في عصر باتت منصات التواصل تحدد شكل العلاقات بين الناس، ظهرت اختبارات غير تقليدية لقياس مدى قوة العلاقة بين الشريكين. واحدة من هذه الظواهر هي "نظرية تقشير البرتقال"، التي انتشرت بشكل واسع على تطبيق "تيك توك"، حيث تقوم النساء بطلب برتقالة من شركائهن، ثم يقيّمن مدى حبهم بناءً على ما إذا كان الشريك سيقوم بتقشيرها لهن أم لا.

وفق خطة تلك النظرية، إذا قام الشريك بتقديم البرتقالة مقشرة وجاهزة للأكل، فهو شخص محب ومتفهم. أما إذا قدمها كما هي، فهو غير مبالٍ، وقد تكون هذه علامة تحذيرية لعدم جدية العلاقة. ورغم أن هذه الفكرة تبدو طريفة في ظاهرها، فإنها أثارت جدلا واسعا حول مدى صحة هذا النوع من الاختبارات في تقييم العلاقات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وفاة المصرية آية عادل بالأردن.. حادثة مثيرة للشكوك والعائلة تتهم الزوج بالقتلlist 2 of 2العربية في إيران.. لغة "أم" حية بين الذاكرة والتحدياتend of list اختبار أم مزحة؟

انتشار هذه النظرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي جعل البعض يأخذها على محمل الجد، بينما يرى آخرون أنها مجرد دعابة طريفة. لكن هناك من يتساءل: هل يمكن حقا قياس الحب والتفاني من خلال تصرف بسيط مثل تقشير برتقالة؟

توضح الدكتورة ألكسندرا سولومون، أستاذة علم النفس في جامعة نورث وسترن والمتخصصة في العلاقات الزوجية، أن العلاقة لا يمكن اختزالها في تصرف واحد، وتضيف: "الشريك الذي لا يقشر البرتقالة ليس بالضرورة غير محب أو غير مهتم، فلكل شخص طريقته الخاصة في التعبير عن الحب".

إعلان لغات الحب والتواصل بين الشريكين

يمكن فهم ظاهرة تقشير البرتقال من منظور لغات الحب، وهي نظرية نفسية تشير إلى أن كل شخص يعبر عن حبه بطريقة مختلفة. تشمل هذه اللغات:

كلمات التقدير. التلامس. أعمال الخدمة (مثل تحضير وجبة أو تقشير برتقالة). تلقي الهدايا. قضاء وقت ماتع معا.

وفقا لهذه النظرية، فإن تقديم برتقالة مقشرة قد يكون وسيلة للتعبير عن الحب عبر "أعمال الخدمة"، لكن هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن أن يظهر بها الشريك اهتمامه، مثل الدعم العاطفي أو تقديم الهدايا أو حتى قضاء الوقت معا. لذا، فإن التركيز على لفتة واحدة قد يكون غير منصف.

هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن أن يظهر بها الشريك اهتمامه (بيكسلز) مخاطر الاختبارات العاطفية عبر الإنترنت

تشير الدراسات إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤثر سلبا على العلاقات من خلال تعزيز المقارنة غير الواقعية مع الآخرين. وعندما يشاهد أحد الشريكين فيديوهات لأشخاص يحصلون على اهتمام زائد من شركائهم، قد يبدأ في مقارنة العلاقة الخاصة به بهذه الصور المثالية، وهذا يخلق توقعات غير واقعية.

كما أن استخدام "اختبارات" مثل اختبار البرتقال أو غيره قد يؤدي إلى سوء الفهم بين الشريكين. فبدلا من طلب ما يحتاجه الشخص بشكل مباشر، يتم اختبار الطرف الآخر بشكل غير واضح، وهذا قد يؤدي إلى الإحباط وسوء التواصل.

