بعد أن أثار خبراء السمع مخاوف من أن الإفراط في استخدامها قد يُضعف مهارات السمع لدى الناس .. هل تؤثر السماعات العازلة للضوضاء على السمع؟
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
المناطق_متابعات
تُعَد سماعات الرأس العازلة للضوضاء من أكثر أنواع السماعات شهرةً لأنها تعزل الأشخاص عن الضجيج المحيط بهم في الشارع والعمل.
إلا أن هذه السماعات أصبحت موضع تدقيق، بعد أن أثار خبراء السمع مخاوف من أن الإفراط في استخدامها قد يُضعف مهارات السمع لدى الناس، حيث أشاروا إلى أن تصفية الضوضاء الخلفية باستمرار قد تكون لها عواقب غير مقصودة على أذننا، وفقاً لما نقلته صحيفة «الغارديان» البريطانية.
ولاحظت رينيه ألميدا، رئيسة قسم السمعيات للبالغين في مؤسسة إمبريال كوليدج للرعاية الصحية، التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، ارتفاعاً في عدد البالغين الذين يأتون إلى عيادتها وهم يعانون مشاكل في السمع ليفاجأوا بأن الاختبارات تشير إلى أن سمعهم جيد.
وأضافت: «لقد اكتشفت مع الوقت أن المشكلة تكمن في أدمغتهم، وليس آذانهم، فقد يفشلون في تحديد مصدر صوت ما، أو يكافحون لمتابعة محادثة في القطار، أو في حانة أو في مطعم. وتُعرف هذه الحالة باسم اضطراب المعالجة السمعية (APD)، وغالباً ما يجري تشخيصها عند الأطفال، لذا فإن ارتفاع عدد البالغين الذين يعانون مشكلات مماثلة بدا غريباً بالنسبة لي. ولكنني أدركت أن الاستخدام الواسع النطاق لسماعات الرأس العازلة للضوضاء قد يكون السبب».
وأكملت: «إن الدماغ معتادٌ التعامل مع آلاف الأصوات المختلفة في الوقت نفسه، وكان دائماً قادراً على معرفة ما يستحق الاستماع إليه وما لا يستحق الاستماع إليه. ومع إلغاء الضوضاء، فأنت تعطي دماغك مصدراً واحداً للصوت، سواء أكان بودكاست أم موسيقى. مصدر واحد. ولا يوجد شيء آخر يمكن أن يشغل دماغك».
وتقول ألميدا إن الإفراط في استخدام السماعات العازلة للضوضاء قد يُضعف عملية النمو التي يتعلم بها الأطفال الانتباه إلى الأصوات. وبالنسبة للبالغين، قد يجعل ذلك أدمغتهم كسولة، تماماً كما تضعف العضلات دون ممارسة الرياضة. وفي كلتا الحالتين، قد يكافح الناس لتفسير الكلام في الضجيج المحيط بهم عندما يرغبون في ذلك.
ولفتت ألميدا إلى أنه في الوقت الحالي، لا يوجد دليل علمي على أن سماعات الرأس التي تعمل على إلغاء الضوضاء تُسبب اضطراب المعالجة السمعية، لكنها أكدت أهمية إجراء دراسات في هذا الشأن.
ويؤثر اضطراب المعالجة السمعية على ما يقرب من ثلاثة إلى خمسة في المائة من الأطفال في سن المدرسة. وقد ارتبط بانخفاض الوزن عند الولادة، وبالتهابات الأذن الوسطى المزمنة. وفي كبار السن، يمكن أن تحدث الحالة بسبب السكتة الدماغية أو تعرُّض الرأس لصدمة. وفي كثير من الحالات لا يتضح السبب أبداً.
وتقول الدكتورة شيريل إدواردز، اختصاصية السمع في مستشفى بوسطن للأطفال، إن الأطفال المصابين بهذا الاضطراب قد يجدون صعوبة في السمع بالفصول الدراسية، وصعوبة في تحديد مصدر الأصوات، كما أنهم يفتقدون الإشارات غير اللفظية، مثل التحول في نبرة الصوت التي تشير إلى السخرية، كما أنهم قد يعانون مشكلات في القراءة والتهجئة».
