يبدو أن الانتصارات الكبيرة التي يحققها الجيش السوداني والتي اقترب بها من السيطرة على العاصمة الخرطوم وغالبية المناطق التي كان يسيطر عليها الدعم السريع منذ أبريل 2023 قد عجلت بإظهار مخططات تقسيم السودان وفرض ذلك باعتباره أمرا واقعا.
ووفقا لهذه المخططات العالمية فقد تحركت مجموعات عسكرية سياسية لمحاصرة الدولة السودانية ومؤسساتها في الداخل بالتوازي مع تحركات إقليمية تقودها كينيا وإثيوبيا ودوائر غربية لحصار الدولة السودانية من الخارج أما في داخل السودان تحرك عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان السابق والذي يمثل المخطط الدولي لتشكيل قوى سياسية وميثاق جديد بقصد منح فرع آخر لقوى الحرية والتغيير غطاء دوليا لتشكيل حكومة تمثل الدعم السريع وبرعاية دولية وإقليمية تم حشد فصائل عسكرية مسلحة للانضمام لهذا التجمع مثل الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو والمتمردة في جبال النوبة وجنوب كردفان وحركة تحرير السودان بزعامة محمد عبد الواحد نور والتي تسيطر على مناطق جبال مرة في دارفور والغريب أن هذه القوى العسكرية تعادي بشكل تاريخي مجموعات عرب الشتات التي تتشكل منها قوات الدعم السريع، ولكنها اليوم بفعل رعاية التحالف الاستعماري الجديد تناست خلافاتها مع الدعم السريع وعرب الشتات لتنخرط جميعها في تحالف لإسقاط الدولة السودانية والقضاء على الجيش الذي نجح في تحقيق انتصارات أذهلت الجميع وتوشك على استرداد كامل الدولة السودانية.
ووفقا لما يشبه الإجماع عند المتابعين للشأن السوداني فإن تشكيل الحكومة الموازية في الأراضي التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع هو تقسيم إجباري للسودان خططت له ومولته قوى إقليمية ودولية وتنفذه الآن مجموعات سياسية وعسكرية سودانية تدعي الحفاظ على مدنية الدولة وعلمانيتها وتحت شعار محاربة ما يسمى بالإسلاميين في السودان.
وقد أفاد أحد المنتسبين لهذا التحالف السوداني الجديد الذي انطلق من أديس أبابا ونيروبي أنهم قد حصلوا على وعود أوربية وإقليمية بالاعتراف بحكومتهم فور إعلانها كما أوضح أن هناك 200 مليون دولار أعلنت عن تقديمها الإمارات العربية كدعم إغاثي وإنساني لأبناء السودان ستكون تحت سيطرة الحكومة الجديدة.
ويرى المراقبون أن سيطرة الدعم السريع على أربع ولايات من إقليم دارفور قد أغرى الممولين الدوليين بإمكانية إعلان دولة انفصالية في غرب البلاد تسمح بأن تكون محطة انطلاق لمهاجمة بقية الدولة السودانية وضرب استقرارها والسماح بتشكيل دويلة أخرى في جبال النوبة وجنوب كردفان بزعامة عبد العزيز الحلو ولا يمكن أن نغفل هنا تلك التحركات المفاجئة التي قامت بها دولة جنوب السودان والتي اعترفت فيها باستفتاء يسمح للدولة الجنوبية بالسيطرة على منطقة أبيي الغنية بالنفط وهو استفتاء أجري عام 2013 من خلال مكون واحد وهم أبناء قبائل دينكا نقوك ورفضه أبناء المكون الثاني وهم قبائل المسيرية العرب كما رفضه مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي ودولتا شمال وجنوب السودان وهو يأتي في إطار إحكام الحصار على السودان في الداخل وفي الخارج وتهديد بإشعال حروب متعددة ضد الدولة السودانية لإجبارها على تسليم السلطة لممثل التحالف الاستعماري عبد الله حمدوك وتابعه حميدتي تمهيدا لنقل جميع ثروات السودان إلى عواصم الغرب الأوربية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدولة السودانیة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع ترقص في احتفال على الجماجم والأشلاء
تحصد آلة القتل الفتاكة لمليشيا الدعم السريع أرواح الأبرياء من المدنيين والأهالي البسطاء في قرى ولاية النيل الأبيض بوسط السودان وتُسيل دماءَهم بالرصاص والقذائف المضادة للدروع التي يطلقها عليهم بصورة عشوائية جنودُ مليشيا الدعم السريع بلا رحمة وبلا تفريق بين كبار السنّ والنساء والأطفال والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.
ويقول بيانٌ صادرٌ من وزارة الخارجية السودانية الثلاثاء 18 فبراير/ شباط، إن 433 مدنيًا، بينهم أطفال رضّع لقوا مصرعهم في هجمات لمليشيا الدعم السريع على قرى بولاية النيل الأبيض، فيما وصفته (بأسلوب المليشيا المعتاد في الانتقام من المدنيين العزّل في القرى والبلدات الصغيرة).
