«إسكان المواطنين» يتصدر أجندة الأولويات لبناء مجتمع متماسك ومزدهر
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
هالة الخياط (أبوظبي)
تولي الإمارات اهتماماً كبيراً بقطاع الإسكان للمواطنين، بما يحقق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لأفراد المجتمع وتماسكه.
وتبذل الدولة جهوداً كبيرة لتطوير قطاع الإسكان، ولديها العديد من المبادرات على المستويين الاتحادي والمحلي، التي تهدف إلى تحسين وتوسيع خدمات الإسكان للمواطنين. وتتبنى الدولة سياسات إسكانية تهدف إلى تلبية احتياجات المواطنين، وضمان الحصول على مساكن ملائمة وجيدة.
وشكل توفير المسكن الملائم للمواطنين أولوية رئيسية على أجندة التنمية الشاملة التي شهدتها الإمارات خلال الـ 54 عاماً، منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، الذي يعود له الفضل بإنشاء وتطوير قطاع الإسكان والبنية التحتية في الدولة، حتى بات أحد أبرز النماذج نجاحاً على المستويين الإقليمي والعالمي.
استراتيجية متكاملة
تعمل الإمارات، من خلال استراتيجية متكاملة، على تطوير قطاع الإسكان في مناطق الدولة كافة، بما يخدم المواطنين والحفاظ على ديمومة الاستقرار والرفاهية التي يعيشونها، انطلاقاً من كون المواطن حجر الأساس والمحور الأهم في تقدم الوطن واستقراره في شتى مجالات الحياة.
ويحظى ملف الإسكان بمتابعة حثيثة من قبل القيادة الرشيدة في الدولة، ممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتعمل على تنفيذها وفق استراتيجية وطنية متكاملة ومستمرة، تستهدف تطوير هذا القطاع الحيوي في مختلف مناطق الدولة، بما يخدم المواطنين، ويحافظ على استمرارية الاستقرار والرفاهية، ويدعم مستهدفاتها للخمسين عاماً المقبلة وريادتها العالمية، وصولاً إلى تحقيق المئوية 2071، وتحرص حكومة الإمارات على دعم المواطنين في مختلف جوانب الحياة، وتوفير تجربة سكنية متميزة.
منظومة متكاملة
نجحت الإمارات في بناء منظومة متكاملة من الجهات الاتحادية والمحلية التي تتولى إدارة هذا الملف الاستراتيجي، عبر طرق وأشكال متعددة تتضمن توفير الأراضي والمساكن الملائمة مجاناً، أو تقديم قروض للإسكان، وتلبية الخدمات المتعلقة بالمرافق السكنية والصيانة للمستحقين.
وتتعدد جوانب الدعم الحكومي للمواطنين في جانب توفير المسكن الملائم، وتتمثل في تقديم القروض بشروط ميسرة للمواطنين لبناء أو شراء المنازل، إضافة إلى منح مالية لدعم تكاليف بناء المساكن، وأحياناً الدعم يأخذ شكل توفير أراضٍ سكنية مجانية أو بتسهيلات كبيرة للمواطنين، مما يعزز من إمكانية امتلاك المنازل، إلى جانب تطوير مشاريع إسكانية حديثة تلبي احتياجات المواطنين، مع توفير بنية تحتية متكاملة من خدمات تعليمية، صحية، وترفيهية.
وتركز الدولة على تحقيق الأمن المجتمعي، من خلال توفير بيئة سكنية مستقرة وآمنة، تحقق حماية أفراد المجتمع من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تؤثر عليهم.
