"معًا نتقدم".. برلمان عُمان المفتوح
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
العالم من حولنا اليوم في سباق مع الزمن لتحقيق طموحات الشعوب والأوطان، والارتقاء بالإنسان، وتحسين وضعه المعيشي، ورفع مستواه الفكري، ونقله بكل ثقة إلى رحاب القرن الحادي والعشرين؛ بما يحمله من إنجازات اقتصادية واجتماعية وعلمية، وذلك لتحقيق التنمية المستدامة، التي تمثل واحدة من أهم الركائز والغايات التي تحقق رفاهية المجتمعات المعاصرة.
ويتأتى ذلك من خلال توفير فرص العمل للشباب وإيجاد مظلة شاملة للحماية الاجتماعية لجميع الافراد من الجنسين دون تميز، بعيدًا عن المعوقات التي تستهدف الحلقات الضعيفة من الفقراء بزعم توفير الموارد؛ وقبل ذلك كله تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين؛ فالوطن للجميع وليس فقط للطبقة المُخملية التي استحوذت على نصيب الأسد من الخيرات في دولنا الخليجية النفطية.
ومن حسن الطالع هنا في هذا البلد العزيز؛ عُمان، أن تشمل مظلة الوطن الجميع، بفضل منجزات النهضة العُمانية المُتجدِّدة التي يقودها بحكمةٍ واقتدارٍ رُبان سفينة الوطن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- عبر وضع وتنفيذ استراتيجيات وطنية واضحة المعالم، بدايةً من الخطط الخمسية، والتي يشهد هذا العام 2025 آخر سنوات خطة التنمية الخمسية العاشرة؛ مرورًا بوضع الخطوط العريضة للاستراتيجيات الوطنية في التنمية، وعلى وجه الخصوص خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة، والتي تبدأ العام المقبل 2026، وما تتضمنه هذه الخطط من مشاريع واعدة، تهدف بالدرجة الأولى إلى تنويع مصادر الدخل والتركيز على القطاعات الزراعية والصناعية والسياحية، وعلى وجه الخصوص اقتصاد المعرفة والطاقة النظيفة، كبديل عن الوقود الاحفوري. والأهم من ذلك كله نقل سلطنة عُمان إلى مصاف الدول المتقدمة.
من هنا تتضافر الجهود في مختلف الأجهزة الحكومية لتذليل العقبات وتجاوز التحديات التي تواجه "رؤية عُمان 2040"، والتي هي بمثابة الخطة الرئيسة التي ينظر إليها الجميع على أنها صمَّام الأمان لمستقبل عُمان الواعد؛ وذلك إذا أحسنَّا تنفيذ بنودها بمنهجيةٍ علميةٍ مُعتمدين في ذلك على خبراء من خارج المنظومة الحكومية؛ للعمل على تحقيق ما يعرف بالشروط المرجعية للرؤية "Terms of Reference".
ووسط هذا الزخم والحراك المجتمعي لفتح قنوات التواصل بين المسؤولين والمجتمع المدني بكل أطيافه، تظهر في الأفق قصص النجاح التي سَطَّرها المبدعون من أبناء الغبيراء، جديرة بأن تُكتب بماءٍ من ذهب؛ لأنها بحقٍ إبداعٌ من نوع خاص، لا يُجيده إلّا المتميزون من المخلصين للوطن والأوفياء للسلطان، وتلك الأفكار الرصينة أقل ما يمكن القول عنها إنها من خارج الصندوق التقليدي، وذلك فصل جديد من المجد، يُضاف إلى ما تحقق من مُنجزات وأهداف وطنية للمشاركة في صنع القرار على نطاق واسع، ومن خلال ما يُعرف بمنهجية الأبواب المفتوحة. وقد عشنا تجربة فريدة العام المنصرم 2024، أطلقتُ عليها "برلمان عُمان المفتوح". وفي هذا العام، تفصلنا أيام قليلة عن هذا الحدث السنوي الجديد في نسخته الثالثة والموسوم "معًا نتقدم"، والذي نجح فيه المنظمون بالأمانة العامة لمجلس الوزراء في تحويله إلى منتدى حواري جاد وغير مسبوق؛ إذ يتحاور المشاركون الذين يمثلون مختلف محافظات السلطنة، تحت سقف واحد وعلى أرضية صلبة؛ للحوار مباشرةً مع صُنَّاع القرار من أعضاء الحكومة. وهي جلسات من العصف الذهني، تتميز بالصراحة والشفافية؛ انطلاقًا من قاعدة أساسية اسمها "مصلحة الوطن بالدرجة الأولى فوق الجميع"؛ إذ إنَّ عُمان تستحق الأفضل دائمًا، فلا مجال بعد اليوم لمن قَصَّر في أداء واجبه تجاه المواطن. ولقد كنتُ شاهد عيان على النسخة الثانية من الملتقى، خاصةً أسئلة المواطنين الذين هبُّوا من أرجاء سلطنتنا الحبيبة للمشاركة بوجهات نظرهم في المنتدى الحواري.
إن الكل يتطلع لإنجاح هذه المظلة الوطنية الطموحة واستمرارها، خاصة وأنها تستهدف هذا العام أبرز الأولويات المُستقبلية للسلطنة، والمتمثلة في الملف الاقتصادي بفروعه المختلفة، والذي هو عنوان لهذه المرحلة بامتياز، وعلى وجه الخصوص ملامح الخطط الخمسية، ومستقبل الطاقة والاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية، والاستثمارات الأجنبية، وتنمية المحافظات، ومستقبل سوق العمل، ونظام التقاعد.. كل ذلك يضع الأداء الحكومي في الميزان، لكن هذه المرة من منظور المواطن الذي اختار معظم تلك هذه العناوين. وبالفعل دخلنا مرحلة غير مسبوقة من النقد البنَّاء؛ بل ومن جَلْدِ الذات والمراقبة والتقييم العلمي الدقيق والحوكمة، فلا مكان اليوم لمن يفشل في المهام والاختصاصات التي أُوكِلَتْ إليه عند تكليفه بالأمانة الوطنية، خدمةً لهذا الوطن الغالي، الذي يجب أن تكون رايته مرفوعةً على الدوام من أبنائه المخلصين.
