السودان.. هل تستطيع قوات الصياد تجاوز كردفان ودق أبواب دارفور ؟
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
الخرطوم- تزامنا مع تقدم الجيش السوداني في وسط البلاد وولاية الخرطوم حقق متحرك "الصياد" اختراقات بالسيطرة على ثاني وثالث أكبر مدينة في ولاية شمال كردفان واقترب من فك الحصار عن الأبيض عاصمة الولاية والتمهيد لتحرير محلياتها الشمالية.
ويعتقد خبراء عسكريون أن وصول الجيش إلى الأبيض يعني بداية إعادة السيطرة على أجزاء واسعة من ولاية غرب كردفان وشمال ولاية جنوب كردفان والزحف نحو إقليم دارفور.
وفي 25 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن الجيش إكمال المرحلة الثانية من العمليات الحربية في الخرطوم، بربط قواته القادمة من أم درمان وشمال بحري بجنوده في مقر سلاح الإشارة أقصى جنوب مدينة الخرطوم بحري، وهي خطوة أنهت حصار مقر القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم.
ومنذ أكثر من عام أنشأ الجيش قوة تتألف من قوات الجيش في النيل الأبيض والقوة التي انسحبت من نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وقوات من فرقة الهجانة في شمال كردفان وقوات مكافحة الإرهاب في جهاز المخابرات.
وكلفت القيادة العسكرية المتحرك فتح الطريق الذي يربط كوستي في النيل الأبيض مع الأبيض حاضرة شمال كردفان في طريقه الى دارفور، وفك الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة، مند الأيام الأولى للحرب، مما عطل وصول الشاحنات التجارية والقوافل الإنسانية وتصدير المواشي والمحاصيل الزراعية التي تشتهر بها، بالإضافة إلى توفرها على أكبر بورصة للصمغ العربي في العالم.
واستعاد المتحرك الذي أطلق عليه "الصياد، في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، السيطرة على مدينة أم روّابة ثانية كبرى مدن ولاية شمال كردفان بعد معارك مع قوات الدعم السريع التي استخدمت الكمائن والمسيرات لتعطيل المتحرك.
إعلانوكانت قوات الدعم السريع تسيطر منذ سبتمبر/أيلول 2023 على مدينة أم روّابة، والتي تبعد عن مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان نحو 145 كيلومترا، كما تبعد نحو 480 كيلومترا جنوب غرب العاصمة الخرطوم.
وتعد أم روّابة مركزا تجاريا مهما وسوقا كبيرا للحبوب الزيتية، كما أنها ملتقى طرق حديدية وبرية تربط ولايات غرب السودان وجنوب كردفان، بالعاصمة الخرطوم وميناء بورتسودان شرقي البلاد.
وزحف "متحرك الصياد" غربا من أم روابة واقتحم في 17 فبراير/شباط الجاري الرهد، ثالثة كبرى مدن شمال كردفان، المتاخمة لولاية جنوب كردفان وهي مدينة تشتهر أيضا بإنتاج الحبوب الزيتية والكركدي.
وحررت قوات من الجيش أيضا -الأربعاء الماضي- عدة قرى قرب الرهد أبرزها سدرة وجبل الداير المتاخمة لولاية جنوب كردفان كانت تنتشر بها قوات الدعم السريع.
قاعدة متقدمةوكشفت مصادر عسكرية للجزيرة نت أن المعارك التي خاضها الجيش مع قوات الدعم السريع كانت شرسة، وجمعت القوات مقاتليها من غرب كردفان وجنوبها للدفاع عن أم روابة والرهد ولكنها تكبدت مئات القتلى والجرحى وخسرت عشرات المركبات القتالية وأدى ذلك إلى "كسر ظهرها".
وسيكون وصول "متحرك الصياد" إلى الأبيض بداية نهاية قوات الدعم السريع في ولايات كردفان الثلاث، حيث تنتشر القوات في مدينتي الفولة والمجلد ومناطق أخرى في غرب كردفان، بالإضافة إلى محلية القوز وعاصمتها الدبيبات في شمال ولاية جنوب كردفان، ومحليتي بارا وجبرة في شمال كردفان حسب المصادر ذاتها.
