برلين- تؤيد جميع الأحزاب الألمانية الرئيسية حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أن الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي يصفان في برامجهما الانتخابية أمن إسرائيل بأنه "قضية دولة" بالنسبة لألمانيا. وتشمل هذه العلاقة الخاصة الدعم العسكري لحماية إسرائيل من التهديدات.

كذلك يؤكد الحزبان أهمية الاتفاقيات الإبراهيمية التي أدت إلى توقيع اتفاقيات السلام بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين.

برلمان ألمانيا الحديثة (البوندستاغ) أسس بالتزامن مع قيام جمهورية ألمانيا الاتحادية عام 1949 (الفرنسية) مواقف حزبية

يشدد الحزب الاشتراكي على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه في الوقت ذاته يطالبها باحترام القانون الدولي.

ويدعو الحزب إلى وقف إطلاق النار في غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون قيود. ويركز في حملته الانتخابية على ضرورة التفاوض لإيجاد حل الدولتين، وإصلاح السلطة الفلسطينية، مع وضع حد لبناء المستوطنات المخالفة للقانون الدولي.

أما الحزب الديمقراطي الحر فيتبنّى موقفا واضحا إلى جانب إسرائيل، مطالبا بوقف المساعدات المالية للمؤسسات الفلسطينية حتى يتم التحقق من كيفية استخدامها، وفقا لما نشره على موقعه الإلكتروني.

إعلان

في المقابل، يدعم حزب اليسار حل الدولتين لكنه يعارض توريد الأسلحة إلى المنطقة، ويدعو إلى محاسبة جميع الأطراف عبر المؤسسات الدولية مثل محكمة العدل الدولية.

بدوره، يتبنّى تحالف سارة فاغنكنيشت موقفا مشابها، إذ يطالب بتكثيف المفاوضات لحل الصراع بعيدا عن العنف والدمار، مع التأكيد على ضرورة مراعاة مصالح الفلسطينيين أيضا.

أما حزب البديل من أجل ألمانيا فيمتنع في برنامجه الانتخابي عن الإدلاء بأي تصريح حول إسرائيل. ومع ذلك، سبق أن انتقد رئيس كتلته البرلمانية في البوندستاغ تينو شروبالا الحكومة الألمانية قائلا إن تسليم الأسلحة لإسرائيل يعني "التغاضي عن سقوط الضحايا المدنيين من كلا الجانبين".

رئيسة كتلة حزب اليسار الألماني سارة فاغنكنيشت (الفرنسية) مسؤولية تاريخية

تعزز ألمانيا موقفها المؤيد لإسرائيل منذ سنوات طويلة، إذ أعلنت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل عام 2008 أن "أمن إسرائيل جزء لا يتجزأ من وجود ألمانيا".

كما أكدت وزارتا الدفاع والخارجية الألمانيتان في عام 2016 "المسؤولية الخاصة لحماية أمن إسرائيل" باعتبارها أولوية إستراتيجية للسياسة الخارجية والأمنية الألمانية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى إيفالد كونيغ الكاتب والخبير في الشؤون الأوروبية والدولية أن هذا الدعم المطلق لإسرائيل من قبل معظم الأحزاب الألمانية يعود إلى "المسؤولية التاريخية لألمانيا، والعلاقة الخاصة مع إسرائيل"، حيث تنظر الحكومة الألمانية إلى مصالح إسرائيل على أنها "مصلحة وطنية" ضمن سياستها الخارجية، وهو ما يعرف بمصطلح "المصلحة الوطنية" (بالألمانية Staatsräson).

لكن كونيغ يشير أيضا إلى أن هذا الموقف السياسي لا يعكس رأي الشارع الألماني، إذ هناك مواقف أكثر نقدا تجاه إسرائيل، لكن الخوف من الاتهام بمعاداة السامية يجعل انتقاد السياسة الإسرائيلية أمرا حساسا.

إعلان

من جهته، يرى الدكتور تقادم الخطيب المحاضر السابق في جامعة هايدلبيرغ أن هناك جملة أسباب تدفع الأحزاب الألمانية إلى دعم إسرائيل، أبرزها المسؤولية التاريخية عن المحرقة النازية، والمصالح الإستراتيجية المشتركة، كذلك النفوذ السياسي للوبي (جماعة الضغط) المؤيد لإسرائيل والتوافق مع السياسات الأميركية.