بينما تحدث هذه المشاهد المأساوية الموغلة في القتامة والبشاعة والفظاعة والفظاظة والغلظة والقسوة، يبدو مشهد سوداني آخر نقيضًا لذاك المشهد المأساوي، تدور أحداثه على خشبة مسرح آخر خارج حدود الدولة السودانية المثخنة بجراح حرب ضروس، أوقعت عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المصابين والمفقودين، وملايين النازحين داخل السودان، ومثلهم من اللاجئين خارج السودان.
المشهد الآخر الذي تتزامن أحداثه مع تلك الأحداث الدرامية الدامية في ولاية النيل الأبيض، هو مشهد ثُلة من السياسيين وزعماء أحزاب سودانية في منافيهم الاختيارية خارج البلاد من الموالين لمليشيا الدعم السريع والمناصرين لها سياسيًا بزعامة (حمدوك)، وهم يرقصون داخل إحدى قاعات المؤتمرات الأنيقة في كينيا، وهم مبتهجون ويهتفون فرحين بشعارات وأهازيج تمجد قائد مليشيا الدعم السريع المعروف بحميدتي الذي ارتكبت قواته تلك المجازر البشعة، وتسببت في أسوأ حرب شهدها السودان في تاريخه الحديث، من أجل الوصول إلى السلطة.
إعلانيرقص هؤلاء ويتمايلون على أنغام وألحان وأغانٍ تنبعث من بين أركان القاعة الأنيقة فرحًا واحتفاءً بما يرونه إنجازًا تحقق تتويجًا لثلاثة وعشرين شهرًا من القتل وسفك الدماء وانتهاك الأعراض والتهجير القسري وتدمير البنى التحتية، التي ارتكبت بحق مواطنيهم وأهليهم بيد حليفهم العسكري؛ الدعم السريع.
إنه (الميثاق السياسي) المحتفى به والإنجاز الذي كان مهرُه عشراتِ آلاف الجماجم والأشلاء وأنهارًا من الدم المسفوح ظلمًا بغير حق، وأحزانًا متراكبة بعضها فوق بعض تئن بها صدور ذوي الضحايا من الثكالى والأرامل واليتامى والحرائر اللاتي فقدن أغلى ما يملكن على أيدي وحوش وذئاب في ثياب بشر أتوا كما قالوا كذبًا وزورًا من أجل جلب الديمقراطية والحكم المدني بزعمهم.
الميثاق السياسي المحتفى به والذي تأجلت مراسم التوقيع عليه، سيصبح أساسًا ومرجعية لتشكيل حكومة موازية للحكومة القائمة التي عجزوا عن إزاحتها ونزع الشرعية عنها بقوة السلاح طوال أشهر الحرب، وهذا هو مبعث فرحهم وابتهاجه.
فبعد أن كان الهدف حكم السودان كله من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، انكمش هذا الهدف وتقلص ليصير مجرد حكومة افتراضية كل وزرائها خارج حدود السودان، حكومة (جوالة) بلا أرض وبلا جماهير، حكومة وزراؤها بلا أعباء حقيقية، أيديهم ملطخة بدماء الضحايا، ولا تستطيع أقدامهم أن تطأ أرض السودان خوفًا وخشية ورهبة من مصير معلوم.
حكومة موازية بلا مقاعد في المحافل الإقليمية والدولية ولا تحمل هوية ولا تاريخًا ولا ثقافة، حكومة مصنوعة وسياساتها معلّبة تخدم مصالح صانعيها ولا شأن لها بمصالح السودان وشعب السودان.
إنها متلازمة حبّ السلطة حتى وإن أتت على الجماجم والأشلاء وأنين الضحايا، لا يهم ما دامت أنها تأتي، حتى وإن جاءت محمولة على أكف أيادٍ أجنبية مردت وتمرّست على نشر الخراب والدمار والموت حيثما حلّت، فأصبح ذاك شغلها الشاغل ومهنتها التي تدفع في سبيل مزاولتها أموالًا طائلة كان يمكن أن توجّه نحو الإعمار والتنمية والبناء والازدهار، فتقوى بها صلات القربى وتوثّق عُرى الأخوّة وروابط حسن الجوار .
إعلانإن أكثر الأسئلة إلحاحًا وإلحافًا والتي تدور في أذهان السودانيين الذين تلاحقت عليهم الأرزاء، وتكالبت عليهم المصائب والمحن جراء هذه الحرب المصنوعة القادمة من وراء الحدود، ولا يجدون لها جوابًا، هي: لماذا كل ذلك؟ .. ولا جواب.
ما هي الجناية التي اقترفتها أيديهم في حق أولئك الذين يصدرون لهم الموت والدمار والخراب؟
هل من المعقول أن يكون كل ذلك من أجل التسلية؟
هل من المعقول أن يكون كل ذلك من أجل (لا شيء)؟!
ولا جواب..
ولربما الفاعل نفسه لا يعرف الجواب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline