عائلات شهداء غزة .. مواجهة جديدة مع الموت
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
بمعدات تقليدية ومتواضعة وبالأيدي... صعوبات كبيرة تواجهها طواقم الدفاع المدني في انتشال جثامين الشهداء من تحت الأنقاض داخل قطاع غزة مع استمرار منع الاحتلال الإسرائيلي لدخول المعدات الثقيلة.
على مقربة من الحي المهدم وبوسائل متواضعة، توافد العديد من الرجال لإعادة انتشال مجموعة من الشهداء الذين تم دفنهم في مقبرة جماعية خلال الاجتياح البري الأخير لشمال غزة.
كانت ليلة السادس والعشرين من أكتوبر 2024 م، من أصعب وأحلك الليالي على عائلة أبو شدق في بيت لاهيا، بعد أن قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف منزلهم والمنازل المجاورة وأدى ذلك إلى ارتقاء أكثر من خمسة وثلاثين شهيدًا جلهم من النساء والأطفال والشيوخ الذين كانوا موجودين في المنزل.
كانت أروى (40)عامًا تجلس برفقة مجموعة من النساء، وهى تنتظر إخراج جثمان زوجها الشهيد المختار أبو جميل أبو شدق الذي استشهد في القصف ذاته بينما أصيبت هي وما زالت تنتظر خروجها لاستكمال علاجها في جمهورية مصر العربية بعد حصولها على تحويلة طبية. تقول: «كنا نجلس في الطابق الأرضي داخل عمارة أقارب زوجي، بينما هناك العديد من الأطفال والنساء موجودون في باقي طوابق العمارة، كانت الأوضاع في غاية الصعوبة حيث يطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار في كل مكان ويقوم بتفجير البيوت فوق رؤوس ساكنيها، لم نتخيل أن نكون ضمن المستهدفين».
صمتت حينها بينما كان الرجال ينتشلون الشهداء واحدًا تلو الآخر، وأخذت دموعنا تنهمر، فالمصاب جلل والفقد صعب.
اصطف الرجال خلف جثامين الشهداء لأداء صلاة الجنازة عليهم والذهاب بهم إلى المقبرة لدفنهم.
استطردت أروي قائلة: «لم أتخيل يومًا أنني سأبقى وحيدة دون زوجي، لقد كان الزوج والأب والصديق والابن».
على مقربة منها كانت تجلس أم أيمن أبو شدق (55) عامًا تبكى فقدان زوجة ابنها الحامل وأحفادها الخمسة قائلة: «لم أتوقع يومًا أن أفقدهم في يوم واحد، كنت أراهم بشكل يومي لم نفترق طوال الحرب إلا في تلك الليلة، عندما ذهبت لزيارة ابنتي في البيت المجاور، عدت بعد سماع صوت الانفجارات التي هزت المنطقة فوجدت المنزل قد أصبح ركامًا فوق ركام، كانت لحظات صعبة ونحن ننتشل أجسادهم واحدًا تلو الآخر، لم يتمكن الإسعاف والدفاع المدني من الوصول للمنطقة آنذاك، كنا ننبش الأرض بأيدينا ونحن نحاول انتشالهم، قام بعض الرجال بمواراتهم الثرى على مقربة من المنزل بينما كانت طائرة الكوادكابتر تطلق عليهم نيران أسلحتها بين الحين والآخر» كانت تمسح دموعها وتدعو لهم بالرحمة والمغفرة.
لم يكن حال ندى قحمان (43) عامًا أفضل، فقد فقدت ابنها وزوجها وعددا من أفراد الأسرة في نهاية أكتوبر عام 2023م، ولم تستطع طواقم الدفاع المدني آنذاك انتشال جثامين الشهداء التي وجدت تحت أنقاض منزلهم المكون من خمسة طوابق، قالت: «منذ دخول الهدنة إلى حيز التنفيذ قبل شهر من الآن، هرعت إلى المنزل وجلست على أنقاضه أبكي فراق الأحبة، أخبرت الأهل بأنني لن أغادر المكان مطلقًا قبل انتشال جثمان زوجى وابني، حينها تم التواصل مع طاقم الدفاع المدني الذي هرع للمكان برفقة أبناء العائلة والجيران وقاموا بالحفر بالمعدات البسيطة وبعد ثلاثة أيام استطاعوا إخراج الجثامين من تحت ركام المنزل ومواراتها الثري، لقد عشت أياما وشهورا صعبة للغاية، اليوم أستطيع زيارة قبر زوجي الذي دُفن بجوار ابني في المقبرة».
