منظمة دولية تكشف عن تصفية 953 يمنياً.. الحوثيون في طليعة القتلة وفي مناطق الشرعية تتصدر عدن قائمة التصفيات الجسدية وحزب الإصلاح والمؤتمر في صدارة الضحايا
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
كشفت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان، ومقرها لاهاي/هولندا، في تقرير نوعي بعنوان "تصفية الخصوم"، عن تعرض 953 يمنياً للتصفية الجسدية خلال الفترة الممتدة من 21 سبتمبر 2014 إلى 31 أغسطس 2024، وذلك بدوافع سياسية، طائفية، مناطقية، أيديولوجية، وعسكرية.
ودعت المنظمة إلى فتح تحقيق دولي شامل ونزيه للكشف عن ملابسات هذه الجرائم وضمان محاسبة المسؤولين عنها.
وأوضح التقرير أن فرق الرصد التابعة للمنظمة وثّقت عمليات التصفية الجسدية في 20 محافظة يمنية، مشيراً إلى أن الفئة العمرية للضحايا شملت 93 مسناً.
بحسب التقرير فان جماعة الحوثي المسلحة كانت الجهة الأكثر ارتكاباً لهذه الانتهاكات، حيث وثّقت 481 حالة تصفية في 19 محافظة، تلتها التشكيلات العسكرية غير الخاضعة للحكومة الشرعية بـ238 حالة، ثم تنظيم القاعدة بـ205 حالات، فيما سجلت الحكومة الشرعية 29 حالة فقط.
وتصدرت محافظة عدن قائمة المحافظات التي شهدت أكبر عدد من التصفيات الجسدية بـ165 حالة، تليها تعز بـ113 حالة، ثم حضرموت بـ93 حالة، بينما توزعت بقية الحالات على مختلف المحافظات اليمنية.
وفيما يتعلق بالانتماءات السياسية للضحايا، فقد أظهر التقرير أن أعضاء حزب التجمع اليمني للإصلاح كانوا الفئة الأكثر استهدافاً بواقع 164 حالة، يليهم حزب المؤتمر الشعبي العام بـ163 حالة، ثم الحزب الاشتراكي اليمني بـ27 حالة، في حين توزعت بقية الحالات على أحزاب وتيارات سياسية أخرى.
طرق وأساليب التصفية الجسدية
تنوعت وسائل التصفية الجسدية، حيث كانت عمليات القتل بالرصاص الحي الأكثر شيوعاً، إذ استخدمت في 640 حالة، بينما سُجلت 148 عملية تفجير، و92 حالة قتل تحت التعذيب، بالإضافة إلى 36 حالة ذبح بالسكاكين على غرار أساليب تنظيم داعش، و13 حالة تصفية عبر استخدام الضحايا كدروع بشرية.
مطالبات وتوصيات
وفي التقرير دعت رايتس رادار جميع أطراف النزاع في اليمن إلى وقف كافة أشكال العنف ضد المعارضين السياسيين، والتخلي عن استخدام القوة لحسم الخلافات السياسية. كما طالبت بفتح تحقيقات شفافة في جميع عمليات التصفية الجسدية وكشف نتائجها للرأي العام، مع تقديم المتورطين للعدالة المحلية أو الدولية.
كما حثّت المنظمة المجتمع الدولي والأمم المتحدة على اتخاذ إجراءات حازمة للضغط على الجهات المسؤولة عن هذه الجرائم، وضمان حماية حقوق الضحايا، وتفعيل الآليات القضائية الدولية لملاحقة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، والعمل على تحقيق دولي شفاف لتوثيق هذه الجرائم وتقديم الجناة للعدالة.
مارب برس يعيد نشر نص التقرير:
رايتس رادار تكشف عن تعرُّض 953 يمنياً للتصفية الجسدية نتيجة مواقفهم السياسية خلال 2014 - 2024
طالبت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان ومقرها لاهاي/هولندا بإجراء تحقيق شامل ونزيه تحت إشراف دولي في كافة انتهاكات التصفية الجسدية والاعدامات التي طالت الضحايا في مختلف المحافظات اليمنية.
وكشفت في تقرير نوعي بعنوان (تصفية الخصوم) أن 953 شخصا على الأقل تعرضوا للتصفية الجسدية في 20 محافظة يمنية بدوافع (سياسية، طائفية، مناطقية، أيديولوجية، عسكرية) بينهم 93 مسناً، وذلك خلال الفترة (21 أيلول/سبتمبر 2014 - 31 آب/أغسطس 2024.
