CNN Arabic:
2025-02-23@12:17:09 GMT

تحليل.. كيف غيّر ترامب العالم في شهر واحد؟

تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT

تحليل بقلم الزميل في CNN، ستيفن كولينز

(CNN)-- أمضى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الشهر الأول من ولايته الثانية في مهمة غير عادية، وهي تفكيك النظام العالمي الذي أمضت الولايات المتحدة الثمانين عامًا الماضية في بنائه.

لقد كان من الممكن دائما من الناحية النظرية أن يفقد الغرب صداه مع تحول الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة إلى ذكريات بعيدة على نحو متزايد.

لكن لم يتوقع أحد أن يرى رئيساً أميركياً يمسك بالفأس.

عندما فاز ترامب في انتخابات العام الماضي، كان هناك شعور بين بعض الدبلوماسيين الغربيين في واشنطن بأن حكوماتهم تعرف كيفية التعامل مع رئيس كان في فترة ولايته الأولى يصنع السياسة الخارجية من خلال تغريداته. لكن الصدمة التي دفعت الزعماء الأوروبيين إلى اجتماع طارئ في باريس هذا الأسبوع تشير إلى أنهم قللوا من تقدير مدى الدمار الذي قد تكون عليه ولاية ترامب الثانية.

- لقد عكس ترامب سياسة الولايات المتحدة بشأن الحرب في أوكرانيا، وانحاز إلى جانب الغازي بدلاً من الجانب المغزو. إنه يردد نقاط حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويحاول طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من السلطة.

- سافر نائبه جي دي فانس إلى ميونيخ، حيث انتقد الزعماء الأوروبيين ووصفهم بأنهم "طغاة" يقمعون الفكر المحافظ، وضغط على ألمانيا لحملها على تفكيك "جدار الحماية" السياسي الذي أقامته لضمان عدم تمكن الفاشيين من الفوز بالسلطة مرة أخرى.

- في الوقت نفسه، أخبر وزير الدفاع بيت هيغسيث الأوروبيين أنهم بحاجة الآن إلى "تولي مسؤولية الأمن التقليدي في القارة"، مما يلقي بظلال من الشك الفوري على العقيدة التأسيسية لحلف شمال الأطلسي المتمثلة في الدفاع المتبادل عن النفس.

إن رفض أميركا لسياستها الخارجية التقليدية يأتي مدفوعا بهواجس ترامب الخاصة والتغيرات الجيوسياسية الأوسع نطاقا. وتظل الولايات المتحدة القوة الأقوى في العالم ــ ولكنها لم تعد تتمتع بالقوة التي يمكنها أن تجبر الآخرين ــ مثل الصين ــ على العيش وفقا لقواعدها. وفي الواقع، أصبح لديها الآن رئيس ليس لديه أي نية للالتزام بأي قواعد اقتصادية وتجارية ودبلوماسية على الإطلاق، ويهدد بضم كندا.

ليس هذا فحسب، بل إن الإدارة الجديدة تسعى بنشاط إلى زعزعة استقرار الديمقراطيات الصديقة وتغذية حركة عالمية من الشعبوية اليمينية. وحذر خطاب فانس من أن الحكومات الأوروبية تهدد أمنها أكثر من الصين أو روسيا بسبب سياساتها بشأن حرية التعبير والهجرة. كما التقى بزعيم حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب يميني متشدد في ألمانيا ذو جذور نازية جديدة، وسعى إلى تعزيز الأحزاب اليمينية المتطرفة في أماكن أخرى والتي تتحدى الحكومات في فرنسا وبريطانيا على سبيل المثال. يفضل ترامب التعامل مع زملائه المسافرين في حركة "جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى" (MEGA) بدلاً من التعامل مع القادة الوسطيين الموجودين الآن في مناصبهم.

