الثلاثاء ( 11 فبراير 2025) وأنا أحرك الريموت كنترول على المحطات المختلفة فاذا بي اجد امامي حيدراً يتحدث في قناة الزرقاء التي تبث من القاهره (حسبما اعتقد) مع مقدم البرنامج عن مشواره الرياضي - كرة القدم اساساً .. والهلال والمريخ طبعاً فقررت أن أتوقف واستمع ..
لا ادري متى كان تسجيل الحلقة ( فأنا قد دخلت على هذه القناة صدفة) ولكني تابعت المتبقي منها وقد قارب نصف الساعة - وبيني وبينكم استمتعت بها لولا أن المقدم احياناً يتدخل بصوت عال يقاطع المتحدث فلا يتركه يكمل .
تمنيت ان يعاد بث المقابلة حتى ارى بدايتها و اصبحت أحرك المؤشر للمحطة لعلى أرى الذي دار في بداية الحلقة .. ولكن لم يمضي يوم واحد او بعض يوم الا وفجعت في الخبر الذي نقلته بعض الصحف الالكترونية خبر وفاة قاقرين .. ولم اصدق بالرغم من انني كنت قد سمعت قبل عدة ايام انه مريض لكن عندما شاهدته على الشاشة في صحة بدنية وذهنية جيدة ظننت ان الازمة قد زالت فحمدت الله ..
وإذ تأكد هذا الخبر الحزين فإنني لم املك الا ان اسرح بذهني سنوات طوال الى الوراء لعليّ اوفي هذا الفقيد العزيز حقه من الإشادة لما شهدته منه من سلوك وذوق رفيع شاءت الظروف الطيبة أن تربطني به بالرغم من كل الفوارق المتنوعة .. ولكن بحمد الله كذلك كان السودان وكذلك كانت وزارة الخارجية السودانية أقال الله عثرة الجميع ..
سررت ككل السودانيين بكلمة قاقارين مطلع ستينات القرن الماضي فور ظهور ذلك الشاب الروسي / السوفيتي على صفحات الاخبار بعد ان حلق في الفضاء كأول رائد في العالم مطلع ستينات القرن العشرين .. كنت في مدينتنا الوادعة على أطراف الصحراء الكبرى عندما أذاعت المحطات ان السوفيت قد اقتحموا الفضاء اولاً بالكلبة لايكا… ولما لم يجد الأمريكان ما يتفوقون به على السوفيت أثاروا و بشكل مضحك حقوق الحيوان !!وقد عادت للآرض فتم تكريمها بعد وفاتها بتحنيطها وإيداعها مكاناً بارزاً في متحف الفضاء في موسكو الذي كان من أوائل الأماكن التي زرتها هناك عندما ذهبت لتلك البلاد قادماً من الخرطوم مباشرة عام 1973 لأتعرف عليها وأهلها و " اشوف " الشيوعية على الأرض ولم اقتنع بها فرأيت أن أعطيها فرصة من العاصمة الكبرى موسكو ( وهي مدينة رائعة اتمنى ان اعود اليها اذا سمحت الظروف .. وبالفعل زرتها ثانيةً عام 1980واطمع في زيارة ثالثة مع كل من سان بيترسبيرج وأخريات اذا ربنا مد في العمر ) لكن قبل كل ذلك فأنا قد رأيت سيد الاسم نفسه.. رأيت يوري قاقارين شخصياً فقد كان نجم مهرجان الشباب والطلاب الذي أقيم في العاصمة الفنلندية هلسنكي في أغسطس 1962 وقد حضرته في إطار أول رحلة لي خارج السودان ..
بعد ذلك ببضع سنوات انتشر الاسم في السودان وسمحت الظروف ان اقابل حامله وهو طالب في معهد المعلمين العالي بامدرمان مطلع عام 1968 كنت قد عدت من فرنسا قبل أيام قلائل وذهبت لزيارة شقيقي الأصغر صلاح الدين الطالب آنذاك في المعهد .. واهم من ذلك الصديق والزميل للطالب حيدر حسن حاج الصديق حامل الاسم وتم التعارف بيننا .. وكان صلاح الدين يذكرني بأن الاسم الصحيح لزميله وصديقه هو حيدر حسن حاج الصديق .. وقد استمر استعمالي لهذا الاسم طوال سنوات علاقتي به..وكان كلاهما يتطلع للسفر الى فرنسا لمزيد من التأهيل في اللغة الفرنسية .. وقد تم لهما ذلك بالفعل ..
