“انتصار الدم على السيف” في أجواء وداع شهيد الإسلام والإنسانية
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
يمانيون../
ودعت الأمة وأحرار العالم، الأحد، شهيد الإسلام والإنسانية سماحة السيد حسن نصر الله، وخليفته الأمين العام لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، في يوم تأريخي اختلطت فيه مظاهر العزاء بعهود مواصلة المشوار، جهادا، وتضحية.
وبذلا، في معركة أغلق فيها الشهيد العظيم زمن الهزائم، وفتح زمن الانتصارات، بما في ذلك انتصار الدم على السيف، والذي تجسد بوضوح من خلال مشهد الغارات العدوانية على لبنان ومحاولات الترهيب الاسرائيلية التي تزامنت مع فعالية التشييع بغرض إعاقتها، خوفا من صورة ذلك الانتصار
المشاركة الواسعة في التشييع، من جانب الجماهير اللبنانية والوفود الإقليمية والدولية الرسمية وغير الرسمية، رسمت صورة جديدة من صور معادلة “انتصار الدم على السيف” وهي المعادلة التي مثلت عنوانا رئيسيا لخط المقاومة الذي أسسه سماحة السيد حسن نصر الله ورفاقه في قيادة حزب الله، على مدى عقود من العمل الجهادي، والذي أصبح عنوانا لمنهج المقاومة في المنطقة بأكملها، ويعتبر “عقدة” استراتيجية كبرى لا تستطيع جبهة العدو تجاوزها أبدا، ذلك أن هذه المعادلة تنسف فاعلية كل الوسائل والأدوات المادية والمفاهيم التي يستند إليها الأعداء والتي تتمحور بشكل أساسي حول القتل والوحشية والتدمير كطريق للردع والانتصار والهيمنة، وهو ما يتبخر تماما في مواجهة خط تشكل فيه التضحية عاملا أساسيا من عوامل النصر، فتصبح كل وسائل العدو ومفاهيمه عبارة عن أسباب لهزيمته.
هذا ما عكسه الاحتشاد اللبناني والمشاركة الإقليمية والعالمية الواسعة في التشييع الذي تحول من مناسبة “عزاء” كان يتوقع العدو أن يشعر إزاءها بالشماتة والنشوة إلى ما وصفته وسائل الإعلام العبرية بـ”عرض قوة” أكد من جهة تماسك حزب الله والتفاف الجماهير اللبنانية حوله وحول مشروع السيد الشهيد، وبالتالي سقوط كل الآمال التي علقها العدو على الاستفادة من جريمة اغتيال قيادة المقاومة في حصار الحزب وتفكيكه وتهميش حضور بيئته في الساحة اللبنانية.
ومن جهة أخرى، عكس الاحتشاد أيضا استمرار حضور حزب الله وتأثير سماحة السيد حسن نصر الله على الساحة الإقليمية والعالمية، ليس فقط كرمز قومي وإنساني لمرحلة انتهت، وإنما كقائد مشروع عملي مستمر يتضمن تنسيقا فعالا بين جبهات عسكرية وأمنية وتعبوية وثقافية عابرة للحدود، هدفها الأسمى الموحد هو هزيمة الكيان الصهيوني وتدمير كل أساسات نظام الهيمنة والاستكبار الذي يقوم عليه.
هستيريا العدو الصهيوني قبل وأثناء التشييع عكست هي أيضا تحقق معادلة “انتصار الدم”، حيث شن جيش الاحتلال عدة غارات على جنوب لبنان وأرسل مقاتلاته للتحليق فوق منطقة التشييع، وحاولت وسائل الإعلام العبرية ترهيب الحشود المشاركة في التشييع من خلال نشر أخبار عن مراقبة المراسم، وعدم السماح بتحولها إلى استعراض للقوة، وهو ما أثبت بوضوح خشية العدو من دلالات الصورة الاستثنائية للتشييع، والتي على عكس كل حسابات العدو، لم تجسد “الخسارة” المتمثلة بفقدان سماحة السيد بقدر ما جسدت انسجام تضحيته العظيمة مع استمرارية التهديد الاستراتيجي لجبهة المقاومة والذي كان يفترض أن ينتهي باغتياله وفقا لحسابات العدو.