وتكمن أهمية التقرير في كونه من التقارير النوعية المتخصصة، إذ يسلط الضوء على موضوع هام وحساس وبالغ التعقيد، يتمثل في (تصفية المعارضين السياسيين) جسدياً، باعتبارها واحدة من أكثر جرائم القتل تعقيداً في اليمن.
وقد بذل فريق الإعداد في رايتس رادار جهوداً غير عادية لإنجاز مثل هذا التقرير الاستقصائي، بدءاً بالإعداد ثم استقراء الاستدلالات والشهادات، بعد جمع البيانات والمعلومات من خلال المقابلات المسجلة والمكتوبة أو التقارير والملاحظات الميدانية إضافة إلى المنهجين (الكمي) و(التحليلي) فيما يخص الجانب الإحصائي وتحليل البيانات الرقمية.
ومن حيث المنهجية ارتكز إعداد التقرير على سرد ممارسات وشواهد واقعية، تم ربط تفاصيلها بالمضمون الحقوقي والقانوني المستمد من دستور الجمهورية اليمنية والتشريعات الوطنية النافذة، إضافة للمعاهدات والاتفاقيات الدولية والمواثيق الحقوقية العالمية التي صادقت عليها الحكومة اليمنية.
ومن حيث الشكل والمضمون فقد استند التقرير إلى منهجية علمية ثابتة يتبعها فريق (رايتس رادار) تتطابق مع المعايير المعتمدة عالمياً، ابتداءً بجمع المعلومات الأولية المستقاة من مصادر موثوقة أو عبر تلقي بلاغات هاتفية أو مكتوبة أو شبكة الرصد الميدانية التابعة للمنظمة المنتشرة في 20 محافظة يمنية.
تلا ذلك عملية بحث واستقصاء ميدانية للتحقق من صحة ومصداقية المعلومات والبيانات التي تم رصدها وجمعها أو التوصل إليها مع تدعيمها بالوثائق والأدلة والبراهين المادية والعينية التي تثبت صحة وقوعها عبر إفادات شهود عيان والتقارير الطبية وشهادات الوفاة للضحايا وغيرها من الوثائق الرسمية وغير الرسمية.
وقد قام فريق متخصص بتحليل ومراجعة المعلومات والبيانات التي جمعها الراصدون الميدانيون عبر استمارات الاستبيان والمقابلات المسجلة وإدخالها في قاعدة بيانات شاملة، ثم فرزها وتحليلها وتصنيفها بحسب التوزيع النوعي والجغرافي والزمني للضحايا والوقائع والجهة المتسببة تمهيدا لصياغة التقرير الحقوقي وإخراجه فنيا بالشكل النهائي.
وإلى جانب الحرص على تناول جميع أطراف النزاع المتورطة بارتكاب مثل هذه الانتهاكات، تأكيدا لمنهجية الحياد والموضوعية، تم ربط المؤشرات الإحصائية بقاعدة بيانات ومعلومات شاملة تضم الكم ذاته من الضحايا السياسيين الذين تم تصفيتهم جسديا في اليمن خلال عقد كامل من الحرب التي لم تضع أوزارها بعد وذلك وفق آلية تدقيق شفافة قابلة للتحقق.
وبحسب التوزيع الجغرافي للمحافظات التي شهدت هذا النوع من الانتهاكات الخطيرة فقد تصدرت محافظة عدن المحافظات اليمنية بواقع 165 حالة، تليها محافظة تعز بـ 113 حالة، ثم محافظة حضرموت بـ (93) حالة.
وفي المرتبة الرابعة جاءت العاصمة صنعاء بعدد (82) حالة، تليها محافظة أبين بعدد (59) حالة، ثم محافظة إب بـ (57) حالة، وفي المرتبة السابعة محافظة البيضاء بـ (56) حالة، وحلت محافظة ذمار ثامناً بـ (53) حالة وتاسعاً محافظة الضالع بـ (40) حالة، وعاشراً محافظة عِمران بـ (39) حالة.
أما محافظة شبوة فقد حلت في المرتبة 11 بـ(30) حالة، تليها محافظة الحديدة بـ(29) حالة ثم محافظة صنعاء بـ(28) حالة، تليها محافظة لحج بـ(27) حالة، بعدها محافظتي حَجّة وصعدة بـ(25) حالة في كل منهما، بينما توزعت باقي الحالات على محافظات الجوف، مأرب، وريمة.
