قواعد المعارك العشر .. القاعدة الثالثة: الروح القتالية
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
قواعد #المعارك العشر .. القاعدة الثالثة: #الروح_القتالية
م. #أنس_معابرة
تحدثنا حتى الآن عن قاعدتين من قواعد المعارك؛ أولاً: الجاهزية، وثانياً: السرعة، واليوم نناقش القاعدة الثالثة الهامة من قواعد الفوز بالمعارك، بل هي واحدة من أهم أسس الفوز بأي معركة.
الروح القتالية أو الروح المعنوية هي الدافع الداخلي الذي يدفعك لخوض أي معركة أو نِزال، يدفعك تجاه تحقيق هدف ما، مستخدماً إمكانياتك وقدراتك كاملة، ومتحمّلاً للصعوبات التي من الممكن أن تواجهها في سبيل تحقيق ذلك الهدف.
تُعتبر الروح القتالية المرتفعة أساساً هاماً للفوز في المعركة، وتعتمد إعتماداً مباشرة على نفسيتك وحالتك المزاجية، التي تنعكس بالضرورة عن القيم الكامنة في نفسك، والأهداف التي تتطلع اليها، والاستعدادات التي قمت بها من أجل المعركة.
مقالات ذات صلة حَرَنْ 2023/08/22وتحتاج الروح القتالية إلى الإعداد النفسي للمعركة، وتقبّل إمكانية هزيمة الخصم والإطاحة به، والإعتقاد أيضاً بقدراتك الكاملة على الفوز بالمعركة.
والروح القتالية قد تكون سبباً في إنتصارك أو هزيمتك قبل بداية المعركة أصلاً، قد تزيد من قوتك خلال المعركة أو تُضعفها، وقد يقرأ الخصم غيابها من عيونك، فيستعمل غيابها سلاحاً ضدك، لتكون الهزيمة الساحقة لك، أو أن يدرك وجودها لديك، فترتعد فرائصه خوفاً، ويدب الهلع في قلبه، لتفوز أنت.
لقد غابت الروح القتالية عن بني إسرائيل قبل لقائهم العماليق، ورفضوا الدخول في المعركة، وقد كانوا مهزومين قبل بدايتها أصلاً، ولكن فئة قليلة منهم تمتعوا بروح قتالية مرتفعة، نابعة من إيمان كامل بالله والنبي والرسالة التي جاء بها، فدخلوا المعركة بروح قتالية مرتفعة كانت سبباً في فوزهم، على الرغم من قلة العدد والعُدة.
ولو نظرت في السيرة النبوية الشريفة، وقلّبت صفحات التاريخ، ستجد أنّ عدد جيوش الخير وعُدتهم، عادة ما تكون أقل من فئة الشر وأتباعه، ولكن نادراً ما تفوز تلك الأخيرة، حيث تجد الروح القتالية المرتفعة لدى الأولى، ولكنها تغيب عن الفئة الثانية.
يمكن القول بأن الروح القتالية مثلها كمثل الرائحة التي يشتمها خصمك منك، قد تخبره هذه الرائحة بخوفك، فترتفع الروح القتالية لديه، ويتمكن من حسم المعركة لصالحه سريعاً. وقد يشتم خصمك رائحة الثقة بالنفس والإعتماد على الله، والأخذ بالأسباب، والروح القتالية المرتفعة، عندها تهبط روحه المعنوية للمستويات الدنيا، وقد يعلن إستسلامه قبل نشوب المعركة.
لماذا يخشى الفيل الأسد؟ وبإمكانه حمل الأسد بخرطومه وإلقاءه لمئات الأمتار، أو أن يدوسه بقدمه ليحوله إلى أشلاء، ولكنه علم تماماً أن الأسد ملك الغابة الجبار، الذي بإمكانه تمزيق جثث ضحاياه، فأعلن الإستسلام الكامل للأسد، أسوة بباقي الحيوانات في الغابة.
حتى تملك الروح القتالية العالية التي تمكنك الفوز في النِزال، وجب عليك أن تكون مستعداً جيداً للمعركة، وأن تؤمن تماماً أن للنصر شروط وواجبات، وأن تتوافر تلك الشروط بك.
كما وجب عليك الإعتقاد إلى جانب العمل، فإن كانت قضيتك تستحق التضحية من أجلها؛ كنت أسداً شرساً في الدفاع عنها، مستخدماً كل وسائلك الدفاعية والهجومية أيضاً.
