من الشارقة إلى العالم.. في أكسبوجر قصصا لم تروى بعد
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
في قلب الشارقة، تلتقي الثقافة بالفن، عبر المهرجان الدولي للتصوير «اكسبوجر» في نسخته التاسعة، محتفلا بالسرد البصري كأداة قوية لتغيير النظرة إلى العالم وإعادة تشكيلها.
وتحت شعار «الصورة أقوى من الكلمات»، تحولت منطقة الجادة إلى مسرح مفتوح للفنون البصرية، تروى فيه قصصا من مختلف أنحاء العالم.
وتعد هذه النسخة من أكسبوجر الأكبر في تاريخ المهرجان، وحملت مفاجآت غير مسبوقة، أبرزها التعاون الأول من نوعه مع «دارية»، المساحة الثقافية المجتمعية المفتوحة التي تجمع بين الترفيه والتعلم والإلهام.
«دارية» ليست مساحة مفتوحة في الهواء الطلق تحتضنها الشارقة فقط، بل هي عالم مصغر يعكس تنوع الحياة بكل ألوانها، هنا يمكن للزائر أن يتذوق أطباقًا محلية وعالمية في مطاعم ومقاهي متراصة كلوحات فنية في الهواء الطلق، فيما يعثر الأطفال على مساحتهم في منطقة ألعاب تفاعلية.
بينما يغوص هواة التصوير في ورش عمل يقدمها خبراء عالميون، حيث تتحول الكاميرا إلى أداة لسرد القصص الإنسانية.
لكن «دارية» ليست فقط للتصوير، بل هي مساحة للتأمل والاسترخاء، حيث يمكن للزائر أن يلتقط صورًا تروي قصصًا متنوعة، أو ببساطة أن يستمتع بجمال اللحظة وهذه المساحة، التي أضيفت إلى فعاليات «اكسبوجر 2025»، تعكس التزام المهرجان بتقليص الفجوة بين الفن والحياة، وتجعل من الصورة تجربة إبداعية تلامس كل فرد في المجتمع.
إسماعيل عبدالكريم: الصورة رسالة إنسانية قبل أن تكون فنًافي إحدى الندوات الملهمة، وقف المصور الصحفي إسماعيل عبدالكريم، ليؤكد أن الصورة ليست مجرد انعكاس للحظة، بل هي أداة لنقل المشاعر ورواية القصص الإنسانية بعمق وصدق قال عبدالكريم، المصري المقيم في السويد منذ 11 عامًا: «الصورة التي تحرك المشاعر وتحفز التعاطف هي الأكثر تأثيرًا وبقاءً».
عبر سلسلة من الصور القوية، استعرض عبدالكريم قصصًا إنسانية مؤثرة، من صورة لشاب كفيف يتزلج على الجليد بمساعدة صديقه، إلى مقعد خشبي يطل على بحيرة متجمدة يحمل ذكرى زوجين مسنين رحلوا عن الحياة، كل صورة كانت رسالة إنسانية قوية.
وأكد عبدالكريم أن «اكسبوجر» منصة عالمية تحتفي بقوة الصورة في نقل الحقائق وتعزيز الحوار الإنساني.
سايمون وليزا توماس.. رحلة حول العالم بالكاميرافي جلسة حوارية بعنوان «جولة حول العالم»، كشف المصوران والمغامران «سايمون وليزا توماس» عن تفاصيل رحلتهما الاستثنائية التي استمرت قرابة عقدين، قطعا خلالها أكثر من 507 آلاف ميل عبر 80 دولة وقال سايمون: التصوير لم يكن مجرد توثيق، بل كان وسيلة لسرد القصص والتواصل مع الثقافات المختلفة.
ةروى الثنائي تفاصيل مغامراتهما، من القيادة على الطرق الوعرة إلى النجاة من حادث مميت في غابات الأمازون، فيما أكدت ليزا أن الصور التي التقطوها كانت نافذة لنقل قصص حقيقية من أماكن نائية وغير مألوفة.
وفي ختام الجلسة، كشف الثنائي عن خططهما المستقبلية لرحلة جديدة تشمل الصين وشرق إفريقيا والمنطقة العربية.
معرض مؤسسة الشارقة لرياضة المرأةفي معرض مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة، تجسدت رؤية الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، في صور تعكس قوة المرأة الإماراتية في ميادين الرياضة، فالمعرض الذي يضم لقطات نابضة بالحياة من ساحات التدريب إلى منصات التتويج، يحكي قصص التحدي والإصرار، حيث تصبح الرياضة أداة لبناء مجتمعات أقوى وأكثر تماسكًا.
«ما بعد العاصفة».. قصة التكاتف المجتمعيفي معرضه الفردي ما بعد العاصفة المرونة والتعافي، قدم الشيخ سعود بن سلطان القاسمي سردًا بصريًا لأكبر عاصفة شهدتها الإمارات في أبريل 2024 المعرض، الذي يضم 20 عملًا فوتوغرافيًا، يوثق لحظات التكاتف المجتمعي والحكومي في مواجهة الكارثة الطبيعية.