ومن حيث مسؤولية أطراف الصراع عن ارتكاب هذا النوع من الانتهاكات، فقد تصدرت جماعة الحوثي المسلحة قائمة استهداف المعارضين في مناطق سيطرتها وذلك بواقع (481) حالة، ارتكبت في (19) محافظة يمنية تصدرتها العاصمة صنعاء بـعدد (82)، ثم محافظة إب بإجمالي (57) حالة، تليهما محافظة ذمار بـ (53) حالة، ثم محافظة البيضاء بـ (42) حالة، ثم محافظة عِمران بـ(39) حالة، ثم محافظتي الحديدة وصنعاء بعدد (28) حالة لكل منهما.
وفي المرتبة الثانية على قائمة مرتكبي عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية حلت التشكيلات العسكرية غير الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية بواقع (238) حالة، حدثت في (7) محافظات يمنية، تصدرتها محافظة عدن بأعلى رقم سُجّل لهذا النوع من الانتهاك بواقع (108) حالة تصفية جسدية، تليها محافظة تعز بعدد (59) حالة ارتكبها عناصر من كتائب (أبوالعباس) المدعومة من دولة الامارات، ثم محافظة أبين بعدد (29)، ثم محافظة لحج بعدد (15) حالة، تليها محافظة شبوة بـ(13) حالة، ثم حضرموت بـ(9) حالات.
وحلّ تنظيم القاعدة في المرتبة الثالثة في قائمة الجهات المرتكبة لعمليات التصفية الجسدية في اليمن بعدد (205) حالة تصفية والتي غالباً ما تكون (عقائدية)، وذلك في (7) محافظات، تقدمتها حضرموت بواقع (84) حالة، تليها محافظة عدن بـ (52) حالة، ثم محافظة أبين بـ (28) حالة، تتبعها محافظتي البيضاء وشبوة بعدد (14) حالة في كل منهما، تليهما محافظة لحج بـ (4) حالات.
وجاءت الحكومة الشرعية في اسفل قائمة المرتكبين لهذه الانتهاكات بتسجيل (29) حالة ضدها توزعت على (6) محافظات، تصدرتها محافظة تعز بواقع (19) حالة، ثم مأرب بـ (6) حالات، ثم حالة واحدة في محافظات (أبين، عدن، شبوة، وجنوب الحديدة).
ووفقاً لما تم رصده وتوثيقه لدى فريق رايتس رادار وبناءً على تحليل قاعدة بيانات ضحايا الاغتيالات والتصفية الجسدية فإن خارطة انتماءاتهم الحزبية تشير إلى أن منتسبي حزب التجمع اليمني للإصلاح يتصدرون قائمة الضحايا المستهدفين -خلال الفترة التي يغطيها التقرير- وذلك بواقع (164) حالة اغتيال وتصفية، يليهم في المرتبة الثانية أعضاء ونشطاء حزب المؤتمر الشعبي العام بعدد (163) حالة، ثم ثالثاً أعضاء من الحزب الاشتراكي اليمني بعدد (27) حالة، ثم خامساً حزب الرشاد السلفي بعدد (10)، ومثله الحزب الناصري بـ (10) حالات أيضاً.
بالتوازي أيضاً فإن صراع النفوذ وحرب التصفيات والاغتيال أخذت مداها في المحافظات الجنوبية خصوصاً في العاصمة الحكومية المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة لها، وذلك بين أجنحة الصراع الدموي التي غالباً تعتمد على تمويل ودعم خارجي.
إذ تشير الإحصاءات والبيانات إلى أن أعضاء الحراك الجنوبي السلمي (المؤيد لمشروع دولة الأقاليم الفيدرالية) نالوا النصيب الأكبر من حالات التصفيات الجسدية وذلك بواقع (72) حالة، تلاه (المجلس الانتقالي الجنوبي) -وهو فصيل الحراك الجنوبي المسلح المؤيد لمشروع الانفصال-، بواقع (29) عملية تصفية.
أما في المحافظات الشمالية فإن فريق رايتس رادار رصد نحو (44) حالة اغتيال وتصفية جسدية، حدثت في مناطق سيطرة جماعة الحوثي معظمها تندرج في إطار (صراع الأجنحة السياسية والعسكرية للجماعة).
كما تم تسجيل ورصد (73) عملية تصفية جسدية لسجناء رأي، فضلاً عن تصفية (48) أسير حرب أغلبهم قتلوا داخل سجون ومعتقلات جماعة الحوثي شمالاً والمجلس الانتقالي جنوباً، إضافة إلى (71) حالة تصفية ارتكبت بحق مشائخ قبليون بدوافع اجتماعية و(36) تاجراً ومستثمراً بدوافع اقتصادية، و(30) رجل دين بدوافع سياسية غالباً.