وحيث أنني لن أتحدث عن حيدر كلاعب كرة قدم من الطراز الاول لانني لست الخبير في هذا الشأن وهناك العشرات أو المئات من من هم في وضع أفضل لتناول هذا الأمر فإنني سأحصر نفسي في المجال الذي عرفت فيه حيدراً كإنسان و كدبلوماسي زميل مهنة وقبل كل شيء كصديق مميز لشقيقي المرحوم صلاح الدين عبد الرحمن الذي توفي في باريس قبل نحو ثلاثة أعوام .. له ولصديقه الرحمة والمغفرة .. و سأسرد بعض المواقف الانسانية الطريفة التى كنت شاهداً عليها خاصة خلال فترة عمله معى وعلى مدى عامين اثنين في سفارة السودان في بانقي عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى ( 1983-1985)..
في تلك المدينة الصغيرة والفقيرة والتي تنعدم فيها كل أماكن ووسائل الترفيه ( لاسينما لا تلفزيون ولا مسرح او ملعب ولا حتى صحافة يومية ) كنا اغلب الوقت نتسلى بالحديث أو الاستماع للراديو.. كما كان هناك من يحدثنا عن الموضوع الوحيد المتكرر الا و هو سيرة الرئيس الإمبراطور بوكاسا خاصة من طرف الدبلوماسيين الذين عرفوه عن قرب .. فقاقارين الذي عمل قبل ذلك في عاصمة ساحل العاج ( ابيدجان) كان يقول انه لا مقارنة بين الاثنين حتى في أسعار السلع المحلية او جودتها فابيدجان تشابه باريس في نواح كثيرة ( ولا ننسى انها فازت على الخرطوم في استضافة المقر الرسمي للبنك الإفريقي للتنمية عام 1963 والسبب هو ان الخرطوم في رأي اخواننا الافارقة مدينة قاحلة .. لذا عليكم تخيل أبيدجان وتخيل بانقي .. ولملء الوقت بشيء مفيد انصرف قاقارين للتحضير لدراسته العليا في باريس بالمراسلة مع أحد أساتذته هناك والسفر كل ثلاثة اشهر او اربعة لأيام قلائل لمقابلة أستاذه المشرف على الأطروحة .. في ذات الوقت لم يهمل قاقارين الرياضة وتحديداً كرة القدم فقد قام بتأسيس فريق دبلوماسي من السفارات ( القليلة ) الموجودة و اخذنا جميعاً نلعب من آن لآخر في ميدان مخضر لكنه كثير الحفر ..
