القاهرة- عمر حسن: لا تتوقف محاولات بعض الدول الكبرى عن التخلص من هيمنة الدولار كعملة احتياطية عالمية تتحكم في الاقتصاد، والحقيقة أن كثير من تلك المحاولات قد فشلت على مدار عشرات السنوات الماضية، نتيجة تغلغل الدولار في مفاصل الاقتصاد العالمي.

استمرار هيمنة "الوحش الأخضر"، أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا لروسيا وحليفتها الصين، خاصة بعد العقوبات الأمريكية على موسكو عقب حربها على أوكرانيا، وهو ما عجّل من فكرة توسيع وتقوية تحالف "بريكس"، الذي يعقد قمته حاليًا في جوهانسبرج بـ"جنوب إفريقيا"، فما قصته؟ ولماذا تنعقد عليه آمال بناء نظام اقتصادي عالمي جديد لا ينفرد فيه الدولار بصناعة القرار؟

البداية

تأسست مجموعة "بريكس" عام 2009 بمشاركة كل من: الصين والبرازيل والهند وروسيا، لتنضم إليها جنوب أفريقيا في عام 2010.

الرئيس السابق لذراع إدارة الأصول في "غولدمان ساكس" جيم أونيل كان أول من صاغ المصطلح على هذا التجمع.

المصطلح وُلد في البداية تحت اسم "بريك" وهو يرمز إلى أول حرف من اسم الدول المنضوية تحته باللغة الإنكليزية.

في عام 2010، انضمت جنوب أفريقيا (South Africa) إلى المنظمة، ليتم إضافة أول حرف من اسمها إلى اسم التجمع، ليصبح في النهاية "بريكس".

ولكن ماذا لو وافقت المجموعة على انضمام أعضاء جُدد، فهل ستتبع نفس المبدأ لإطلاق تسمية جديدة أم تبقى كما هي "بريكس"؟

أهمية التحالف

قد تتساءل عن أهمية تشكيل تحالف مثل "بريكس" وحجم التأثير الذي قد يُحدثه في الاقتصاد العالمي، وهو ما يتضح من خلال بعض الأرقام والإحصائيات.

تمثّل دول بريكس مليارات الأشخاص - أكثر من 40% من سكان العالم- عبر ثلاث قارات، مع اقتصادات تشهد مراحل متفاوتة من النمو، لكنّها تتشارك أمراً واحداً: ازدراء نظام عالمي تقول إنّه يخدم مصالح القوى الغربية الغنية.

ويعادل مجموع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للأعضاء 25.9 تريليون دولار بنسبة 25.7% من الناتج العالمي، حسب بيانات المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو.

دول جديدة

بحث انضمام دول جديدة هو ملف تمت تنحيته في الاجتماعات السابقة لـ"بريكس"، ويرغب حالياً نحو 23 دولة بينها إندونيسيا والسعودية والإمارات ومصر، في الانضمام إلى المجموعة.

وبحسب سفير جنوب أفريقيا لدى "بريكس" فإن هناك حاليًا شبه إجماع بين الدول الأعضاء على ضرورة أن تتوسع المجموعة لكن "وفق بعض القواعد الإجرائية والمعايير لقبول أعضاء جدد".

والحقيقة أن ذلك الاتجاه لم يكن سائدًا داخل التحالف حتى وقت قريب، حيث سبق وأن صرح مسؤولون مطلعون على المفاوضات الداخلية للتكتل بأن الصين وروسيا وجنوب أفريقيا تدعم توسيع "بريكس"، وسط بعض المعارضة من الهند التي تتخوف من أن تصبح المجموعة ناطقة باسم جارتها القوية بكين، والبرازيل التي تشعر بالقلق إزاء حالة الاستعداء الغربي.

قوة اقتصادية

يُنتظر من تحالف "بريكس" أن يشكل قوة اقتصادية كبيرة من شأنها تهديد مستقبل الدولار كعملة احتياطية لدول العالم.

ورغم أن هدف استخدام العملات المحلية يُعتبر مشروعاً طويل المدى، فإن عديداً من أعضاء "بريكس" بدأوا تسوية صفقات تجارية ثنائية بالعملات المحلية.