وتوزعت باقي عمليات التصفيات الجسدية الموثقة على (13) طبيبا وأكاديميا و(11) إعلاميا وحقوقيا و(5) ضحايا تم تصفيتهم في المحافظات الجنوبية بناء على الهوية الشخصية، نتيجة لانتمائهم الجغرافي للمحافظات الشمالية، بينما ظلت (147) حالة تصفية جسدية عصية على التصنيف، جميع ضحاياها ينتمون للمؤسستين الأمنية والعسكرية ومعظمها ارتكبت من قبل عناصر ينتمون لتنظيم القاعدة.
ومن حيث وسيلة أو كيفية التصفية الجسدية والاغتيال فقد تنوعت بين الرمي بالرصاص الحي سواء بالرشاش الآلي أو بمسدس كاتم للصوت وهي الكيفية الأكثر انتشارا حيث استخدمت في تصفية عدد (640) معارضا، في (20) محافظة، تصدرتها محافظة تعز، تليها محافظة عدن ثم العاصمة صنعاء.
أما التصفية الجسدية عبر عمليات التفجير المختلفة فقد حصدت أرواح (148) معارضا، موزعين على (16) محافظة تصدرتها محافظة عدن تليها أبين ثم حضرموت ثم صعدة.
يلي ذلك أدوات التعذيب المفضي للموت التي راح ضحيتها (92) معارضا معظمهم في العاصمة صنعاء وعدن، ثم بعد ذلك طريقة الذبح بالسكاكين على طريقة تنظيم (داعش) التي صفّت (36) معارضا يمنيا أغلبهم في حضرموت.
وانفرد الحوثيون أيضاً بتصفية معارضين لهم باستخدامهم دروعاً بشرية، حيث احتجزوا (13) ضحية في مخازن سلاح كانت هدفاً لضربات طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية في محافظتي ذمار وتعز.
كما أنهم قاموا بتصفية (13) معارضا آخرين بالقتل شنقا، إضافة للتصفية عبر عمليات دهس وحوادث مرورية مدبّرة أزهقت فيها أرواح (8) معارضين في محافظات عدن، إب، المحويت، وشبوة، و(3) تصفيات بالسم في محافظات صنعاء وإب وذمار.
وفي توصياته خلص هذا التقرير إلى دعوة أطراف الصراع في اليمن لوقف كافة أشكال العنف ضد الخصوم والمعارضين وفي مقدمتها وقف عمليات التصفية الجسدية، والتخلي عن استخدام القوة والاحتكام للدستور والقانون لحسم الخلافات مع المعارضين والمنافسين.
كما دعا لفتح تحقيقات شاملة وشفافة في كل عمليات التصفيات الجسدية وكشف نتائجها للرأي العام، وتقديم المتورطين في ارتكاب عمليات القتل والتصفية الجسدية ضد معارضين لأجهزة العدالة المحلية او الدولية.
إضافة لضمان تطبيق العدالة بكل حياد بما يؤدي لإنصاف الضحايا وأولياء الدم، واحترام الأعراف والتشريعات المحلية والقانونية التي تحرم وتجرم المساس بحياة الضحايا.
كما طالبت بالعمل الجاد على ملاحقة المتورطين بكافة درجاتهم ومستوياتهم بما يضمن عدم إفلاتهم من العقاب.
ودعت (رايتس رادار) الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الى ضرورة استخدام كامل صلاحياتهم لممارسة الضغط اللازم على كافة المرتكبين لهذه الانتهاكات بما يضمن حفظ حقوق الضحايا ويعزز حضور الحماية الدولية إلى جانب الضحايا.
وأكدت على ضرورة تفعيل دور الجهات القضائية الدولية واستخدام ولايتها القضائية والإنسانية لملاحقة الأشخاص المتورطين في ارتكاب مثل هذه الانتهاكات، خصوصاً أولئك الذين ثبت تورطهم واعترفوا بذلك في مواد وثقتها وسا اعلامية دولية.
وكذلك تبني تحقيق دولي شفاف ومعمّق في جرائم (تصفية الخصوم) في اليمن لتوثيقها وكشف الحقائق التي يجب أن يعرفها الرأي العام المحلي والدولي بشأنها وتقديم مرتكبيها للقضاء.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء يكشف لماذا تتصدر الصين سوق الملابس الجاهزة عالميًا.. الأرقام تكشف السر
أوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن الصين تعد أكبر مُصَدِر للملابس الجاهزة على مستوى العالم، حيث بلغت عائدات صادرتها من هذا القطاع في عام 2023 نحو 153.9 مليار دولار أمريكي كما يضم هذا القطاع الحيوي في الصين قوى عاملة ضخمة تشمل نحو 7.83 ملايين شخص وتمثل النساء أكثر من 60% منهم وفقًا لإحصاءات عام 2019 مما يعكس دور المرأة البارز في دعم هذا القطاع. جاء ذلك خلال تقرير أصدره المركز حول أهم التجارب الدولية الرائدة في صناعة الملابس الجاهزة سواء على مستوى الانتاج أو التصدير، حيث تم التطرق إلى تجارب كل من الصين، وبنجلاديش، وفيتنام، باعتبارهم نماذج رائدة في هذا المجال.
وأشار المركز خلال التقرير إلى أن صناعة الملابس الجاهزة تنتشر في الصين عبر 322 ألف مؤسسة مما يبرز أهميتها كإحدى الصناعات الأكثر تأثيرًا في الاقتصاد الوطني لديهم، وتتميز صناعة الملابس الجاهزة الصينية بتكاملها التام حيث تشمل مراحل الإنتاج جميعًا من تصنيع الخيوط إلى الإنتاج وتعتمد بشكل كبير على المواد الخام المحلية مما يعزز استقلاليتها وكفاءتها التشغيلية، ويتم توجيه جزء كبير من الإنتاج للسوق المحلية بينما يخصص الجزء الآخر للتصدير مع التركيز على تلبية الطلب العالمي بمنتجات عالية الجودة، وتعد البدل النسائية والرجالية من أكثر أصناف الملابس الجاهزة مبيعًا على التوالي على مدار الأعوام السابقة.
وقد شهدت صناعة الملابس الجاهزة طفرة هائلة منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في ديسمبر 2001، ومع إلغاء اتفاقية المنسوجات العالمية نهاية عام 2004 ورفع القيود التجارية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في السنوات اللاحقة تمكنت الصين من تعزيز موقعها كأهم لاعب في تجارة الملابس الجاهزة العالمية حتى أصبحت الصين شريكًا رئيسًا للعديد من الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والأسواق الصاعدة في آسيا وإفريقيا مما يعكس تأثيرها العالمي المتزايد.
وفي عام 2023، بلغت نسبة صادرات الصين من الملابس الجاهزة والمنسوجات إلى الولايات المتحدة الأمريكية نحو 20.7% ونحو 16.8% إلى الاتحاد الأوروبي، ونحو 10.7% لدول جنوب شرق آسيا، و7.7% لليابان، و44.1 للدول الأخرى، ويعكس هذا النمو الاستثنائي قدرة الصين على تحويل الصناعة التقليدية إلى محور أساسي لدعم اقتصادها الوطني وتعزيز مكانتها في سلسلة القيمة العالمية، مما جعلها نموذجًا للتطور الصناعي والاستدامة الاقتصادية. وعلى الرغم من النجاح الذي حققته الصين فإن قطاع الملابس الجاهزة يواجه بعض التحديات، تتمثل في انخفاض الطلب الخارجي، لذا قامت الصين بتطوير استراتيجيات تجارية مبتكرة واستكشاف أسواق جديدة مما يعزز مكانتها كقوة رئيسة في سوق الملابس الجاهزة والمنسوجات العالمية.
ولتعزيز مكانة الصين عالميًا وللاهتمام بجودة المنتج تم إطلاق خطة التنمية الخمسية الرابعة عشرة (2021- 2025)، والتي أطلقها المجلس الوطني للصناعات النسيجية والملابس، وتُركز على تحولات استراتيجية في القطاع، تهدف إلى التكيف مع التحديات المستقبلية، ومن أهم الأولويات التي أوضحتها الاستراتيجية فيما يتعلق بصناعة الملابس الجاهزة:
1- إعادة صياغة أهداف النمو: حيث تسعى الصين إلى تعزيز التكنولوجيا والابتكار، مما يدفع الصناعة نحو تقديم منتجات ذات قيمة مضافة.
2- تعزيز السوق المحلية: تعتزم الصين الاعتماد على السوق المحلية لدعم النمو ومن المتوقع أن تصل مبيعات الملابس بالتجزئة إلى 415 مليار دولار بحلول 2025.
