مع العد التنازلى لقدوم شهر رمضان المبارك، يستعد لبنان، لاستقبال الشهر الفضيل ولكن بطريقة مختلفة بسبب تفاقم الأزمات الأمنية والاقتصادية بالبلاد.وبدأت المحلات بتوفير كميات كبيرة من المستلزمات الرمضانية الشهيرة، وبدأت التحضيرات المكثفة لتأمين احتياجات الأسواق من المواد الغذائية، خصوصاً أن هذا الشهر يشهد عادةً زيادة كبيرة في الطلب على السلع الأساسية.



يحل شهر رمضان خلال الأيام المقبلة، ويعتقد كثير من الناس أن النفقات والأعباء المالية تزداد خلال أيام الشهر الفضيل لكثرة الولائم و"العزائم"، وكثرة تبادل الزيارات بين الناس. وينشغل اللبنانيون في الاستعداد لاستقبال شهر رمضان والأحياء الشعبية ارتدت الحلّة وتزيّنت، وعربات المكسرات بدأت بدورها تختار الأماكن الأكثر ازدحاماً، باحثة عن مورد رزقها في الشهر الكريم.

وفي جولة في أسواق صيدا التي تعيش جماليات الاستعداد لشهر رمضان، بما تشهده من مظاهر حافلة بالنشاط والبهجة، تمتلئ المحال التجارية بالبضائع والعروض الخاصة بلوازم رمضان، إضافة إلى ملصقات وزينة بألوان وأشكال جذابة.

أكد محمود حمزة "صاحب محل مكسرات" بأن حركة البيع تشهد ذروتها عشية رمضان. وتتفاوت نسب ارتفاع الأسعار بين المناطق وبين المتاجر وحتى صغرى المحلات التجارية، ما يطرح تساؤلات حول آلية التسعير ومدى صدقية الحديث عن تبريرات رفع الأسعار المرتبطة بسلاسل التوريد.

وأشار حمزة الى أنه لا تكتمل السفرة الرمضانية إلا بأصناف محددة من الشراب، يأتي في مقدمها التمر الهندي وعرق السوس، إضافة إلى الجلاب. في المقابل، تفضل كثير من العائلات تحضير الشراب الرمضاني في المنزل وتحديداً الجلاب المكثف، الذي تضاف إليه المكسرات والزبيب، إضافة إلى شراب "قمر الدين".

وقال "شهر رمضان موسم سياحي، يدفع الناس لشراء سلع ومواد غذائية بشكل أكبر مقارنة بباقي الشهور، بسبب الطلب المتزايد على الأطعمة المرتبطة به، مثل البهارات والجوز واللوز التي تتزين بها موائد الإفطار، وتعطي رونقًا ومذاقًا مختلفًا للحلوى والمأكولات".  

وتابع حمزة بأن "رمضان هذا العام حقل خصب لمشاهدة ما آل إليه الوضع الاجتماعي والأمني للبنانيين. ولكن الغلاء الكبير في رمضان إطار موضوعي يجب الوعي به، وهو الأساسي والقائم بمعزل عن العوامل الظرفية والخاصة من انهيار مالي أو غياب آليات المراقبة أو المحاسبة القانونية وغيرها".

وقال "قبل قدوم شهر رمضان، يجب وضع قائمة خاصة تحتوي على الاحتياجات الفعلية للأسرة خلال أيام الشهر المبارك، وشراء ما يوجد بهذه القائمة قبل قدوم شهر رمضان مع الالتزام التام بما يرد بها، فلا تشتري شيئا خارجها، والمعادلة هنا بسيطة جدا، فأنت لا تحتاج حقا للأشياء التي لم تضعها في قائمتك، لو كنت تحتاجها فعلا لوضعتها في قائمتك منذ البداية".