وزادت المبادلات التجارية بين أعضاء "بريكس" بنسبة 56% إلى 422 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية.

ومن المفترض أن تبحث القمة التي تستمر حتى 24 من أغسطس الجاري، أموراً مالية على غرار إنشاء نظام مدفوعات وعملة موحدة وزيادة التعامل بالعملات المحلية في التبادل التجاري بين دول المجموعة.

يأتي ذلك السعي خصوصاً بعد الحرب في أوكرانيا وتأثيراتها على غالبية دول المجموعة، بالإضافة إلى سياسة رفع أسعار الفائدة الأميركية وتبعات هذا الأمر على اقتصادات الدول الناشئة.

ومن بين عوامل القوة الاقتصادية لتحالف "بريكس" كان إطلاق بنك التنمية الجديد عام 2015 ليكون بديلاً من مؤسسات دولية مثل "صندوق النقد" أو "البنك الدولي".

وقد نجح البنك- الذي يتخذ من شنغهاي مقراً له- في جمع 1.5 مليار راند (94 مليون دولار) في أول طرح سندات له بدولة جنوب أفريقيا.

تحديات وصعوبات

رغم التأثير الكبير والمُحتمل لـ"بريكس" على ميزان القوى الاقتصادية العالمية، إلا أن التحديات الاقتصادية والسياسية قد تهدد من فرص نجاح وتماسك ذلك التحالف الواعد.

وأول تلك التحديات هو القوة الاقتصادية الذي يتمتع بها الدولار، حيث تقدّر جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك "سويفت"، أن الدولار مستخدم في 42% من معاملات العملات عالميًا، وحصة اليورو تبلغ 32%، أما اليوان الصيني، فيساهم بنحو 2%.

الدولار هو طريقة التبادل الأكثر استخداماً في جميع أنحاء العالم بعد عملة كل دولة، ويتجاوز العملات المحلية في بعض الأحيان.

أيضاً كل السلع تقريباً، بما في ذلك النفط والذهب، تُتداول بالدولار، حتى العملات المشفرة تقترن حصرياً تقريباً بالدولار.

وكذلك تشكل الاختلافات السياسية بين دول الأعضاء تهديدًا لتماسكه مع الرغبة في التوسع لضم أعضاء جديد، حيث تخشى الهند- التي كثيراً ما تشهد مناوشات حدودية مع الصين- من هيمنة بكين على التحالف.

لكن تبقى هناك عوامل من شأنها ضمان مستقبل أكثر وضوحًا للتحالف، وقد ذكر جيم أونيل، الاقتصادي البارز في مجموعة غولدمان ساكس، أحد تلك العوامل، وهي انضمام دول إلى مجموعة "بريكس" مثل المملكة العربية السعودية.

أهمية انضمام السعودية للتحالف تكمن من وجهة نظر "أونيل" في إمكانية تسعير النفط فعلياً بعملات دول المجموعة المحلية وليس بالدولار، وهذا إن حدث سيُعد ضربة موجعة للعملة الخضراء، وقد يجعل من "بريكس" رمانة ميزان جديدة للاقتصاد العالمي.

للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا

المصدر: معلومات مباشر

كلمات دلالية: العملات المحلیة جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

جولة جديدة من اتفاق «تبادل الأسرى».. «ترامب» يدعو لاتخاذ «موقف متشدد» بشأن غزة!

بدأت صباح اليوم السبت الاستعدادات في قطاع غزة لبدء عملية تبادل جديدة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تستعد “كتائب القسام” و”سرايا القدس”، للإفراج عن 3 رهائن في خان يونس.

وأعلنت إسرائيل أنها “تسلمت أسماء الأسرى الثلاثة الذين سيفرج عنهم اليوم السبت، فيما أفاد مكتب إعلام الأسرى، بأن إسرائيل ستفرج، عن 36 أسيرا فلسطينيا محكوما بالسجن المؤبد و333 أسيرا من أسرى قطاع غزة الذين جرى اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر”.