أمجد الشوا مدير عام شبكة المنظمات الأهلية: صرح قائلًا: «أحد المفاتيح المهمة لتحسين الوضع الكارثي في قطاع غزة في هذه المرحلة هي الإغاثة العاجلة من خلال إدخال الآليات الثقيلة من بواجر وجرافات وتوفير الوقود اللازم لها من فتح الطرق وتمهيد المناطق لإقامة مراكز إيواء سواء في رفح أو في الشمال والمساعدة في انتشال جثامين الشهداء والنقطة الأخرى وهي إمدادات المياه سواء للاستخدام اليومي أو للشرب، إضافة إلى توفير وصيانة الخطوط ومحطات تحلية صغيرة وكذلك العمل لنقل أكوام النفايات من مناطق النزوح إلى خارجها» أما الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل فقد صرح قائلًا: «ما زال الاحتلال يُواصل المماطلة في إدخال المساعدات الإغاثية ولا يريد عودة السكان، لم نتمكن من انتشال جثامين الشهداء تحت الأنقاض بسبب غياب الآليات المتخصصة، نُطالب بفتح المعابر بشكل كامل لإدخال المساعدات وبدء عملية الإعمار وإنهاء المعاناة».
وأكد أن «جهود طواقم الدفاع المدني الإنسانية التي نبذلها لم تتوقف في جميع محافظات قطاع غزة، حيث إننا وعلى مدار حرب الإبادة الجماعية قمنا بتنفيذ 37 ألفا و500 مهمة إنسانية، وهو ما يعادل 24 عاما من العمل في الوضع ما قبل الحرب».
وفي ظل عدم توفر المعدات الثقيلة، قال بصل: إن «العمل بهذه الآلية البدائية سيستغرق 6 أعوام، خاصة وأن مسؤولين أمميين قدروا بأن قصف الاحتلال خلّف ما لا يقل عن 37 مليون طنا من الأنقاض والركام في جميع محافظات قطاع غزة».
واعتبر «صمت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والأممية حكما بالإعدام على جهاز الدفاع المدني، وبالتالي القضاء على كل جهود الإغاثة والطوارئ والإنقاذ التي يشرف عليها الدفاع المدني، وهذه جريمة ضد القانون الدولي».
كما ناشد «جميع الجهات ذات العلاقة، وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني، وجميع العاملين والمعنيين في المجال الإنساني، من أجل التدخل العاجل والضغط باتجاه السماح بإدخال المعدات الثقيلة اللازمة لتمكين طواقمنا من إنقاذ حياة المصابين».
وطالب «منظمة الصليب الأحمر الدولي بالضغط على الاحتلال، للسماح لطواقم الدفاع المدني لإجراء التدخلات الإنسانية في مناطق العمليات العسكرية والتي تصلنا منها نداءات استغاثة عن مواطنين ومصابين وعالقين تحت الأنقاض».
وسبق أن حذرت مديرية الدفاع المدني ومنظمات أممية ودولية من خطورة الأوضاع داخل القطاع، في ظل العجز عن الوصول إلى ضحايا القصف الإسرائيلي تحت الأنقاض، بسبب كثافة النيران والنقص الحاد في المعدات اللازمة.
وهذا وقد شن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 م، حربا مدمرة على غزة خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وبعد العديد من جولات المباحثاث دخلت المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة حيز التنفيذ في 20 يناير 2025 م بعد تدخل العديد من الأطراف العربية والدولية لوقف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: انتشال جثامین الشهداء الدفاع المدنی تحت الأنقاض العدید من قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
سارة نتنياهو تغضب عائلات الأسرى.. ماذا قالت لزوجها؟ (شاهد)
تصاعدت حدة الغضب في صفوف عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، إثر تعليق جانبي أدلت به سارة نتنياهو، زوجة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، خلال مناسبة رسمية، أثار تساؤلات حول مدى شفافية الحكومة بشأن مصير الأسرى، وما إذا كانت القيادة السياسية تملك معلومات لم تُكشف للعائلات حتى الآن.