ويضيف الخطيب للجزيرة نت أن هذا الدعم يُبرَّر في العلن بالمسؤولية التاريخية، لكنه ليس السبب الوحيد، إذ يلعب الإعلام والسياسات الحكومية دورا في تعزيز هذا الموقف، مما يؤدي إلى انقسام لدى الألمان بين مؤيد يعدّه التزاما أخلاقيا ومعارض يراه انحيازا غير مبرر.

دور الجالية العربية

وسط التجاذبات السياسية، تحاول الأحزاب الألمانية استقطاب المواطنين من أصول مهاجرة، إذ تخاطبهم بلغاتهم الأصلية مثل العربية والتركية والروسية، وقد نجح بعض السياسيين من أصول مهاجرة في الوصول إلى البوندستاغ وبرلمانات الولايات.

ومع ذلك، يرى الخطيب أن دور الجالية العربية في التأثير على القرار السياسي لا يزال محدودا، مشيرا إلى أسباب منها: تشتت الجالية وضعف تنظيمها وغياب ممثلين سياسيين مؤثرين، إضافة إلى الخوف من القوانين التي تجرّم انتقاد إسرائيل، وكذلك ضعف الاهتمام السياسي لدى الأجيال الجديدة من المهاجرين.

ويؤكد الأكاديمي ضرورة توحيد الصفوف والتأثير على الرأي العام من خلال المنظمات والمشاركة السياسية، إضافة إلى تعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية في المجتمع الألماني، لضمان تمثيل أفضل لمصالح الجالية العربية والمسلمة في ألمانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الأحزاب الألمانیة

إقرأ أيضاً:

"حقوق الإنسان الفلسطينية": الدعم الأمريكي لإسرائيل أهم أسباب استمرار الحرب في قطاع غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد منسق التحقيقات والشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الفلسطينية بكر التركماني، أنه رغم المواقف والتصريحات الأمريكية باتجاه وقف الحرب في قطاع غزة، إلا أن الدعم المتواصل للاحتلال هو ما يجعل سفك دماء الفلسطينيين مستمر، ويدعم المواقف المتشددة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال منسق التحقيقات بحقوق الإنسان الفلسطينية - في لقاء مع قناة "النيل" للأخبار اليوم السبت، "هناك مجموعة من التغيرات في الولايات المتحدة وشأن داخلي غير مستقر ومجموعة من الملفات يجري العمل عليها، وبالرغم من ذلك فإن ملف غزة يُعد ملفا مهما ومركزيا بالنسبة لها، ولهذا أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كثير من تصريحاته رغبته في إنهاء الحرب في قطاع غزة، ولكن بطريقته ومصالحه السياسية والاقتصادية".

وأضاف أن الرئيس الأمريكي لديه مهمة صعبة وهي الفوز بولاية رئاسية ثانية، ولذلك فهو يسعى إلى إنهاء تلك المرحلة بالحد الأدنى من الحرب على قطاع غزة لمتابعة التغيرات الأمريكية الداخلية؛ خاصة بعد الحرب الاقتصادية التي تخوضها ضد أوروبا والصين والعديد من دول العالم.

وأشاد بالموقف المصري ضد تهجير الفلسطينيين من القطاع لما له من تأثير مباشر بعدة محاور، والذي يأتي ضمن الضغط الدولي على إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • الأحزاب تضع ثقلها في الانتخابات البلدية والاختيارية...إليكم السبب
  • وزارة الصناعة والثروة المعدنية توقّع مذكرة تفاهم مع وزارة الموارد البشرية وبرنامج تنمية القدرات البشرية
  • خاص| هل أحداث غزة بداية النهاية لإسرائيل؟.. د. على جمعة يكشف الحقيقة
  • حزب الجيل: خطة لإعداد كوادر شبابية لخوض معترك العمل السياسي بكفاءة
  • الشاب نوبوا يفوز بانتخابات الإكوادور الرئاسية.. ومنافسته اليسارية تحتج
  • الأحزاب الجديدة في العراق بين آمال التغيير ومخاطر التشرذم السياسي
  • الشرطة الألمانية تعتقل شخصا قتل أحد السكان المحليين باستخدام سكين
  • هيلثي آند تيستي العالمية تنطلق رسميًا في ألمانيا
  • "حقوق الإنسان الفلسطينية": الدعم الأمريكي لإسرائيل أهم أسباب استمرار الحرب في قطاع غزة
  • انتخابات 2025: تسجيل الأحزاب يبدأ و يُشعل التوترات