مقابلة مع خادم رعيتي الجماعة اللوثرية في بيتي لحم و ساحور القس منذر إسحق
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يقوم خادم رعيتَي الجماعة اللوثرية في بيت لحم وبيت ساحور القس منذر إسحق، بزيارة إلى إيطاليا وروما برفقة المحامية الملتزمة في الدفاع عن حقوق الإنسان سحر فرنسيس، والناشط الاجتماعي والسياسي رفعت قسيس.
وقد زار الوفد الفلسطيني مقر إذاعة الفاتيكان، وحدثنا القس إسحق خلال الزيارة عن الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون، معبرا عن قلقه البالغ حيال المصير الذي ينتظر سكان المنطقة.
قال "إسحق" إن الضفة الغربية تعيش اليوم أوقاتاً مظلمة، مشيرا إلى أن المستوطنات وحواجز التفتيش الإسرائيلية جعلت حياة السكان الفلسطينيين صعبة جداً، وقد قطّعت أوصال القرى والبلدات الفلسطينية، وجعلت من الضفة الغربية مجموعة من السجون في الهواء الطلق، كما قال. وأضاف إسحق أنه يوجد حالياً في جوار مدينة بيت لحم حوالي ثمانين حاجز تفتيش وغالباً ما ينتظر الأشخاص لست أو سبع ساعات لعبور هذه الحواجز، وما يزيد الطين بلة انهيار الوضع الاقتصادي، مذكراً في هذا السياق بأن المدينة الفلسطينية كانت تعتمد على السياحة الدينية، والتي توقفت اليوم بشكل شبه كامل، وتسعى الكنائس إلى مساعدة الأشخاص الذين فقدوا مورد رزقهم.
لفت إسحق بعدها إلى أن أكثر من مائة عائلة مسيحية نزحت عن مدينة بيت لحم منذ بداية الحرب في غزة، موضحا أن المسيحيين في المنطقة هم عبارة عن مجموعة صغيرة من السكان تناضل من أجل البقاء على قيد الحياة. واعتبر أن التهديد الأكبر يتأتى من الإبعاد القسري للسكان، مشيرا إلى أن خمسة وأربعين ألف فلسطيني هُجروا لغاية اليوم بسبب التوغلات العسكرية الإسرائيلية في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، وثمة مخاوف من استمرار هذه العمليات. وقال: إننا نشاهد ما يحصل في غزة ونتساءل ما إذا كان سكان الضفة الغربية سيواجهون المصير نفسه.
من جنبها توقفت المحامية سحر فرنسيس عند العملية السادسة لتبادل الأسرى بين الإسرائيليين وحماس والتي حصلت يوم السبت الماضي، وقالت إن الحركة أفرجت عن عدد من الرهائن الذين اخُتطفوا في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، كما أطلقت إسرائيل سراح أسرى فلسطينيين كانوا قابعين في السجون منذ فترة طويلة.
وأوضحت أنه خلال العقود الماضية أقدمت السلطات الإسرائيلية على اعتقال مئات آلاف الفلسطينيين بشكل اعتباطي، من بينهم أطفال، وهم يتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات في السجون الإسرائيلية، كالضرب والتجويع والمضايقات الجنسية، وأشكال أخرى من انتهاكات حقوق الإنسان.
ولفتت أيضا إلى أن انتشار داء الجرب بين السجناء أدى، خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية، إلى موت ما لا يقل عن ستين فلسطينياً. وأوضحت أن إسرائيل تفرج عن أعداد كبيرة من السجناء مقابل الرهائن لكنها، من ناحية أخرى، تقوم بحملات اعتقال واسعة النطاق، تشمل أيضا أشخاصاً كانت قد أفرجت عنهم في السابق. واعتبرت المحامية الفلسطينية أن النظام القضائي الإسرائيلي لا يهتم في تطبيق العدالة، بل هو في الواقع أداة للقمع وللسيطرة على المجتمع الفلسطيني.