وأضاف حمزة بأنه "لا يمرّ رمضان من دون أن نشهد حركة بيع تفوق غيرها من أيام السنة. فطبق الحلوى على مائدة الإفطار أو السحور وجبة أساسية يحبّها الكبار والصغار. نأخذ دائماً في الحسبان الحالة الاقتصادية لأهلنا في صيدا فنقدّم لهم أسعاراً مقبولة. هذا شهر البركات عند الفقير كما الثري".

وكرر بالقول بأن "شهر رمضان هذا العام قد يحمل معه فرصة لإعادة الزخم إلى الأسواق اللبنانية، ليس على صعيد النشاط التجاري وحسب، بل أيضاً كمرحلة اختبار للعهد الجديد".

السيدة فوزية الشمعة تقول: لست من اللواتي يحضرن قبل رمضان، فأنا أقوم بالشراء كل يوم بيومه والأسواق تتوفر فيها السلع طوال الشهر الفضيل، لكن أخواتي يفضلون الشراء قبل رمضان، ومنهم من قام بإعداد الكبة والسمبوسك حيث تم تجهيزها وتفريزها لتكون موجودة يومياً على السفرة، وقام بعضهم بشراء الاحتياجات من الأطعمة المعلبة والبهارات واللحوم.

وأضافت "هذه السنة مختلفة. الناس اختنقوا بما فيه الكفاية، ويريدون الترفيه عن أنفسهم. نحن اقتنعنا أنّ لا حيلة لنا في تغيير الواقع. لكن الخلل ليس عند هذا الشعب، بل لدى الطبقة الحاكمة التي تختلف في كلّ  شيء وتلتقي على مصالحها".

وقالت السيدة فوزية بأن "لا يحتاج التجار في لبنان إلى أسباب حقيقية علمية لرفع أسعار منتجاتهم. فالأسعار ترتفع بالمواسم على مزاج كبار التجار وصغارهم. فتحلّق أسعار المواد الغذائية مع بدء الصوم، كما ترتفع أسعار مستلزمات الأعياد والأعراس وكل ما يرتبط بالمواسم، بلا أسباب منطقية سوى جني مزيد من الأرباح".

ويعد، شهر رمضان هو شهر المحبة والتواصل والعطاء والبذل والتضحية، وهو تدريب للنفس على الصبر على مشقات الحياة، ومواجهتها بعزم وإيمان، وهو أيضا شهر العطاء والصدقة ومساعدة المحتاجين، وليس شهرا للتباهي والتفاخر والمبالغة والإسراف في الطعام والشراب.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

فصل جديد من أزمات نجيب ساويرس مع خيالة منطقة الأهرامات بالقاهرة

 القاهرة– عقب أحداث "موقعة الجمل" الشهيرة في القاهرة خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، غرّد رجل الأعمال نجيب ساويرس معلنًا انحيازه للثورة، مشيدًا بالشباب المتطلعين للتغيير، مقابل من وصفهم حينها بـ"قادمين من العصور الوسطى بالجمال والخيول"، الذين وفدوا من منطقة نزلة السمان غربي القاهرة، مدفوعين بمخاوف تتعلق بتأثير الثورة على مصادر رزقهم، خاصة في قطاع السياحة.

اليوم، وبعد مرور أكثر من 14 عاما يتجدد التوتر بين رجل الأعمال ذاته وأصحاب الخيول والجمال، ولكن هذه المرة في موطنهم، بمنطقة الأهرامات بالجيزة، بعد انطلاق مشروع تطوير هضبة الأهرامات الذي تشرف على تنفيذه شركة "أوراسكوم"، التابعة لمجموعة ساويرس، ويشمل إنشاء مسارات نقل ومناطق خدمات حديثة، ضمن خطة لتقديم تجربة أكثر تنظيمًا للزوار.

ورغم انتظام العمل في المشروع خلال فترته التجريبية، والممتدة حتى مايو/أيار المقبل، فإن بعض العاملين التقليديين في المنطقة، من أصحاب الخيول والجمال، لا يزالون يعبرون عن اعتراضهم على ما يعتبرونه تهميشًا لدورهم، وتقييدًا لمصدر رزقهم.