نصيحة هامة أخيرة؛ إن أردت أن تدافع عن قضية، أو أردت أن تدخل معركة لتخوض نِزالاً، تأكد من أن القضية التي اخترتها تستحق التضحية التي ستبذلها في سبيلها، وتأكد بأنها قضية على طريق الحق، وعلى الجانب الصحيح، فالبعض قد يختار قضية فاشلة من الأساس، وعندها لا ينفع معها الروح القتالية لأشجع البشر.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: المعارك الروح القتالية
إقرأ أيضاً:
الحق قديم لن يسقط بالتقادم…ويا كاتل الروح وين بتروح
الحق قديم لن يسقط بالتقادم…ويا كاتل الروح وين بتروح
حيد المكاشفي
مرور عشرون عاما على أحداث مجزرة بورتسودان وعودتها الى الواجهة، لا يعيد الى الأذهان ذكرى تلك المأساة الحزينة وحدها، بل يعيد معها ذكرى كل المجازر التي حدثت طوال الخمسة وثلاثين عاما الماضية، والى مجازر القتل والسحل وجز الاعناق وتهشيم الرؤوس وبقر البطون التي ما تزال تتوالى مع استمرار هذه الحرب القذرة، وليس اخرها الحادث البشع الذي ذبحوا فيه رئيس حزب الامة القومي بمحلية أم روابة ذبح الشاة، وتركوه غارقا في دمائه لساعات أمام أعين الناس، وطالما ان الحرب القذرة مستمرة ستتواصل هذه البشاعات، وكل هذه الاحداث البشعة والشنيعة التي تكشف عن نفوس مريضة وغير سوية ولا انسانية، تعيد معها أيضا ذكرى سيئة الذكر (لجان التحقيق)، التي كانوا يعلنون عن تكوينها عند وقوع أية مجزرة، وأحسب عندك أحداث بورتسودان المؤسفة والمحزنة التي راحت بسببها نيف وعشرون نفساً عزيزة، وأحداث العيلفون التي سقط بسببها عشرات الطلاب من منسوبي الخدمة الإلزامية غرقاً في النيل، وحجاج مدينة القضارف الذين راحوا هدراً جراء انهيار سور متهالك عليهم فأودى بحياتهم بين غمضة عين وانتباهتها، وشهداء كجبار والعوج وأم دوم وشهداء هبة سبتمبر وشهداء ثورة ديسمبر وشهداء انقلاب اكتوبر، والحلفايا وبحري وسنار ومدني والكنابي و……..و……الى حادثة أم روابة الشنيعة، ورغم مرور كل هذه السنين العجاف الطويلة على كل هذه الجروح النفسية الغائرة، إلا أن لجان التحقيق الرسمية التي قيل إنها كونت للتحقيق في هذه الحوادث الأليمة المفزعة لم تخرج على الناس بأي خبر، ولم تقل شيئاً ولم توضح للناس لماذا سقطت كل هذه الأعداد وبأية وسيلة وعلى يد من وكيف يمكن جبر الخواطر وتهدئة النفوس التي لم ولن تهدأ ولن تنسى مهما تطاول الوقت ومرت السنون، فمثل هذه القضايا لا تنسى ولا تنمحي من الذاكرة خاصة إذا وجدت التجاهل ولم تعالج آثارها وتضمد جراحها. وكل هذه الأحداث الأليمة التي كونت لها لجان تحقيق لم تفعل فيها شيئاً غير أنها قتلتها، خاصة عندما يصبح تشكيل لجان تحقيق للنظر في الأخطاء والكوارث أو توقيع اتفاقيات وتفاهمات مثاراً للتندر وبمثابة (طرائف) يتهكم بها الناس على عدم الجدية وضياع المصداقية، فكل ذلك مقروءاً مع ذكرى أحداث بورتسودان وكل الاحداث السابقة واللاحقة يعيد إلى الذاكرة معضلة اسمها لجان التحقيق التي رغم كثرتها إلا أنها كانت وستظل كغثاء السيل ما لم تكن هناك جدية عند تكوينها واختيار المؤهلين الشجعان لعضويتها، وإعلان نتائجها بكل شفافية ومن ثم امتلاك الارادة الحقيقية لمحاسبة ومحاكمة من تسببوا في الخطأ أو ارتكبوا الكارثة. وخذ عندك فقط تسليم مدينة ود مدني وكل ولاية الجزيرة تسليم مفتاح للدعم السريع..