من الصور الجوية التي تظهر حجم الدمار، إلى اللقطات القريبة التي تبرز جهود فرق الطوارئ والعمال، يقدم المعرض رحلة بصرية نحو التعافي.
وأكد القاسمي، أن المعرض ليس مجرد توثيق، بل دعوة للتأمل في أهمية الاستدامة والتخطيط الحضري لمواجهة التغيرات المناخية المستقبلية.
ديتر شونلاو: حياة الأدغال في عدسة مصورفي خطاب ملهم بعنوان «حياة الأدغال.. حلم العمر»، كشف المصور الألماني الشهير ديتر شونلاو عن رحلته الممتدة لعقود في توثيق الحياة البرية في الغابات المطيرة، وعرض شونلاو صورًا نادرة لم تُلتقط من قبل، عاكسةً التنوع الحيوي المذهل لهذه البيئات الفريدة.
قال شونلاو: «التصوير في الغابات المطيرة ليس بالمهمة السهلة، لكن اللحظات السحرية مع الطبيعة تجعل كل التحديات تستحق العناء».. ومن حشرة العصا العملاقة التي تكاد تكون غير مرئية، إلى أنثى قرد الأورانغوتان وصغيرها، كل صورة كانت قصة ترويها عدسة شونلاو.
الصورة قوة تغييرويعد «اكسبوجر 2025» بمثابة احتفاء بالإنسانية من خلال الفن البصري من قصص التحدي والإصرار، إلى لحظات التكاتف والتعافي، كل صورة كانت رسالة إنسانية قوية في ظل التحديات العالمية، يعتبر «اكسبوجر» منصة عالمية تحتفي بقوة الصورة في إحداث التغيير وإلهام الأجيال القادمة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشارقة الفن البصرية اكسبوجر 2025 قصص مصورة
إقرأ أيضاً:
مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)
فبراير 20, 2025آخر تحديث: فبراير 20, 2025
محمد الربيعي
بروفسور متمرس ومستشار علمي، جامعة دبلن
في قلب ولاية كاليفورنيا المشمسة، حيث تتراقص اضواء التكنولوجيا وتتلاقى عقول المبتكرين، تقبع جامعة ستانفورد، شامخة كمنارة للعلم والمعرفة. ليست مجرد جامعة، بل هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى صرح عظيم، يضيء دروب الاجيال.
منذ سنوات خلت، تشكلت لدي قناعة راسخة بجودة جامعة ستانفورد، وذلك من خلال علاقات علمية بحثية مشتركة في مجال زراعة الخلايا. فقد لمست عن كثب تفاني علماء الجامعة وتميزهم، وشهدت انجازات علمية عظيمة تحققت بفضل هذا التعاون المثمر.
ولعل ما يزيد اعجابي بهذه الجامعة هو شعار قسم الهندسة الحيوية (الرابط المشترك بيننا) والذي يجسد رؤيتها الطموحة: “بينما نستخدم الهندسة كفرشاة، وعلم الاحياء كقماش رسم، تسعى الهندسة الحيوية في جامعة ستانفورد ليس فقط الى الفهم بل ايضا الى الابداع”. انه شعار ينم عن شغف اعضاء القسم بالابتكار وتطوير المعرفة، ويؤكد التزامهم بتجاوز حدود المالوف.
البداية: قصة حب ملهمة
تعود جذور هذه الجامعة العريقة الى قصة حب حزينة، ولكنها ملهمة. ففي عام 1885، فقد حاكم ولاية كاليفورنيا، ليلاند ستانفورد، وزوجته جين ابنهما الوحيد، ليلاند جونيور. وبدلا من الاستسلام للحزن، قررا تحويل محنتهما الى منحة، وانشا جامعة تحمل اسم ابنهما، لتكون منارة للعلم والمعرفة، ومصنعا للقادة والمبتكرين.
ستانفورد اليوم: صرح شامخ للابداع
تقف جامعة ستانفورد اليوم شامخة كواحدة من اعرق الجامعات العالمية، ومنارة ساطعة للابداع والابتكار. فهي تحتضن بين جدرانها نخبة من الاساتذة والباحثين المتميزين الذين يساهمون بشكل فعال في اثراء المعرفة الانسانية ودفع عجلة التقدم الى الامام. ولا يقتصر دور ستانفورد على تخريج العلماء والمهندسين المهرة، بل تسعى جاهدة ايضا الى تنمية مهارات ريادة الاعمال لدى طلابها، لتخريج قادة قادرين على احداث تغيير ايجابي في العالم.
ويعود الفضل في هذا التميز لعدة عوامل، لعل من ابرزها تبنيها لمفهوم الحريات الاكاديمية. وكما اجاب رئيس الجامعة على سؤال لماذا اصبحت ستانفورد جامعة من الطراز العالمي في غضون فترة قصيرة نسبيا من وجودها اجاب لان: “ستانفورد تكتنز الحرية الاكاديمية وتعتبرها روح الجامعة”. هذه الحرية الاكاديمية التي تمنح للاساتذة والباحثين والطلاب، هي التي تشجع على البحث العلمي والتفكير النقدي والتعبير عن الاراء بحرية، مما يخلق بيئة محفزة للابداع والابتكار.
