في حين كان الفلسطينيون يتابعون -ليلة أمس السبت- قرارات الحكومة الإسرائيلية تعليق خروج الدفعة السابعة من الأسرى ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كان أهالي محافظة جنين يتابعون باهتمام كبير وصول قوة من دبابات الاحتلال إلى ما يعرف بـ"فتحة مقيبلة" القريبة من حاجز الجلمة العسكري.

حالة من الصدمة والاستغراب حملها وصول 3 دبابات إلى محيط مدينة جنين، في مشهد غاب عن أعين الناس أكثر من 20 عاما، وتحديدا منذ نهاية الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 (انتفاضة الأقصى).

ويأتي هذا التطور العسكري بعد يومين فقط من اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مخيم طولكرم مع قوة من الجيش، حيث قال إن "العمليات مستمرة وستتوسع".

نتنياهو من مخيم #طولكرم: ما رأيناه أمس هو محاولة تنفيذ هجمات متسلسلة جماعية وهو أمر خطير للغاية، وقد أصدرت الأوامر بتعزيز القوات في الضفة الغربية#الأخبار pic.twitter.com/KRKqEwUmns

— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 21, 2025

مبالغات

كما يأتي بعد جملة من التصريحات القوية التي أصدرتها المستويات السياسية الإسرائيلية منذ أيام، والتي كان آخرها تصريحات وزير الأمن يسرائيل كاتس، من مخيم طولكرم، بأن "عملية السور الحديدي في شمال الضفة الغربية ستستمر لوقت طويل، وبأنه لن يسمح لسكان المخيمات الفلسطينية بالعودة إليها خلال العام الحالي بهدف القضاء على مجموعات المقاومة".

إعلان

لكن الأهالي يرون أن ما تقوم به إسرائيل ليس إلا "مبالغات لا صحة لها تهدف بالأساس لتدمير مدن شمال الضفة، وزيادة صعوبة حياة الناس وتعقيدها وتهجير السكان وإفراغ المخيمات".

ومنذ اليوم الأول للعملية، قتل الاحتلال 10 مدنيين فلسطينيين. وخلال الـ34 يوما وهي مدة العملية في مخيم جنين حتى الآن والتي أدت إلى سقوط 27 شهيدا، لم يكن من بينهم سوى مقاومين استشهدا في الاشتباكات في المخيم.

وتشير المعطيات إلى أن المقاومين في مخيمات شمال الضفة بشكل عام، وفي مخيم جنين بشكل خاص، اضطروا لإخلائها والخروج منها بعد دخول جنود الاحتلال إلى عمق المخيم، وأن عددا كبيرا منهم جرى اعتقاله في المناطق التي لجؤوا إليها في بلدات محافظة جنين. ولم يشهد المخيم على مدار الأسابيع الماضية اشتباكات مسلحة بين مقاومين وجنود الاحتلال.

وصباح، اليوم الأحد، وسعت إسرائيل عملية "السور الحديدي" في المحافظة لتشمل بلدة قباطية جنوب مدينة جنين، حيث اقتحمت قوات كبيرة من آليات وجنود الاحتلال البلدة برفقة جرافات عسكرية، وشرعت في تدمير بنيتها التحتية وقطع خطوط الكهرباء والمياه فيها.

ضرب الحاضنة

يرى أحمد زكارنة رئيس بلدية قباطية أن الاحتلال يستهدف البلدة كجزء من سياسته المتبعة في مخيمات جنين وطولكرم لضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة.

وأضاف، في حديث للجزيرة نت، أنه قبل أشهر نشط عدد من المقاومين في قباطية، واستهدفهم الاحتلال في مرات عديدة بالقصف والقتل والتنكيل، وأن ما يحدث اليوم فيها ليس للبحث عن المقاومين لأنهم "لا يوجدون في البنية التحتية ولا في خطوط الكهرباء التي دمرتها جرافات الاحتلال، ولا في محال الخضار وبسطات البضائع الموضوعة في الشارع على مدخل البلدة".

ويؤكد زكارنة "ما يحدث هو تدمير للبلدة كعقاب جماعي للفلسطينيين ولزيادة التخويف والرعب لدى الناس، وتحويل حياتهم إلى جحيم".

إعلان

ويتابع رئيس بلدية قباطية أن جرافات الاحتلال دمرت منازل ومركبات المواطنين وشوارع رئيسية في البلدة وانتقلت لتجريف الشوارع الفرعية بين البيوت، كما هدمت أجزاء من جدران مقبرة الشهداء على مدخل البلدة، وهي مقبرة ذات بعد تاريخي حيث تضم أضرحة 45 جنديا عراقيا شاركوا في معارك عام 1948 ضد إسرائيل، واستشهدوا ودفنوا فيها.

ومنذ اقتحام قوات الاحتلال لقباطية، لم تشهد البلدة إطلاقا للرصاص الحي بين جنود الاحتلال ومقاومين، ولا تفجيرا لعبوات محلية الصنع، "مما يؤكد أن ادعاء الاحتلال بتوسيع المعارك غير صحيح، ولا وجود لها أصلا".