بالطبع كان هناك وقت كاف للتحدث عن الرياضة في السودان وخاصة كرة القدم التى تدهورت كثيراً منذ ان فاز السودان ( لاول واخر مرة) بكأس إفريقيا للدول عام 1970 بفريق كان من أبرز لاعبيه قاقارين نفسه .. وكنت اقول له انني اتمنى ان يتمكن عند عودته للسودان من تبوأ منصب هام كرئيس او نائب رئيس لاتحاد كرة القدم السوداني ( وانا لا احب التركيز على قيادات الأندية والصراعات التي لا تتوقف داخلها او مع خصومها ) ولذا كنت اشير لقاقارين على عضوية اللجنة الاولمبية .. ولكنه كان يقول لي انه لا امل فى ذلك بسبب الصراعات الشخصية بل والمؤامرات التى يديرها البعض ضد البعض داخل الاندية والاتحادات كما اشار لفساد بعض القيادات بل وحتى الإعلام والصحافة الرياضية في الاستغلال المالي للمناصب .. وحتى المطابع لتذاكر المنافسات في كرة القدم .. او في الرحلات الخارجية .. وبالفعل مررنا بتجربة مجيء فريق الهلال العاصمي للكاميرون المجاورة والتي ليس للسودان سفارة مقيمة بها ان اقترحت عليه أن يلحق بهم هناك ليساعدهم - وهم يعرفونه حق المعرفة لمدة اسبوع واحد كعطلة دون مرتب من جانبنا كسفارة ( همنا مساعدة بلادنا) .. كتبنا وكتب هو لنادي الهلال ليلحقوه ببعثة الفريق للكاميرون فلم يردوا … فكتبت أنا لرئيس اللجنه الاولمبيه المرحوم زين العابدين م أ عبد القادر وكنت أعرفه معرفة شخصية و قابلته آخر مرة في لوس انجلوس في دورة عام 1984.. وايضاً لم يصلنا رد وذهب الهلال وعادت البعثة تشتكي لطوب الأرض .. ولازلت محتاراً في رفضهم او تجاهلهم لتطوع شخص مثل قاقارين لمساعدتهم .. كان قبل ذلك قد جاءنا في بانقي فريق الاتحاد مدني وكنت شخصياً غائباً عن المدينة في مهمة رسمية في الخرطوم .. كانت البعثة الزائرة بقيادة السفير المرحوم حامد محمد الامين .. تولى قاقارين ليس فقط الاستقبال والوداع بل تطوع وشارك في التدريب والإعداد للمنافسة التي جاءوا من أجلها .. وقد عادوا ولسانهم يلهج بالشكر والاشاده ..
اهمالنا في هذا المجال بدأ للأسف منذ أن تنازلنا عن مقر الاتحاد الافريقي فذهب للقاهرة وهو الذي نشأ في الخرطوم التي استضافت اول دورة لكرة القدم سنة 1957.. حصلنا على الرئاسة للدكتور عبد الحليم محمد ولكن فقدنا المقر والسكرتاريه والتى أصبحت منذ ذلك الوقت ذراعاً من أذرعة الدبلوماسية الشعبية,, وكم كان قاقارين بمؤهلاته الافريقية المتنوعة انسب شخص ٍ لشغلها ..
الحديث عن العزيزين قاقارين وصلاح الدين قد يطول على القارئ ولذا سأختصر و أحصر نفسي في بعض لطيف الذكريات التي ستبقى حية ما بقينا في هذه الدنيا الزائلة .. المرحوم الثالث وصديق الاثنين هو عبد الهادي الصديق الذي جاء منقولاً للعاصمة التشادية انجمينا ( وهي بالفعل مكان استجمام مقارنة ببانقي وحالهم احسن كثيراً بسبب الجالية السودانية الكبيرة هناك وتقدير الاخوة التشاديين للسودانيين عامة وللدبلوماسيين خاصة .. كما أن بالمدينة مدرسة سودانية صارت علماً في سمائها .. كما أن الخطوط الجوية السودانية تأتي بانتظام مرة في الاسبوع تزودهم بكل شيء بالاضافة الى مندوب مقيم لوكالة الأنباء السودانية .. ونحن في بانقي ليس لدينا شيء غير التلفون - فعندما يعمل نتواصل معهم .. السفير وقتها المرحوم الطيب حميدة المعروف باسم الزعيم - وهو بالفعل زعيم وكريم فكانوا لنا نعم الجيران .. وكما يقول المثل السوداني الجار قبل الدار والمقابل لذلك في الخدمة الدبلوماسية هو السفير قبل السفارة ..
كان عبد الهادي ممتعاً في رسائله وتعليقاته .. كانت له ابنتان بينما لقاقارين ثلاثه بنات وكانوا يتوقعون قادماً جديداً الذي ما ان أطل عليهم ونحن نترقب الا وارسل لنا برقية غاية في الطرافة هي " سجلنا هدف التعادل في شباك علي قاقارين " فكانت بلاغة رياضية ..
