لئلّا يتسلّل هذا التاريخ إلى لبنان!
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
كتب نبيل بو منصف في" النهار": لم تُخفّف التوقعات المسبقة بإخلال إسرائيل باتفاق وقف الأعمال العدائية المبرم بينها وبين لبنان في 27 تشرين الثاني يوم 18 شباط الجاري من الوقع الشديد السلبية لهذه الصدمة الأولى التي تلقاها عهد الرئيس جوزاف عون وحكومة الرئيس نواف سلام. ولعل ما زاد من وقع الصدمة أن الانسحاب الإسرائيلي المجتزأ والمنقوص والذي اقترن بإحياء إسرائيل كابوس إقامة شريط حدودي أو منطقة عازلة عبر خط تحصينات عسكرية على خمس تلال استراتيجية محتلة داخل الأراضي اللبنانية، جاء على وقع التغنّي الواسع بمضمون البيان الوزاري للحكومة الجديدة الذي اعتُبر فاتحة عصر العودة إلى الدولة من خلال إسقاط موروث تشريع "المقاومة" وحصر السياسات السيادية والدفاعية وامتلاك السلاح بالدولة وحدها.
تبعاً لهذا التطوّر، ولو أن إسرائيل جلت عملياً عن معظم الجنوب اللبناني، لن يكون متاحاً النوم على الإنجاز المنقوص ما دامت وتيرة التطورات مفتوحة على الاحتمالات التي تبقي باب المفاجآت الحربية مفتوحاً. وأن يهرع لبنان الحكم والحكومة إلى المراجع الدولية، ولا سيما منها "المرجع" الحامل كل مفاتيح الحلّ والربط في إدارة الحلّ الميداني لاتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، أي الولايات المتحدة الأميركية، فهو المسلك المنطقي الوحيد الذي يسنده موقف حاسم للعهد والحكومة باعتماد الجهد الديبلوماسي وحده وسيلةً للضغط على إسرائيل وتحميل الإدارة الأميركية تبعة ترك ثغرة خطيرة في اتفاق استولده الوسيط الأميركي وأخلّت به إسرائيل. بات الامر الآن يقاس من زاوية مختلفة عن تلك المقاييس التي كانت سائدة إبان السيطرة المطلقة لـ"حزب الله" على القرارات والسياسات الدولتية للبنان.
يصحّ في هذا السياق أن المفاوض اللبناني الذي وقّع اتفاق 27 تشرين الثاني كان عملياً وواقعياً الثنائي الشيعي وليس حكومة نجيب ميقاتي التي جاء توقيعها شكلياً وصورياً، بمعنى أن إسرائيل تتذرّع بمضامين وتفسيرات موجودة في الاتفاق للمضيّ في اختراقاتها المتوالية والمتواصلة لوقف النار، علماً بأنها تتكئ في عمق الأسباب على حساباتها بأن خسائر "حزب الله" الكارثية لم تعد تبقي له أيّ إمكان للمقاومة العسكرية الحربية مجدداً.
ومع ذلك فإن مجمل التبريرات لبقاء حالة احتلالية إسرائيلية في الجنوب ستبقى بمثابة سيف مسلط على العهد والحكومة اللبنانيين تنذرهما بأن مسار استعادة الدولة كاملة معرّض دوماً للسقطات والمفاجآت. لا يمكن لبنان الرسمي في هذه الحال إلّا أن يمضي بلا هوادة في الضغط المعنوي والسياسي والديبلوماسي على الإدارة الأميركية ودول الخماسية كلها باعتبارها الحليف الأول والأقوى للبنان لكي تنزع كل احتمالات إعادة إدخال إيران من نافذة الاحتلال الإسرائيلي بعدما خرجت من بوابة الكارثة التي لحقت بـ"حزب الله" ولبنان من جراء استدراج نفوذها وسلاحها وأموالها إسرائيل إلى الحرب عليهما.
مضت عقود على "تبادل" الاستباحات والتوظيفات المدمّرة المتبادلة بين إيران وإسرائيل حتى حصل الانفجار الزلزالي التسلسلي الأخير من غزة إلى لبنان وسوريا وسائر الإقليم. ليس من المفترض أبداً أن تغيب عن ذاكرة لبنان "الدولة الجديدة" هذه الوقائع بكل فصولها المدمّرة فيما هو يطارد الدول لتحصيل حقوقه السيادية، وإلا تسلل تاريخ مشؤوم مجدداً إلى لبنان وليست هناك ضمانات قاطعة لعدم تسلله!
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
إنترسبت: روبيو يُسكت كل صوت ينتقد إسرائيل بالخارجية الأميركية
ورد في تقرير نشره موقع "إنترسبت" الإخباري أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يسعى لإسكات كل انتقاد لإسرائيل وإن كان بسيطا، وذلك من خلال إعادة تنظيم شاملة لوزارته تشمل وحدة مختصة بمراقبة حقوق الإنسان في العالم.