وبحسب وزير الأمن الإسرائيلي كاتس، فإنه تم حتى الآن تهجير 40 ألف مواطن من مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم، وهي الآن خالية من السكان. وقال إنه أصدر تعليماته للجيش "للقضاء على بؤر الإرهاب وعدم السماح لها بالازدهار مرة أخرى، وهو ما قد يستدعي بقاء قوات الجيش لمدة عام في مخيمات شمال الضفة".

خطة إسرائيلية

يرى المحلل والخبير في الشأن الإسرائيلي سليمان بشارات أن تصريحات كاتس تأتي ضمن عملية إعادة هندسة السكان الفلسطينيين، وإعادة ترتيب الحالة السياسية الفلسطينية لتحقيق الخطة الإسرائيلية لضم الضفة الغربية. وأوضح، للجزيرة نت، "هذا ما ذهبنا إليه منذ بداية عملية السور الحديدي في مخيم جنين بأنها عملية سياسية بطابع عسكري إسرائيلي".

ووفق بشارات، فإن تعمد إسرائيل إدخال وحدة من الدبابات يثبت أن الاحتلال أمام مرحلة تأخد شكل وطبيعة عودته لكن ليس بشكل عسكري وإنما كجزء من ترتيب بيئة الضفة، كما أنها تمثل خطة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش التي أطلقها عام 2017 و"هي خطة الحسم الإسرائيلية في الضفة".

إن المتابع لموجة التصريحات الإسرائيلية منذ وجود نتنياهو في طولكرم وحتى صباح اليوم الأحد، والتي تتلخص في إطالة زمن العمليات العسكرية وإدخال وحدات الدبابات ووحدتي ناحال ودوفدفان، يلمس بشكل واضح تضخيم الحالة الفلسطينية وتصوير ما يحدث كقتال بين قوتين، في حين أن ما يحدث على أرض الواقع هو اقتحام للمدن والقرى الفلسطينية وتحويلها إلى خراب.

إعلان

ويؤكد بشارات أن الاحتلال حرص من اليوم الأول على تصدير الحالة الفلسطينية على مدى أكبر بكثير مما هي عليه، وهو يريد أن يحمّل كل ما يحدث للبعد الدفاعي، وواحد من الأهداف الأساسية لما يجري مرتبط بالداخل الإسرائيلي.

ويضع الدفع بالدبابات إلى مشارف جنين والحديث عن مشاركتها بطريقة دفاعية لحماية قوات جيش الاحتلال، في إطار "رفع حالة الانتكاسة التي أصابت الجيش في قطاع غزة، وإعادة الروح العسكرية التي فقدتها وحداته هناك، ولإرضاء اليمين المتطرف في حكومة الاحتلال".

ويصف المحلل بشارات وجود الدبابات بـ"الاستعراضي البحت لأن الحالة الموجودة في الضفة لا تحتاج لاستخدامها أصلا، فإن كان الحديث عن القضاء على أذرع المقاومة كما يقول كاتس، فإن الاحتلال يقوم بذلك منذ سنوات من خلال اعتقالهم وعمليات القصف التي تتم من فترة إلى أخرى".

ويرى مراقبون أن الاحتلال يعمل بشكل متواز -وعلى أكثر من خطة- للوصول إلى التهجير الشمولي في الضفة وإعادة هندسة الوجود الفلسطيني، بحيث يتعامل مع خيارات غير محسوبة.

ويعلق بشارات أن الاحتلال يعمل بطريقة الضغط الكبير ومن خلال استعراض القوة، وآخرها ظهور الدبابات، لمحاولة تطبيق خطة التهجير إلى الأردن، أو من خلال إعادة تشكيل المناطق والمدن الفلسطينية بترحيل السكان داخليا و"هو ما يحدث في مخيمات شمال الضفة حاليا".

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أن الاحتلال شمال الضفة فی مخیمات فی الضفة ما یحدث فی مخیم

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يقتل فلسطينيين اثنين ويدفع بتعزيزات شمالي الضفة

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، شابين فلسطينيين وأصابت واعتقلت آخرين خلال عدوانها المستمر شمال الضفة الغربية وشرق مدينة القدس، في حين تواصل الدفع بتعزيزات عسكرية إلى مدينتي طولكرم وجنين.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) باستشهاد فلسطيني (41 عاما) عقب إطلاق الشرطة الإسرائيلية النار عليه قرب بلدة العيزرية شرق القدس.

وأوضحت الوكالة أن قوات من الشرطة الإسرائيلية أطلقت النار على المواطن (الذي لم تكشف عن هويته) وأصابته، وتم نقله إلى أحد المستشفيات، ليعلن لاحقا عن استشهاده.

وفي تطور آخر، ذكرت مصادر محلية أن قوات خاصة من جيش الاحتلال تسللت إلى بلدة دير غزالة شرق مدينة جنين شمال الضفة، وأطلقت النار على شابين داخل سيارة.

وأضافت المصادر أن القوات الإسرائيلية منعت الإسعاف من الوصول إلى الشابين، فيما دفعت بتعزيزات عسكرية إلى القرية.