من جهته، يرى هارفي ديلون، أستاذ علم السمع بجامعة مانشستر، أن المشاكل السمعية التي تصيب الأشخاص بسبب استخدام سماعات الرأس العازلة للضوضاء، قد ترجع إلى فكرة أن الموسيقى الصاخبة يمكن أن تُلحق الضرر بالخلايا العصبية في الجهاز السمعي.
وأوضح قائلاً: «قد يكون الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة هو سبب مشكلة المعالجة السمعية، وليس ميزة إلغاء الضوضاء».
وتقول البروفيسورة داني توملين، رئيسة قسم السمع وأمراض النطق بجامعة ملبورن، إن الأشخاص الذين يستخدمون سماعات الرأس، التي تعمل على إلغاء الضوضاء لفترات طويلة، قد يجدون صعوبة في الاستماع عندما يخلعونها، لكنها أكدت ضرورة إجراء دراسات مفصلة للتعرف على السبب العلمي لهذا الأمر.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: السمع إلغاء الضوضاء سماعات الرأس
إقرأ أيضاً:
قضية طفل دمنهور.. خبراء لـ "الفجر": عقوبة رادعة ورسالة مجتمعية.. والبيدوفيليا اضطراب خطير
تصدرت قضية طفل دمنهور محركات البحث بعد إصدار محكمة دمنهور حكمًا بالسجن المؤبد على المعتدي على الطفل ياسين، مما أثار اهتمام المجتمع بشكل واسع.
القصة بدأت بتغيرات سلوكية مقلقة لدى ياسين، الذي تعرض للاعتداء من قبل رجل مسن بالمدرسة، تقدم والدته ببلاغ رسمي بعد اكتشافها الأمر، رغم محاولات التهديد والرشوة من جانب المعتدي.
تخللت التحقيقات عقبات، لكن الأسرة قدمت أدلة جديدة ساهمت في إعادة فتح القضية، خلال المحاكمة، تم تعديل وصف التهمة إلى "هتك عرض تحت التهديد والقوة"، مما زاد من العقوبة. الحكم الذي صدر لاحقًا لاقى ارتياحًا من أسرة الطفل ومساندة من المجتمع.
آراء الخبراء القانونيين والنفسيين تسلط الضوء على أهمية الوعي بمخاطر الاعتداء على الأطفال وأثرها النفسي العميق. كما أكدت أهمية تعاون المجتمع في حماية الأطفال ومنع وقوع هذه الجرائم، القضية ليست فقط نصرة للطفل ياسين، بل هي دعوة لتقوية الشعور بالأمان لدى جميع المواطنين.
العدالة تنتصر للطفل ياسين: خبير قانوني يوضح أبعاد الجريمة وحتمية الردع
من جانبه كشف الدكتور مسعد أبو طالب، الخبير القانوني، تفاصيل صادمة عن جريمة اعتداء جنسي بشعة تعرّض لها طفل يُدعى ياسين، يبلغ من العمر ست سنوات، داخل إحدى مدارس اللغات المعروفة بالمدينة.
أضاف أبو طالب، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الجريمة ارتكبها موظف إداري مسن يبلغ من العمر 80 عامًا، حيث قام بهتك عرض الطفل لمدة عام كامل، مستغلًا موقعه داخل المدرسة، موضحًا أن الجريمة تمت بتسهيل من عاملة تُعرف بـ "الدادة"، كانت تتعمد استدراج الطفل من فصله الدراسي بحجة الذهاب إلى دورة المياه، ثم تسلمه للجاني داخل الحمام أو في سيارة داخل الجراج، حيث تُغلق عليهما الباب.
وأكد أبو طالب أن هذه الوقائع في حال ثبوتها تُعد اشتراكًا جنائيًا بالمساعدة وفقًا للمادة (43) من قانون العقوبات المصري، والتي تعاقب كل من شارك في ارتكاب جريمة حتى وإن لم يكن فاعلًا أصليًا.
تواطؤ وتستر... والمديرة تحت طائلة القانونأشار الخبير القانوني إلى أن مديرة المدرسة حاولت التستر على الجريمة فور علمها بها، وهو ما يستوجب تحقيقًا قانونيًا ومساءلة جميع المتورطين، بما في ذلك المعلمات اللاتي أُبلغن بالواقعة ولم يبلغن الجهات المختصة. وأضاف أن المادة (145) من قانون العقوبات تنص على معاقبة كل من علم بوقوع جريمة وساعد الجاني على الإفلات من العقوبة.
