رفض سياسي ورسائل مبطنة.. لماذا تعارض قوى الإطار تطبيع العلاقات مع سوريا؟ - عاجل
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
كشف الباحث والأكاديمي مجاشع التميمي، اليوم الاحد (23 شباط 2025)، سبب رفض قوى الإطار التنسيقي حضور الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع إلى العاصمة بغداد للمشاركة في القمة العربية.
وقال التميمي، لـ"بغداد اليوم"، إن "الإطار التنسيقي يُعد الحليف الأول للجمهورية الإسلامية الإيرانية، لذلك من الطبيعي أن تكون أغلب قواه معارضة للنظام السياسي الجديد في سوريا، وما حدث مؤخراً من حملة إعلامية ضد زيارة وزير الخارجية السوري إلى بغداد يأتي ضمن هذا السياق".
وأوضح أن "الشرع يُعد من أشد المعارضين لإيران، لذلك عبّر بعض زعامات الإطار عن رفضهم استقباله في حال زيارته إلى بغداد، ما يُفسَّر على أنه اعتراض على تطوير العلاقات مع سوريا الجديدة. ولهذا، لا يُتوقّع أن يحضر الرئيس الشرع القمة العربية المقبلة في بغداد".
وأضاف أن "هناك عوامل إقليمية وخارجية قد تُجبر قوى الإطار على تقبل الأمر الواقع ووقف الحملات المعارضة لزيارة الشرع، خصوصاً أن الاعتراض بدأ برفض زيارة وزير الخارجية السوري التي كانت مقررة أمس السبت".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
الشرع وحده لا يكفي.. ماذا ينتظر سوريا؟
برز أحمد الشرع، مؤسس الفرع السوري لتنظيم القاعدة الإرهابي، كزعيم انتقالي لسوريا بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق بشار الأسد، الذي دام 55 عاماً، في حملة عسكرية خاطفة في ديسمبر (كانون الأول) 2024.
مؤيدو الشرع يؤكدون أن تحوله بدأ في إدلب
ورغم ماضيه المتطرف، يسعى الشرع لتقديم نفسه كموحِّد للبلاد، واعداً بإعادة بناء سوريا تحت رايتي الاعتدال والشمولية، ولكن قيادته تواجه تحديات جسيمة، وفق تقرير روبرت إف. وورث، كاتب مساهم في مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، منها: العنف الطائفي، والانهيار الاقتصادي، وانعدام الثقة بين الأقليات، ومهمة شبه مستحيلة لإقامة دولة من بين ركام ديكتاتورية، وحرب أهلية دمّرت البلاد لعقود.
Can One Man Hold #Syria Together?
A former jihadist has remade himself in a bid to remake a scarred and divided country. https://t.co/ZhJTcWiFUW
شكَّلَ إسقاط الأسد بحملة عسكرية بزعامة الشرع استغرقت 11 يوماً مفاجأة للعالم، حيث سيطرت قواته، بما فيها تحالف "هيئة تحرير الشام"، على مدن كحلب ودمشق بضبط نفس مدهش، متجنبة الانتقام الدموي المُتوقَّع من جماعة سابقة للقاعدة.
وفي حلب، روى مسيحيون تعاملاً محترماً من مقاتلي هيئة تحرير الشام، الذين وزعوا الطعام وحافظوا على الهدوء، وتناقض هذا الانضباط بوضوح مع الصورة النمطية للجماعات الإرهابية.
وفي خطاب تنصيبه بدمشق، قدم الشرع نفسه كـ"ابنٍ بار" لـ"أمٍّ حزينة" (سوريا)، مُتعهداً بملء فراغ السلطة ومنع أعمال الانتقام. إن تحوُّله من قائد متشدد – معروف سابقاً بلقب "أبو محمد الجولاني" – إلى رجل دولة أنيق يرتدي بذلات حديثة يرمز لمحاولته كسب الشرعية.
قال الشرع في خطابه محاولاً الابتعاد عن ماضيه العسكري: "قد تُسقِط الثورة نظاماً، لكنها لا تبني دولةً".
العنف الطائفي وتحديات الحكم
ورغم وعود الشرع، أصبحت الأقلية العلوية – طائفة الأسد – هدفاً للخطف والمجازر.
وما زالت الأقليات، كالمسيحيين والدروز، يشعرون بالتوجس من جذور الشرع، روى القس فراس اللطفي كيف أخفى رجالاً شيعة خلال سقوط دمشق.
ويسود القلق موقف الشرع الغامض من مستقبل سوريا، إذ يعد بالشمولية، ويتجنب التصريح بالديمقراطية. وحين سُئل عن تبني الديمقراطية، أجاب: "إذا كانت تعني أن يختار الشعب حكامه، فنعم".
ولا شك في أن وجود عناصر متطرفة داخل تحالف الشرع يُضعف صورته المعتدلة.
وظهرت التناقضات الأيديولوجية داخل النظام من خلال تعيينات مثيرة للجدل، مثل وليد كبولة، وهو المشرف التعليمي الذي دعا إلى "تطهير سوريا من العلويين والشيعة واليهود".