كما اعتقلت قوات الاحتلال المواطن رائد طوالبة وزوجته ونجله جهاد، عقب محاصرتها منزلا في دير غزالة.

فيما ذكر الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان، أن طواقمه استلمت من قوات الاحتلال على حاجز الجلمة شمال جنين، إصابتين بالرصاص الحي، إحداها لشاب مصاب بالفخذ، والأخرى أسفل الظهر، حيث تم نقلهما للمستشفى.

الاحتلال يشن عدوانا واسعا شمالي الضفة الغربية (رويترز)

 

وفي قلقيلية، قتل جيش الاحتلال فلسطينيا وأصاب واعتقل آخرين، خلال اقتحام شمال الضفة الغربية المحتلة.

إعلان

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية باستشهاد الشاب براء يوسف (19 عاما) برصاص الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم بمدينة قلقيلية، وأشارت الوزارة إلى أن الجيش الإسرائيلي احتجز جثمان الشاب الفلسطيني.

وقال شهود عيان  إن قوات خاصة إسرائيلية اقتحمت قلقيلية وحاصرت منزلا في حي النقار بالمدينة وأطلقت الرصاص الحي وقنابل محمولة على الكتف، تجاه المنزل.

وخلفت العملية دمارا في المنزل، وظهرت آثار الدماء والخراب في كل زواياه.

الاحتلال يدفع يوميا بتعزيزات عسكرية إلى طولكرم وجنين (الأناضول)

 

وفي الإطار، نفذ جيش الاحتلال عمليات اقتحام واعتقال في مواقع متفرقة بالضفة الغربية، أبرزها في مخيم بلاطة للاجئين شرقي نابلس، وبلدتي دير غسانة وبيرزيت ومخيم الجلزون بمحافظة رام الله، وقلقيلية، والقدس.

واعتقل الاحتلال منذ مساء الاثنين أكثر من 25 فلسطينيا بينهم سيدة وأسرى سابقون.

وتواصل قوات الاحتلال تنفيذ عمليات الاعتقال والتحقيق الميداني الممنهجة في مدن الضفة كافة، والتي تصاعدت بشكل غير مسبوق، ليس فقط من حيث مستوى أعداد المعتقلين، وإنما من حيث مستوى الجرائم التي يرتكبها الاحتلال.

وفي نابلس، أطلق جيش الاحتلال، الرصاص الحي صوب مركبة خلال وقوفها عند حاجز المربعة جنوب المدينة.

وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال المتمركزة على الحاجز، أطلقت الرصاص الحي تجاه باص لنقل الركاب أثناء توقفه على الحاجز من قرية تلفيت، ما أدى لتحطم زجاج الباص، دون وقوع إصابات.

قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 15 ألف فلسطيني من الضفة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول (غيتي)

 

عدوان متواصل على جنين وطولكرم

وتستمر إسرائيل في عدوانها على مدينتي جنين وطولكرم (شمال) منذ أسابيع، والذي تخللته عمليات قتل وهدم وتشريد وتحقيق ميداني ممنهج طال عشرات العائلات، إضافة إلى اعتقال مواطنين رهائن، وتحويل منازل إلى ثكنات عسكرية.

إعلان

ومنذ 64 يوما على التوالي، يواصل الاحتلال عدوانه ويدفع بتعزيزات عسكرية برفقة جرافات إلى جنين وطولكرم، تزامنا مع إحراق المنازل، وهدم المحلات التجارية، بالإضافة إلى حملة اعتقالات واسعة، وتشريد العائلات من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس.

وتحذر السلطات الفلسطينية من أن هذا العدوان الواسع والمدمر يأتي في إطار مخطط حكومة بنيامين نتنياهو لضم الضفة وإعلان السيادة عليها، وهو ما قد يمثل إعلانا رسميا لوفاة حل الدولتين.

ومنذ بدئه حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، صعّد الاحتلال ومستوطنوه اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 938 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف شخص، واعتقال 15 ألفا و700، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

وبدعم أميركي يرتكب الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 163 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.​​​​​​​

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال الاسرائيلي يواصل عدوانه على جنين ومخيمها لليوم الـ65
  • جيش الاحتلال يقتحم مخيم بلاطة بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية
  • قتلى بقصف إسرائيلي شمال قطاع غزة.. و«حمدان بلال» حراً غداة اعتقاله في الضفة
  • الاحتلال يقتل فلسطينيين اثنين ويدفع بتعزيزات شمالي الضفة
  • شهيد وإصابات في عدوانين للاحتلال شمال الضفة وشرق القدس
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من تصعيد الاحتلال لجرائم التطهير العرقي في الضفة الغربية 
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من تصعيد الاحتلال عدوانه البري في قطاع غزة
  • الخارجية الفلسطينية تدعو إلى مزيد من الضغط الدولي لوقف "الإبادة" في غزة
  • الاحتلال يكثف تحركاته لتصفية القضية الفلسطينية
  • الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية إلى مخيم جنين