الفارعة مخيم في الضفة الغربية يقاوم التهجير والتنكيل
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
مخيم الفارعة أحد المخيمات الفلسطينية شمال الضفة الغربية، تأسس عام 1949، تبلغ مساحته نحو 0.26 كيلومترا مربعا، سمي بهذا الاسم نسبة إلى قرية عين الفارعة المحاذية له، والتي نسبت إلى أم الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد روي أنها شربت من مائها.
يعتمد معظم سكانه على العمل في القطاع الزراعي أو في المستوطنات الإسرائيلية في وادي الأردن.
يقع مخيم الفارعة على التلال السفحية لوادي الأردن بالقرب من عين الفارعة، يبعد 17 كيلومترا عن الشمال الشرقي من نابلس، و5 كيلومترات جنوب مدينة طوباس، و25 كيلومترا جنوب مدينة جنين.
وهو جزء من سلسلة جبلية وتتخلله أراض واسعة صالحة للزراعة، وتحيط به بعض القرى الفلسطينية منها طلوزة والباذان وطمون وطوباس وسيريس.
المساحة والسكانتبلغ مساحة مخيم الفارعة نحو 0.26 كيلومترا مربعا، وتعود أصول سكانه إلى 30 قرية في المناطق الشمالية الشرقية من مدينة يافا.
يعتمد معظم سكانه على العمل في القطاع الزراعي، بينما يعمل بعضهم في المستوطنات الإسرائيلية بوادي الأردن.
التسميةسمي المخيم بهذا الاسم نسبة إلى قرية عين الفارعة المحاذية له، وقيل إنها سميت على أم الحجاج بن يوسف الثقفي، التي روي أنها شربت من ماء القرية.
لمحة تاريخيةتأسس مخيم الفارعة عام 1949 على أرض استأجرتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من الحكومة الأردنية، بهدف إيواء اللاجئين الذين هجّروا إثر نكبة عام 1948.
في البداية، كان المخيم يتكون من خيام بسيطة لإيواء السكان وظلّ حتى عام 1951 عندما بدأ تشييد منازل إسمنتية بديلة.
إعلانوبين عامي 1958 و1959 أُنشئ قسم جديد للمخيم غرب الموقع الأصلي، عُرف لاحقا باسم "المخيم الغربي"، وأصبح جزءا أساسيا منه.
في نوفمبر/تشرين الثاني 1998 خضع المخيم لسيطرة السلطة الفلسطينية أمنيا وإداريا، بموجب اتفاقية واي ريفر.
البنى التحتية والخدمات الاجتماعيةشهد مخيم الفارعة كسائر المخيمات الفلسطينية، اكتظاظا سكانيا متزايدا مع تعاقب الأجيال، مما أدى إلى ارتفاع الكثافة السكانية بشكل ملحوظ على مساحة صغيرة من الأرض، وغالبا ما يُمنع المخيم من التوسع الأفقي، وإن حدث فهو محدود ولا يواكب النمو السكاني الطبيعي.
هذا الواقع أجبر السكان على استغلال المساحات المتاحة ببناء وحدات سكنية جديدة، مما جعل المباني متلاصقة إلى حد كبير، وتفصل بينها مسافات تقل في الغالب عن متر واحد. ولتعويض نقص المساحات، اتجه الأهالي إلى البناء العمودي، وهو ما أدى إلى ضعف التهوية والإضاءة الطبيعية داخل المخيم.
كما تعاني البنية التحتية للمخيم من تدهور مستمر، إضافة إلى تدهور وتهالك شبكات الصرف الصحي، ويعاني السكان أيضا من نقص حاد في المياه، لا سيما أثناء فصل الصيف.
اقتحامات إسرائيليةشهد مخيم الفارعة عدوانا عسكريا إسرائيليا بدأ في الثاني من فبراير/شباط 2025، ضمن حملة موسّعة استهدفت مدن ومخيمات شمال الضفة.
حاصرت قوات الاحتلال المخيم بدعم جرافات عسكرية وقناصة تمركزوا على أسطح المباني المطلة عليه، وفرضت حظر تجول مشددا وقطعت جميع سبل الحياة الأساسية، بما في ذلك الماء والكهرباء والاتصالات.
أجبرت قوات الاحتلال عشرات العائلات على إخلاء منازلها تحت تهديد السلاح، لتحويلها إلى ثكنات عسكرية ومراكز تحقيق ميدانية، ونتج عن هذا الحصار معاناة إنسانية خانقة ونزوح جماعي قسري للسكان.