وتوضح المصادر العسكرية أن "الصياد" لن يتوقف في الأبيض وإنما سيتجه جنوبا منها إلى محلية الدبيبات في شمال ولاية جنوب كردفان ثم إلى أبوزبد في الطريق الى الفولة حاضرة ولاية غرب دارفور، وستكون الأبيض قاعدة متقدمة للتحرك نحو إقليم دارفور وفتح الطريق القاري إلى الفاشر، كما ستتحرك أيضا بمحاور أخرى قوات أخرى من الشمال نحو دارفور أيضا.
????????رئيس مجلس السيادة القائد العام يتفقد القوات الخاصة*
أم درمان ٢١-٢-٢٠٢٥
قام السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن *عبدالفتاح البرهان* اليوم بزيارة إلى معسكر القوات الخاصة، رافقه خلالها الفريق أول الركن *ياسر العطا* عضو مجلس السيادة… pic.twitter.com/fCoQOxiIbG
— Alnazeirabusail (@Alnazeirabusai1) February 21, 2025
إعلانوفي موازاة ذلك ودع عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش ياسر العطا وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي الأربعاء الماضي "متحرك نمور الصحراء" في مدينة الدبة في الولاية الشمالية بشمال البلاد في طريقه إلى دارفور.
وقال العطا لدى مخاطبته وحدات الجيش والقوة المشتركة للحركات المسلحة أن المعارك لن تتوقف حتى يتم تحرير كل شبر من الأرض السودانية، ونصب سرادق الاحتفالات في نيالا وزالنجي والضعين والجنينة عواصم ولايات دارفور التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
تحول إستراتيجي
ورفض مسؤول في المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع الخوض في تفاصيل العمليات العسكرية، وقال المسؤول الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته للجزيرة نت أن قوات الدعم السريع ستتوحد مع الفصائل التي تحالفت معها عبر "ميثاق السودان التأسيسي" في جيش واحد سيحدث انقلابا في الميزان العسكري.
من جانبه، عد الخبير العسكري سالم عبد الله ما حققه "متحرك الصياد" من توغل في ولاية شمال كردفان تحولا إستراتيجيا في المرحلة الثالثة من الحرب وستكون له تداعيات في خنق قوات الدعم السريع في كردفان والضغط عليها في إقليم دارفور.
وحسب حديث الخبير للجزيرة نت فإن الرهد نقطة ارتكاز رئيسية في كردفان، نظرًا لموقعها الذي يربط شمال الإقليم بجنوبه، ومركزًا لوجستيًا اعتمدت عليه قوات الدعم السريع مصدرا للإمداد وقاعدة للقيادة والتحكم في عملياتها بالمنطقة.
وما حققه "الصياد" في شمال كردفان ضربة قوية لقوات الدعم السريع ويضعف موقفها ويضعها أمام خياري الانسحاب نحو دارفور تحت ضغط العمليات العسكرية، أو خوض مواجهة خاسرة تعجل بانهيارها في الإقليم، ويهدد مناطق سيطرتها في دارفور، وفقا للخبير العسكري.
أما الباحث والخبير الأمني حسن الأصم فيرى أن قوات الدعم السريع ارتكبت أخطاء عسكرية وضعتها في موقف معقد بسبب انتشارها في وسط السودان مما أدى إلى استنزافها وقطع خطوط إمدادها الطويلة، وقاد إلى خسارتها ولايتي سنار والجزيرة وغالب ولاية الخرطوم خلال فترة قصيرة.
إعلانوتوقع الخبير في تصريح للجزيرة نت أن تجعل قوات الدعم السريع المدن والمناطق التي تسيطر عليها في غرب كردفان مواقع دفاع متقدم عن دارفور حتى لا تكون المواجهة مع الجيش والقوات المتحالفة معه في عواصم ولايات دارفور، ورجح أن تتحول إلى حرب استنزاف طويلة في غرب السودان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
خيارات قاسية تنتظر الدعم السريع
مع الانهيار الدراماتيكي لقوات الدعم السريع، الذي يمكن التأريخ له بصبيحة يوم الجمعة الماضية 21 مارس/ آذار 2025، عندما استطاع الجيش السوداني والقوات المساندة له استعادة القصر الرئاسي، وفرض سيطرته الكاملة عليه وعلى محيطه، وما تلا ذلك من هروب واسع لما تبقّى من قوات الدعم السريع من جنوب غرب العاصمة الخرطوم، ميمّمين نحو كردفان، ومن ثم إلى دارفور، مع هذا الانهيار تصبح الطريق سالكة إلى حدٍّ كبير أمام الجيش السوداني لاستكمال النصر على تمرّد قوات الدعم السريع.