وتحضرني بهذه المناسبة المؤسفة كلمة لاختصاصي الطب الشرعي د. علي الكوباني رحمه الله رحمة واسعة، مؤداها أن كاتل الروح طال الزمن أم قصر لازم ينال عقابه في الدنيا قبل الاخرة..قد يفتكر انو نجا وهرب بعملته بعد ان قتل الارواح ودفن الاجساد كما تُدفن جيف الهوام والكلاب..رغم انهم انبل واطهر واشرف من قاتليهم، علمتني الحياة في سنيني الطويلة في الطب الشرعي بحمد الله انو (الروح ما بتروح)، والدم ببراك دنيا وآخرة مهما (حدث ما حدث)..والقصاص لاحق والديان لا يموت. في كل جثة شرحناها او نبشناها (في جريمة قتل) يرينا الله كل العلامات والاسباب..ويتحدث معنا الميت جسدا او رفاة بلغة خاصة مفرداتها الاثار التشريحية والنسيجية ليخبرنا عن من قتله وكيف ومتين ووين، واحيانا القاتل منو ذااتو، نوعا ما اختصنا الله بعلم (موسوي) خاص وتأهيل (لدني) لكي نعرف سبب وطريقة ونوع الوفاة..ونحدد ما اذا كانت جنائية ام لا، مهما كان حال الجثة، حديثة الوفاة ام متحللة تماما. فيدبرالله ويسخر لك العلم لتحق الحق وتظهر كيد الخائنين والقتلة والمارقين كيف لا، ورب العزة هو القائل: (إِذا قتلتم نَفْسًا فادارءتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون) البقرة 72.. والتفسير الميسر: (واذكروا إذ قتلتم نفسًا فتنازعتم بشأنها كلٌّ يدفع عن نفسه تهمة القتل، والله مخرج ما كنتم تخفون من قَتْل القتيل). حكى لي احد المحكومين بالاعدام..وقال لي:تصدّق يا دكتور انا الزول الحاكموني فيهو بالاعدام ده والله ما كتلتو..لكن انا زمان كتلت لي نفرين في الخلا وما في زول جاب خبري..وانا متأكد انو الحصل لي ده حقهم.. اليوم وبعد ان أصاب اليأس أُسر الشهداء والمفقودين، واصابت الهواجس شعبنا الابي، فإذا باللجنة التي كونها النائب العام للتحقيق في شأن المفقودين برئاسة مولانا (الطيب العباس) يُكلل جهدها بالنجاح، ويُظهر الله مقبرة دفن جماعي والتي قالوا انها غالبا ما تكون لجثث الشهداء المفقودين في جريمة فض الاعتصام، رحمهم الله وانزلهم عالي الجنان. نتمنى ان يقوم النائب العام بمخاطبة رئيس الوزراء ليستعينوا بفريق من خبراء الامم المتحدة المتخصصين في نبش مقابر الدفن الجماعي، وفيهم اطباء شرعيين وعلماء في علم الاجناس الشرعي وفي علم الاثار الشرعي وعلماء في البصمة الوراثية والاسنان والاعيرة النارية وغيره، ولهم خبرات متراكمة في هذا العمل في العديد من الدول التي شهدت مثل هذه الجرائم واكثر، بالإضافة الى ما لهم من اجهزة متقدمة رادارية واشعاعية وموجات صوتية، ومعينات معملية شاملة ودعم لوجستي غير محدود، وعليه ستكون تقاريرهم صلدة لا تخر المويه، بالاضافة للحيادية ودون التأثر بأي ضغوط أو خوف من أي مخلوق! ده الاقتراح القلناه من قبل، وده المفروض يحصل، وحتى لو فيو إلتزامات مالية يجب على الدولة تنفيذه دون تردد، وهو اقل واجب على الحكومة بحق الشهداء الكرام، الذين بفضلهم ترَّيس وتسيَّد وتحكَّم من هم على سدة الحكم الان.. فوق وتحت..
وبعد…فالشاهد ان دماء هؤلاء الشهداء ستبقى معلقة على رقبة السلطات ولن تسقط الى يوم الدين، ولكن لا تزال للأسف قضايا كل هؤلاء الشهداء معلقة تنتظر العدالة، اذ ما تزال قضايا كل هذا الرتل من الشهداء الكرام تراوح مكانها بلا حسم، وتجري محاولات يائسة لـ(دغمستها) وطيها وتسجيلها ضد مجهول باللعب على الزمن ولكن هيهات، ان كل هذا العدد الكبير من الشهداء الذين ظلوا يتساقطون منذ انقلاب الاسلامويون في يونيو 1989 ومرورا بانقلاب 25 اكتوبر 2021، والى يوم الحرب هذا، قتلوا بواسطة قوات مدججة بالسلاح، ولهذا يبقى من المؤكد أن هناك (أشخاصا ما) أو (جهة ما) تعلم هؤلاء القتلة علم اليقين، بل المؤكد أيضا أن هؤلاء الأشخاص أو تلك الجهة هم أو هي من دفعتهم لارتكاب هذه المجازر المحزنة، وعلى كل حال، فان قضية كل هؤلاء الشهداء لن تسقط بالتقادم الى يوم الدين، يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش، ويقول كل أحد نفسي نفسي حيث لا ينفعه تنظيم ولا حزب ولا تجيره مؤسسة مدنية أو عسكرية، وما أصدق المثل الشعبي الذي يقول (يا كاتل الروح وين بتروح)..
الوسومالتقادم الحق بورتسودان حيدر المكاشفي مجزرة