استبعاد واحتجاج

علي سلطان، أحد العاملين في مهنة الخيالة بمنطقة الأهرامات، ورث المهنة عن والده، وبدأ بمساعدة الزائرات على ركوب الخيول في سن مبكرة، يقول للجزيرة نت: "منذ يومين ونحن نجلس على جانب الطريق المؤدي للهرم، نحتج على نقلنا إلى منطقة بعيدة، دون وجود الزوار الذين كنا نتعامل معهم يوميًا".

إعلان

وحسب المسار الجديد، أصبح المطلوب من الزائر الراغب في ركوب الخيول أو الجمال التوجه إلى بوابة مخصصة خارج المساحة الأثرية، وهو ما يعتبره العاملون تقليصًا كبيرًا لفرصهم في العمل.

يقول محمود، أحد الخيالة الشباب: "كنا نرافق السياح، نركّبهم الجمال، ونروي لهم قصص المنطقة، فجأة طُلب منا المغادرة، وأصبحنا غير قادرين على الوصول إليهم. هذا ظلم في حقنا".

وعبّر العديد من الخيالة عن احتجاجهم من خلال تنظيم وقفات وقطع طريق الحافلات التابعة للشركة المنفذة للمشروع، في محاولة للفت الأنظار إلى مطالبهم، وسط تساؤلات عن آلية التنفيذ وغياب الحوار المسبق معهم.

الحل هو أن نرفع الإهرامات ونضعها في مكان آخر .. إذا أمكن ذلك ????

— Masom Marzok (@marazka) April 9, 2025

أمن و برلمان

نجيب ساويرس علّق على هذه الاحتجاجات عبر حسابه في منصة "إكس"، داعيًا الجهات الأمنية لحماية العاملين في المشروع وحافلات النقل، مشيرًا إلى تعرّضهم للاعتداء من بعض المحتجين، على حد وصفه.

من جانبهم، يرى بعض أبناء المنطقة أن لديهم ارتباطًا تاريخيًا بها، ويقول أحد الجمالة -رفض ذكر اسمه- "خدم أجدادنا زوّار المنطقة منذ أيام محمد علي، واليوم يتم إقصاؤنا من دون بدائل حقيقية".

وفي مشهد رمزي للتوتر القائم، اقترب أحد الخيالة من سور حجري قرب إحدى البوابات الجديدة محاولًا الحديث مع أحد الزوار، قبل أن يطلب منه أحد أفراد الأمن المغادرة، فرد الخيّال: "أنا من أهل المنطقة، نخاف على السائح أكثر منكم.. لأنه مصدر رزقنا".

منطقة الأهرامات أكثر مناطق القاهرة جذبا للسياح (الجزيرة) تطوير يثير الجدل

الجهات الرسمية تؤكد أن المشروع يستهدف تطوير تجربة الزائر، عبر تنظيم حركة الدخول والخروج، وتوفير وسائل نقل كهربائية، وتقليل التأثير السلبي للدواب على المناطق الأثرية، لاسيما المقابر المحيطة.

إعلان

لكن العديد من العاملين التقليديين بالمنطقة، إضافة إلى عدد من المرشدين السياحيين، عبّروا عن تحفظهم تجاه طريقة التنفيذ، لاسيما ما يتعلق بصعوبة انتقال السياح بين وسيلتين للنقل، وتأثير ذلك على جودة الجولة السياحية.

وأجرت النائبة البرلمانية نورا علي، زيارة ميدانية للموقع، وأعلنت عن اجتماع موسع سيُعقد لبحث كافة ملاحظات العاملين، والتوصل إلى صيغة تحقق التوازن بين التطوير ومصالح الأهالي.

بدورها، تقدمت النائبة مها عبد الناصر بطلب إحاطة موجه إلى الحكومة بشأن ما وصفته بـ"الوقائع المؤسفة" التي رافقت المرحلة التجريبية لافتتاح المشروع.