أما الناشط الاجتماعي والسياسي رفعت قسيس، وهو أيضا أمين عام "كايروس فلسطين"، فذكر بأن هذه المؤسسة أصدرت وثيقة عام ٢٠٠٩ تحدثت فيها عن قناعتها بالمقاومة غير العنيفة، مسلطة الضوء على الصعوبات اليومية التي يواجهها الفلسطينيون. وأضاف أن الأوضاع في المنطقة تدهورت بشكل خطير منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، في غزة، كما في الضفة الغربية. ومؤسسة كايروس تعمل حاليا على إصدار وثيقة جديدة تندرج في سياق وثيقة العام ٢٠٠٩.
ولم يخف المسؤول الفلسطيني قلقه حيال خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التهجير الجماعي للغزاويين، في حال وُضعت فعلا قيد التنفيذ. وذكّر في هذا السياق بالبيان الأخير لبطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، الذي أدان هذا المشروع، معتبرا أنه ضرب من الظلم، ينال من الكرامة البشرية. ورأى أن المقترح لا يشكل تطهيراً عرقياً وحسب إنما يشكل دعوة لحرب مستمرة ليس في فلسطين فقط بل في المنطقة كلها.
وذكّر الناشط الفلسطيني في حديثه لإذاعتنا بضرورة احترام القانون الدولي، بما في ذلك مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق القائد العسكري لحماس محمد الضيف ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيمين نتنياهو. وذكّر قسيس بأن هذه المحكمة تم تأسيسها في روما، ولذا فإن الجمهورية الإيطالية والكرسي الرسولي يحرصان على أن تُنفذ الأحكام التي تُصدرها، على حد قوله.
خلال زيارته إلى روما كان من المفترض أن يشارك الوفد الفلسطيني في مقابلة البابا العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء الماضي، لكن المقابلة ألغيت بسبب أوضاع البابا الصحية وتواجده في المستشفى. وقال بهذا الصدد المسؤولون الثلاثة إنهم يصلون على نية الحبر الأعظم كي يتعافى في القريب العاجل. هذا وشاء القس منذر إسحق أن يسلط الضوء على الحب الذي يكنّه جميع الفلسطينيين للبابا، مذكرا بالزيارة التي قام بها فرنسيس إلى الضفة الغربية عام ٢٠١٤ والتي ما تزال مطبوعة في أذهان السكان خصوصا عندما صلى عند الجدار الفاصل بين بيت لحم والقدس.
وختم إسحق حديثه لإذاعة الفاتيكان لافتا إلى أن هذا المشهد ترك أثراً عميقاً في قلوب جميع الفلسطينيين الذين يتساءلون غالباً ما إذا كان العالم يكترث لأمرهم ويعاملهم أسوة بغيرهم من الشعوب.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط أقباط الإرثوذكس الضفة الغربیة بیت لحم إلى أن
إقرأ أيضاً:
الهدم والتهجير في الضفة الغربية.. الوجه الآخر للإبادة الجماعية في غزة
الثورة /
مع تصاعد العدوان واستمرار المجازر التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، ضمن الإبادة الجماعية، تكثف قوات الاحتلال الإسرائيلي سياسة هدم المنازل وتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية، في مشهد يعكس وحدة النهج الإسرائيلي في تعميق مشروع التطهير العرقي عبر الجغرافيا الفلسطينية.
ويأتي هذا التصعيد الخطير بالتزامن مع تسارع وتيرة الاستيطان، وفرض سياسات الضم التدريجي للضفة الغربية، مما يؤكد – وفق خبراء- أن ما تشهده الأرض الفلسطينية لا يمكن اختزاله كرد فعل على عمليات المقاومة في 7 أكتوبر، أو بسبب وجود أسرى إسرائيليين، بل هو امتداد لسياسة كيان احتلال قائمة على نفي الوجود الفلسطيني بكل الوسائل الممكنة.
أرقام تتحدث:
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان رصد في بيان له، تصاعد عمليات الهدم والتهجير وتدمير الممتلكات والمنشآت الفلسطينية، بما فيها تلك القائمة منذ عقود، في إطار سعي سلطات الاحتلال إلى فرض وقائع ديموغرافية جديدة عبر انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
وخلال 10 أيام من أبريل الجاري، وثق المركز الحقوقي تنفيذ الاحتلال 15 عملية هدم في مختلف محافظات الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، طالت 24 منزلاً، و58 منشأة وخيمة، تسببت في تشريد مئات المواطنين، بينهم نساء وأطفال.