حيث فقدت كل الأراضي التي كانت تحت سيطرتها منذ بداية الحرب، ما عدا مدن الجنينة في غرب دارفور، ونيالا بجنوب دارفور، وأجزاء صغيرة من شمال دارفور، خاصة في محيط مدينة الفاشر التي تحاول الدعم السريع اقتحامها والسيطرة عليها منذ أشهر لكنها لم تستطع.
وهي تراهن على الاستيلاء على هذه المدينة لبسط سيطرتها الكاملة على إقليم دارفور لإعلان الحكومة الموازية فيه تمهيدًا لفصل الإقليم، أو على الأقل تعزيز قدراتها الهجومية بالإقليم لاستئناف الأعمال العدائية ضد الجيش والحكومة المركزية.
ويُشير انهيار قوات الدعم السريع، وتسارع وتيرة هذا الانهيار بعيد سيطرة الجيش السوداني على القصر، إلى أن القوة المركزية الصلبة للدعم السريع كانت متمركزة بشكل أساسي في القصر الرئاسي ومحيطه، في دائرة يُمثّل موقع القصر الرئاسي فيها المركز.
إعلانوبانهيار هذه النقطة، انفرط العقد وتداعَت بقية القوات المنتشرة حول هذا المحيط أمام ضربات الجيش السوداني والقوات المساندة له، ونيرانها الكثيفة عليها من المسافة صفر، مما خلّف أعدادًا كبيرة من القتلى والمصابين والأسرى، والفارين خارج هذا المحيط نحو الجنوب الغربي من العاصمة.
ويُعزّز من هذه الفرضية بأن القوة الصلبة للدعم السريع كانت تتمركز في هذا المحيط، ما تم الكشف عنه بواسطة الجيش السوداني من مخازن للأسلحة الثقيلة النوعية والحديثة، وأجهزة التشويش المتقدّمة التي تم العثور عليها في مقارّ مختلفة داخل محيط القصر الرئاسي، حيث يقول خبراء عسكريون إنها كانت كفيلة بتمكين قوات الدعم السريع من صدّ أي هجوم عليها مهما كان حجمه، واستمرار بقائها في هذه المنطقة لوقت أطول.
لكن ذلك لم يحدث، بل جاء الانهيار سريعًا ومفاجئًا للجميع، بالنظر إلى تأكيدات قائد الدعم السريع حميدتي قبل أيام قلائل من سقوط القصر في أيدي الجيش، أن قواته لن تخرج من القصر الرئاسي، وأن الجيش لن ينتصر في معركة القصر، وأن هناك مفاجأة قد أعدّتها قواته للجيش.
وهو ما يثير التساؤلات حول السبب وراء ذلك الانهيار السريع: هل هو انعدام أو ضعف كفاءة عناصر الدعم السريع في استخدام هذه الأسلحة النوعية المتقدمة؟ أم الحصار الذي ضربه الجيش السوداني على هذه القوات قبل الهجوم على القصر بأسابيع كان له الأثر الحاسم بانقطاع الإمدادات من المؤن الغذائية؟ أم كل تلك الأسباب مجتمعة أدّت إلى الانهيار الكبير، وأن وعيد قائد الدعم السريع كان مجرد حديث لرفع الروح المعنوية لقواته وهي تتأهب لصدّ هجوم الجيش؟
أيًا كان الأمر، فالواقع على الأرض يقول إن قوات الدعم السريع قد تلقّت هزيمة نكراء، وفقدت موقعًا مهمًا كان يمنحها وجودًا نوعيًّا في موضع القلب من السودان، وقد وصفت الخارجية الأميركية استعادة الجيش السوداني للقصر الرئاسي بالحدث المهم في مسار الحرب في السودان.
إعلانوبهذا، يكون قد انطوى فصلٌ مهم من فصول الحرب التي امتدت لعامين، ويتبقى الفصل الأخير منها، والذي سيكون مسرحه إقليم دارفور.