إذن، ماذا تستطيع أوروبا أن تفعل الآن بعد أن أصبحت أميركا ــ الدولة التي أعادت بناء القارة من رماد الحرب العالمية الثانية ــ قوة معادية بشكل علني؟

كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استنادا إلى تجربة تعامله مع ترامب خلال فترة ولايته الأولى، يحذر لسنوات من أن أوروبا بحاجة إلى إدراك أن أمريكا أصبحت شريكا لا يمكن الاعتماد عليه. وفي ظل الشكوك التي تحيط بالتزام الولايات المتحدة العسكري تجاه حلفائها، لم يعد أمام الأعضاء الآخرين في حلف شمال الأطلسي أي خيار سوى زيادة الإنفاق العسكري المنكمش.

وسيكون هذا مؤلماً لأن العديد من حكومات أوروبا تكافح بالفعل لتحقيق التوازن في دفاترها وتتعرض لضغوط شديدة للحفاظ على نفسها كدولة الرفاهية الشعبية. وسيكون إقناع كافة أعضاء الاتحاد الأوروبي بالاتفاق على مسار أكثر استقلالية بمثابة الخيانة. إن بعض الدول في الجوار القديم لموسكو - مثل بولندا ودول البلطيق - تدرك التهديد الروسي جيدًا، لكن بعض دول أوروبا الغربية الأصغر حجمًا ترى أن الخطر أبعد. ويضم الاتحاد الأوروبي الآن بعض القادة الذين يرغبون في مساعدة ترامب في القيام بعمل بوتين نيابة عنه في تقسيم التحالف الغربي - رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان على سبيل المثال.

وفي غضون 31 يومًا فقط من توليه منصبه، غيَّر ترامب العالم بالفعل.

ما يجب مراقبته للأسبوع المقبل

ما لم تحدث مفاجأة كبيرة، فإن القصة الدولية الكبرى ستكون أوكرانيا، وقد نتعرف أكثر على احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب وكيفية تنفيذه عندما يزور ماكرون البيت الأبيض يوم الاثنين ويتبعه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوم الخميس.

وستكون الزيارات حاسمة لإظهار ما إذا كان هناك أي مجال للتعاون الأمريكي الأوروبي بشأن الحرب – بعد أن تم استبعاد القارة من المحادثات الأمريكية في المملكة العربية السعودية مع روسيا هذا الأسبوع. وتقول كل من بريطانيا وفرنسا إنهما على استعداد لإرسال قوات إلى أوكرانيا لمراقبة أي سلام نهائي - ولكن من الصعب أن نفهم أن مثل هذه العملية يمكن أن تتم دون دعم جوي واستخباراتي ولوجستي أمريكي. فهل ترامب مستعد للقيام بذلك والمجازفة بإغضاب موسكو، التي استبعدت بالفعل فكرة نشر قوات أجنبية في أوكرانيا؟

ترقبوا أيضًا الأسبوع المقبل لمعرفة ما إذا كان أي من الزعيمين سيظهر في المكتب البيضاوي مع عرض لزيادة إنفاقه الدفاعي – لإبهار مضيفه.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوروبا الأزمة الأوكرانية الإدارة الأمريكية البيت الأبيض الناتو تحليلات حصريا على CNN دونالد ترامب غزة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

FP: كيف حول ترامب 450 مليون أوروبي أعداء لأمريكا

أكد أستاذ الدراسات الدولية في جامعة هارفارد ستيفن والت، أن الولايات المتحدة أصبحت عدوا لأوروبا الآن، قائلا؛ إن إدارة دونالد ترامب مضت بعيدا في سياساتها، وأعادت تشيكل التحالف بين طرفي الأطلنطي. 

وأضاف والت في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي"، أنه "حذر قبل عدة أسابيع من أن إدارة ترامب الثانية قد تبذر التسامح وحسن النية التي حصلت عليها واشنطن من الديمقراطيات الكبرى في العالم".

وأوضح أنه "بدلا من النظر لأمريكا كقوة إيجابية في شؤون العالم، قد تصبح هذه الدول قلقة من تحول الولايات المتحدة إلى عنصر شرير وبشكل نشط".