ورغم الحصار تصدت المقاومة الفلسطينية للاقتحام، وأفادت مصادر محلية بأن مقاتلين من فصائل المقاومة، وخاصة "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، و"كتائب شهداء الأقصى" الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، استهدفوا آليات الجيش الإسرائيلي داخل المخيم، باستخدام العبوات الناسفة والأسلحة الرشاشة.
إعلانوفي صباح 12 فبراير/شباط انسحب الجيش من المخيم وخلّف دمارا واسعا طال البنية التحتية، بما فيها الطرق وشبكات المياه والكهرباء، إضافة إلى منازل المواطنين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مخیم الفارعة
إقرأ أيضاً:
تضامنا مع غزة.. مدينة صور تحيي أسبوع السينما الفلسطينية
"قوم يابا" يصرخ الوالد المتفجع بفقدان طفله الذي قتله جنود الاحتلال الإسرائيلي، هو مشهد مسرحي، ولكن ليس من نسج الخيال، بل من واقع نعيشه منذ عام 1948 حتى يومنا هذا، بفعل آلة الحرب الإسرائيلية المدمرة بحق شعوب فلسطين ولبنان والمنطقة العربية.
اختار المخرج والممثل اللبناني قاسم إسطنبولي أن تكون هذه الصرخة المكونة من كلمتين عنوانا لمسرحيته، التي تجسد رغم صغرها معاناة الشعبين اللبناني والفلسطيني الطويلة والمستمرة، واختار إسطنبولي في أسبوع السينما الفلسطينية أن يعرضها على خشبة المسرح الوطني اللبناني في مدينة صور جنوبي لبنان، تضامنا مع غزة وشعبها الجريح.
بلهجة فلسطينية متقنة، أدى إسطنبولي دوره على خشبة المسرح، في جو تفاعلي مع الجمهور، وأرسل من خلاله عدة رسائل للعالم، بدءا من سرقة التراث الفلسطيني على يد الاحتلال، إلى الحروب الشعواء التي شنتها إسرائيل منذ عام 1948 وإلى اليوم، وما نتج عنها من تشريد للفلسطينيين في دول الشتات، وصولا إلى القرارات الدولية التي لم تلجم الاحتلال ولم تنصف ضحاياه.
محمد عاشور حضر مع أطفاله ليشاهد العرض المسرحي، ويعبر عن تأثره العميق بالعرض، ويقول في حديثه للجزيرة نت: "تأثرت بالطفل كثيرا، حيث كان والده يناديه ويحدثه ويبكي، بينما الطفل لم يرد جوابا، حال هذا الطفل كحال آلاف الأطفال في غزة"، وأسأل بنفسي: "من المسؤول عن هؤلاء الأطفال يوم القيامة؟".
إعلانهذه المشهدية أعادت عاشور بالذاكرة إلى طفولته المليئة بالأحداث الأليمة والدامية، فذكرته بمجزرة المسلخ – الكرنتينا في بيروت عام 1976، إذ عايش تلك الحقبة وتعرض مع أهله للتهجير، وكذلك مجزرة صبرا وشاتيلا في بيروت عام 1982، التي قُتل فيها العشرات من اللبنانيين والفلسطينيين.
ويبدي عاشور أسفه الشديد، لأن كثيرين يغضون الطرف عما يقترفه الاحتلال بحق الشعوب العربية، مؤكدا أن هذه المعاناة يجب أن تُنقل من خلال المسرح والفن إلى كل شعوب العالم.
يوم التضامن مع غزة لم يقتصر فقط على عرض مسرحي، بل تخلله عرض لوثائقي "جنين جنين" للمخرج محمد بكري، الذي صدر عام 2002، إذ منع الاحتلال عرضه، ويروي الوثائقي معاناة أهالي مخيم جنين مع الاحتلال وتدمير المخيم على يد جنوده وقتلهم أبناءه وتشريدهم في أبريل/نيسان 2002.
سعد الله شميساني الذي حضر باكرا إلى المسرح في صور، ليشاهد المسرحية والفيلم الوثائقي، يتحدث للجزيرة نت عن أهمية النشاطات الثقافية والفنية التي تجسد معاناة المظلومين في فلسطين ولبنان، ويقول: "المشهدية اليوم كانت رائعة ومعبرة وقد تناولت سردية القضية الفلسطينية منذ بدايتها وحتى اليوم، مرورا بكل المعاناة خلال أكثر من 77عاما، من قرارات دولية إلى تخاذل الدول، بينما يزداد الظلم وتزداد الجرائم، وخاصة في السنوات 2023 و 2024 و2025، حيث ترتكب إسرائيل جرائم غير مسبوقة".