ملخص الى حصل فى هضبة الأهرام .
اصحاب الجمال والخيول سطوتهم قوية جدا لدرجة انهم ضغطوا على المحافظة .
ونتيجة الضغط ده المحافظة قررت وبشكل مفاجئ تغيير المسار المتفق عليه .
والنتيجة النهائية المنظر الى شوفناه .

والدروس المستفادة ان الفساد اقوى من اى تطوير ممكن يحصل للمنطقة . pic.twitter.com/lA7p90x97i

— HiMa (@Ibrahim57162808) April 8, 2025

غياب التنسيق

يقول مصطفى، أحد العاملين بالموقع، للجزيرة نت: "السماح بدخول الدواب للمنطقة الأثرية أمر مرفوض من الناحية الأثرية"، مشيرًا إلى أضرار طالت بعض المقابر الأثرية جراء الاستخدام العشوائي للخيول والجمال، رغم محاولات تقييدها.

ورأى أحد مفتشي الآثار -طلب عدم ذكر اسمه- أن الحل يكمن في تحقيق التوازن بين الحفاظ على التراث وتوفير فرص بديلة للعاملين، مشيرًا إلى غياب التنسيق الكافي بين الجهات المعنية بشأن تراخيص العمل والمواقع المخصصة لكل فئة.

ومن الإشكاليات الرئيسية التي يواجهها المشروع -حسب مراقبين- غياب خطة واضحة لإعادة دمج العاملين غير الرسميين، أو توفير تدريب وفرص بديلة، مما يزيد من شعورهم بالتهميش.

مراقبون يرون أن المشروع أغفل دمج العاملين غير الرسميين في المنطقة (الجزيرة) التطوير لا يعني الإقصاء

يقول حازم، أحد المرشدين السياحيين: "نحن لسنا ضد التطوير، بل ندعمه، ولكن لا يجب أن يعني ذلك إقصاء من شكّلوا جزءًا من تجربة الزائر، السياح يأتون لرؤية الأهرامات، ولكنهم أيضًا يبحثون عن الرواية الحيّة، والوجوه المرتبطة بالمكان".

إعلان

وفي حين تتواصل المرحلة التجريبية للمشروع، يبقى التساؤل مفتوحًا حول مدى قدرة السلطات والجهات المعنية على استيعاب العاملين التقليديين ضمن منظومة التطوير، دون المساس بمصدر رزقهم، أو طمس أحد أوجه التراث الشعبي المرتبط بهذه المنطقة التاريخية.

مقالات مشابهة

  • الطائرات التي أسقطت خضعت لتحسينات قتالية وتكنولوجية عالية خلال العام الماضي 2024م
  • المدير العام لـ”أوريدو” يستقبل رئيس اتحاد الحراش
  • أمين الفتوى يعلق على الـمشاهد غير الأخلاقية التي تخالف الذوق العام
  • ظهر بملابس غير لائقة.. بلاغ يتهم محمد رمضان بالتشجيع على التسيب الأخلاقي
  • فصل جديد من أزمات نجيب ساويرس مع خيالة منطقة الأهرامات بالقاهرة
  • حرب الرسوم.. ما أكثر السلع الصينية التي يعتمد عليها الأميركيون؟
  • رئيس الوزراء اللبناني يكشف أبرز الملفات التي سيناقشها خلال زيارته لسوريا
  • استعدادًا لموسم حج هذا العام 1446 هـ .. وزارة الداخلية تعلن عددًا من الترتيبات والإجراءات التي تهدف للمحافظة على سلامة ضيوف الرحمن
  • استعدادًا لموسم حج هذا العام..الداخلية تعلن عددًا من الترتيبات والإجراءات التي تهدف للمحافظة على سلامة ضيوف الرحمن
  • بعد نجاحه في مسلسل سيد الناس.. مصطفى عماد ضيف ياسمين عز في «كلام الناس» الليلة