سياسة جديدة
في عام 2022، تم اعتماد السياسة الجديدة لقروض الإسكان الحكومي الاتحادي، والتي تترجم جهود حكومة الإمارات في إسعاد مواطنيها، وبما يسرع ويعزز من خطواتها نحو تحقيق الاستقرار السكني للمواطنين، ويدعم مستهدفات الدولة للأعوام الخمسين المقبلة، و«مئوية الإمارات 2071» وتطلعاتها نحو الريادة العالمية في تحقيق الراحة والرفاهية لشعبها، حيث تهدف هذه السياسة إلى توفير التمويل للقروض الإسكانية، من خلال الشراكة مع القطاع الخاص والمصارف الوطنية، بما يدعم المستهدفات المرتبطة بتقليص فترة الانتظار للطلبات، ويستهدف برنامج التمويل الإسكاني، في ضوء السياسة الجديدة، إصدار 13 ألف قرار إسكاني «2022 - 2026» بتكلفة 11.5 مليار درهم، وتلبية الاحتياجات المستقبلية لمواطني الدولة، والتي تهدف بمجملها إلى تعزيز الاستقرار الأسري، وتحقيق الرخاء والحياة الكريمة والآمنة للمواطنين.
جهات إسكانية
يوجد في الدولة العديد من الجهات والبرامج المعنية بالإسكان، كبرنامج الشيخ زايد للإسكان، الذي تم إنشاؤه لتقديم الدعم المالي ومساعدة المواطنين لبناء منازلهم أو شراء مساكن جاهزة، وهيئة أبوظبي للإسكان التي تعنى بتطوير المبادرات والبرامج الإسكانية التي تُلبي احتياجات مواطني إمارة أبوظبي. كما تعمل مؤسسة محمد بن راشد للإسكان على توفير حلول إسكانية مبتكرة ومستدامة، إلى جانب دائرة الإسكان في الشارقة، وبرنامج الشيخ سعود للإسكان في رأس الخيمة.
«زايد للإسكان»
وضع برنامج الشيخ زايد للإسكان، منذ تأسيسه قبل 25 عاماً، رفاهية المواطنين، وتعزيز جودة الحياة للأسر الإماراتية على رأس أولوياته، وذلك من خلال توفير حلول سكنية ميسرة ومستدامة، تسعى نحو دعم الاستقرار الأسري، وتعزيز السعادة الاجتماعية.
وحقق البرنامج، على مدى السنوات الماضية، العديد من الإنجازات المتميزة؛ بفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة، التي تأتي في إطار الحرص الدائم على توفير الحياة الكريمة، ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين، وتحقيق سعادتهم، وذلك جزء من الجهود المستمرة للدولة في دعم المواطنين.
وأسهم دعم القيادة الرشيدة، والجهود الحثيثة لاستشراف مستقبل الإسكان الحكومي في الدولة، والبحث عن الحلول والاحتياجات الإسكانية المستقبلية، بالتعاون مع الجهات المعنية في القطاع الحكومي (الاتحادي والمحلي) والقطاع الخاص، في بلوغ نسبة تملك المواطنين للمساكن تصل إلى أكثر من 91%، وهي من النسب الأعلى عالمياً.
وتترجم جهود القيادة الرشيدة في مجال الإسكان الإنجازات المتواصلة، ومن ضمنها، اعتماد مجلس الوزراء، في يونيو الماضي حزمة موافقات سكنية جديدة لمواطني الدولة، تبلغ قيمتها ملياراً، و682 مليوناً و59 ألف درهم، وتشمل 2160 قراراً للمستفيدين من المساعدات السكنية لشهر يونيو 2024 ضمن برنامج الشيخ زايد للإسكان.
كما اعتمد مجلس الوزراء إطلاق باقة «منزلي» للمستفيدين من خدمات برنامج الشيخ زايد للإسكان، التي تقدم 18 خدمة إسكانية للمواطنين، بالتعاون مع 24 جهة حكومية اتحادية ومحلية، للمساهمة في تقليص رحلة المتعامل والمستندات المطلوبة التي يحتاج إليها، من خلال التعامل مع جهة واحدة، بدلاً من 11 جهة، كما كان سابقاً، وتقليل الوثائق من 10 إلى اثنتين، والإجراءات من 14 إلى 3 إجراءات، فيما تساهم الباقة في تقليل الحقول لإنجاز الخدمات من 32 إلى 5 حقول.
