، الأمر الذي أغضب أوروبا، ودفع قادتها -وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون- إلى إقناع زيلينسكي بمواصلة الحرب مع روسيا، ومواصلة إمداد أوكرانيا بالأسلحة ولربما بإرسال جنود لمواصلة تلك الحرب. ليكتشف زيلينسكي الهائم على وجهه الآن أنه لا طال شرقًا ولا غربًا، بل إنه قد تمَّ خداعُه، وتسبب بصفقته الخاسرة تلك في الخراب لبلاده وفقدان الكثير من أراضيها لصالح روسيا، فلا طال دخول الناتو والاتحاد الأوروبي، ولا طال استمرار العلاقات التاريخية مع روسيا، بل إنه باع روسيا حليفته الاستراتيچية بثمنٍ بخس. والأكثر من ذلك، أنه وجد نفسه بين سندان مطالبة ترامب له إما بتسديد أكثر من ثلاثمائة مليار دولار قيمة تمويل أمريكا له طوال فترة تلك الحرب، ومطرقة تهديد أمريكا ببسط نفوذها على موارد أوكرانيا النفيسة، بل الأدهى والأمرّ بقبوله بعدم استعادة الأراضي التي ضمَّتها روسيا خلال الحرب، ليصبح بذلك زيلينسكي فاوست جديدًا في أوكرانيا!!
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الکثیر من
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يلمح لأول مرة إلى إمكانية استقالته من رئاسة أوكرانيا.. بشرط
أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، استعداده لترك منصبه إذا كان تحقيق السلام في الحرب الروسية - الأوكرانية يتطلب ذلك.
وقال زيلينسكي، خلال مؤتمر صحفي: "إذا كان عليّ ترك منصبي من أجل السلام أو الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فأنا مستعد لذلك".
وألمح الرئيس الأوكراني بذلك إلى استعداده للاستقالة من الرئاسة مقابل انضمام أوكرانيا إلى الناتو.
وشدد على ضرورة مشاركة الولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية في محادثات السلام إلى جانب أوكرانيا لإنهاء الحرب.
وكشف أن كييف ستحتضن الاثنين "قمة هامة"، بحضور مباشر لـ13 من شركائها، ومشاركة عن بُعد لـ 24 دولة شريكة، دون ذكر تفاصيل أخرى حول أجندة القمة.
ونفى زيلينسكي أن تكون أوكرانيا مدينة للولايات المتحدة بالمبلغ الذي يذكره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأشار إلى أن أوكرانيا حصلت على 100 مليار دولار كمساعدات من الولايات المتحدة، وليس 350 مليار دولار كما تقول إدارة ترامب.
وقال: "أتفق مع وجهة نظر (الرئيس الأمريكي السابق جو) بايدن، بأن هذه (المساعدات الأمريكية) هي منحة. والمنحة ليست دينًا".
وأضاف: "نكن احتراما كبيرا لشركائنا، لكننا لا نقبل دينًا بقيمة 500 مليار دولار".
زيلينسكي، أكد ضرورة توقيع "اتفاق مربح" لكل من الولايات المتحدة وأوكرانيا وشعبها.
وشدد على أن الضمانات الأمنية (التي ستقدمها واشنطن لأوكرانيا ضد روسيا) يجب أن تكون واضحة في الاتفاق وليست مجرد وعود من الولايات المتحدة.
وأردف: "ترامب لن يبقى إلى الأبد، ونحن بحاجة إلى سلام لسنوات طويلة".
من جهة أخرى، قال زيلينسكي إنه لم يشعر بالانزعاج من وصفه بـ"الديكتاتور" من قبل ترامب، مؤكدا أنه ليس "ديكتاتورًا".
والسبت، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن ترامب وفريقه يركزون على مواصلة المفاوضات لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأنه قد يتم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب هذا الأسبوع.
وفي تصريحات بالبيت الأبيض، أوضحت ليفيت، أن الرئيس ترامب "واثق" من إمكانية إنهاء الحرب، وأن الاتفاق المحتمل يمكن أن "يعوض نفقات" الولايات المتحدة.
وذكرت أن الاتفاق المحتمل بين الولايات المتحدة وأوكرانيا مهم للعلاقات الاقتصادية بين البلدين وإعادة إعمار أوكرانيا.
وفي 3 شباط/فبراير الحالي، قال ترامب إن بلاده تريد الحصول على عناصر أرضية (أتربة) نادرة من أوكرانيا.
وأكد ترامب، أن الحرب في أوكرانيا يجب أن تنتهي، وشدد على أنه "إذا استمرت الولايات المتحدة في تقديم الدعم لأوكرانيا، فيجب أن يكون هناك مقابل لذلك".
ويسعى ترامب إلى دفع الرئيسين زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين، لإنهاء الحرب سريعا عبر المفاوضات.
وفي 12 فبراير/ شباط الجاري، أعلن ترامب توصله إلى اتفاق مع بوتين، لبدء مفاوضات من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، استضافت العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء الماضي، محادثات روسية أمريكية تناولت العلاقات بين البلدين وسبل إنهاء الحرب في أوكرانيا، وسط تأكيد أوروبي أن "السلام في أوكرانيا لا يمكن تحقيقه دون أوروبا".
ومنذ 24 فبراير 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا تشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.