وكتب والت مقالته قبل أن يلقي نائب الرئيس جيه دي فانس خطاب التحدي في مؤتمر ميونيخ للأمن، وقبل أن يلقي الرئيس دونالد ترامب باللوم على أوكرانيا لبدء الحرب مع روسيا، وقبل أن يبدو وكأن المسؤولين الأمريكيين يعرضون على روسيا بشكل استباقي كل ما تريده تقريبا قبل بدء المفاوضات بشأن أوكرانيا. 

وقد لخص جدعون رتشمان، رد فعل المراقبين الأوروبيين الرئيسيين بشكل ذكي في صحيفة "فايننشال تايمز" بالقول؛ "إن الطموحات السياسية لإدارة ترامب لأوروبا، تعني أن أمريكا أصبحت الآن أيضا عدوا". 

وتساءل إن كان هذا الرأي صحيحا؟ ويجيب أن المتشككين من صحة هذا الرأي ربما تذكروا انقسامات بين حلفاء الأطلنطي حول عدد من القضايا، بدءا من أزمة السويس عام 1956 إلى حرب فيتنام في الستينيات من القرن العشرين، وموضوع الصواريخ الأوروبية في ثمانينيات القرن الماضي وفي خلال حرب كوسوفو في 1999، كما وشهد الخلاف بشأن حرب العراق عام 2003 تدنيا في العلاقات بين واشنطن وأوروبا.

إظهار أخبار متعلقة


ولم تتردد الولايات المتحدة في التحرك بشكل أحادي في مناسبات عديدة، حتى عندما تأثرت مصالح حلفائها سلبا، كما فعل ريتشارد نيكسون عندما أعلن خروج أمريكا من معيار الذهب في عام 1971 أو كما فعل جو بايدن عندما وقع على قانون خفض التضخم الحمائي، وأجبرت الولايات المتحدة الشركات الأوروبية على وقف بعض الصادرات عالية التقنية إلى الصين. 

ولكن قلة من الأوروبيين أو الكنديين اعتقدوا أن الولايات المتحدة تحاول عمدا إلحاق الأذى بهم، بل على العكس، اعتقدوا أن واشنطن ملتزمة حقا بأمنهم وفهمت أن أمنها وازدهارها مرتبطان بأمنهم وازدهارهم. وكانوا على حق، الأمر الذي جعل من الأسهل بكثير على الولايات المتحدة أن تكسب دعمهم عندما كان ذلك ضروريا. 

ويبدو الوضع مختلفا اليوم بالنسبة لمعظم الأوروبيين، وبالتأكيد من شاركوا في مؤتمر ميونيخ الأسبوع الماضي، وباتت لديهم ولأول مرة منذ 1949 أسباب حقيقية للاعتقاد أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لا يبالي بحلف الناتو، ورافض لقادة القارة الأوروبية بل إنه معاد بنشاط لمعظم الدول الأوروبية. وبدلا من التفكير في دول أوروبا باعتبارها أهم شركاء أمريكا، يبدو أن ترامب غير موقفه، ويرى أن روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين هي الرهان الأفضل على الأمد البعيد. 

وكانت التكهنات حول تقارب ترامب مع بوتين تدور لسنوات، ويبدو الآن أن هذه المشاعر هي التي توجه السياسة الأمريكية. 

ويعلق والت قائلا: "أعرف ما تفكر فيه، أليس ترامب يفعل فقط ما اقترحه الواقعيون مثلك؟ ألم تقل إن أوكرانيا ليس لديها مسار معقول لاستعادة أراضيها المفقودة، وأن إطالة الحرب هو مجرد إطالة للمعاناة بلا هدف جيد؟ ألم تقل أيضا بأن بناء نظام أمني أوروبي يقوم على التوسع المفتوح لحلف الناتو كان حلما خطيرا؟ وبدلا من دفع روسيا والصين إلى التقارب، أليس من المنطقي من الناحية الاستراتيجية أن ندق إسفينا بينهما، ونشكل نظاما أوروبيا يقلل من نزعات موسكو نحو إحداث المشاكل؟".