جاء ذلك خلال مشاركة نتنياهو في مراسم إحياء الذكرى الـ77 لما يسمى "يوم الاستقلال"، حيث أشار في كلمته إلى أن إسرائيل نجحت حتى الآن في إعادة 196 رهينة، بينهم 147 على قيد الحياة، مضيفاً: "نعتقد أن نحو 24 منهم لا يزالون أحياء".
ראש הממשלה: "יש עד 24 חטופים בחיים", שרה נתניהו: "פחות" | תיעוד השיחה@gilicohen10
(צילום: רועי אברהם, לע"מ) pic.twitter.com/T3zhMpihhG — כאן חדשות (@kann_news) April 29, 2025
لكن ما أثار الجدل كان تعليقا همست به سارة نتنياهو بجانبه، سُجل عبر الميكروفونات بوضوح، حيث قالت: "أقل"، ما دفع نتنياهو للرد فورا: "أقول ما يصل إلى 24، أما الباقون، فمع الأسف، ليسوا أحياء وسنعيدهم".
وأثارت هذه العبارة القصيرة ضجة واسعة في أوساط عائلات الأسرى، الذين اعتبروا أن ما جرى يكشف عن وجود معلومات دقيقة حول مصير أبنائهم تُدار بسرية، دون إطلاعهم عليها. ووصفت العائلات الأمر بأنه "استخفاف بمشاعرهم" و"تأكيد على غياب الشفافية في إدارة الأزمة".
وفي بيان شديد اللهجة، قال منتدى عائلات الرهائن والمفقودين: "لقد أدخلتما الرعب إلى قلوبنا. نحن نعيش في كابوس متواصل، وأي معلومة تتعلق بأحبائنا يجب أن تُنقل إلينا مباشرة، لا أن نتلقاها من خلال همسات غير رسمية".
كما تساءل البيان عن طبيعة المعلومات التي تملكها زوجة رئيس الحكومة، والتي يُفترض أن تكون ضمن نطاق الأجهزة الأمنية.
وفي السياق ذاته، عبرت إيناف زانجاوكر، والدة الأسير الإسرائيلي ماتان، عن استيائها عبر منشور في وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة: "إذا كانت السيدة نتنياهو تملك معلومات عن من قُتل من المخطوفين، فلتخبرني: هل لا يزال ابني ماتان على قيد الحياة، أم قُتل لأن زوجها لا يزال يصرّ على مواصلة الحرب؟".
مقاطعة كلمات الوزراء
وتتزامن هذه التصريحات مع تصاعد الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي، حيث قاطع محتجون كلمات لعدد من وزراء الحكومة، بمن فيهم رئيس الوزراء، خلال مراسم إحياء ذكرى القتلى من الجنود الإسرائيليين في مقبرة "جبل هرتسل" بالقدس المحتلة.
وتصدرت عائلات الأسرى هذه الاحتجاجات، مطالبة حكومة الاحتلال بإبرام اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" يعيد الأسرى، حتى ولو كان ذلك على حساب إنهاء الحرب على قطاع غزة.
وبحسب إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد اقتربت إحدى السيدات من نتنياهو عقب انتهاء كلمته وقالت له: "عار عليك، 1400 جندي ذهبوا بلا فائدة"، قبل أن يرد عليها شخصياً في محاولة لتهدئتها.
ويُحيي الإسرائيليون في 30 نيسان /أبريل من كل عام ذكرى القتلى من جنودهم، فيما تتصاعد الضغوط هذا العام بشكل خاص، مع استمرار تعثر مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى، واستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة منذ أكثر من ستة أشهر.
وتُقدر دولة الاحتلال وجود 59 أسيراً لديها في القطاع، يُعتقد أن 24 منهم لا يزالون أحياء، في حين تؤكد تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية أن أكثر من 9 آلاف و500 فلسطيني يقبعون في السجون الإسرائيلية، وسط ظروف احتجاز قاسية تشمل التعذيب والإهمال الطبي وسوء التغذية، وقد أودت هذه الظروف بحياة عدد من المعتقلين في السنوات الأخيرة.