ولم تقتصر خشية العدو المعبرة بوضوح عن هزيمته على حدود الإطار العام لصورة التشييع، بل كانت حاضرة حتى في تفاصيل الصورة، حيث عبر الإعلام العبري عن مخاوف واضحة من مشاركة الوفود الإقليمية والعالمية في التشييع، بما في ذلك الوفود الإيرانية واليمنية، باعتبار أن تلك المشاركة تترجم استمرار التنسيق بين جبهات استراتيجية كانت حسابات العدو تعول على انهيار التنسيق والتلاحم بينها بعد اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله الذي كان “محور” تكوين وتطور هذا التنسيق المشترك.
وبالتالي فإن محاولات العدو لإعاقة مراسم التشييع ومخاوفه الواضح من المشاركة الواسعة فيه، تترجم سقوط كل “المكاسب” التي كان يأمل حصدها من خلال اغتيال سماحة السيد الشهيد ورفاقه في قيادة حزب الله، بل تترجم تحول تلك “المكاسب” إلى نتائج عكسية، فالتحدي الذي عبر عنه الاحتشاد الجماهيري والمشاركة الخارجية الواسعة في مراسم التشييع، برغم التهديدات ومحاولات الترهيب، يعني أن شهادة السيد حسن نصر الله قد تحولت إلى محرك إضافي لتعزيز قوة جبهة المقاومة في لبنان والمنطقة على كل المستويات، وهو ما يعتبر ضربة قاتلة للهدف الأساسي من وراء جريمة اغتيال السيد.
وفيما تسيطر دلائل وشواهد انتصار المقاومة وهزيمة العدو، على أجواء وداع القائد الذي يعترف الجميع بأنه لا يُعوض، فإن جميع حسابات مستقبل الصراع لا زالت تشير إلى أن زمن الانتصارات الذي فتحه سماحة السيد حسن نصر الله لن ينتهي برحيله، وأن الفراغ الذي تركه في موقع القيادة سواء على مستوى حزب الله أو على مستوى محور القدس، سيمتلئ بامتداد ونتائج عمله المبارك والذي بات الجميع يحملونه على عاتقهم كأمانة مقدسة.
ومثلما كانت التضحيات الكبيرة محطات أساسية في تطوير خط ومسار العمل الجهادي والمقاومة على امتداد عقود مضت في مختلف جبهات المقاومة، فإن شهاد السيد حسن نصر الله لا تحمل في طياتها فقط دلالات استمرار وتماسك مسار المقاومة، بل تحمل أيضا دلالات تحولات كبيرة ستصنعها الرغبة المشترك لدى الجميع في الوفاء لدماء وعهد السيد الشهيد، وأيضا الدروس المستفادة من المعركة الكبرى التي قُدمت فيها هذه التضحية الاستثنائية على كل المستويات، بما في ذلك المستوى الأمني والعسكري والسياسي، فهذه التضحية بقدر ما مثلت “صدمة” لا يمكن إنكارها فقد وضعت الجميع أمام ضرورات كبرى وحساسة لتطوير أداء جبهة المقاومة وسد ثغرات مهمة والحاجة إلى تأمين مكاسب المراحل الماضية بمعادلات جديدة تدفع العدو باستمرار نحو هزيمته النهائية الموعودة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: سماحة السید حسن نصر الله انتصار الدم الواسعة فی فی التشییع حزب الله
إقرأ أيضاً:
غدا “طوفان الوفاء” في وداع سيديّ شهداء الأمة
الثورة نت/
بيروت ستكون يوم غد الأحد على موعد مع حدث استثنائي، يشارك فيه الآلاف ممن جاءوا من أصقاع العالم المختلفة لتأكيد بقائهم على العهد مع محور المقاومة ضد قوى الطغيان والاستكبار العالمي،كما هو تأكيد على التزامهم نهج وطريق التضحية الذي جسده الشهيدين العظيمين على طريق القدس.
ستكون بيروت على موعد مع تشييع لائق وعظيم لجثماني الأمينين العامين لحزب الله؛ اللذين تمثل تضحيتهما درسا عظيما على طرق مقاومة مشروع الاستعمار الجديد.
إزاء ما ينتظر أشرف الناس من رهبة التشييع الجلل والإستعداد اللائق للإرتقاء بروح سيدي شهداء الأمة ، أكمل حزب الله اللبناني تحضيراته لمراسم تشييع سماحة أمينيه العامين الشهيدين القائد السيد حسن نصر الله والسيد الشهيد هاشم صفي الدين ، تحت شعار” إنّا على العهد”.