وأضاف: "بالتأكيد، أليست علاقات جيدة مع روسيا تجعل من أوروبا آمنة على المدى البعيد؟ وإذا كان تعطيل الإجماع عبر الأطلنطي كافيا لإقناع دول أوروبا بترتيب أمورها وإعادة بناء بعض القدرات الدفاعية الحقيقية، بحيث لن تضطر الولايات المتحدة إلى مواصلة حمايتها، ولكي تكون قادرة على مواجهة الصين.".

وبناء على ما قيل أعلاه، لا يعتبر ترامب عدو أوروبا، بل إنه يوزع بعض الحب القاسي على قارة راضية عن نفسها، ويتبع منطقا واقعيا سليما. 

ويجيب الكاتب أن الواحد كان يتمنى  صحة هذا الكلام، ذلك أن ترامب وفانس ووزير الدفاع بيت هيغيسث وأركان الإدارة الحالية، ذهبوا أبعد من الحديث عن ضرورة المشاركة في العبء، وكذا الحاجة لوجود انقسام منطقي للعمل داخل التحالف،  أو قاموا بتقديم تقييم متأخر للحرب في أوكرانيا والعلاقات مع روسيا. فلم يكن هذا هو الموضوع، بل كان الهدف هو إحداث تغيير أساسي في العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة القدامى، وإعادة كتابة قوانين العالم، وإذا أمكن تشكيله على صورة عقيدة جعل أمريكا عظيمة أو ماغا. 

فهذه العقيدة أو قل الأجندة معادية للنظام الأوروبي الحالي ومن عدة جوانب.

أولا: لا تعتبر التهديدات المتكررة من جانب ترامب بفرض تعريفات جمركية باهظة على الحلفاء المقربين؛ إما لإرغامهم على التنازلات بشأن قضايا أخرى، أو فقط لأنهم يحصلون على عوائد تجارية على حساب الولايات المتحدة عملا من أعمال الصداقة. ولقد حدثت نزاعات تجارية خطيرة في الماضي، ولعب الرؤساء الأمريكيون السابقون أحيانا لعبة قاسية مع حلفاء أمريكا بشأن هذه القضايا. لكنهم لم يفعلوا ذلك بشكل متقلب، أو استخدموا مبررات "الأمن القومي" المشكوك فيها بشكل واضح لتبرير أعمالهم. 

لقد أدركوا أيضا أن إلحاق الضرر الاقتصادي المتعمد بالحلفاء، يجعل من الصعب عليهم، وليس من السهل، المساهمة في الدفاع المشترك. كما تمسكت الإدارات السابقة بالصفقات التي تفاوضت عليها، وهو مفهوم يبدو غريبا جدا على ترامب.

ثانيا: لم يقل ترامب فقط أن القوى العظمى تستطيع بل وينبغي لها أن تأخذ الأشياء التي تريدها، بل إنه لم يخف طمعه في بعض ممتلكات حلفاء أمريكا. ولا عجب أن ترامب لا ينزعج إذا انتهى الأمر بقضم 20٪ من أوكرانيا؛ نظرا لأنه يريد كل غرينلاند وقد يعيد احتلال منطقة قناة بنما، ويعتقد أن كندا يجب أن تتخلى عن استقلالها وتصبح الولاية رقم 51، ويهذي بشأن الاستيلاء على قطاع غزة، وطرد سكانه، ثم بناء بعض الفنادق. قد تبدو بعض هذه التأملات خيالية تماما، لكن النظرة العالمية التي تكشف عنها، هي شيء لا يستطيع أي زعيم أجنبي تجاهله.