الشخص الاخر في انجمينا ايضاً هو الفنان عبد القادر سالم المدرس آنذاك في المدرسة السودانية ( أطلق البعض عليها مدرسة جعفر نميرى لأنها تأسست في زمنه ) وعبد القادر يكاد يكون تؤماً لصلاح الدين فقد رأيته أول مرة في بيتنا في الأبيض ( حي القبة غرب) فكلاهما من مؤسسي فرقة فنون كردفان التى عمل فيها صلاح الدين عازفاً للكمنجه ثم الأكورديون الذي احضره بنفسه من فرنسا في زيارته الاولى لباريس (ولعله كما يقول البعض هو من ادخل تلك الآلة في مدينتنا ) .. وقد عملا معاً وتجولا في أغلب نواحي كردفان الكبرى وتعرضا احياناً لمن لا يريد الموسيقى الوترية وفضل الدلوكة و اغاني بابكر ود نوبه فنان بارا وجمهورها المتحمس فكان ان نالهم ما نالهم من الضرب والفركشه ..
في تشاورنا في سفارتنا في بانقي استقر رأينا على اقامة امسية ثقافية غنائيه علماً بأن المسرح الوحيد بالمدينة هو المركز الثقافي الفرنسي الذي منحنا المكان مجاناً ثم كان ضيفنا هو عبد القادر سالم رفقة اثنين من العازفين المحليين قدموا معه من انجمينا بعد ان تمكنا من تدبير قيمة تذاكر الطائرة ذهاباً وعودة بينما استضافهم قاقارين في منزله خلال غياب أسرته في السودان ..
صلاح الدين الذي لا صلة له بكرة القدم على الاطلاق يسكن بالقرب من ملعب فرنسا الشهير في ضاحية لاكور نيف .. واهتمامه بعد عمله كمترجم هو الموسيقى والتاريخ الأوروبي المعاصر .. بالاضافة الى الاسفار البرية بالسيارات في الأغلب.. ولم ينقطع عن زيارته للسودان وللابيض وبورتسودان كل عام طوال أربعين عاماً في باريس.. في مرة من المرات أصيب في حادث مرور كان الوقت شتاء والثلج يغطي الطريق وهم متوجهون الى العاصمة البلجيكية بروكسل في عجلة من أمرهم .. إصابه كسر في ذراعه لم ينفع معه العلاج الطبي الحديث المتوفر في تلك البلاد فكان لابد من اللجوء الى العلاج البلدي.. تصوروا من أين هذا العلاج البلدي؟ من بانقي المسكينة متمثلاً في دهن النعام الذي حشدنا كل قوانا في سوق كيلو خمسة ( الحي الشعبي في بانقي ) حيث لنا عدد من التجار السودانيين فحصلوا لنا على أقل من نصف زجاجة أخذها على قاقارين معه الى باريس كأهم صحبة راكب بعد أوراقه الأكاديمية التي يسافر بها الى هناك كل ثلاثة او اربعة اشهر .. وكانت النتيجة بالفعل مذهلة فقد عادت لصلاح الدين الحيوية كاملة لذراعه وكتفه والحمد لله ..
ومن أسفاره التي اتذكرها واذكرها للناس هي رحلته وأسرته في إجازتهم السنوية للسودان فكان أن نزلوا في انجمينا ثلاثة او اربعة ايام بانتظار الطائرة السودانية التي تأتي مرة في الاسبوع ونسبة لعدم تطابق مواعيد الطائرتين فكان عليهم الانتظار كل ذلك الوقت ( فالبديل هو أن يمروا بدوالا الكاميرونية ثم كينشاسا ثم نيروبي وأديس أبابا .. وطبعاً بسعر اعلى ) .. جاءت الطائرة السودانية فأخذتهم اولاً غرباً الى كانو ( شمال نيجيريا لأنها لا تتوقف بانجمينا إلا عند المجئ من الخرطوم ) فصبروا على نصف يوم إضافي في الهواء .. ولكن عندما اقتربوا من الخرطوم واستعدوا للهبوط جاءهم مسئول الرحلة ليترجاهم ان يصبروا معاهم شوية حتى جدة ( العربيه السعوديه ) لينزل اهل العمرة اولاً ثم ترتاح الطائره شوية ويركب العائدون للسودان .. ولم يكن المواطن الصالح على قاقارين ليرفض اويطلب تعويضاً فتحمل هو وأسرته الرحلة الطويلة الشاقة ..
