وهكذا تتمثل البصائر الخاشعة آباء الأنبياء!
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
من قرأ مؤلفات المفكر الكبير عباس محمود العقاد، وهي تزيد على المئة، يعرف انه عندما يتناول فكره، فانه يبحث في كل جوانبها، بحيث انه يلقي الضوء كاملا على كافه أبعادها ولايترك زاوية فيها إلا هو يمحصها، ولهذا تجد الجميع يشهد له بانه فعلا مفكر متميز لديه قدره هائله على الدراسة والبحث والتحليل وقدرة فائقة على الاستنتاج والطرح.
وكتابه الرائع "عبقريه محمد" يشهد أيضا بهذا فقد ظل ثلاين عاما يقرأ جيدا فى السير التى تناولت حياة خير خلق الله أجمعين ويفكر وقد أعترف بهذا فى مقدمة الكتاب وبرر لماذا ظل ثلاثين عاما يدور فى فلك عبقرية الرسول الأعظم سيدنا محمد قارئًا ودارسا ومحللا وذلك بعد أن طرح عليه بعض أصحابه أن يضع كتابا عن سيدنا محمد على النمط الحديث وقد كتب فى مقدمة كتابه:
فأنني لو كتبته يومئذ لعدت إلى كتابته الآن من جديد، واحتجت إلى السنين الثلاثين أضيف خبرتها وقراءتها وریاضتها النفسية والفكرية إلى محصول ذلك العمر الباكر أذ هو عمر يستطيع المرء أن يمتليء فيه اعجابا بمحمد، لأنه عمر الأعجاب والحماسة الروحية. بيد انه لا يستطيع أن يقيسه بمقياسه وان يشعر بشعوره في مثل تجاربه، وفي مثل السن التي اضطلع فيها بالرسالة. وان تقارب السن هنا لضرورة لا غنى عنها لتقريب ذلك الأمد البعيد من شتي نواحيه...
وقبل أن يتحدث عن جوانب العبقرية في سيدنا محمد كان عليه أن يتحدث عن علامات ميلاده فقال عنها:
كان عالما متداعيا قد شارف النهاية.. خلاصة ما يقال فيه: انه عالم فقد العقيدة كما فقد النظام.. أي أنه فقد أسباب الطمأنينة في الباطن والظاهر.. طمأنينة الباطن التي تنشأ من الركون إلى قوة في الغيب، تبسط العدل، وتحمي الضعف، وتجزي الظلم، وتختار الأصلح الأكمل من جميع الأمور.
وطمأنينة الظاهر التي تنشأ من الركون إلى دولة تقضي بالشريعة، وتفصل بين البغاة والأبرياء، وتحرس الطريق...
أما الأمة فهى ليست بذات دولة ولكنها تتأهب لاقامة دولة.. وهي أمة العرب وقد تيقظت لوجودها وشعرت بمكانتها، كما شعرت بالخطر عليها وبمواضع النقص منها.
ثم تحدث عن القبيلة في تلك الأمة، فقال لها شعبتان: احداهما من أصحاب الترف والطمع واستبقاء ما هو قائم كما كان قائما على هواها. والأخرى من أصحاب التقوى والسماحة والتوسط بين مقام القوي الذي يجور ويطغى، ومقام الضعيف الذي يحتمل الأذى، ويصبر على الكريهة.
ثم أنتقل إلى بيت جد النبي صلى الله عليه وسلم وهو بيت له كرم النسب العريق وليس له لؤم الثروة الجامحة والكبرياء الجائحة، والقسوة على من دونه من المحرومين.. ذلك هو بيت عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وهومن صميم قريش ومن ذؤابتها العليا وله الرفعة والشرف، وان لم يكن معدودا من أثرياء القبيلة القرشية في ذلك الأوان.
وقد وصف المفكر الكبير جد النبي صلى الله عليه بأنه رجل قوي الخلق قوي الايمان فيما آمن به، حكيم مع قوة طبعه وشدة ايمانه، خليق أن ينجب العقب الذي يبشر بدعوة وينضح عن دين. نذر لئن عاش له عشرة بنين لينحرن أحدهم عند الكعبة.. ثم أحله قومه وأحلته العرافة من نذره، فأبى أن يتحلل حتى يستوثق من رضى الرب ورضى ضميره...