كما شدد على أن العاملة المتورطة قد تُحاكم بتهمة المشاركة في الجريمة، مؤكدًا أن القانون لا يتهاون مع أي طرف يُسهم في وقوع جريمة كهذه أو يُسهل حدوثها.
الدكتور مسعد أبو طالب عقوبة رادعة ورسالة مجتمعيةوفي تعليقه على الحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات في القضية، رفض الدكتور أبو طالب التعليق المباشر على الأحكام القضائية احترامًا لقدسيتها، لكنه أكد أن الحكم جاء ليحقق الردع العام والخاص، وهو ما يعزز شعور الأمان لدى المواطنين ويؤكد حرص الدولة على إنفاذ العدالة.
وقال: "الحكم يُطمئن المجتمع بأسره، وليس فقط أسرة الضحية. إنه يبعث برسالة واضحة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب جريمة مماثلة بأن العقوبة ستكون صارمة، وأن العدالة لن تتأخر في القصاص".
دعوة لمجتمع أكثر وعيًااختتم الخبير القانوني تصريحاته بالتأكيد على ضرورة التوعية المستمرة للأطفال بمخاطر التحرش والاعتداء الجنسي، مشيرًا إلى أن مواجهة الجريمة وعدم السكوت عنها هو السبيل الوحيد لإنقاذ المجتمع من الانهيار الأخلاقي، قائلًا: "لو لم نواجه الجريمة، لظل الطفل ياسين ضحية مدى الحياة، والمجرم طليقًا يواصل فساده، الحكم اليوم ليس فقط عدالة لياسين، بل هو حماية للمجتمع بأسره".
الآثار النفسية العميقة للاعتداء على الأطفال
وفي هذا السياق، يؤكد استشاري الإرشاد النفسي الدكتور وليد هنيدي، أن مثل هذه الجرائم تعكس اضطرابًا نفسيًا خطيرًا يُعرف بـ "البيدوفيليا"، وهو الميل الجنسي تجاه الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 عامًا.
أضاف هنيدي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن التطور التكنولوجي وانتشار الإنترنت أسهما بشكل كبير في تسهيل الوصول إلى محتويات جنسية منحرفة، موضحًا أن البعض يبدأ بمشاهدة المواد الإباحية التقليدية، ثم يتدرج في البحث عن محتوى أكثر انحرافًا، قد يشمل الأطفال، ما يعمق هذا السلوك المرضي.
أشار إلى أن قلة التوعية، أو غيابها في بعض الأحيان، فيما يتعلق بحماية جسد الطفل وتعريفه بخصوصيته وحدود اللمس، تجعل الأطفال فريسة سهلة للمتحرشين، لا سيما وأنهم غالبًا ما يفتقرون للقدرة على التمييز أو الدفاع عن أنفسهم.
الدكتور وليد هنيديوأوضح استشاري الإرشاد النفسي أن التفكك الأسري، سواء من خلال الطلاق أو الانفصال، أو حتى غياب أحد الأبوين نفسيًا رغم حضوره الجسدي، يضعف الرقابة على الأطفال، ما يتيح للمتحرشين الوصول إليهم بسهولة ودون رادع فعلي.
ولفت هنيدي إلى أن الصمت الأسري يمثل أحد أبرز أوجه الخطر، إذ تختار بعض العائلات السكوت خوفًا من "الفضيحة"، أو التستر على الجاني إذا كان من الأقارب أو المعارف، وهو ما يشجع المعتدي على تكرار فعلته ويزيد من تعقيد الأزمة.
ورغم الصورة القاتمة، يرى هنيدي أن هناك بوادر أمل، في ظل تنامي الوعي المجتمعي ورفض الصمت، ما يعكس تحركًا إيجابيًا في الاتجاه الصحيح.
ويختم استشاري الطب النفسي بالتأكيد على أن انتشار ظاهرة البيدوفيليا لا يرتبط فقط بزيادة عدد المنحرفين، وإنما بتراجع الرقابة المجتمعية، وارتفاع جرأة المعتدين، وسهولة الوصول إلى الأطفال أو المواد المنحرفة عبر الإنترنت، مشددًا على ضرورة تعزيز برامج التوعية بالتوازي مع التطور التكنولوجي، للحد من تفاقم الظاهرة.