في الخرطوم صادف انتفاضة أبريل 1985 فراسلني بصورة قلمية رائعه للانتفاضة و اضحكني بنقله بعض شعارات وهتافات الثوار في شوارع السودان الذين مزقوا العملة الورقية التي بها صورة جعفر نميري صائحين " الجنيه ابو عمه شرطوه بلا رئيس بلا لمه قطعوه .. وآخرون رفعوا حماراً هاتفين " حمارك عينة يا بثينه"..
من ذكريات بانقي وشخصياتها الدبلوماسية نتوقف عند إيهاب الشريف السكرتير الأول آنذاك بالسفارة المصرية ( والتي بالرغم من عدم علاقات الجوار بين البلدين وكذلك عدم الانتماء الجغرافي لمياه النيل (فافريقيا الوسطى لا تنتمي الى حوض نهر النيل بل الى الاوبانقي شاري ونهر الكونغو )الا ان سفارتها أكبر من سفارتنا مدعومة بشركة تجارية وصيدلية تكاد تكون الوحيدة في المدينة مع بعثة طبية صغيرة متخصصة كان أفرادها على صلة وثيقة بنا ( وهكذا الدبلوماسية المصرية سباقة خاصة في القارة الافريقية ) .. عندما انضم الينا قاقارين عام 1983 توطدت علاقتنا بحكم انه زميل دراسة لايهاب الشريف في المعهد الدبلوماسي في باريس ولذلك كنا نراه كثيراً .. وليس بيننا قيود أو مراسم .. شعرنا ورأينا أنه طموح للغاية وربما كان مستعجلاً بعض الشئ .. كان عند وصولي لتلك البلاد قد نجا من حادث قيادة ادى لموت رفيقه في الرحلة شاب فرنسي .. بعد ذلك - وكنت غادرت بانقي للخرطوم نصف العام 1985علمت من قاقارين ان ايهاب قد غامر و انتقل الى تل ابيب في اول بعثة دبلوماسية عربية مقيمة في اسرائيل وهو امر آنذاك وربما حتى اليوم - محفوف بقدر غير قليل من المخاطر .
ثم حدثت الكارثة عندما قبل بعد ذلك بالذهاب لبغداد كقائم بالأعمال لمصر لدى العراق الذي كان بالكاد قد خرج من حروبه وصراعاته الداخلية .. جاء في الأخبار أن ايهاباً قد خرج بسيارته دون حراسة ليشتري بعض الصحف فتم اختطافه وتصفيته دون رحمة .. نسأل الله له الرحمة ..
هكذا كنا نتبادل الاخبار بالرغم من ابتعادنا عن الساحة الدبلوماسية وحتى الرياضية .. حاول قاقارين مشكوراً ان يساعدني في الحصول على مهمة دبلوماسية في الكونغو ( زائير) التى ذهب اليها سفيراً ( وكانت بدايتى هناك أواخر الستينات) ولكنه لم يوفق فشكرته كثيراً على مجهوده ثم تابعت اخباره على البعد دون ان نلتقي ..الى ان جاءتني منه مكالمة تلفونية منتصف العام 2022 وهو يبكي بدموع حاره ويعزينى ويعزي نفسه في فقدنا الكبير صلاح الدين عبد الرحمن الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى في باريس في 27 مايو 2022..
تعازي الحارة للسيدة تهاني وكريماتها و لكل عائلة حيدر واهله واصهاره واصدقائه وزملائه ومعجبيه ..
وانا لله وانا اليه راجعون
farhmaneisa@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: صلاح الدین عبد القادر کرة القدم بالرغم من فی باریس مرة فی
إقرأ أيضاً:
الأزهر يرد على سعد الدين الهلالي في دعوى المساواة في الميراث
أثار أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، جدلاً واسعاً مجدداً، بعد تصريحاته التي دعا فيها إلى المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، مؤكداً أن القضية "فقهية قابلة للاجتهاد" وليست من القطعيات، وأنه لا يوجد نص قرآني صريح يمنع تحقيق المساواة بين الطرفين، لا سيما في الحالات التي يتساوى فيها الذكر والأنثى في درجة القرابة، كالأخ والأخت.