إعادة الإعمار والانهيار الاقتصادي
وتعاني بنية سوريا التحتية من الخراب. تفتقر المدارس إلى الورق والتدفئة؛ يتقاضى المعلمون 20 دولاراً شهرياً. وفي مستشفى ابن سينا النفسي قرب دمشق، يرتجف المرضى خلف القضبان، ويعيشون على تبرعات الطعام بينما توزع الممرضات السجائر لتهدئتهم. تساءلت ممرضة: "من سيبقى مع مجانين دون حصوله على راتب؟"
Many Syrians agree that after 14 years of brutal civil war, there is now a need for a strong pair of hands that can keep the country together.
✍️ Daniel Thorpe https://t.co/dgJNNJQXoZ
ويعاني الاقتصاد المُنهك بالحرب والعقوبات من العزلة. اعتماد الأسد على تجارة الكبتاغون خلّف إرثاً ساماً. داهمت قوات الشرع مستودعات تخزين كان يسيطر عليها ماهر الأسد (شقيق بشار)، وأحرقت كميات ضخمة من المخدرات. لكن تحويل الميليشيات المعتمدة على التهريب لخدمة الجيش والدولة تحدّ لا يعرف أحد نتيجته.
تؤدي العقوبات الدولية، المفروضة بسبب تصنيف هيئة تحرير الشام كإرهابية، إلى خنق سبل التعافي. ويُحجم الغرب عن تقديم المساعدة برغم مناشدات الشرع. أما تركيا، الداعم الرئيس، فتفتقر للأموال اللازمة، بينما تباطأت وعود الخليج.
وحذر محللون من أن "فشل الشرع في إنعاش الاقتصاد سيؤدي إلى تفكيك تحالفه" متخيلين سيناريو ليبي من الفوضى.
مناورات سياسية ووحدة هشة
برعت حنكة الشرع في صفقاته السياسية كالاتفاق مع الأكراد. وفي مارس (آذار) 2024، منح حكماً ذاتياً للشمال الشرقي، مُدمجاً ميليشياتهم المدعومة أمريكياً في الدولة. وأُطلقت الأفراح أعيرة نارية، لكن التوترات باقية: الأكراد يسيطرون على النفط، والمفاوضات المستقبلية ستختبر مدى ولائهم. أما الدروز فيقاومون الاندماج. طالب زعيمهم الشيخ حكمت الحجري بـ"دولة قانون" قبل نزع السلاح. وفي إدلب، أظهرت تجربة "شبه الدولة" بزعامة الشرع نجاحاً؛ فقد كبح المتطرفين، وأقام المحاكم وأعاد الخدمات.
التصور الشعبي: أملٌ مقابل شكوك
السوريون منقسمون. بعضهم، كالمصور ضياء السيد، يرون الشرع "صاحب رؤية". كان ضياء موثِّقاً جيداً لجرائم الأسد، وأشاد بجهود الشرع وتركيزه على "طي الصفحة". أما آخرون، وخاصة العلويين، فيرونه "ذئباً في ثياب حمل". وقال ناشط علوي: "نخشى أن يظهر الجولاني الذي بداخل الشرع".
مؤيدو الشرع يؤكدون أن تحوله بدأ في إدلب، حيث حكم بنزعة براغماتية. أقام "ديوان مظالم" لمعالجة شكاوى المواطنين، وتقبل الاحتجاجات سواء إسلامية أو علمانية. "تعامل بحكمة مع الحركات"، هكذا قال الجراح خلدون الملاّح، الناجي من وحشية تنظيم داعش الإرهابي.
وأشارت المحللة السياسية دارين خليفة إلى تحوله التدريجي بقولها: "إنه إسلاموي براغماتي يقرأ سياسات المنطقة".
أمة عند مفترق طرق
وحذر معد التقريرمن أنه إذا تعثر الإعمار، فقد يصبح الفشل الليبي نموذجاً محتملاً لمستقبل سوريا. وتعتمد عملية التعافي الاقتصادي بشكل حاسم على المساعدات الخارجية ورفع العقوبات، لكن الغرب تساوره شكوك كبيرة بشأن المستقبل السوري.
وتواجه قيادة أحمد الشرع تحدياً رئيساً يتمثل في التوفيق بين ماضيه العنيف وصورته الحالية كرجل دولة. ورغم أن كاريزميته وقدرته على إبرام الصفقات توفر أساساً هشاً للوحدة الوطنية، فإن الانقسامات العميقة في سوريا - بسبب التوترات الطائفية والانهيار الاقتصادي والتدهور المؤسسي - تشكل تهديداً وجودياً.
ويكمن الاختبار الأهم للشرع، وفق الكاتب، ليس في المجال العسكري، بل الأخلاقي: هل يستطيع، بصفته جهادياً سابقاً، إعادة تشكيل نفسه كقائد لإعادة بناء سوريا؟، أم أن إرث سجون الأسد و"دولة الخلافة" سيبقى يطارد مستقبل البلاد؟ الإجابة تتوقف على قدرته على تجاوز ماضيه وإقناع الشعب بالسير في الاتجاه ذاته.