وأعلن المتحدث باسم الجناح العسكري “لحماس”، أبو عبيدة أن “الحركة ستفرج عن كل من ساجي ديكل تشين ويائير هورن، فيما قالت حركة الجهاد الإسلامي، بشكل منفصل، إنها ستفرج عن الروسي الإسرائيلي ألكسندر توربانوف في إطار الاتفاق”.

من جهتها، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تسهل عمليات التبادل، أنها “قلقة للغاية” بشأن وضع الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة.

وأشارت في بيان عبرمنصة “إكس” إلى أن “عمليات الإفراج الأخيرة تعزز الحاجة الملحة لوصول اللجنة الدولية للصليب الأحمرإلى الرهائن المحتجزين، نحن قلقون للغاية على ظروف الرهائن”، وأضافت: “أكدنا باستمرار على وجوب إتمام عمليات الإفراج والنقل بطريقة كريمة وآمنة”.

في السياق، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى اتخاذ “موقف متشدد” بشأن غزة حيث يسري وقف إطلاق نار هش بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وقال ترامب: “لا أعرف ماذا سيحدث، لو كان الأمر متروكا لي، كنت سأتخذ موقفا متشددا للغاية، لكن لا يمكنني أن أخبركم بما ستفعله إسرائيل”.

وكان ترامب، قال إن على “حماس” إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين في غزة بحلول ظهر غد السبت وإلا “ستنفتح أبواب الجحيم على مصراعيها”.

ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل وقت قصير من عودة ترامب إلى الرئاسة في 20 يناير، ومنذ ذلك الحين، أطلقت “حماس” سراح بعض الرهائن الإسرائيليين، وفي المقابل أطلقت إسرائيل سراح سجناء فلسطينيين، ومنذ بدء تطبيق وقف إطلاق الناربين إسرائيل و”حماس”، أجرى الجانبان 5 عمليات تبادل أسرى.

المجموعة العربية في الأمم المتحدة تدعو إلى منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين

أكدت المجموعة العربية في الأمم المتحدة، أن “مكونات أساسية من المجتمع الدولي ترفض التهجير القسري للفلسطينيين، مشددة على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسطينية خلال عام، وفقاً للقرارات الدولية”.

وأشارت المجموعة، في بيانها، إلى “أهمية منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في المنظمة الدولية، مع التأكيد على إعادة بناء قطاع غزة دون تهجير سكانه”.

وأكدت المجموعة العربية،أن “حل الدولتين يظل السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة”.

وأوضحت أن “الفلسطينيين متمسكون بأرضهم ولا يرغبون في مغادرة وطنهم، داعية مجلس الأمن إلى تطبيق القرار رقم 2735 الذي يتضمن إعادة إعمار غزة”.

كما طالبت المجموعة العربية مجلس الأمن “بالتأكيد على ضرورة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدة أن استمرار الاحتلال وانتهاكات حقوق الفلسطينيين يمثلان عقبة كبرى أمام تحقيق الاستقرار في المنطقة”.

آخر تحديث: 15 فبراير 2025 - 08:24

مقالات مشابهة

  • سعر الدولار اليوم الإثنين 17 فبراير 2025.. وصل لكام في البنك الأهلي وبنك مصر؟
  • سفير البرازيل لدى مصر: مجموعة بريكس ضرورية لإعادة التوازن العالمي
  • سفير البرازيل بالقاهرة: مجموعة بريكس ضرورية لإعادة التوازن العالمي
  • أسعار صرف الدولار في الأسواق المحلية لهذا اليوم
  • وفقا للحسابات الرياضية.. عالم أفغاني يتبنأ بموعد تدمير الاقتصاد العالمي والحرب العالمية الثالثة
  • أسعار صرف الدولار في الاسواق المحلية لهذا اليوم
  • جولة جديدة من اتفاق «تبادل الأسرى».. «ترامب» يدعو لاتخاذ «موقف متشدد» بشأن غزة!
  • مزاح ثقيل..تفاصيل جديدة حول إقالة وزير بريطاني
  • السوداني: العراق صدر كميات كبيرة من الحنطة المحلية بعد مواسم ناجحة لزراعتها
  • المجر: سنعيد دمج روسيا في الاقتصاد العالمي فور انتهاء الحرب