ثالثا: وهو الأهم، يدعم ترامب وأيلون ماسك وفانس وبقية زمرة ماغا، وبشكل مفتوح القوى غير الليبرالية في أوروبا. وفي الواقع، يحاولون فرض نظام جديد وشامل على كل أوروبا، وإن كان من دون استخدام القوة العسكرية.

إظهار أخبار متعلقة


 والعلامات واضحة لا لبس فيها: ففيكتور أوربان من المجر ضيف مرحب به في مقر ترامب بـ  مار إيه لاغو.  

والتقى فانس بأليس فايدل، الرئيسة المشاركة لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، في أثناء وجوده في ميونيخ، وليس مع المستشار الألماني أولاف شولتز، وكان إعلانه أن التحدي الرئيسي لأوروبا هو "التهديد من الداخل" هجوما مكشوفا على النظام السياسي في القارة. ومن المفارقة هنا انتقاد فانس الأوروبيين بسبب سلوكهم المناهض للديمقراطية، بالنظر إلى رفضه الاعتراف بخسارة ترامب لانتخابات عام 2020، أو إدانة المتمردين في 6 كانون الثاني/ يناير 2021. 

ولكي لا يتفوق عليه أحد، كان ماسك ينشر اتهاماته الكاذبة والكراهية عن مختلف القادة الأوروبيين، ويدافع عن المجرمين اليمينيين المتطرفين مثل تومي روبنسون، ويجري مقابلات مع فايدل ويعبر عن دعمه لحزبها.

 ورغم الخلافات القليلة بين ماغا والجماعات الأوروبية المتطرفة، إلا أنها تعارض بشكل عام الهجرة، وتنظر بشك بل ومعادية للاتحاد الأوروبي، وتنظر للنخبة والإعلام والتعليم العالي كعدو. 
وتعمل معا على إعادة فرض القيم الدينية التقليدية والتفريق التقليدي بين الجنسين، كما وتؤمن بالمواطنة التي يجب أن تعرف بناء على الهوية الإثنية المشتركة أو الأجداد، وليس بناء على القيم المدينية المشتركة أو مكان ولادة الشخص.
 ومثل أسلافهم من الفاشيين، يشعرون بالراحة بل لديهم المهارة لاستخدام المؤسسات الديمقراطية  لتخريب الحكم الديمقراطي وتقوية النظام التنفيذي. 

ويعلق والت، أن توصيف رتشمان بمقاله في "فايننشال تايمز" بأن أمريكا أصبحت الآن عدوا لأوروبا، صحيح، وإن كان في جزء منه؛ ذلك لأن ترامب وأتباعه يدعمون الحركات القومية اليمينية المتطرفة الأوروبية التي تشترك معهم في رؤيتهم الأساسية للعالم. إنهم معادون لرؤية أوروبا كنموذج للحكم الديمقراطي، والرفاهة الاجتماعية والانفتاح وسيادة القانون والتسامح السياسي والاجتماعي والديني والتعاون عبر الوطني. 

وقد يقول المرء حتى إنهم يرغبون في أن تكون لأمريكا وأوروبا قيم متشابهة، لكن المشكلة هي أن القيم التي تدور في أذهانهم غير متوافقة مع الديمقراطية الحقيقية. 

ويعتقد ترامب وشركاؤه أن التعامل مع أوروبا كعدو أمر محفوف بالمخاطر، فأوروبا تمثل لهم منطقة متدهورة وغير قادرة على تجميع شتاتها. كما أن تقويض الجهود الرامية إلى تعزيز الوحدة الأوروبية من خلال دعم اليمين المتطرف، يجعل من السهل على واشنطن ممارسة سياسة "فرق تسد".

ومن ناحية أخرى، يميل التنمر العلني على البلدان الأخرى إلى تشجيع الوحدة الوطنية والاستعداد الأكبر للمقاومة (كما نرى الآن في كندا)، والفوضى التي أطلقها ترامب وماسك في الولايات المتحدة، قد تجعل الأوروبيين حذرين من حدوث تجربة مماثلة داخل قارتهم. 