الحل؟ التواصل بصراحة

بدلا من اللجوء إلى الاختبارات غير المباشرة، يُنصح الأزواج بالتحدث بصراحة عن احتياجاتهم ورغباتهم. فمثلا، إذا كانت الزوجة تحب تلقي لفتات صغيرة من شريكها، يمكنها ببساطة أن تقول: "أحب أن تفاجئني بإحضار فاكهتي المفضلة مقشرة وجاهزة للأكل".

كما يشير الخبراء إلى أن العلاقات الصحية تقوم على التفاهم المتبادل والتواصل الواضح، وليس على الاختبارات السرية. فبدلا من البحث عن إشارات خفية تدل على الحب، يمكن للشريكين بناء علاقة قوية من خلال الاهتمام المتبادل والمشاركة في الأنشطة التي تعزز القرب بينهما.

إعلان الحب أكثر تعقيدا من برتقالة

بينما قد تكون نظرية "تقشير البرتقال" مجرد تريند ماتع على تيك توك، إلا أنها لا تعكس بالضرورة صحة العلاقة العاطفية. الحب الحقيقي لا يُقاس بمدى استعداد الشريك لتقشير برتقالة، بل يظهر من خلال التصرفات اليومية، والدعم العاطفي، والاحترام المتبادل. لذلك، بدلا من الاعتماد على الاختبارات العاطفية غير المباشرة، من الأفضل التحدث بصراحة والاستمتاع ببناء علاقة متينة ومستقرة مع الشريك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اجتماعي من خلال

إقرأ أيضاً:

وهج الزهد.. حين تضيء القناعة طريق الحياة الزوجية

 

 

 

محمد حسين الواسطي **

 

في زحمة الحياة المعاصرة - حيث تتشابك الأحلام مع الطموحات، وتختلط القيم بالمظاهر - يقف الإنسان حائرًا أمام سيل من المغريات المادية التي تغشي البصر عن نور البساطة والاعتدال. «حفلات الزواج» هذه المناسبات التي كان يفترض أن تكون واحة للفرح الصادق، أضحت للأسف مسرحًا للبذخ والتفاخر؛ حيث تقايض السعادة الحقيقية بمظاهر زائفة لا تدوم.

«الزهد» هو ذلك المنهج الذي يحرر القلب من التعلق بالماديات، ويجعله أكثر قربًا من القيم الإنسانية والروحية. فهو ليس فقرًا ولا حرمانًا؛ بل هو فن التوازن بين الروح والمادة، هو إدراك أن السعادة ليست فيما نملك؛ بل فيما نعيش. 

وإن الدعوة إلى تطبيق مفهوم الزهد الذي دعانا الله ورسوله إليه لا تعني التقشف، ولا البخل، ولا التقتير، ولا التضييق على الأهل والعيال، فهذه صفات مذمومة في منظومتنا الأخلاقية؛ بل المقصود هو التحرر من التعلق المفرط بالماديات، والبعد عن الإسراف والتبذير، مع التمتع بنعم الله باعتدال وحكمة.

نحن اليوم أمام واقع يشهد فيه الزواج تحولًا من رباطٍ مقدسٍ إلى منافسة اجتماعية؛ حيث تنفق الأموال الطائلة على ليلة واحدة، وتثقل كاهل الأسر بأعباء الديون. كم من شاب أضناه البحث عن الاستقرار، وكم من عروس تألمت لأن فرحتها أحيطت بأعباء مالية لا تنتهي! 

علينا أن نذعن بأن جوهر الزواج يكمن في النفوس المتآلفة، لا في الموائد المترعة، وفي المحبة الصادقة، لا في البريق الخادع. فليست حفلات الزواج مقياسًا لقيمة الحب؛ بل هي انعكاس لحالة من التفاهم والانسجام بين روحين اختارتا أن تسيرا معًا في درب الحياة. وما أجمل أن نعود إلى جوهر هذه المناسبات؛ حيث يكون الفرح في القلوب لا في الأضواء، وحيث تكون البساطة عنوانًا للبركة. 