وأوضح التقرير أن وزارة الخارجية الأميركية أعلنت هذا الأسبوع أن "مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل" التابع لها ستعاد تسميته ليصبح "مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية الدينية".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تلغراف: كواليس الاجتماع الأكثر استثنائية في مسيرة ترامب حتى الآنlist 2 of 2وول ستريت جورنال: جامعات النخبة الأميركية تتحالف لمقاومة إدارة ترامبend of listوأضاف أن هذا المكتب سيتم تقليص حجمه، مع إسقاط كلمة "العمل" منه، وإسناد الإشراف عليه إلى منسق جديد للمساعدات الخارجية والشؤون الإنسانية، ودمجه مع مكتب آخر.
ويتهم روبيو مكتب حقوق الإنسان بتسميته الحالية قبل إعادة تنظيمه بأنه أصبح مرتعا للناشطين اليساريين المعادين لإسرائيل.
قانون ليهي
ووفقا لموقع إنترسبت، فإن مهام المكتب -الذي كان ينتقد إسرائيل- تشمل كتابة تقرير سنوي عن حقوق الإنسان، وإنفاذ "قانون ليهي" الذي يحظر تقديم المساعدات للوحدات العسكرية التي تنتهك حقوق الإنسان وهو ما أثار غضب القادة الإسرائيليين.
وحتى لو نجح روبيو في إعادة تسمية مكتب حقوق الإنسان وتقليص حجمه، كما قال المدافعون عن حقوق الإنسان، فإن وزارة الخارجية ستظل مسؤولة عن دعم قانون ليهي الذي يحمل اسم السيناتور الديمقراطي السابق باتريك ليهي.
إعلانونقل الموقع عن تيم ريسر -مستشار السياسة الخارجية للسيناتور ليهي الذي ساعد في صياغة التشريع- القول إن وزارة الخارجية هي الجهة المنطقية الوحيدة المنوط بها تطبيق القانون الذي يحظر تقديم مساعدات للوحدات العسكرية في الدول التي تنتهك حقوق الإنسان.
وأفاد التقرير بأن اتهام المكتب بأنه مرتع للنشاط المعادي لإسرائيل أثار حيرة منتقدي تعامل وزارة الخارجية مع الحرب في قطاع غزة، إلا أن مساعيهم لم تفلح في منع بيع الأسلحة لدولة الاحتلال في عهد الوزير السابق أنتوني بلينكن.
منصة للناشطين اليساريينوبرر روبيو سعيه لإعادة تنظيم وزارته في منشور على موقع "سوبستاك" الإخباري قال فيه إن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل أصبح منصة للناشطين اليساريين لشن حملات انتقامية ضد قادة دول مثل بولندا والمجر والبرازيل لمعاداتهم شعارات حركة "اليقظة" -المعروفة باسم "ووك"- التي تقاوم الهيمنة والعنصرية وتدعو إلى التنوع والمساواة والاندماج.
وانتقد الوزير أنصار هذه الحركة الثقافية والاجتماعية لتحويلهم كراهيتهم لإسرائيل إلى سياسات ملموسة مثل حظر الأسلحة.
غير أن موقع إنترسبت يزعم أن مستقبل مكتب حقوق الإنسان، في ظل إعادة التنظيم المقترحة من روبيو، غير واضح، وأن اسمه لا يظهر على الهيكل الجديد المقترح الذي تتم مناقشته على أعلى المستويات داخل وزارة الخارجية.
وطبقا لإنترسبت، فقد حاولت بعض الأصوات الأكثر ميلا إلى التشكيك في إسرائيل داخل الكونغرس، دون جدوى، منع مبيعات أسلحة هجومية محددة تسببت بالفعل في وقوع خسائر واسعة النطاق في صفوف المدنيين في قطاع غزة. لكنهم، مع ذلك، لم يضغطوا من أجل فرض حظر شامل على إرسال الأسلحة إلى إسرائيل.
إشارات مثيرة للقلقوعلى صعيد آخر، يرى المدافعون عن حقوق الإنسان أن تصريح روبيو يحمل في طياته إشارات مثيرة للقلق توحي بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب تشل -عبر هذا التغيير المقترح- أحد المنابر التي تتيح لمنتقدي إسرائيل إسماع صوتهم.
إعلانونسب الموقع الإخباري في تقريره إلى تشارلز بلاها -الذي شغل منصب مدير شؤون الأمن وحقوق الإنسان التابع لمكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية خلال الفترة بين عامي 2012 و2023- القول إن الإدارة الحالية مؤيدة لإسرائيل إلى حد التغاضي عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، متهما الوزارة بأنها "تغمض أعينها عنها".
ويقول مات سليدج مراسل الشؤون السياسية لإنترسبت -في تقريره- إن منتقدي إسرائيل ظلوا على الدوام في الجانب الخاسر تقريبا، حتى عندما كانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن تعرب علنا عن تعاطفها مع المدنيين الفلسطينيين.
ويضيف أن المرة الوحيدة التي شذت فيها إدارة بايدن عن القاعدة كانت عندما تعرضت لانتقادات من الجناح اليساري للحزب الديمقراطي في الفترة التي سبقت انتخابات 2024، فاضطرت إلى إيقاف صفقة أسلحة واحدة تتضمن إرسال قنابل تزن ألفي طن إلى إسرائيل.