وبقراءة للمشهد الحالي على الصعيد العسكري، وما لم تحدث متغيرات أو تستجد مستجدات تقلب ميزان القوة العسكري الراهن ما بين قوات الدعم السريع من جهة، والجيش السوداني والقوات المساندة له من جهة أخرى، وتحركه في اتجاه غير الذي هو عليه الآن، فإن استمرار الجيش السوداني في تكبيد الدعم السريع الخسائر، وإلحاق مزيد من الهزائم بها، هو الراجح والمتوقّع لعدة أسباب:
أولًا: فقدت قوات الدعم السريع في معركة الخرطوم الكثير من عناصرها، والكثير أيضًا من عتادها العسكري، إلى جانب فقدانها مواقع إستراتيجية مهمة كانت تستخدمها كمنصات لقصف مواقع الجيش والمواقع المدنية الحيوية في العاصمة والولايات، وذلك عبر المدافع والطائرات المسيّرة. بالمقابل: غنم الجيش السوداني معدات وآليات عسكرية، وأسلحة ثقيلة وخفيفة، ومنظومات تشويش حديثة كانت تمتلكها قوات الدعم السريع، فضلًا عن ارتفاع الروح المعنوية لأفراد الجيش والقوات المساندة له، وتصميمهم على الاستمرار في المواجهة والقتال في آخر معاقل الدعم السريع.فقدان الدعم السريع مضادات الطيران ذات الفاعلية لوقف هجمات سلاح الطيران، الذي ستكون له اليد العليا في معركة دارفور، حيث ستكون قوات الدعم السريع مكشوفة بالكامل لطيران الجيش السوداني، وهدفًا سهلًا له.
مع انتهاء معركة الخرطوم، انتهت حرب المدن التي كان للدعم السريع فيها تفوّق نسبي، بسبب الطبيعة القتالية لهذه القوات التي تقوم على تكتيك "اضرب واهرب" Hit and Run، والحركة السريعة، والاختباء في الأعيان المدنية، واتخاذ المدنيين دروعًا بشرية، واعتماد هذه القوات على ما يُعرف عندها بـ(الفزع).وهذا النوع من القتال يُعيق حركة الجيوش النظامية المحترفة، التي تدربت على الحروب النظامية التي تكون بين الدول، وتُستخدم فيها كافة الأسلحة والقوى المميتة. وبخروج المواجهات خارج العاصمة، فقدت الدعم السريع هذه الميزة تمامًا. قوات الكفاح المسلح في دارفور، أو ما تُعرف حاليًا بـ (القوات المشتركة)، التي تقاتل تحت إمرة الجيش السوداني، لها خبرة واسعة وكبيرة في حرب الصحراء، بحكم تمرّسها الطويل لأكثر من عشرين عامًا في خوض هذا النوع من الحروب، وهي الخصم الأكبر لقوات الدعم السريع.
هذه القوات، المسنودة بقيادة الجيش، تستطيع حسم المعركة في وقت وجيز، فهي تعرف جيدًا طريقة الدعم السريع في القتال، فضلًا عن إحاطتها بجغرافيا وتضاريس دارفور.
وقد حاولت قيادات رفيعة في قوات الدعم السريع في وقت سابق استمالة هذه القوات إلى صفّها أو تحييدها بوعود مغرية بشأن السلطة والثروة، تفاديًا لمواجهتها، ولكن لم يُجْدِ ذلك نفعًا. بالنسبة للجيش السوداني، فإن المرحلة الأصعب قد انقضت بانتصاره فيها، وأن ما تبقّى له هو الأسهل، بينما العكس صحيح بالنسبة لقوات الدعم السريع، فإن المرحلة الأسهل انتهت بهزيمتها، وما تبقّى لها هو الأصعب. هذه هي المعادلة الراهنة. إعلان
وهكذا، أصبحت كل الخيارات أمام قوات الدعم السريع، وهي تتأهب لخوض آخر المعارك، صعبة؛ فإما أن تخوضها بوضعها الراهن الضعيف، والنتيجة الراجحة هي الهزيمة، وإما أن تستسلم، وإما أن تعبر الحدود الغربية إلى خارج السودان.
وكل هذه الخيارات عنوانها العريض هو: (الهزيمة).
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline