بدماء الشهداء يُرسم الطريق إلى القدس، وبعزيمة المقاومين يُعبد السبيل نحو النصر المحتوم. اليوم، إذ نودع القادة المجاهدين الأمينين العامين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، لا نرثيهم كما يُرثى الراحلون، بل نزفّهم كما يُزف الأبطال. رجالٌ لم تغرهم الدنيا، ولم يهن عزمهم أمام أعتى الطغاة، بل كانوا نورًا في ليل الأمة، ومشاعل تقود إلى الحرية.

ارتقى السيدان نصر الله وصفي الدين، لكن عزيمتهم لم ترتقِ إلا إلى قمة المجد، حيث لا مكان للانكسار، ولا موطئ للخنوع. هذه الدماء الطاهرة ليست خسارة، بل زلزال يهز كيان العدو، يوقظه من وهم انتصاراته الزائفة، ويذكّره بأن المقاومة لا تموت، بل تتجدد، تتعاظم، وتزداد شراسة في مواجهة الظلم والاحتلال.

من دم الشهيد الشيخ راغب حرب إلى السيد عباس الموسوي، ومن دماء كل شهداء المقاومة إلى اليوم، لم يكن هذا الطريق إلا محفوفًا بالتضحيات، لكنه كان دائمًا طريقًا واحدًا، واضحًا، مستقيمًا… الطريق إلى القدس. هذا الطريق لم يكن يومًا خيارًا، بل كان قدرًا مكتوبًا على جباه المقاومين، محفورًا في وجدان الأمة، متوّجًا بالدم، وممهورًا بوصايا الشهداء.

اليوم، إذ يغادرنا القادة الأمينين العامين، نسمع أصواتهم تتردد في كل ميدان، في كل ساحة، في كل بيت من بيوت الأحرار: القدس لنا… فلسطين لن تكون إلا حرة… المقاومة مستمرة حتى زوال إسرائيل. لم يكن رحيلهم إلا بدايةً جديدةً للمقاومة، نداءً لكل حرّ، صرخةً لكل مؤمنٍ بالحق، أن هذه القضية ليست مجرد شعار، بل عهدٌ لا ينكسر، معركةٌ لا تتوقف، وثأرٌ لا يسقط بالتقادم.

أيها العدو، إن كنت تظن أن باغتيال القادة تُطفئ جذوة المقاومة، فأنت واهم. من دم السيد حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ستنبت ألف راية، ألف مقاوم، ألف مقاتل يرفع البندقية ويكمل المسير. هذا الدم، الذي خضب أرضنا، سيبقى لعنةً عليك، نارًا تلاحقك، حتى تدفع الثمن كاملًا، حتى تندحر من أرضنا، حتى ترتفع رايات الحق فوق القدس، حتى يتحقق الوعد الصادق، وعد التحرير والنصر الكبير.

لقد رحل القادة جسدًا، لكنهم تركوا خلفهم نهجًا لا يُهزم، وإرثًا لا يُمحى، ورايةً لن تسقط حتى يرفعها الأحرار فوق أسوار الأقصى. لا عزاء للعدو، فهذه الدماء ليست إلا وقودًا للمعركة القادمة، المعركة التي ستُعيد للأمة مجدها، وتكسر قيد فلسطين، وتعلن فجرًا جديدًا لا مكان فيه للاحتلال، ولا وجود فيه للظالمين.

ومن اليمن، تلك الأرض التي لا يعرف أهلها إلا العزيمة والإباء، ومن بين ثنايا الجبال الوعرة، نرسل رسالة عزّ وفخر إلى كل شرفاء الأمة. من هنا، من ساحة البطولة، نؤكد أن دماء نصر الله وصفي الدين هي دماؤنا، ومعركتنا واحدة. إن اليمن يقف جنبًا إلى جنب مع المقاومة في لبنان وفلسطين، وأهدافنا واحدة: تحرير الأرض، وكسر قيد الظلم.

تحت قيادة القائد الحكيم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، نحن ثابتون في طريق المقاومة. إن السيد عبدالملك، الذي يقودنا بكل حكمة وعزم، هو نموذجٌ حي للثبات والصمود، يحمل راية الدفاع عن الحق والعدالة في كل ميدان، وكل ساحة. من خلاله، نستمد قوتنا وعزيمتنا في مواجهة التحديات، ونعاهد الله أن نبقى على العهد، نبذل أرواحنا رخيصة في سبيل تحرير القدس وفلسطين.

إنّ رسالة اليمن اليوم، وهي توأم القيم والعزة مع لبنان وفلسطين، هي رسالة ثابتة: نحن معكم حتى تحرير القدس، وسنبقى إلى جانبكم مهما تكالبت الظروف، مهما كانت التضحيات. سنحمل راية المقاومة من هنا، من يمن الإباء، حتى تتحقق الأهداف ويُرفع علم الحق فوق أسوار القدس.

إلى القدس نمضي… على درب الشهداء… وبعهد المقاومة… حتى النصر.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

اللواء الركن نصر الدين عبد الفتاح يكتب عن الشهيد المقدم حسن إبراهيم

اللواء الركن نصر الدين عبد الفتاح يكتب عن الشهيد المقدم حسن إبراهيم
الشهيد بإذن الله تعالى المقدم الركن حسن ابراهيم ،نسأل المولى عز وجل أن يلحقه مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
حسن إبراهيم كان لى بمثابة الابن ،
تدرب على أيدينا بمعهد المدرعات وكان مميزاً ومن المتفوقين وتشاء الأقدار أن يعمل تحت قيادتى فى مدرعات الاستوائية ،وهو برتبة الملازم .
حسن عليه رحمة الله كان مثالاً للخلق الحسن ،والأدب الرفيع ،والأستقامة والصبر ،والشجاعة والجرأة والأهتمام الشديد بمرؤوسية.
وكان يخفى خلف وجهه البشوش الصرامة والشدة والصلابة بما يتطلبه الموقف .وبجانب أنه خطيب ٌمفوه.
أظهر حباً وميلاً للإعلام مما جعل مسؤولى الإعلام العسكرى يسارعون بضمه إليهم ،وأذكر وقتذاك تحسرنا بفقدنا ضابط مدرعات كفء ً،ولكن كسبته القوات المسلحة غيثاً نافعاً.
ولمثل حسن نتذكر حديث الرسول صل الله عليه وسلم ( يدرك المرء بحسن خلقه درجات الصائم والقائم )
إلى جنات النعيم أخانا الحبيب حسن ابراهيم
اخوك اللواء دكتور ركن نصر الدين عبدالفتاح/ المدرعات

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وداع شهر رمضان المبارك
  • إطلاق صواريخ جديدة من غزة صوب المستوطنات.. وارتفاع حصيلة الشهداء
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: نرحب بأي مقترح يفضي إلى حقن دماء أهل غزة
  • نص المحاضرة الرمضانية الـ21 للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 23 رمضان 1446هـ
  • سرايا القدس تقصف مستوطنات بغلاف غزة وعشرات الشهداء بغارات للاحتلال
  • الاتحاد الأوروبي: استئناف الحوار الطريق الوحيد لوقف المعاناة في غزة
  • اللواء الركن نصر الدين عبد الفتاح يكتب عن الشهيد المقدم حسن إبراهيم
  • السيد القائد: لن نتفرج على الإجرام الصهيوني في لبنان وسنقف مع الشعب اللبناني وحزب الله في أي تصعيد
  • السيد القائد يوجه رسالة عاجلة لحزب الله
  • المفتي: التشاؤم لا أساس له في الدين.. والأبراج والتنجيم كذب وخداع