اجتماع نيروبي: لن يعود السودان كما كان
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
سمعت من صحافي سوداني كبير راحل أنهم ذهبوا للسلام على قيادي كبير في نظام «الإنقاذ» (حكومة البشير)، وتهنئته على توقيع اتفاق السلام الشامل مع «الحركة الشعبية» بقيادة جون قرنق، المعروف شعبياً باتفاق نيفاشا (يناير/ كانون الثاني 2005). بعد السلام والترحيب بدأ الحضور في طرح بعض التساؤلات، وأشار أحدهم إلى نقطة خطرة في الاتفاق، والتي تتحدث عن تقرير المصير للجنوب بعد ست سنوات، وأنه سيُجرى استفتاء على ذلك.
كان السودانيون قلقين من مسألة تقرير المصير الذي يؤدي للانفصال، وكان الذين يحسنون الظن في الحكومة يفترضون أن هناك عملاً كبيراً سيتم في هذه الفترة لإقناع الجنوبيين بالتصويت على الوحدة: العمل في البنيات الأساسية. مشاريع تنمية. تعديلات في القوانين والمناهج التعليمية. فرص تعليم وعمل أفضل… إلخ. لكن اتضح أن كل خطة الحكومة آنذاك هي العمل على تفتيت «الحركة الشعبية» بحيث لا تبقى هناك قوة تدعو للانفصال. لم تتفتت «الحركة الشعبية»، وتسيّدها تيار انفصالي بعد رحيل الدكتور جون قرنق، وصوّت الجنوبيون بالأغلبية المطلقة لخيار الانفصال.
استدعيت هذه الصورة وأنا أتابع وأراجع وأحلل موقف الحكومة في بورتسودان، من خلال الإعلام الموالي وبعض التصريحات الرسمية، من اجتماع نيروبي الذي سينتهي بتوقيع ميثاق، ومن ثم تشكيل حكومة موازية. مع الأسف، لقد بات واضحاً أن نفس العقلية التي تعاملت مع اتفاق نيفاشا ونتائجه هي التي تدير الآن ردود فعل الحكومة وإعلامها الموالي وبعض القوى السياسية. تتراوح ردود الفعل بين الاستهانة بالاجتماع، والسخرية والتنمر على المشاركين، وإطلاق الإشاعات حوله، ثم تلخيص الأمر كله في أموال «الدعم السريع» التي وزعتها على المشاركين.
هناك استهانة كبيرة بخطوة إعلان حكومة موازية؛ إذ إنها، وبرغم التصريحات المطمئنة، هنا وهناك، خطوة في طريق التقسيم. صحيح أن قيادات اجتماع نيروبي قالوا إنهم لا ينشئون دولة جديدة، بحدود جديدة، لكنهم سينشئون حكومة لنفس الدولة القائمة، إلا أن الواقع العملي سيقود إلى أن تكون هناك حكومتان في منطقتين جغرافيتين مختلفتين، ومن الممكن أن يتحول الواقع لدولتين.
الأمر المهم هو أن هناك كثيراً من الناس ينظرون للحكومة القادمة على أنها حكومة بلا مشروع سياسي، وهذا أيضاً أمر غير صحيح؛ فـ«قوات الدعم السريع» التي احتلت معظم مناطق العاصمة وولاية الجزيرة، كانت مجموعات مسلحة بلا هدف وبلا مشروع سياسي. لكن من الواضح أنها تعمل الآن على محاولة إيجاد مشروع سياسي بحاضنة سياسية واجتماعية واسعة، تمتد من رشايدة شرق السودان إلى جبال النوبة في جنوب كردفان، ومن عمامة الطريقة الختمية إلى مظلة من بعض قيادات «الأنصار» وحزب الأمة، دَعْ عنك مناطق دارفور الكبيرة والواسعة.
ومن المؤكد أن هناك عدداً من القوى السياسية جاءت لنيروبي بمشروعها السياسي الخاص، تحاول، على الأقل، أن توجد له موطئ قدم. وهناك أيضاً مجموعات وحركات يقوم مشروعها السياسي على هدم الدولة القديمة، وإقامة دولة جديدة على أسس جديدة. وقد رأى هؤلاء أن بندقية «الدعم السريع» تصلح حليفاً لها في مرحلة إسقاط الدولة، وربما يرون أيضاً أنها قوات بلا مشروع، وقد يفلحون أن يسوقوا لها مشروعهم السياسي القديم. هذا غير بعض القوى التي ترى في تيار الإسلام السياسي الشر الأكبر، ولهذا فهم على استعداد للتحالف مع أي قوة، حتى لو «الدعم السريع»، ما دامت تقف ضد هذا التيار.
من المهم أن نفهم أن هناك مشروعاً سياسياً جديداً يؤيده البعض، ويرفضه آخرون؛ لأنهم يرون فيه الخطوة الأولى نحو تقسيم السودان. ولهؤلاء وأولئك فإنه من الأفضل لهم ولمستقبل السودان أن يبتعدوا عن الاستسهال والتنميط واستدعاء القوالب القديمة، وأن يدرسوا هذا المشروع بكل جوانبه، ويتحروا نتائجه المستقبلية.
لا أظن أن هناك حكومة أفريقية أو عربية أو حتى غربية، ستعترف بالحكومة الجديدة باعتبارها الحكومة الشرعية، لكن سيتم التعامل معها باعتبارها، أيضاً، حكومة أمر واقع. يحتاج العالم والإقليم للوصول إلى كل مناطق السودان، وأينما كانت هناك سلطة فسيتم التعامل معها.
خلاصة الأمر… لن يعود السودان كما كان، بعد اجتماع نيروبي، وعلينا أن نستعد لذلك.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الشعبیة اجتماع نیروبی الدعم السریع أن هناک
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يترأس اجتماع الحكومة الأسبوعي اليوم
كشفت القناة الأولى بالتلفزيون المصري أن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء سيترأس اجتماع الحكومة الأسبوعي اليوم، لمتابعة عدد من الملفات.
وفي وقت سابق قال المستشار محمد الحمصاني المتحدث باسم مجلس الوزراء، إنّ اجتماع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء يأتي في إطار متابعة المشاورات وتوصيات اللجنة الاستشارية لتنمية الصادرات في عدة قطاعات، موضحا أن رئيس مجلس الوزراء بدأ أمس في التركيز على قطاعات بعينها للنظر في دعم صادراتها.
وأضاف «الحمصاني»، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية «إكسترا نيوز»، أنّ قطاع الملابس الجاهزة والغزل والنسيج يعد أحد القطاعات الواعدة التي يمكن زيادة صادراتها إلى 11.5 مليار دولار خلال الـ6 سنوات المقبلة، بالتالي كانت هناك بعض الطلبات المتعلقة بتوفير الأراضي الصناعية المرفقة في بعض المناطق وخاصة في المنطقة الواقعة بين محافظتي الفيوم وقنا، مشيرا إلى أن هذا الطلب يأتي في إطار الحرص على بدء إنشاء مصانع جديدة لزيادة الإنتاج والصادرات المصرية.
وتابع: «الحكومة المصرية تعمل على تنمية محافظات الصعيد، بالتالي إنشاء المزيد من المناطق الصناعية في المحافظات الصعيدية سيوفر فرص عمل ويؤدي إلى تطوير القطاع»، لافتا إلى أنه كان ت هناك بعض المقترحات المرتبطة ببرنامج رد أعباء المصدرين أو الصادرات، كما كانت هناك بعض الطلبات المرتبطة بالحوافز والمدارس الفنية، إذ أن جميعها توصيات قيمة وسيتم متابعتها والعمل على تنفيذها.