من بين افذاذ ستانفورد، نذكر:
ويليام شوكلي: الفيزيائي العبقري الذي اخترع الترانزستور، تلك القطعة الصغيرة التي احدثت ثورة في عالم الالكترونيات، وجعلت الاجهزة الذكية التي نستخدمها اليوم ممكنة.
جون فون نيومان: عالم الرياضيات الفذ الذي قدم اسهامات جليلة في علوم الحاسوب، والفيزياء، والاقتصاد. لقد وضع الاسس النظرية للحوسبة الحديثة، وكان له دور كبير في تطوير القنبلة الذرية.
سالي رايد: لم تكن ستانفورد مجرد جامعة للرجال، بل كانت حاضنة للمواهب النسائية ايضا. من بين خريجاتها المتميزات، سالي رايد، اول امراة امريكية تصعد الى الفضاء، لتثبت للعالم ان المراة قادرة على تحقيق المستحيل.
سيرجي برين ولاري بيج: هذان الشابان الطموحان، التقيا في ستانفورد، ليؤسسا معا شركة كوكل، التي اصبحت محرك البحث الاكثر استخداما في العالم، وغيرت الطريقة التي نجمع بها المعلومات ونتفاعل مع العالم.
هؤلاء وغيرهم الكثير، هم نتاج عقول تفتحت في رحاب ستانفورد، وتشربت من علمها ومعرفتها، ليصبحوا قادة ومبتكرين، غيروا وجه العالم. انهم شهادة حية على ان ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي منارة للعلم والمعرفة، ومصنع للاحلام.
وادي السيلكون: قصة نجاح مشتركة
تعتبر ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيلكون، الذي اصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا والابتكار. فقد ساهمت الجامعة في تخريج العديد من رواد الاعمال الذين اسسوا شركات تكنولوجية عملاقة، غيرت وجه العالم. كما انشات ستانفورد حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لدعم الطلاب والباحثين وتحويل افكارهم الى واقع ملموس.
ولكن، كيف اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في هذا النجاح؟
الامر لا يتعلق فقط بتخريج رواد الاعمال، بل يتعدى ذلك الى عوامل اخرى، منها:
تشجيع الابتكار وريادة الاعمال: لم تكتف ستانفورد بتدريس العلوم والتكنولوجيا، بل عملت ايضا على غرس ثقافة الابتكار وريادة الاعمال في نفوس طلابها. وشجعتهم على تحويل افكارهم الى مشاريع واقعية، وقدمت لهم الدعم والتوجيه اللازمين لتحقيق ذلك.
توفير بيئة محفزة: لم تقتصر ستانفورد على توفير المعرفة النظرية، بل انشات ايضا بيئة محفزة للابتكار وريادة الاعمال. وشجعت على التواصل والتفاعل بين الطلاب والباحثين واعضاء هيئة التدريس، وتبادل الافكار والخبرات.
انشاء حاضنات الاعمال ومراكز الابحاث: لم تكتف ستانفورد بتخريج رواد الاعمال، بل انشات ايضا حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لتوفير الدعم المادي والمعنوي للطلاب والباحثين، ومساعدتهم على تحويل افكارهم الى شركات ناشئة ناجحة.
جذب الاستثمارات: لم تكتف ستانفورد بتوفير الدعم للطلاب والباحثين، بل عملت ايضا على جذب الاستثمارات الى وادي السيليكون، من خلال بناء علاقات قوية مع الشركات والمستثمرين، وعرض الافكار والمشاريع المبتكرة عليهم.
وبفضل هذه العوامل وغيرها، اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيليكون، وساهمت في تحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.
ومن الامثلة على ذلك:
شركة غوغل: التي تاسست على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما سيرجي برين ولاري بيج.
شركة ياهو: التي تاسست ايضا على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما ديفيد فيلو وجيري يانغ.
شركة هيوليت-باكارد: التي تاسست على يد اثنين من خريجي ستانفورد، وهما ويليام هيوليت وديفيد باكارد.
هذه الشركات وغيرها الكثير، هي دليل على الدور الكبير الذي لعبته ستانفورد في نجاح وادي السيليكون، وتحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.
ستانفورد: اكثر من مجرد جامعة
ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي مجتمع حيوي، يجمع بين الطلاب من جميع انحاء العالم، ليتبادلوا الافكار والخبرات، ويبنوا مستقبلا مشرقا لانفسهم ولوطنهم. كما انها مركز للبحث العلمي، حيث تجرى ابحاث رائدة في مختلف المجالات، تساهم في حل المشكلات العالمية، وتحسين حياة الناس.
الخلاصة: ستانفورد، قصة نجاح مستمرة
باختصار، جامعة ستانفورد هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى واقع ملموس. انها صرح شامخ للعلم والمعرفة، ومصنع للقادة والمبتكرين، ومركز للابداع والابتكار. وستظل ستانفورد تلهم الاجيال القادمة، وتساهم في بناء مستقبل مشرق للانسانية جمعاء.