3- التوسع العالمي: تسعى الصين إلى التوسع العالمي في قطاع الملابس من خلال استثمار مصانعها في الخارج وتعزيز الشراكات التجارية عبر "مبادرة الحزام والطريق" كما تركز على تلبية احتياجات الأسواق المختلفة من خلال تطوير منتجات مبتكرة مع الحرص على دمج مفاهيم الاستدامة والتكنولوجيا في عمليات الإنتاج مما يعزز قدرتها التنافسية على الصعيد العالمي.
4- الاستدامة البيئية: تهدف الصين إلى تطوير صناعة أكثر استدامة تعتمد على إعادة التدوير والاقتصاد الدائري لتقليل الأثر البيئي.
كما تناول مركز المعلومات من خلال التقرير تجربة بنجلاديش، مشيراً إلى أن صناعة الملابس الجاهزة بها تعد نموذجًا رائدًا للتصنيع المستدام، حيث تمكنت من تحقيق التوازن بين التوسع الصناعي وحماية البيئة وهو ما جعلها على رأس الدول المصنعة للملابس الخضراء في العالم، هذا إلى جانب إسهام هذه الصناعة بشكل كبير في الاقتصاد القومي لبنجلاديش، حيث بلغت نسبة مساهمة صناعة الملابس الجاهزة 10.4% في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2022 /2023، كما وفرت أكثر من 4 ملايين فرصة عمل مما يعكس دورها المهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتسهم صناعة الملابس الجاهزة بنسبة 84.58% من إجمالي صادرات بنجلاديش للعام 2022/ 2023، حيث تصدر منتجاتها إلى أكثر من 150 دولة حول العالم، وتلبي احتياجات أكثر من 100 علامة تجارية عالمية كما تشكل هذه الصناعة قطاعًا ذا أولوية عالية للحكومة التي تدعم هذا القطاع من أجل زيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني، كما تتبنى بنجلاديش ممارسات صديقة للبيئة في صناعة الملابس الجاهزة، حيث تمتلك بنجلاديش أكبر عدد من مصانع الملابس الحاصلة على شهادة LEED (الريادة في الطاقة والتصميم البيئية) في العالم، كما تضم الصناعة نحو 150 مصنعًا حاصلًا على الشهادة، و500 مصنع آخر ينتظر الاعتماد من مجلس المباني الخضراء بالولايات المتحدة الأمريكية، مما يجعل بنجلاديش رائدة في صناعة الملابس الخضراء، ومن الجدير بالذكر أن 9 من أفضل 10 مصانع للملابس الخضراء على مستوى العالم تقع في بنجلاديش، بالإضافة إلى 40 مصنعًا من بين أفضل 100 مصنع حول العالم يقع أيضاً فيها.
شهدت صادرات الملابس الجاهزة تطورًا ملحوظًا على مر السنوات، خلال الفترة من (2010/ 2011) إلى (2022/ 2023)، حيث ارتفعت من 17.91 مليار دولار إلى 46.99 مليار دولار مما يعكس تطور القطاع كركيزة أساسية للاقتصاد لدولة بنجلاديش، وهذا النمو يعُزى إلى عدة عوامل منها التكاليف التنافسية للعمالة، والسياسات الحكومية الداعمة، وارتفاع الطلب العالمي على الملابس الجاهزة، خاصة من الأسواق الأوروبية والأمريكية.
على الرغم من ذلك، شهدت الصادرات تراجعًا واضحاً في عام (2019/ 2020)، لتصل إلى 27.95 مليار دولار، وهو ما يفُسر بالتأثيرات السلبية لجائحة كورونا على التجارة العالمية وقطاع التجزئة، لكن سرعان ما تعافى القطاع في الأعوام التالية، حيث ارتفعت الصادرات بشكل ملحوظ في (2020/ 2021)، واستمرت في النمو حتى بلغت ذروتها في (2022/ 2023) ويعكس هذا الأداء قدرة الصناعة على التكيف مع الأزمات واستعادة مكانتها في الأسواق الدولية مع استمرار التركيز على تحسين جودة المنتجات.
وتعتبر دول الاتحاد الأوروبي هي أكبر سوق لاستيراد الملابس الجاهزة من بنجلاديش بقيمة بلغت نحو 23.4 مليار دولار خلال عام 2023، تليها الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 8.3 مليارات دولار، ثم المملكة المتحدة بقيمة 5.3 مليارات دولار، وكندا 1.5 مليار دولار، أما فيما يتعلق بالأصناف الأكثر تصديرًا من الملابس الجاهزة، فتأتي في مقدمتها (فئة البنطلون، والقمصان والتي شيرت والقمصان المحبوكة)، وذلك على مدار الأعوام الماضية.