وكان أب النبى الكريم له الكلمات المضيئة إذ قال عنه: وإذا كان عبد المطلب جدا صالحا لنبي كريم، فابنه عبد الله نعم الأب لذلك النبي الكريم. لكأنما كان بضعة من عالم الغيب، أرسلت إلى هذه الدنيا لتعقب فيها نبيا وهي لا تراه. ثم تعود كان أنسانا من طينة الشهداء، يتجه اليه القلب الانساني بكل ما فيه من حب وحنو ورحمة فهو الفتى الذي اسمه عبد الله والذي اختير للفداء، فجاشت له شفقة قومه حتى تركه لهم القدر إلى حين وهو الفتى الذي تحدثت الفتيات في الخدور بوسامته وحيائه، وودت مئات منهن لو نعمن منه بنعمة الزواج وهو الفتى الذي أقام مع عروسه ثلاثة أيام...ثم سافر ليتجر فإذا هي السفرة التي لا يؤوب منها الذاهبون وهو الفتى الذي مات وهو غريب، وولد له نسله الكريم وهو دفين. وهكذا تتمثل البصائر الخاشعة آباء الأنبياء والسلالة التي تصل بين الآخرة والدنيا وبين عالم البقاء وعالم الفناء.
الاسبوع القادم باذن الله أكمل قراءة الكتاب الرائع "عبقرية محمد" للمفكر عباس محمود العقاد
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: عباس محمود العقاد عبقرية محمد الفتى الذی
إقرأ أيضاً:
دعاء عظيم للتوبة من الذنب.. احرص عليه بعد صلاة الظهر
التوبة من الذنوب والرجوع إلى الله من أهم ما ينبغي أن يحرص عليه المسلم في حياته، فهي باب مفتوح لا يُغلق أبدًا، ورحمة من الله بعباده مهما كثرت خطاياهم. ولأن الإنسان بطبيعته خطّاء، فقد أرشدنا النبي ﷺ إلى أدعية عظيمة نستغفر بها الله ونتوب إليه بصدق وإخلاص.
ومن بين هذه الأدعية ما جاء في الحديث الشريف عن النبي ﷺ أنه قال: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت."
هذا الدعاء، المعروف بسيد الاستغفار، يحمل معاني عظيمة، فهو يبدأ بإقرار العبد بربوبية الله وتوحيده، ثم الاعتراف بأنه مخلوق ضعيف محتاج إلى ربه، ملتزم بعهد الله ما استطاع، لكنه يعترف أيضًا بتقصيره وذنوبه، ويلجأ إلى الله طالبًا عفوه ومغفرته. وهذا ما يجعل هذا الدعاء من أفضل صيغ الاستغفار والتوبة.
وقد ورد في الحديث عن النبي ﷺ أن من قاله موقنًا به في الصباح ثم مات في يومه، أو قاله مساءً ثم مات في ليلته، دخل الجنة. وهذا يدل على عظم شأنه وفضله الكبير في محو الذنوب وقبول التوبة.
شروط قبول التوبةوللتوبة شروط حتى تكون مقبولة عند الله، وهي الإخلاص في النية، والندم على الذنب، والعزم الصادق على عدم العودة إليه، مع رد الحقوق إلى أصحابها إن كانت الذنوب تتعلق بحقوق العباد. فمن استوفى هذه الشروط، كان على رجاء المغفرة والقبول من الله تعالى.
ولذلك، فمن كان يريد حقًا التوبة الصادقة، فعليه أن يكثر من الاستغفار، وخاصة بهذا الدعاء العظيم، مع الإكثار من الأعمال الصالحة التي تمحو أثر الذنوب، كالصلاة والصدقة وصلة الرحم، فالله سبحانه وتعالى لا يغلق باب التوبة أمام أحد، بل يدعو عباده دائمًا إلى الرجوع إليه، كما قال في كتابه العزيز: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم."