مخرجات التعليم المهني وبوصلة المستقبل
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
يتغير مشهد الطلب على المهارات في أسواق العمل العالمية نتيجة ثلاثة محركات رئيسية؛ أولها: سطوة التقانة؛ بما في ذلك ما يُحدثه الذكاء الاصطناعي من تغيرات في الأدوار والوظائف والمهام في أسواق العمل، ومزاحمة سوق الروبوتات للأدوار البشرية في قطاعات العمل والإنتاج والمساعدة الشخصية وأداء المهام الاعتيادية والتصنيعية، تشير التحليلات على سبيل المثال إلى توقع أن تحل الروبوتات محل ما يقرب من 20 مليون وظيفة تصنيع في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030، مع قدرتها في المقابل على خلق ما يقرب من 170 مليون وظيفة جديدة على مستوى العالم بحلول عام 2030، وخاصة في المجالات المتعلقة بتطوير الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، وذلك بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي.
بإيجاز؛ ما تعيشه أسواق العمل والإنتاج عالميًا اليوم هو صراعٌ في الطلب على المهارات، ويبدو أن الـ (5 – 10) سنوات القادمة ستكون معملًا عالميًا لإعادة تأهيل المهارات البشرية، وهو ما يمكن أن نسميه التحول المهاري الأكبر (The biggest skill shift) الذي تقوده المحركات الثلاثة التي أسلفنا ذكرها، وهو ما يدفع بالمجتمعات إلى مواكبة والتأقلم مع مهارات الثورة الصناعية الرابعة، والاستفادة القصوى من المُكن الحضارية والإنتاجية والاقتصادية التي تتيحها للبشرية بعدالة. في القراءة التي قدمها تقرير (مستقبل الوظائف 2025) الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، قدم مثالًا بسيطًا عن حجم الحاجة إلى إعادة تأهيل المهارات للقوى العاملة عالميًا، «فإذا كانت القوى العاملة مثلًا 100 شخص، سيحتاج 59 منهم إلى التدريب بحلول عام 2030. بحيث سيكون 29 منهم يمكن رفع مهاراتهم في أدوارهم الحالية، ورفع مهارات 19 آخرين وإعادة نشرهم في أماكن أخرى داخل مؤسستهم. وفي المقابل من غير المرجح أن يتلقى 11 منهم إعادة التأهيل أو رفع المهارات اللازمة، مما يجعل آفاق توظيفهم معرضة للخطر بشكل متزايد». يضرب لنا هذا المثال المبسط طبيعة المشهد العالمي المتغير للمهارات، والكيفية التي يجب فيها من اللحظة الراهنة التفكير في سبل إعادة التمحور للمهارات، ليس فقط على مستوى القطاعات والمؤسسات ووسائط الإنتاج الاقتصادية، وإنما حتى على المستويات الوطنية بما في ذلك العاملين في القطاعات الحكومية.
على المستوى المحلي، يقود مستقبل التغير في المهارات خمسة عوامل رئيسية في تقديرنا: الأول؛ الطلب والاستثمار في قطاعات الطاقة المتجددة؛ وما يمكن أن يخلقه من فرص جديدة، وطلب على أشكال محددة من المهارات، أو طلب في تحويل مهارات قائمة. العامل الثاني؛ يتشكل في تغير أنماط العمل الحكومي، بما في ذلك التحول الرقمي للحكومة، والانتقال إلى نمط الحكومة التفاعلية والميدانية، وهو ما يتطلب مهارات نوعية بعينها تجسر هذا الانتقال وتسرعه. أما العامل الثالث؛ فهو أنماط الاقتصاد الجديد، وهنا نعني الكيفية التي يمكن من خلالها للمتعلمين والقوى العاملة أن تكتسب مهارات مرنة تكيفها للاندماج في الاقتصاد الجديد؛ هذا الاقتصاد الذي تقوده أنماط ريادة الأعمال، وريادة الأعمال الاجتماعية، والفرص التي يتيحها تنشيط أنماط العمل الحر، وكذلك الفرص الممكنة لاندماج هذه القوى العاملة في مشهد العمل العالمي عبر الحدود. العامل الرابع؛ الذي يقود التغير في مستقبل المهارات هو طبيعة المشروعات الاستراتيجية الكبرى التي تنفذ أو يعتزم تنفيذها، وكيف يمكن لمهارات القوى العاملة الوطنية أن تلبي احتياج تلك المشروعات في مختلف القطاعات، وليس ذلك فحسب بل تنتقل إلى أن تضيف ميزة تنافسية للأداء في تلك المشروعات عبر الابتكار وتخليق النماذج الإبداعية. العامل الخامس؛ هو إدراك التغير المطلوب والمُلِح في الأنماط التقليدية للتعليم، والضرورة التي يجب من خلالها أن تتحول ساحات التعلم إلى ساحات ممارسة وتطبيق تكسب مهارات التكيف والتدبير، وأن تتحول بها مناهجه ووسائله من أدوات لإكساب المعرفة إلى أدوات لتبسيط القدرات المتقدمة في التفكير والنقد والتحليل وإعادة البناء. هذه العوامل الخمسة تجعل من النظر إلى دور التعليم المهني محوريًا في مواكبة هذه المتغيرات، وذلك لثلاثة اعتبارات أساسية: أولها القيمة الاقتصادية لهذا النوع من أنواع التعليم، حيث تشير الأدلة التاريخية عبر العالم إلى تلك القيمة المضافة للاقتصادات والأفراد الذين انخرطوا في هذا الشكل من أشكال التعليم مقارنة بأقرانهم في أنماط التعليم الأكاديمي، الاعتبار الآخر هو قدرة هذا النوع من التعليم على تجسير المهارات بشكل أسرع وأكثر مرونة مقارنة بأنماط التعليم الأخرى. أما الاعتبار الثالث فيتثمل في سهولة الربط بين هذا الشكل من التعليم مؤسسيًا وهيكليًا بالقطاعات الإنتاجية بشكل مباشر. وسنتناول في الجزء التالي من هذه المقالة هذه الاعتبارات وكيفية إسقاطها في واقع سياسات التعليم المهني محليًا.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
“مستقبل وطن” بالجيزة: عمال مصر بناة المستقبل وصناع الحضارة والتنمية
هنأ محمد رمضان أمين العمال بحزب "مستقبل وطن" بمحافظة الجيزة، جميع عمال مصر بمناسبة الاحتفال بعيد العمال، والذي يتزامن مع ما تشهده مصر من بناء وتعمير وإنجازات ضخمة على الأرض في كافة القطاعات.
وقال "رمضان"، في بيان اليوم الخميس، إن عمال مصر هم بناة المستقبل وصناع الحضارة والتنمية، لما يبذلونه من دور وطني وجهود كبيرة في إحداث عملية النهضة والتنمية الشاملة في شتى ربوع الوطن، موضحًا أنهم يُمثلون وقود التنمية في كافة القطاعات التنموية والاقتصادية، وهم عماد الأمم وسر ازدهارها، مؤكدًا أن عمال مصر المخلصين يواصلون العمل ليل نهار حبًا في الوطن وإيمانًا منهم بأن العمل هو الطريق الوحيد لتحقيق التنمية الشاملة.
وأضاف أمين العمال بحزب "مستقبل وطن" بمحافظة الجيزة، أن عمال مصر يُمثلون رمزًا للوفاء والتضحية والإخلاص والأمانة، ويواصلون العمل ليلًا ونهاراً لإيمانهم بقيمة العمل والإنتاج، على الرغم من كافة الظروف والتحديات الصعبة، موضحًا أن عمال مصر يبذلون جهودًا مخلصة في مختلف مواقع العمل والمشروعات التنموية والخدمية، التي تنفذها الدولة في إطار مسيرة التنمية الشاملة، التي يقودها الرئيس السيسي من أجل العمل نحو غدٍ أفضل ينعم فيه شعب مصر العظيم بحياة كريمة، ومستقبل مشرق يسوده الخير والرخاء.
وأوضح أن العمال ثروة اقتصادية وعلمية وتقدمية يجب الحفاظ عليها، مشيرًا إلى أن عيد العمال يُرسخ ويُبرز قيمة وقدسية العمل ويؤكد أن العمال هم وقود التنمية والتقدم والازدهار لأي أمة، وعصب الاقتصاد وعملية الإنتاج، ولولاهم ما كان للتنمية أن تتحقق على أرض الدولة المصرية، مؤكدًا أن عمال مصر هم عماد الاقتصاد الوطني وسواعد الوطن التي تبني وتنتج وتدفع عجلة التقدم إلى الأمام، فهم من يستحقون كل دعم ورعاية وتقدير، منوهًا بأن القيادة السياسية تولي ملف دعم العمال اهتمامًا بالغًا من خلال توفير بيئة عمل لائقة وتشريعات تضمن حقوقهم.
وأكد أن عمال مصر لديهم القدرة على استشراق مستقبل أفضل، حيث أنه في ظل الأزمات العالمية ومعاناة العالم من التحديات والتضخم أبوا ألا يكون إلا مخلصين منتجين حامين لاقتصاد وطنهم، دافعين إياه نحو التنمية الشاملة والبناء، موضحًا أن الدولة المصرية قدّرت جيدًا هذه التضحية الثمينة، وحرصت على توفير كافة السبل الداعمة لقوة مصر المنتجة، حيث عملت على تحسين بيئة العمل وصناعة تشريعات وقوانين تضمن حماية حقوق العمال وتحقق التوازن بينهم وبين أصحاب العمل كقانون العمل الجديد الذي صدر مؤخرًا وحمل الكثير من المزايا، علاوة على إنشاء صندوق إعانات الطوارئ وتطبيق الحد الأدنى للأجور والحرص على توفير التأمينات الصحية والاجتماعية اللازمة التي تليق بهم، تقديرًا لجهودهم ف بناء أعمدة الدولة العصرية الحديثة.
ودعا عمال مصر إلى مواصلة العمل والإنتاج بروح وطنية عالية، لأن المرحلة الراهنة تتطلب تضافر الجهود من أجل تعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق التنمية المستدامة.