على المستوى المحلي، تبرز العديد من الهيئات والجهات التي تتولى مهمة وضع المبادرات والبرامج الإسكانية، تلبيةً لاحتياجات المواطنين في الإمارة التي تتبع لها هذه الجهات.
ففي إمارة أبوظبي، تعتبر هيئة أبوظبي للإسكان الجهة المعنية بتطوير وتنفيذ البرامج الإسكانية للمواطنين في الإمارة، واقتراح اللوائح والتشريعات المطلوبة لضمان تقديم هذه البرامج، وتأسيس وصيانة قاعدة بيانات خاصة بالمواطنين، إضافة إلى تحديد أطر وأدوات إشراك القطاع الخاص نحو تحقيق رؤية «الهيئة» وتطلعاتها.
ووفقاً لحزم المنافع السكنية التي تم إعلانها العام الماضي، يرتفع مجموع الحزم السكنية التي تم تقديمها منذ تأسيس «الهيئة» إلى أكثر من 118.7 ألف منفعة سكنية، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 162.1 مليار درهم.
«محمد بن راشد للإسكان»
في دبي، أنجزت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للإسكان منذ تأسيسها، العديد من المشاريع السكنية في مناطق مختلفة من الإمارة، تضمنت آلاف المساكن العصرية، وذلك في إطار رسالتها التي تستهدف تحقيق الريادة في إسعاد المواطنين، وتحسين جودة حياتهم، عبر تقديم خدمات إسكانية استباقية مبتكرة ومتنوعة وميسرة، وبما يحقق التوازن بين الجودة العالية والاستدامة، بقيادة متميزة ومواهب بشرية مبدعة ونظم رقمية.
واعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بصفته حاكماً لإمارة دبي، في يناير الماضي، تنفيذ حزمة مشاريع إسكانية بقيمة 5.4 مليار درهم في مناطق عدة بدبي.
وتشمل خطة المشاريع بناء 3004 مساكن جديدة للمواطنين، بواقع 1181 مسكناً في مدينة لطيفة لفئة القروض، و606 في اليلايس الخامسة لفئة المنح، و432 في وادي العمردي لفئة المنح، و398 في العوير الأولى لفئة المنح، و200 مسكن بمنطقة «مكن» في حتا لفئة المنح، و120 مسكناً في عود المطينة لفئة المنح، و67 في مناطق أرياف وبراري دبي لفئة المنح، وتوفر المشاريع خيارات جديدة ومتنوعة للمواطنين؛ بهدف دعم تأسيس ونمو الأسر في دبي، بما يسهم في تعزيز استقرارها وترابطها، وترسيخ القيم المجتمعية، وتعزيز جودة حياة الأسر، إضافة إلى توفير بيئة اجتماعية محفزة لها، وتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والأسرية.
وفي الشارقة، تتولى دائرة الإسكان مهمة النهوض والرقي بالعملية الإسكانية في الإمارة، وتقديم الحلول العملية التي تسهم في تسريع استفادة المواطنين من المساعدة السكنية، والتخفيف عن كاهلهم في مرحلة التنفيذ.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: إسكان المواطنين الإمارات الإسكان التنمية المستدامة زايد بن سلطان برنامج الشیخ زاید للإسکان قطاع الإسکان العدید من فی الدولة فی مناطق من خلال
إقرأ أيضاً:
المنارات التي شيدها أول مايو: النقابة وإنسانيتنا الإسلاموعروبية
عبد الله علي إبراهيم
(جريدة الخرطوم 11 ديسمبر 1988)
(لا يرى الحاملون على دولة 1956 سوى مفردة الحكومة فيها. وهي مفردة قصوى لا جدال. ولكن غفلتهم عن مفردات غراء لهذه الدولة لم يرمهم في غيظ ضرير على هذه الدولة فحسب، بل اعتزلوا أيضاً هذه المفردات الغراء التي تركوها لتستوحش تحت شرور نفس الحكومة. وهذه مقالة من أخريات حاولت فيه لفت نظر كتائب استئصال دولة 56 أن لهم، كما يقول المثل، حبان في بيت العدا. وبلغ من فساد هذا الغيظ المحض الضرير انتداب حميدتي دعمه السريع للقضاء المبرم على هذه الدولة. وقعد "فراجة" الليبرويساريون الذين جعلوا من القضاء المبرم على هذه الدولة ثقافة شاعت حتى انتهزها البطلق أماتكم كما في مثل ورد في كتاب لبابكر بدري).