استهداف المدنيين وتدمير المنازل والمستشفيات والمدارس والطبيعة فظائع لم نشهدها حتى في الحربين العالميتين، وفق شميساني، إذ يعد ذلك انتهاكا صارخا للقوانين الدولية، ويضيف: "هذه الجرائم يجب أن تُوثق وتُعرَض، وهذا هو دور المسرح المقاوم ودور الثقافة المقاوِمة، والتقاء الناس في هذا الصرح هو بحد ذاته مقاومة، لأنه يُجسد المعاناة بوضوح للرأي العام المحلي والدولي، ويفضح جرائم الاحتلال على أرض فلسطين ولبنان".
إعلانسناء فرحات حضرت الفعالية مع أقاربها، وتتحدث للجزيرة نت عن مدى إعجابها بالعرض المسرحي الذي قدمه إسطنبولي، إذ يعبر بصدق عن الواقع الذي نعيشه، وعن واقع الفلسطينيين، وتمنت أن يستمر هذا الجهد في التعبير عن القضايا الوطنية، لكي تصل الرسالة إلى كل العالم، وتقول: "هناك من لا يعرف شيئا عن غزة رغم التغطيات الإعلامية، وهنا يأتي دور المسرح كوسيلة لإيصال صوت غزة إلى الخارج، وآمل أن يتعاطف العالم مع غزة، وأن يتحقق النصر وتتحرر فلسطين من الاحتلال".
يتحدث المخرج والممثل قاسم إسطنبولي للجزيرة نت عن مسرحية "قوم يابا" ويلفت إلى أنها تسرد تاريخ الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا، ويقول: "كل ما يقدمه المسرح الوطني اللبناني ضمن أسبوع السينما الفلسطينية من صور إلى طرابلس، ما هو إلا الحد الأدنى الممكن تقديمه، ونحن نؤمن بأن المقاومة الثقافية ضرورة، والمسرح هو فعل مقاومة بحد ذاته".
"تحية من أهل الجنوب إلى أهلنا في غزة"، هذه الرسالة التي حملتها المسرحية، حسب إسطنبولي، الذي يؤكد أن هناك حاجة لأن تُظهَر القضية الفلسطينية والسينما الفلسطينية للعالم، والمسرح اليوم يفتح أبوابه ويُعبر عن تضامنه مع معركة الحرية، ويستشهد إسطنبولي بمقولة للكاتب والروائي الفلسطيني سلمان ناطور: "بلا ذاكرة تأكلنا الضباع"، لذلك "نحن بحاجة إلى أن نحفظ الذاكرة للأجيال القادمة".
ويضيف المخرج والممثل اللبناني: "الفن والثقافة يجب أن يكونا أداة لنعبر بها للعالم عن هذه القضية، ونحن نشهد اليوم تضامنا عالميا من مثقفين وفنانين مع هذه القضية الإنسانية المحقة، وهذا العمل يوثق نضالا طويلا، لشعب يكافح من أجل إرثه وحضارته وثقافته، في وقت يسعَى فيه المحتل إلى سرقة كل شيء، لأنه لا يملك تاريخا أو حضارة وإرث، أما الشعب الفلسطيني فهو يملك هذا الغنى الحضاري والثقافي، وهذه النضالات التي تنعكس في السينما والمسرح، تُظهر للعالم أن الحقيقة ليست كما يصورها الغرب".
المسرح الوطني اللبناني في صور لم يغلق أبوابه طوال فترة الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على لبنان، بعد اندلاع طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد استقبل عشرات العائلات النازحة من منطقة الشريط الحدودي اللبناني مع فلسطين المحتلة، وقام بتقديم العروض للأطفال النازحين من مراكز الإيواء في المدينة، ضمن برامج ترفيهية للتخفيف عنهم من ضغوط الحرب.
إعلانويرى إسطنبولي أن الناس في الجنوب تشعر بالحزن، وهي بحاجة للفرح، وبحاجة إلى الحديث عن قضاياها وهمومها، سواء بالعروض المسرحية خلال الأعياد أو ضمن أسبوع السينما الفلسطينية، فالمسرح هو المتنفس والوسيلة للتعبير وبلسمة الجراح، والمسرح هو فعل مقاوِم، وفي الوقت عينه وسيلة لشفاء الأرواح.
ويختم قاسم إسطنبولي بقول للمخرج محمد بكري في فيلمه (جنين جنين): "ما نعيشه اليوم هو استمرار لنفس الهمجية والدكتاتورية"، لذلك سيبقى المسرح يجمعنا وستبقى فلسطين تجمعنا، وهذا التفاعل من الجمهور اللبناني والفلسطيني والسوري والعربي، خير دليل على ذلك، وفق إسطنبولي.