وتعد صناعة الملابس الجاهزة من الصناعات التي تمتثل للمعايير الدولية للسلامة وصحة العمال في بنجلاديش ولم يأت ذلك من فراغ فقد واجهت الصناعة العديد من التحديات المتعلقة بقضايا، مثل حقوق العمال، وسلامة مكان العمل، والاستدامة البيئية، وبعد حوادث مثل انهيار رانا بلازا في عام 2013 سلَّطت مثل هذه الحوادث الضوء على الحاجة الملحة إلى تحسين معايير السلامة ورفاهية العمال، ومنذ ذلك الحين أدت الضغوط والمناصرة الدولية إلى زيادة الوعي والجهود المبذولة لمعالجة هذه القضايا حيث قامت الحكومة والجهات المعنية في بنجلاديش بتحسين معايير الأمان من خلال مبادرات مهمة، مثل "اتفاقية الحرائق وسلامة المباني في بنغلاديش"، و"تحالف سلامة العمال"، و"مجلس استدامة الملابس الجاهزة". وقد أثمرت هذه الجهود عن تحويل الصناعة إلى قطاع يمتثل للمعايير الدولية للسلامة وصحة العمال، وذلك يراعي فيه الجودة والنواحي الاجتماعية.
وقد أسهمت المرأة بشكل كبير في دعم صناعة الملابس الجاهزة في بنجلاديش حيث أصبحت تمثل نسبة كبيرة من القوى العاملة، حيث تشارك بنسبة 65% من إجمالي القوى العاملة في هذا القطاع ومعظمهم من المناطق الريفية، و90% منهم أميون، مما أسهم في تعزيز إنتاجية القطاع ودعم الاقتصاد الوطني، وقد ساعد وجود المرأة في الصناعة على تحسين جودة الإنتاج حيث تسُند إليها المهام التي تتطلب الدقة والاهتمام بالتفاصيل مما يعزز الكفاءة الإجمالية للقطاع، كما أتاحت هذه الصناعة فرص عمل واسعة للنساء من خلفيات اقتصادية متواضعة مما ساعد على تحسين مستوياتهن المعيشية وتعزيز استقلالهن المالي، إلى جانب ذلك أسهمت مشاركة المرأة في تغيير النظرة المجتمعية إلى دورها الاقتصادي مما عزز مكانتها كعنصر أساسي في التنمية، علاوة على ذلك أتاح القطاع للنساء فرصًا لاكتساب الخبرات المهنية من خلال العمل والتدريب مما أسهم في بناء قدراتهن وتعزيز مهاراتهن، فعمل المرأة في هذا القطاع لم يدعم فقط الاقتصاد الوطني بل أيضًا ساعد العديد من الأسر على تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
كما استعرض التقرير التجربة الفيتنامية حيث يعُد قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة في فيتنام من أهم القطاعات الاقتصادية إذ يمثل نحو 16% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد مما يبرز أهميته في الاقتصاد الفيتنامي كما تعُتبر فيتنام ثالث أكبر مصدر للمنسوجات على مستوى العالم بعد الصين وبنجلاديش كما شهدت صادرات المنسوجات والملابس الفيتنامية في الفترة (يناير - يوليو 2024)، ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 6.3% لتصل إلى 20.2 مليار دولار وذلك بعد الانخفاض الذي شهده القطاع عام 2023، حيث انخفضت قيمة صادرات المنسوجات بمقدار 4.1 مليارات دولار بنسبة انخفاض قدرها 9.2% في صادرات المنسوجات والملابس الجاهزة.
وفيما يتعلق بالعوامل الرئيسة التي أسهمت في نمو صادرات المنسوجات في فيتنام، فتتمثل في الآتي:
1- زيادة الطلب العالمي: ارتفع الطلب العالمي على المنسوجات والملابس الجاهزة الفيتنامية بفضل الطلب المتزايد في أسواق رئيسة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وآسيا كما أدى التعافي من تداعيات جائحة كوفيد - 19 إلى زيادة الطلبات العالمية حيث تسعى الدول إلى إعادة تخزين مخزوناتها وتلبية احتياجات السوق من المنتجات الاستهلاكية.