لا ريب أن الوطن أغلى وأثمن من أن يُترك للذين يفتقدون للرؤية المستقبلية وللحنكة والإخلاص والتفاني في العمل؛ خاصة الذين وصلوا إلى طريق مسدود في معالجة التحديات التي تواجه وزارتهم أو الهيئات التي يُشرفون عليها. لقد حان الوقت لهؤلاء الذين يعانون من نظرة ضبابية لطموحات الوطن واحتياجات المواطن، أن يُدركوا أن هذه المرحلة لا تحتمل إلّا من يعرف: أين الاتجاه الصحيح لبوصلة المجتمع العُماني الذي تواجهه تحديات في إيجاد فرص عمل لأبنائه ومعالجة جذرية لمختلف القضايا ومحاربة الفقر بلا هوادة؛ وذلك باستخدام أساليب متطورة وأفكار مبتكرة من خارج الصندوق.
وفي الختام.. إنَّ ما يُميِّز ملتقى "معًا نتقدم" هو النجاح الذي أبهر الجميع، فقد تجاوز أعداد الذين شاركوا في التصويت عبر منصة الملتقى أكثر من 19 ألف مواطن، بينما بلغ عدد المُصوِّتين 4600 شخص فقط، وهذا يعكس تعاظم الاهتمام بهذا الحدث الوطني الذي أصبح حديث الساعة، وتطوره التدريجي على الرغم من عمره القصير، ومن هنا نُسجِّل شكرنا لكل من له بصمة في هذا العمل الذي يهدف إلى الارتقاء بالمجتمع العُماني ورفع شأنه بين شعوب المنطقة.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المتحدث الأمني بوزارة الداخلية يؤكد تنفيذ العقوبات بحق مخالفي التعليمات التي تقضي الحصول على تصريح لأداء حج هذا العام 1446هـ
المناطق_واس
أكد مدير الإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي والمتحدث الأمني بوزارة الداخلية العقيد طلال بن عبدالمحسن بن شلهوب، خلال مشاركته في جلسة “دور الإعلام الرقمي في التوعية الأمنية”، ضمن أعمال مؤتمر الاتصال الرقمي، أن الجهات الأمنية باشرت تنفيذ العقوبات بحق مخالفي التعليمات التي تقضي الحصول على تصريح لأداء الحج لهذا العام 1446هـ، والدخول إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أو البقاء فيهما.
وأوضح العقيد طلال بن شلهوب خلال الجلسة، أن من يضبط مؤديًا أو محاولًا أداء الحج دون تصريح، ومن يقوم من حاملي تأشيرات الزيارة بأنواعها كافة، أو يحاول القيام بالدخول إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أو البقاء فيهما يعاقب بغرامة مالية تصل إلى (20,000) ريال، ومن تقدم بطلب إصدار تأشيرة زيارة بأنواعها كافة لشخص قام أو حاول أداء الحج دون تصريح، أو الدخول إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أو البقاء فيهما، وكل من يقوم بنقل حاملي تأشيرات الزيارة، أو يحاول نقلهم بهدف إيصالهم إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ومن يقوم أو يحاول إيواء حاملي تأشيرات الزيارة بأنواعها كافة في أي مكان مخصص للسكن (الفنادق، والشقق، والسكن الخاص، ودور الإيواء، ومواقع إسكان الحجاج، وغيرها)، أو التستر عليهم، أو تقديم أي مساعدة لهم تؤدي إلى بقائهم في مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، يعاقب بغرامة مالية تصل إلى (100,000) ريال، وتتعدد الغرامات بتعدد الأشخاص المخالفين، وترحيل المتسللين للحج من المقيمين والمتخلفين لبلادهم ومنعهم من دخول المملكة لمدة (10) سنوات.
ونبّه المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، من الانسياق خلف عمليات النصب والاحتيال التي يتم الترويج لها عبر إعلانات حملات حج وهمية ومضللة، التي تتضمن توفير سكن ونقل للحجاج داخل المشاعر المقدسة، وأداء فريضة الحج عن الآخرين، وتأمين الأضاحي لضيوف الرحمن وتوزيعها، وبيع أساور حج.
وأشار العقيد طلال بن شلهوب، أن وزارة الداخلية تواصل تنفيذ مبادرة “طريق مكة” ضمن برنامج خدمة ضيوف الرحمن أحد برامج رؤية المملكة 2030, من (11) مطارًا في (7) دول؛ لتقديم خدمات ذات جودة عالية لضيوف الرحمن، بالتعاون مع الجهات الشريكة، مبينًا أن المبادرة شهدت منذ إطلاقها عام (1438 هـ/ 2017 م) خدمة (940,657) حاجًا.
يذكر أن وزارة الداخلية شاركت في أعمال مؤتمر الاتصال الرقمي والمعرض المصاحب؛ لإبراز خدماتها التقنية والتحولات الرقمية التي تشهدها قطاعاتها الأمنية، وذلك في إطار جهودها المستمرة لتطوير منظومة العمل الأمني وتعزيز جودة الخدمات.