وربطاً بأمميّة شخصيتي السيدين الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ، تستقطب العاصمة اللبنانية بيروت يوم غد الأحد الآلاف من المشيعين الذين جاءوا من لبنان وجميع أنحاء العالم لتقديم تحية تقدير ووفاء لقائدين استثنائيين جسدا روح المقاومة، وأفنيا حياتهما في سبيل مقاومة قوى الاستكبار العالمي، ومواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، حتى نالا الشهادة على طريق القدس في المعركة التاريخية مع العدو الصهيوني .
ويترقب العالم مشهدية شعبية ورسمية عالمية من 79 دولة، يمثلون مختلف الطوائف الإسلامية والمسيحية وبمستوى تمثيل سياسي وحزبي وفكري متعدّد ، ما يعكس البعد العالمي للمقاومة وتأثير حزب الله في الساحة الدولية، ويجسّد إرادة الأحرار في الدفاع عن الأرض والسيادة والكرامة.
وعشية التشييع المهيب لأميني الحزب أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله أن “التحضيرات لتشييع الأمينين العامين لحزب الله شبه مكتملة”، مشيراً إلى أن “الإجراءات المتخذة فعالة لضمان سير التشييع بشكل منظم، بغض النظر عن الظروف المناخية أو محاولات التهويل من أي طرف كان”.
وقال في مقابلة عبر إذاعة “سبوتنيك”، “التشييع سيكون تاريخياً وغير مسبوق في لبنان والمنطقة العربية، من حيث الحضور الجماهيري الكبير الذي سيكون مشحوناً بالعاطفة السياسية والتعبير عن الموقف والالتزام”.
وأوضح أن “التعاون القائم مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، بما في ذلك الجيش وقوى الأمن الداخلي، لضمان نجاح العملية، وجميع التفاصيل المتعلقة بالتشييع قد تم إنجازها بشكل كامل لضمان مرور هذا اليوم التاريخي بسلاسة”.
كما أكد فضل الله أن “التشييع سيحمل رسالة تاريخية ويعكس الالتزام بنهج السيد نصر الله”، مشيرًا إلى أن “هناك وفودًا عديدة قادمة من الخارج، وأن “التشييع سيجمع بين الحضور الشعبي والسياسي الرسمي”.
ولفت فضل الله إلى أن “صفحة السيد حسن نصر الله لا تطوى”، وأن “الحزب سيواصل السير على نهجه ووصاياه التي وضعها لا سيّما وأن “حزب الله” هو حزب ذو قيادة جماعية، حيث أن الأشخاص في الحزب لهم تأثير ودور، لكنه لا يتوقف على حياة هؤلاء الأشخاص، وهذا ما رسمه السيد نصر الله بنفسه”.
وعن اكتمال الترتيبات النهائية لمراسم التشييع أكد رئيس اللجنة التنظيمية حسين فضل الله أن “التشييع سيكون حدثًا استثنائيًا لن ينساه العالم، وقد بلغنا أعلى درجات الجهوزية والاستعداد لاستقبال عشاق الثورة والحرية والمقاومة وإدارة هذا الحشد المهيب بما يليق بالتضحيات الكبرى للأمينين العامين لحزب الله”.
وأضاف: “باسم اللجنة العليا لتنظيم تشييع سيد شهداء الأمة والسيد الهاشمي، نعلن أننا في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد، ونعد بأن نقدم ما يليق بالتضحيات الكبرى للأمينين العامين لحزب الله”.
بالمقابل، أنجز أكثر من 20 ألف شاب وصبية من حزب الله، كل الترتيبات التنظيمية واللوجيستية من جميع النواحي لتأمين كل السبل لوصول الوفود الرسمية إلى المنصة الكبرى، ونشروا أكثر من 420 شاشة لمتابعة وقائع الاحتفال ونقل جثمان السيدين من المدينة الرياضية إلى مكان الدفن في الضاحية الجنوبية، وعُلم أن أكثر من 400 ألف مواطن من اليمن والعراق وإيران والبحرين والكويت ومسقط وأحزاب ووفود من كل دول العالم وصلوا إلى بيروت للمشاركة في الحدث الجلل .
أمام ملامح التشييع المرتقب سيشهد العالم “طوفان الوفاء” يكتب من خلاله المشيعون حرفياً فصول مرحلة جديدة ، عنوانها أن الوفاء قائم والتمسك بعقيدة المقاومة والأرض والديار ممتدة ، لا تتوقف عند رحيل قائد، ولا تنهزم أمام المؤامرات.
بهذا المعنى، ستحمل مراسم التشييع بين طيّاتها، رسالة وفاء من قوى المقاومة في فلسطين واليمن والعراق وإيران وأحرار العالم، لمقاومة لبنان ، التي قدمت أغلى الأثمان في معركة إسناد غزة منذ بداية ملحمة “طوفان الأقصى”.
وفي هذا، يؤكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، الشيخ علي دعموش، أن “الحضور في التشييع هو رسالة وفاء من أهل الوفاء لهذا القائد الأممي الكبير، وهو تأكيد على أننا على العهد، نحمل فكره وروحه ومبادئه وأهدافه، ونمضي على دربه، فهو الذي قضى عمره الشريف في الدفاع عن لبنان وسيادته وكرامته الوطنية، وحقق الانتصارات، وأحبط أهداف العدو، وحمل قضية فلسطين وقضايا الأمة، وارتقى شهيدًا على طريق القدس، مستحقًا بجدارة لقب “سيّد شهداء الأمة”.
وغدا الأحد سيثبت جمهور المقاومة كيف يكون الوفاء للقادة الشرفاء، وكيف سيكون هذا التشييع جامعًا للطوائف والمذاهب كافة، والتي سيقف أبناؤها كتفًا إلى كتف لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش من قادنا من عصر الهزائم إلى عصر الانتصارات.
وتحدث الكاتب والمحلل السياسي العراقي، ضياء أبو معارج الدراجي، بما يتوافق مع هذه الرؤية قائلًا ، “إن تشييع الجثمان الطاهر لسيد لبنان ورفيقه ليس مجرد جنازةٍ تقام، أو موكبٍ يطوف المدن، بل هو رسالة وصرخةٌ مدوية تقول إن الالتفاف الشعبي حول قوى المقاومة لم يكن شعارًا، وإن الجماهير التي قيل إنها تخلّت، عادت لتثبت أنها لم تكن يومًا بعيدة، وإن هذه المقاومة، برجالها وسادتها وشهدائها، لم تكن وحدها كما أراد الأعداء تصويرها، بل هي امتدادٌ لوجدانٍ جمعي، لأمةٍ لم ترفع الراية البيضاء، ولم تنس من قدموا أرواحهم قرابين على مذبح العزة والكرامة”.
وفي تعليقه على رسالة الوفاء التي سيحملها المشيعون نشر مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير اللبناني تقريرا خاصا أكد فيه “أن يوم التشييع لن يكون صفحة وانطوت كما يعتقد البعض أو يتخيّل، بل هو نقطة تحوّل تاريخيةٍ حاسمة في موضوع إعادة بناء المقاوِمة. إنّ يوم التشييع التاريخي ليس محطة لتسييل الوجد العاطفي والمشاعر فقط، بل هو رسالة أولاً وأخيرًا بأن هذه الجماهير التي فقدت قائدها وحاميها وظهرها، لن تموت بموتِه ولن تنكسر أو تنهزم، كما يحلم أعداؤها، بل هي تستضيئ بدمائه وتعاليمه ووصاياه لتتابع النهج الذي سار عليه وتتأسّى به”.
ويتابع التقرير ” من الطبيعي أن يتماثل يوم تشييع شهيد الأمة مع يوم العاشر من المحرم حين تخرج الجماهير الملتاعة لتعبّر عن الحزن والولاء والقسم بأنها ستبقى على العهد، فهو يوم الوفاء القليل لمن كان حضوره كبيرًا، ليس على مستوى لبنان واللبنانيين فقط، بل على مستوى العالم وكل مؤيدي خيار التحرّر والمقاومة والمعادين للمشروع الصهيوني” .
ولأن دماءُ السيد غالية وكذا دماء الشهداء من بعده ، يبقى الجانب الأهم في مناسبة التشييع بحسب الكاتب والمحلل السياسي جميل الحسيني، أن شعب المقاومة الذي كان مخلصاً لقائده في حياته سيثبت إخلاصه في البقاء على نهجه بعد رحيله، وسيوثّق صلة الارتباط بالمشروع الذي نادى به الحزب وقادته ومقاوموه والشهداء، وهو أنهم ماضون في مسيرة المقاومة مع القيادة الجديدة انسجاماً مع الشعور بالإنتماء العقدي والوطني، وستبعث الحشود برسالة بالغة العمق والأهمية للداخل والخارج ولا سيما “لإسرائيل” وأمريكا، في أنها منتصرة على الرغم من الفقد العظيم باستشهاد القادة والأبناء وتدمير القرى والبيوت والتهجير، دون اكتراث بنعيق المروّجين لحال الهزيمة وخطاب الانكسار تسويغاً للاستسلام.