ولا بد من التذكير هنا، أن الخطوة الأولى نحو الإندماج الاقتصادي في أوروبا بمنتصف القرن الماضي، جاءت بسبب مخاوف قادة القارة من انسحاب أمريكا في المستقبل القريب، وتسليم قيادة أمن قارتهم لهم. 

وعلى هذا، كان دمج الصناعات الرئيسية مثل الفحم والصلب بمنزلة الخطوة الأولى لبناء الوحدة الاقتصادية والسياسية، الكافية لتمكين هذه الدول من الوقوف في وجه الاتحاد السوفييتي، دون مساعدة مباشرة من الولايات المتحدة. 

ولكن الأخيرة قررت البقاء، ودعمت المجموعة الاقتصادية الأوروبية، ومن ثم الاتحاد الأوروبي. ويذكرنا التاريخ الباكر بأن احتمال الاضطرار إلى المضي قدما دون قوة داعمة، كان ذات يوم قوة دافعة قوية وراء المزيد من التعاون الأوروبي. وأخيرا، إذا أصبحت أمريكا الآن عدوا، فيتعين على زعماء أوروبا أن يتوقفوا عن سؤال أنفسهم عما يتعين عليهم القيام به لإرضاء العم سام، وأن يبدؤوا في سؤال أنفسهم عما يجب عليهم القيام به لحماية أنفسهم.

إظهار أخبار متعلقة


 ولو كنت مكانهم، لبدأت بدعوة المزيد من الوفود التجارية من الصين، والبدء في تطوير بدائل لنظام سويفت للمدفوعات المالية الدولية. ويتعين على الجامعات الأوروبية أن تزيد من جهود البحث التعاوني مع المؤسسات الصينية، وهي الخطوة التي ستصبح أكثر جاذبية إذا استمر ترامب وماسك في إلحاق الضرر بالمؤسسات الأكاديمية في الولايات المتحدة. وينبغي إنهاء اعتماد أوروبا على الأسلحة الأمريكية، من خلال إعادة بناء القاعدة الصناعية الدفاعية الأوروبية. وإرسال الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إلى قمة البريكس المقبلة، والنظر في التقدم بطلب العضوية. وهكذا دواليك.

 ولأن كل هذه الخطوات ستكون مكلفة بالنسبة لأوروبا وضارة للولايات المتحدة، فالكاتب لا يريد حدوث أي منها بالفعل. ولكن قد لا يكون أمام أوروبا أي خيار. و"رغم أنني اعتقدت لفترة طويلة أن العلاقة عبر الأطلنطي قد تجاوزت ذروتها، وأن هناك حاجة إلى تقسيم جديد للعمل، فالهدف كان يقوم على بناء مستوى عال من  الصداقة عبر الأطلنطي بدلا من تشجيع العداء المفتوح. وإذا حولت الثورة الدبلوماسية لترامب 450 مليون أوروبي من كونهم من أقوى حلفاء أمريكا، إلى أعداء يحملون المرارة والسخط ويبحثون بشكل متزايد عن طرق لعرقلة الولايات المتحدة، فعلينا ألا نلوم سوى أنفسنا، أو على وجه التحديد، الرئيس الحالي".

مقالات مشابهة

  • كيف غير ترامب العالم في شهر واحد ؟
  • ترامب: سأنهي الحرب الروسية الأوكرانية وسنستعيد أموالنا التي دفعناها لأوكرانيا
  • مواجهة مستقبل غير مؤكد.. أمريكا الآن خصم واضح وعدو جديد لأوروبا
  • أبرز الإقالات التي أجراها ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة
  • FP: كيف حول ترامب 450 مليون أوروبي أعداء لأمريكا
  • مطرقة ترامب على خريطة العالم
  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • شهر على عودة الرئيس ترامب.. الأيام الثلاثون التي هزت العلاقات بين ضفّتي الأطلسي
  • تحليل لـCNN: لماذ تخشى الصين من تقارب ترامب نحو بوتين؟