ففي الخليل، هدمت قوات الاحتلال في 9 أبريل منزلين للمواطنين أحمد وفتحي إسماعيل أبو القيعان في بلدة السموع، بعد تجاهل اعتراضات قانونية تقدم بها أصحابها، أحد المنزلين كان يضم 10 أفراد، بينهم 8 أطفال.
أما في القدس المحتلة، فقد أجبر الاحتلال المواطن علاء عبدعليان على تنفيذ هدم ذاتي لملحق منزله وأساسات بناية قيد الإنشاء، تحت تهديد الغرامات الباهظة من بلدية الاحتلال. “حاولت ترخيص الملحق الذي بنيته لعائلتي منذ 2010م، لكنهم رفضوا، وفرضوا عليّ 70 ألف شيكل، ثم أجبروني على هدمه بنفسي”، حسبما يقول عليان.
وفي سلفيت، هدم الاحتلال منزلين مأهولين في بلدة بروقين للمواطنين محمد صبرة وعلاء محمود بدعوى البناء في منطقة مصنفة (ج)، وهي إحدى الوسائل التي تستخدمها إسرائيل لتفريغ هذه المناطق من الفلسطينيين.
أما رام الله، فقد هدمت قوات الاحتلال صالة النعمة للأفراح في بيت لقيا بمساحة 500 متر، وغرفة زراعية في بيت نوبا، تحت ذريعة البناء قرب جدار الفصل العنصري.
وفي نابلس، هدم الاحتلال منزلين في منطقة التعاون العلوي، يعودان للمواطنين ناصر مسروجة وعلي محراب، وكلتاهما عائلتان تضم أطفالاً.
ولم تسلم الأغوار الشمالية من الاستهداف، حيث هدمت قوات الاحتلال في تجمع الرأس الأحمر 45 خيمة وبركسات، وهجّرت خمس عائلات من عائلة أبو عرام، فيما دمرت كذلك محتويات وحظائر تعود لمواشيهم.
وفي بيت لحم، شرّد الاحتلال سبعة مواطنين بعد هدم منزلين في قرية وادي فوكين، أحدهما للمواطن عاصم مناصرة الذي قال: “فوجئت بالجرافات تحاصر المنزل عند الفجر وشرعت بالهدم دون أي فرصة لإخراج الأثاث”.
منهجية العقاب الجماعي:
وتُظهر عمليات الهدم أنها ليست مجرد مخالفات بناء كما تزعم إسرائيل، بل أدوات ضمن مشروع متكامل لتفريغ الأرض من سكانها الفلسطينيين، لا سيما في المناطق المصنفة (ج) التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، وتخضع لسيطرة الاحتلال الكاملة.
ويتم تنفيذ الهدم إما بذريعة غياب التراخيص، أو ضمن ما يسمى “الإجراءات العقابية”، أو بحجج “قرب الأبنية من المستوطنات أو الجدار”، وهي كلها مبررات تستند إلى منظومة قانونية عنصرية لا تمنح الفلسطينيين الحد الأدنى من حقوق البناء والسكن.
ويشدد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على أن عمليات الهدم والتهجير القسري تشكل جرائم حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر التدمير غير المبرر للممتلكات، كما ترفض العقوبات الجماعية.
ويذكّر المركز بأن محكمة العدل الدولية أصدرت في يوليو 2024م رأياً استشارياً يؤكد عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ويدعو إسرائيل إلى إنهاء وجودها الاستعماري فوراً.
لا فكاك بين غزة والضفة
ما يجري في الضفة الغربية من تطهير عرقي ممنهج عبر أدوات “قانونية” وهدم ذاتي وهدم قسري وتهجير قسري، يتكامل مع الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة. إنها سياسة استعمارية واحدة تتخذ أشكالًا متعددة لكنها تسير باتجاه واحد وهو اقتلاع الفلسطيني من أرضه.
ومع استمرار تعاجز المجتمع الدولي عن الوقوف بجدية لوقف هذه السياسات وتجريم الاحتلال أمام المحاكم الدولية، يصر الفلسطينيون على مواجهة هذا المشروع العنصري الإحلالي، الذي لم يعد يخجل من الكشف عن نواياه الحقيقية.
مركز الإعلام الفلسطيني