2- تنويع أسواق التصدير: حققت فيتنام تقدمًا كبيرًا في تنويع أسواقها التصديرية حيث لم تقتصر صادراتها على أسواقها التقليدية، مثل: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي فقط بل نجحت في توسيع شبكة علاقاتها التجارية لتشمل الأسواق الناشئة في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط مما ساعد على تعزيز صادراتها من المنسوجات والملابس الجاهزة.
3- الاستثمارات في التكنولوجيا والابتكار: استفادت صناعة المنسوجات في فيتنام من الاستثمارات الكبيرة في تقنيات الإنتاج والابتكار كما اعتمدت الشركات المحلية على الأتمتة، والرقمنة، والممارسات المستدامة، مما ساعد على تحسين الكفاءة وجودة الإنتاج، وهو ما انعكس إيجاباً على زيادة صادراتها.
4- اتفاقيات التجارة الاستراتيجية: لعبت الاتفاقيات التجارية، مثل: اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادي (CPTPP) التي وقعت عليها فيتنام في 14 يناير 2019، واتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وفيتنام (EVFTA) في 30 يونيو 2019 دورًا كبيرًا في تسهيل صادرات المنسوجات الفيتنامية. فقد قدمت هذه الاتفاقيات إعفاءات جمركية، وسهلت وصول المنتجات الفيتنامية إلى الأسواق الدولية مما جعلها أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمية وتعزيز قدرة فيتنام على زيادة حصتها في سوق المنسوجات العالمية وجذب عملاء جدد وهو ما أسهم في أن تكون فيتنام لاعبًا رئيسًا في هذا القطاع.
في عام 2023 شكلت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر وجهة لصادرات المنسوجات الفيتنامية بقيمة بلغت 11 مليار دولار، تليها اليابان بنحو 3 مليارات دولار، ثم الاتحاد الأوروبي بنحو 2.9 مليار دولار، وكوريا الجنوبية بنحو 2.4 مليار دولار، وهو ما يوضح توزيع الصادرات الفيتنامية بشكل متنوع بين الأسواق العالمية، وسجلت صادرات المنسوجات الفيتنامية إلى الاتحاد الأوروبي نموًا بنسبة 1.63% متجاوزة 1.9 مليار دولار مع ارتفاع ملحوظ في واردات بعض الدول، مثل هولندا بنسبة 19.97%، وجمهورية التشيك بنسبة 48.98% إلى جانب زيادات كبيرة في لوكسمبورج وسلوفاكيا بنسبة 24.76%، و 55.32% على التوالي.
وتسهم صناعة الملابس الجاهزة في توفير فرص عمل لنحو 2.5 مليون فرصة عمل مما يعزز دورها في دعم الاقتصاد المحلي وتشكل النساء الغالبية العظمى من القوى العاملة في هذا القطاع، حيث يمثلن 90% من العاملين بالقطاع، وهو ما يبرز التزام فيتنام بتوفير فرص عمل للنساء ويعكس الدور المحوري الذي تلعبه المرأة في تنمية هذه الصناعة، وعلى الرغم من أن العديد من العاملات يفتقرن إلى التعليم العالي والمهارات القيادية اللازمة لتطوير مسارهن المهني فإنهن يثبتن كفاءتهن العالية في المهارات الفنية مما يجعل هذه الصناعة مصدرًا رئيسًا لتحقيق التقدم المهني، كما أن هناك تقدمًا ملحوظًا في جهود تحسين ظروف العمل حيث بدأ التركيز على زيادة الوعي بالمهارات القيادية من خلال برامج التدريب والتطوير وهو ما يسهم في تعزيز ثقة العاملات وتمكينهن في مهنهن، ورغم التحديات التي تواجه بعض العاملات في الحصول على تغطية شاملة من التأمينات الاجتماعية فإن هناك تحسنًا تدريجيًا في هذا المجال مع التزام الحكومة والشركات بتوفير التأمين الاجتماعي مما يعزز استقرارهن الاقتصادي، وتشير هذه الجهود إلى إمكانية تحسين بيئة العمل وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية مما يسهم في خلق بيئة عمل أكثر استدامة وعادلة ويعزز دور المرأة في تطوير هذه الصناعة.
وأشار التقرير إلى مستقبل صناعة المنسوجات والملابس في فيتنام حيث تتسم صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة في فيتنام بأنها إحدى الصناعات الواعدة حيث تستمر الدولة في تعزيز استثماراتها في البنية التحتية وتطوير التعليم المهني للقوى العاملة، وهذه الجهود تجعل فيتنام في موقع قوي لمواصلة ريادتها في سوق المنسوجات العالمية.