وفي لقاء تلفزيوني عبر قناة "العربية"، أوضح الهلالي أن مهمته هي "البيان والتفسير"، مشيراً إلى أن بعض الدول الإسلامية، مثل تركيا، اعتمدت مبدأ المساواة في الميراث منذ عام 1937، كما أشار إلى تطبيق جزئي لهذا المبدأ في مصر من خلال قانون المعاشات الصادر عام 2019، والذي يساوي في توزيع المعاش بين الورثة من الجنسين.
وأضاف أن هناك حالات كثيرة في المجتمع المصري تقوم فيها الأسر بتوزيع التركات بين الأبناء بالتساوي عن تراضٍ، مؤكداً أن هذا لا يتعارض مع روح الشريعة الإسلامية.
أستاذ الفقه المقارن بجامعة #الأزهر سعد الدين الهلالي: الميراث في الدين حسب رغبة الشعب!#مزيد pic.twitter.com/QsHNA7FaQx — مزيد - Mazid (@MazidNews) April 20, 2025
الأزهر يرد
وفي المقابل، قوبلت تصريحات الهلالي برفض رسمي من المؤسسات الدينية، إذ أصدرت دار الإفتاء المصرية بياناً شديد اللهجة، أكدت فيه أن "الدعوة إلى المساواة المطلقة في الميراث تحت شعار التطوع أو الاستفتاء الشعبي، ليست سوى محاولة لنقض الأحكام الشرعية وهدم قدسية النصوص، وإلحاق الأمة بمفاهيم دخيلة أدت إلى اضطرابات وانهيارات في مجتمعات أخرى".
بيان دار الإفتاء المصرية حول دعوى المساواة المطلقة في الميراث تحت لافتة التطوع أو الاستفتاء الشعبي
الحمد لله الذي بيّن فرائض هذا الدين فأحكمها، وحدد مواريث العباد فأقام بها ميزان العدل، نحمده سبحانه على ما أنزل من الكتاب، وما شرع من الأحكام، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله… — دار الإفتاء المصرية ???????? (@EgyptDarAlIfta) April 20, 2025
وشددت دار الإفتاء على أن "أحكام المواريث جاءت بنصوص قطعية لا تقبل الاجتهاد أو التأويل، وهي من ثوابت الشريعة التي لا يجوز المساس بها أو السعي لتبديلها، وواجب الأمة حماية تطبيقها وتنفيذها".
كما أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بياناً مماثلاً، أكد فيه أن نصوص المواريث قطعية الدلالة والثبوت، ولا يجوز الاجتهاد فيها، محذراً من "فتنة فكرية" تهدد استقرار الأسرة المصرية، واعتبر أن الترويج لأفكار تمس ثوابت الدين يمثل "افتئاتاً على الشرع وعلى ولي الأمر"، مشدداً على أن "محاولات إعادة تفسير النصوص بعيداً عن سياقاتها الحقيقية تمثل تهديداً للأمن الفكري والاستقرار المجتمعي".
وأشار البيان إلى أن الدستور المصري ينص صراحة على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع"، ما يجعل المساس بأحكام المواريث مخالفة للدستور ذاته.
ردود فعل غاضبة
أثارت تصريحات سعد الدين الهلالي، موجة عارمة من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تساءل كثير من المعلقين عن دوافع هذه التصريحات وتوقيتها، واصفين إياها بـ"الهشّة" والخارجة عن السياق الشرعي والاجتماعي.
