صرح الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، بأن الرئيس الأمريكي يسعى إلى إعادة صياغة العلاقات الأمريكية-الأوروبية وفق معادلة جديدة قائمة على المنفعة والتكلفة والمكسب والخسارة، مشيرًا إلى أن هذه التوجهات لا تقتصر فقط على قضية الرسوم الجمركية أو السياسات الحمائية التي يتم الترويج لها في الخطاب الإعلامي والسياسي، بل تمتد إلى قضايا أعمق تتعلق بالدفاع والأمن الأوروبي.

ياسمين العبد على بوستر مسلسل "لام شمسية" في رمضان 2025"بحوث الصحراء": جولات ميدانية لدعم التجمعات الزراعية بسيناء

وأضاف فهمي، خلال مداخلة ببرنامج "مطروح للنقاش"، وتقدمه الإعلامية إيمان الحويزي، على قناة القاهرة الإخبارية، أن الطرح الأساسي للإدارة الأمريكية الحالية يقوم على ضرورة تحمّل الأوروبيين جزءًا من تكاليف الدفاع عنهم، وهي النقطة التي تشكل الأساس الذي ينطلق منه الرئيس الأمريكي في رؤيته لتصحيح مسار العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، موضحًا أن الاتحاد الأوروبي، بدوره، لديه مخاوف وهواجس متزايدة تجاه هذه التوجهات، مما يعكس حالة من عدم الثقة بين الطرفين.

وأكد الخبير السياسي أن هناك اختلافًا واضحًا بين إدارة ترامب الأولى والثانية، إذ أن التطورات المتلاحقة تُحدث تغييرات جذرية في شكل العلاقات مع أوروبا، مشيرًا إلى أن هناك حالة من عدم الارتياح الأوروبي تجاه الخطوات السريعة التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، لا سيما فيما يتعلق بالسياسات الدفاعية والتجارية.

وأوضح فهمي أن الأوروبيين بدأوا في البحث عن ترتيبات أمنية مستقلة عن المظلة الأمريكية، ما قد يؤدي إلى تغيير في سياسات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مشيرًا إلى أن فرنسا تلعب دورًا قياديًا في هذا الاتجاه، حيث يتبنى الرئيس الفرنسي موقفًا أكثر تشددًا وتصاعديًا في التعامل مع واشنطن.

وأشار فهمي إلى أن فكرة إنشاء "الجيش الأوروبي" أو "الفيلق الأوروبي" قد تعود بقوة إلى الطاولة، خاصة مع تصاعد المخاوف الأوروبية من تغيرات السياسة الدفاعية الأمريكية، مضيفًا أن بعض الدول الأوروبية بدأت، حتى قبل وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى البيت الأبيض، في اتخاذ إجراءات لتعزيز إنفاقها الدفاعي والعسكري، وهو ما قد يمهد لتحولات جوهرية في بنية الأمن الأوروبي.

واختتم الخبير السياسي حديثه بالتأكيد على أن الإجراءات التي تتخذها الإدارة الأمريكية لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي أو الرسوم الجمركية، وإنما هي جزء من رؤية أشمل لإعادة صياغة العلاقات مع الحلفاء وفق سياسات أكثر تشددًا، وهو النهج الذي لا يقتصر على التعامل مع أوروبا فحسب، بل يمتد أيضًا إلى الصين وروسيا ودول أخرى.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي الرئيس الأمريكي الرسوم الجمركية طارق فهمي العلوم السياسية المزيد العلاقات مع إلى أن

إقرأ أيضاً:

كاتب أميركي: هكذا يمكن لقوة عظمى مارقة أن تعيد تشكيل النظام العالمي

منذ نهاية الحرب الباردة، كان من المتوقع إلى حد كبير أن تتبع الولايات المتحدة أحد مسارين في السياسة الخارجية؛ إما الحفاظ على مكانة البلاد رائدة للنظام الدولي الليبرالي وإما الانسحاب والتكيف مع عالم ما بعد الولايات المتحدة متعدد الأقطاب، وفق مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية.

لكن الأكاديمي والباحث الأميركي مايكل بيكلي كتب في مقاله هذا أن الولايات المتحدة ربما اختارت، على الأرجح، أن تسلك مسارا ثالثا، وهو أن تصبح قوة عظمى مارقة، لا هي دولية ولا انعزالية، بل عدوانية وقوية وتسعى دوما إلى تحقيق مصالحها وتتصرف باستقلالية في الشؤون العالمية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف خانت جامعة كولومبيا قسم الشرق الأوسط فيها؟list 2 of 2صحف عالمية: ما يحدث في غزة قرار سياسي وليس فشلا إنسانياend of list

وقال إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قدّم تعريفا فظا لهذه الرؤية برفع التعريفات الجمركية وخفض المساعدات الخارجية، وازدراء الحلفاء، واقتراح الاستيلاء على أراضٍ أجنبية، بما فيها غرينلاند وقناة بنما.

الولايات المتحدة ربما اختارت أن تصبح قوة عظمى مارقة، لا هي دولية ولا انعزالية، بل عدوانية وقوية وتسعى دوما إلى تحقيق مصالحها وتتصرف باستقلالية في الشؤون العالمية

وأضاف أن أحد الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة تتصرف بمفردها هو أنها تستطيع ذلك. فعلى الرغم من عقود من التحذيرات من التراجع، إلا أنها لا تزال تمتلك قوة عالمية هائلة، عسكرية واقتصادية وتكنولوجية.

وأوضح أن للولايات المتحدة سوقا محلية استهلاكية ضخمة تنافس حجم الأسواق في الصين ومنطقة اليورو مجتمعة، وهيمنة مالية عالمية، ونفوذا عسكريا لا مثيل له ولا تضاهيها فيه دولة أخرى. كما أنها أقل اعتمادا على التجارة الدولية والعمالة الأجنبية، على عكس معظم الدول.

إعلان

وفي عالم يعتمد على جيش الولايات المتحدة وأسواقها إلى حد كبير، تتمتع واشنطن بنفوذ هائل يمنحها القدرة على مراجعة القواعد أو التخلي عنها تماما، كما يدعي بيكلي الذي يعمل أستاذا مشاركا في العلوم السياسية في جامعة تافتس.

ويشرح الكاتب في مقال الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة تجنح إلى أن تصبح دولة "مارقة"، حيث يرى أن النظام الليبرالي الذي بنته أصبح الآن عبئا عليها لأنه يقوّي خصومها مثل روسيا والصين، بينما يسبب ألما اقتصاديا في الداخل.

ولقد أصبح حلفاؤها يعولون عليها مفرطين لأنهم ربما غير راغبين أو عاجزون عن تحمل وطأة الحفاظ على الأمن الدولي. ثم إن رد الفعل العنيف داخل الولايات المتحدة على العولمة دفعها إلى تأجيج النزعة الحمائية والقومية، وفق المقال.

ويعتقد بيكلي -الذي يعمل أيضا باحثا غير مقيم في معهد "أميركان إنتربرايز" في واشنطن– أن الاتجاهات العالمية تعزز التحول في السياسة الأميركية. ومن الأمثلة على ذلك، أن التغير الديمغرافي السريع يضعف القوى العظمى، خاصة في منطقة أوراسيا، ويزعزع الاستقرار في مناطق واسعة من العالم النامي.

التكنولوجيات الجديدة ومنها الذكاء الاصطناعي، تقلل من حاجة الولايات المتحدة إلى العمالة الأجنبية والطاقة والقواعد العسكرية الكبيرة

وفي الوقت نفسه، تقلل التكنولوجيات الجديدة والذكاء الاصطناعي من حاجة الولايات المتحدة إلى العمالة الأجنبية والطاقة والقواعد العسكرية الكبيرة، طبقا لبيكلي الذي يضيف أن الجيش الأميركي يتحول من الردع بالحضور عسكريا إلى القدرة على توجيه ضربات دقيقة من بُعد.

لكن النزعة الأحادية "المنفلتة" -على حد تعبير المقال- تنطوي على مخاطر إذ قد تفضي إلى تدمير التحالفات وزعزعة استقرار النظام العالمي، وقد تتسبب الرسوم الجمركية والسياسة الاقتصادية العسكرية في استفزاز منافسين مثل الصين وتؤدي إلى صراع مفتوح.

إضافة إلى ذلك، فإن تنازل الولايات المتحدة عن مناطق النفوذ لروسيا والصين قد يؤدي إلى توسعهما وليس احتواءهما.

إعلان

والنتيجة -برأي كاتب المقال- هي عدم تناسق متزايد يتمثل في فوضى متصاعدة وحلفاء ضعفاء من جانب، واكتفاء ذاتي أميركي متعاظم من جانب آخر. ومع اتساع هذه الفجوة، ستواجه واشنطن إغراءات أقوى للتصرف بمفردها.

واشنطن يمكنها أن تختار القومية المتهورة، أو أن تعيد تشكيل النظام العالمي بإرساء تحالف محكم من الشركاء القادرين، والاستفادة من نقاط قوتها لبناء عالم حر عامل

والبديل الذي يقترحه الكاتب هو إنشاء تكتل إستراتيجي للعالم الحر يتضمن نواة اقتصادية لدول أميركا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا والمكسيك)، وتحالفا عسكريا يركز على الدفاع الأمامي مع مشاركة قوية للأسلحة والتكنولوجيا، وتكتلا اقتصاديا منسقا مع قواعد مشتركة وإمكانية الوصول إلى الأسواق.

ويخلص المقال إلى أن الولايات المتحدة تقف على مفترق طرق، ليس حول ما إذا كان عليها أن تمضي في طريقها بمفردها، بل بشأن كيفية القيام بذلك. ويمكنها أن تختار القومية المتهورة، أو أن تعيد تشكيل النظام العالمي بإرساء تحالف محكم من الشركاء القادرين، والاستفادة من نقاط قوتها لبناء عالم حر يعمل.

مقالات مشابهة

  • كاتب أميركي: هكذا يمكن لقوة عظمى مارقة أن تعيد تشكيل النظام العالمي
  • لمحة عن سياسات ترامب الجمركية المطبقة وتلك التي قد تدخل حيز التنفيذ
  • الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب
  • خبير اقتصادي: البورصات الأمريكية تراجعت بنسبة 3% بعد قرارات ترامب
  • ارتفاع الأسهم الأوروبية وسط نتائج أرباح متباينة وتفاؤل حذر بشأن الرسوم الأمريكية
  • وزيرة الخزانة الأمريكية السابقة تصف سياسات ترامب الجمركية بـ «غير الواضحة»
  • الطماطم المكسيكية في مرمى الجمارك الأمريكية.. رسوم جديدة تبدأ في يوليو المقبل
  • حوار سياسي بين الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية على حل الدولتين
  • سياسي بلجيكي ينتقد ازدواجية معايير الاتحاد الأوروبي بين أوكرانيا وفلسطين
  • خبير سياسي: جولة الرئيس السيسي الخليجية تدعم العلاقات المصرية العربية