لولا ملابسات الحجز بقطار كريمة يوم الجمعة الماضية لكنت قد شاركت في احتفال نقابة السكة حديد باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي نظمته اللجنة السودانية لحقوق الإنسان.
وجدت في حضور احتفال عطبرة لحقوق الإنسان مزايا عديدة علاوة على أنه فرصة سانحة لزيارة أخرى لمدينتي الأولى. فقد أثلج صدري أن ترمي نقابة السكة الحديد بثقلها في حركة حقوق الإنسان بعد أن ظلت قاصرة على صفوة خيرة من المتعلمين منذ تأسيس حركتها في 1985. وقد شاب أداء هذه الصفوة خلل في التركيز حين رجحوا الضغط العالمي الجاهز لنصرة قضيتهم دون حفز الضغط الشعبي المحلي وإلهامه في سياقاته السياسية والاجتماعية الصعبة. ولذا بدا مفهوم حقوق الإنسان كطارئ وقع لنا من اهتمام العالم بنا لا كأصل قديم في مشروعنا الاجتماعي والنقابي والسياسي.
ساءني دائماً الاتهام المعمم الذي يطلقه بعض المتحدثين من المتعلمين بأن بيئتنا العربية المسلمة مسكونة بالاضطهاد العنصري وغير مواتية لحقوق الإنسان. وغالباً ما استدلوا على ذلك بأبيات من المتنبي عن كافور، أو ممارسات للزبير باشا، أو مبدأ الكفاءة في الزواج في عقد زواج شهير من الثمانينات. وهذا انتقاء عشوائي للاستدلال على عدم سماحتنا استدلالاً لن تسلم معه أي جماعة من الاتهام بالاضطهاد العنصري مهما بلغت من آيات السماحة والإنسانية.
لقد جادلت هؤلاء الإخوة طويلاً الفت انتباههم إلى أن إنسانيتنا العربية الإسلامية لم تتجمد في التاريخ لأنها فعل في التاريخ تتجدد به وتجدده.
وكنت أشير عليهم بدراسة مفهوم "النقابة" الذي هو من أفضال مدينة عطبرة السياسة على وطننا. فتعريف النقابة أنها تنظيم يضم عمال أو موظفي المؤسسة بغير اعتبار للعرق أو الدين أو القبيلة أو النوع. ومن فوق صفاء هذه المفهوم ونبله ازدهرت الحركة النقابية السودانية التي ظلت تحرس مجتمعنا وإنسانيتنا بعين ساهرة.
في وقت باكر أهدتنا عطبرة "النقابة": هذه الأداة التي اشتد عودها من تخطيها للحزازات العرقية والقبلية والدينية التي تمنع الممارسة الحرة للحقوق الإنسانية. وأتمنى أن يكون احتفال نقابة عمال السكة الحديد باليوم العالمي لتلك الحقوق مناسبة لتتصل النقابة بالإطار التنظيمي للحركة العالمية لحقوق الإنسان.
أما عن التزامنا بمبدأ حقوق الإنسان فالنقابة ذاتها شاهد كبير على بعد المدى الذي قطعناه في هذا السبيل.
ibrahima@missouri.edu