وكما قال الله تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 77] وقال أيضًا: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 27] فكيف لمن يسرف ويبذر في ليلة واحدة أن يحسن كما أحسن الله إليه وكيف له أن يبرر هذا التبذير وهو يعلم أن الله لا يحب المفسدين.

نعم؛ السعادة الحقيقية لا تقاس بما نملك؛ بل بما نحمله من رضا وقناعة. وكما قال أبو العتاهية (130هـ -211 هـ): 

لَيسَ عَلى المَرءِ في قَناعَتِهِ // إِن هِيَ صَحَّت أَذىً وَلا نَصَبُ 

مَن لَم يَكُن بِالكَفافِ مُقتَنِعًا // لَم تَكفِهِ الأَرضُ كُلُّها ذَهَبُ 

لذلك نؤكد أن القناعة هي الأساس لحياة مليئة بالبركة والسكينة. ومن الضروري أن نؤمن بأن العودة إلى النظرة الزاهدة المعتدلة إلى الحياة وتطبيقها في حفلات الزواج ليست رجعية؛ بل هي استعادة للتوازن، وإحياء لقيم فطرية تجعل الحياة أكثر سكينةً وبهجة. فالزواج ليس استعراضًا للأموال؛ بل هو ميثاق غليظ، وأساسه المودة والرحمة، لا الإسراف والتفاخر. إنه فن تحقيق السعادة الداخلية من خلال القناعة والرضا، لا من خلال الخيلاء والتفاخر. 

والمعنى الحقيقي للزهد قد اختصرته هذه الآية العظيمة: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [الحديد: 23] فكم من إنسان يبالغ في الإنفاق، لا لأنه بحاجة إلى ذلك؛ بل لأنه يريد أن يظهر للناس مظهر الغنى والتفاخر، فيسرف في حفلات الزواج والمناسبات فقط ليقال إنه فعل، ولكن هل حقًا هذا ما يجلب السعادة أم أن السعادة تكمن في البساطة والرضا.

لنتأمل في حقيقة أن الحياة الحقيقية لا تقاس بما نجمعه من أموال أو مظاهر؛ بل بما نزرعه في قلوب الآخرين من خير وحب فما أجمل أن نجعل من حفلات زواجنا نموذجًا للاعتدال؛ حيث تكون كل لحظة فيها شهادة على قيمنا، وكل تفصيل فيها انعكاسًا لروحنا لنخرج من قيد الإسراف إلى رحابة الزهد، ومن عبودية المظاهر إلى حرية الجوهر.

الفرح الحقيقي لا يشترى، والبركة لا تباع، والسعادة الحقيقية تبنى على أرضية من الحب الصادق، والاحترام المتبادل، والاعتدال في كل شيء فلنكن نحن التغيير الذي نريد أن نراه في مجتمعنا، ولنجعل من حفلات الزواج فرصة لإظهار قيمنا النبيلة، لا لتكريس عاداتنا المرهقة لأن السعادة الحقيقية هي تلك التي تنبع من الداخل، وتضيء طريقًا طويلًا من الحياة المشتركة، بعيدًا عن وهج الأضواء الزائل.

** كاتب عراقي

مقالات مشابهة

  • معلمة تصل ليلاً إلى المدرسة مرتدية البيجاما لتعديل اختبار أعدته لطلابها.. فيديو
  • بدء الاختبارات التكوينية في الدراسات الاجتماعية و«الإسلامية»
  • طريقة عمل كيك البرتقال فى دقائق
  • هدايا تقدمها السفن لشط العرب
  • السايح: المؤسسة القضائية هي الشريك الأساسي للمفوضية في إنجاز الاستحقاق الانتخابي
  • تفقد سير الاختبارات في جامعة البيضاء
  • وهج الزهد.. حين تضيء القناعة طريق الحياة الزوجية
  • شاب ينهي حياته شنقا في المرج بسبب الخلافات الزوجية
  • استمرار اختبارات شهر أبريل لصفوف النقل بمختلف المراحل الدراسية
  • وجبة مغذية لطفلك.. طريقة عمل البسيسة بالبرتقال