عبر رحلة العمر تشعر بكم الفراغ الداخلى برحيل أحد الأصدقاء، تاركًا لك كمًا من الذكريات، فتجد نفسك أمامها فى محاولة منك أن تتأملها، فلا تجد سوى الأسى.
الأستاذ الدكتور أحمد الجزار اسم كبير، له مكانته فى الساحة الفلسفية.. هو أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف، هو خريج كلية الآداب جامعة القاهرة قسم الفلسفة، عين معيدًا بقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة المنيا، التقيت به عندما دخلت قسم الفلسفة، ومنذ دخولى الكلية وعلاقتى بالدكتور أحمد الجزار لم تنقطع وفى مرحلة الماجستير كان هو المشرف الثانى على رسالتى مع أ.
كانت الآمال والأحلام فى نضارتها شابة وقوية وحيوية ونحن فى سنوات الدراسة وظلت، فكان يشاركنا تلك الأحلام والآمال. حضرنا مناقشته للماجستير ثم حصوله على الدكتوراه، ثم التدرج. كان بمثابة القدوة الدافعة لنا عبر الرحلة وتولى وكالة كلية الآداب ثم عميدًا. هو يتسم بالتواضع إلى جانب أنه بشوش فيشعرك بالارتياح.
كنت أتصل به تليفونيًا على الأرضى، لم يكن لدينا ما يعرف اليوم بالموبايل، كان التليفون الأرضى هو الوسيلة الوحيدة للتواصل، وأذهب إليه لكى أجدد الحيوية داخلى وأستمد الكثير من التحفيز لكى نتمكن من تحقيق أحلامنا. وفى أحيان أخرى يتصل بى ويقول لى أنا نازل إلى نادى الجامعة، لو مش مشغول تعالى نقعد هناك شوية نغير جو البيوت. ونلتقى ونجلس ونتحدث فى الكثير والكثير من الموضوعات. من ضمن تلك اللقاءات منذ فترة طويلة تقابلنا وكان أ.د. عاطف العراقى أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وصاحب المدرسة الرشدية نسبة إلى الفيلسوف العقلانى (ابن رشد)، كان يناقش رسالة بآداب المنيا فدعانى صديقى د. الجزار، وبالفعل تلاقينا واستمتعنا بجلسة د. العراقى وعرفته عن قرب، ودخل فى تفصيلات حياته فتشعر بكم الحكمة فى حديثه. وظل اللقاء حتى قرابة التاسعة مساء، حيث ذهبنا إلى محطة القطار لكى يركب د.العراقى عائدًا إلى القاهرة.
وعبر الرحلة تتيقن أن سقوط الأوراق من الشجرة أمر حتمى، تلك حقيقة يقينية، وفى رحلة الحياة حتما.. لابد أن تجد ذلك الفراغ والخلاء برحيل الأصدقاء.
فوداعًا د. الجزار وربنا يرحمك رحمة واسعة، ويدخلك أوسع جناته. آمين يا رب العالمين.. ولنا الله.
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال - أكاديمية الفنون
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أكاديمية الفنون محطة القطار التليفون الأرضى أحمد الجزار د الجزار
إقرأ أيضاً:
وتسألونني لماذا أحب أحمد؟
#سواليف
كتب .. #قاسم_الزعبي
عندما كنت طالبا في الجامعة.. كنت أميل للسماع أكثر من القياس… فمثلا أحب النحو الكوفي وأفضله على النحو البصري المعتاد… وكنت أقرا شعر الصعاليك أكثر من شعر الشعراء المتكسبين والمتسكعين في أروقة البلاط وقصور السلاطين… وأعشق شعر أحمد مطر ومظفر النواب أكثر من شعر شوقي الذي تربى في قصور الخديوي رغم شاعريته…
وكنت أسائل نفسي..لماذ مُنع مطر والنواب رغم حبهم لأوطانهم…
مقالات ذات صلة العلمانيون العرب: يقفون على رؤوسهم لرؤية الواقع بالمقلوب! 2024/12/21اليوم… أدركت لماذا سُجن #أحمد_حسن_الزعبي الذي صرت أميل إليه أكثر من غيره من الكتاب والشعراء والذي وجدت فيه شخصا يشبهنا من حيث حب الوطن والانتماء…
أحمد كتب عن الوطن أكثر مما كتب أمه… وكتب عن المغترب أكثر من الرمثا… وكتب عن المعلمين يوم ما كتب أحد عنهم.. وكتب عن الأسرى ومعتقلي الرأي وعن رفع الأسعار.. وعن جور التعيينات.. … والظن كل الظن أن كارهيه كانوا ينتظرون مقالاته أكثر من محبيه.. لأنهم يعلمون أنه على حق.. لكن عزتهم أخذتهم بإثمهم…
أحمد لم يثر فكرة فلسطيني اردني.. ولاشمالي جنوبي ولابدوي وفلاح ولا مسلم ومسيحي… ولم يحرض على نظام الحكم مطلقا… ولم يفتن بين زملائه الصحفيين… ولم يتعالَ في مقالاته أو (يشتم الاردن)… أحمد لم ينتمِ لحزب محظور ولم يرتد السفارات الأجنبية للتكسب مقابل الانمتاء…
كل ذنبه أنه أحب وطنه كمطر والنواب… وكل ذنبه أنه لم يطلق رصاصة.. بل تبنى فكرة..
وتسألونني لماذا أحب أحمد؟