يا عم سليم متقوليش سعد الدين الهلالي
ده اسمه سعد الدين الضلالي
في ناس كتير بتحب تسمع من كذب وتضليل علي كلام الناس
سعد الدين الضلالي هو واحد من الكذابين المدلسين pic.twitter.com/6YLi5Pfb0m — الست ام لي (@L15144Alst) April 22, 2025
مكمن خطورة ما يطرحه الشيوخ المقرّبين من السلطة، د. سعد الدين الهلالي، ود. مبروك عطية، والشيخ خالد الجندي، ود. علي جمعة، ليس في فتاويهم الشاذة، إذ إن صاحب العقل السليم والمنطق الرشيد يدرك سطحية تهافت آرائهم ولا يمكن أن يتعامل معها بجدية.
إنما الخطورة الحقيقية في الأثر العميق… pic.twitter.com/2LsCJlFhzn — Mourad Aly د. مراد علي (@mouradaly) April 20, 2025
ودعا عدد من رواد مواقع التواصل إلى اتخاذ إجراءات تأديبية بحق الهلالي، من بينها فصله من جامعة الأزهر، وسحب شهادة الدكتوراه منه، وإحالته للتحقيق، معتبرين أن ما صدر عنه لا يليق بعالم منتمٍ لمؤسسة علمية عريقة مثل الأزهر.
وفي أول رد فعل رسمي من جانب جامعة الأزهر، أكد المتحدث الرسمي باسم الجامعة، الدكتور أحمد زارع٬ أن الجامعة "تتبرأ تماماً" مما صدر عن الهلالي، موضحاً أن ما قاله "يتعارض مع النصوص القطعية من الكتاب والسنة، ويخالف إجماع علماء الأمة".
وأضاف زارع أن "ما عبّر عنه الهلالي يُمثّل وجهة نظره الشخصية فقط، ولا يُعبّر بأي حال عن رأي الأزهر أو منهجه"، مشدداً على أن المؤسسة الأزهرية تتمسك بثوابت الشريعة، ولا تقرّ الاجتهادات الفردية في المسائل التي وردت بنصوص قطعية.
وأكدت الجامعة، في سياق متصل، أهمية الرجوع إلى المصادر الشرعية المعتمدة عند تناول قضايا تمس جوهر الشريعة الإسلامية مثل المواريث والحجاب، مبيّنة أن هذه الأحكام غير قابلة للاجتهاد أو التعديل.
وتأتي هذه التصريحات في سياق سلسلة من الآراء المثيرة للجدل التي أدلى بها الهلالي في مناسبات سابقة، من بينها قوله إن "الحجاب ليس فريضة قطعية، بل هو اجتهاد فقهي"، كما أجاز في تصريح آخر "زواج الرجل من ابنة زوجته بعد طلاق الأم أو وفاتها، بشرط ألا تكون قد تربّت في بيته"، وأفتى أيضاً بجواز "أن تكون الأضحية من الدجاج"، وهي آراء قوبلت كلها برفض واسع من علماء الأزهر والجمهور على حد سواء.
أستاذ الفقه المقارن بجامعة #الأزهر سعد الدين الهلالي: الحجاب مش فرض!!#مزيد pic.twitter.com/4OHVJdmQqx — مزيد - Mazid (@MazidNews) April 20, 2025
من هو سعد الدين الهلالي؟
ويعمل سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر منذ عام 2015. وُلد الهلالي عام 1954، وحصل على درجة الدكتوراه في الفقه المقارن عام 1985، ليبدأ مسيرته الأكاديمية والعلمية داخل أروقة الأزهر الشريف.
وخلال مسيرته المهنية، تولّى الهلالي عددًا من المناصب الأكاديمية، من بينها أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون، وعميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بفرعي جامعة الأزهر في دمياط (1995–1997) وأسوان (1994–1995). كما شغل منصب رئيس قسم الفقه والأصول بجامعة الكويت في الفترة من 2002 إلى 2004.
نال الدكتور الهلالي عدداً من الجوائز العلمية المرموقة، منها "جائزة الدولة التشجيعية" من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا عام 2008، و"جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي" عام 2003، تقديراً لإسهاماته في مجالات الفقه والفكر الإسلامي.
وله العديد من المؤلفات التي تناولت قضايا معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية، من أبرزها: حقوق الإنسان في الإسلام، والمعاملات المالية المركبة، والأزمة المالية والحلول الإسلامية.