القصة الحقيقية لانقلاب عام 1953 في إيران
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
راي تاكيه
ترجمة: بدر بن خميس الظفري.
وافق يوم السبت 19 من أغسطس الذكرى السبعين للانقلاب الذي أطاح برئيس الوزراء الإيراني محمد مُصَدّق. لعقود من الزمان، أصر اليسار على الرواية التي تقول إن هوس الحرب الباردة جعل الرئيس الأمريكي (دوايت أيزنهاور) يعمل على الإطاحة بزعيم منتخب ديمقراطيا، مما مهّد الطريق لثورة إسلامية بعد ربع قرن.
بعد سبعة عقود، حان الوقت لوضع الأمور في نصابها الصحيح. كان مصدق أرستقراطيا عارض سيطرة بريطانيا على النفط الإيراني، وقاد عملية التأميم في إيران، وكان له دور فعال في استعادة إيران ثروتها الوطنية. لم يتم انتخابه ديمقراطيا لمنصبه ولكن تم تعيينه من قبل الشاه محمد رضا بهلوي. كان عنيدًا لا يقدم تنازلات، ويتحدى القوى العظمى.
أصبحت أمريكا منخرطة في موضوع إيران بطلب من مصدق نفسه، فبمجرد أن وصلت المفاوضات بشأن النفط مع بريطانيا إلى طريق مسدود، ناشد مصدق الرئيس الأمريكي (هاري إس ترومان) بالتوسط في النزاع. في الفترة من عام 1951 حتى الانقلاب النهائي، اقترح العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين عدة خطط للتسوية، إلا أنّ مصدق رفضها جميعها. التسوية التي صاغتها الولايات المتحدة دعت بريطانيا إلى قبول مبدأ التأميم، وطلبت من إيران تعويض بريطانيا عن خسارة أصولها، بما في ذلك أكبر مصفاة في العالم. وعلى الرغم من أن لندن استاءت من الحياد الذي اتسمت به واشنطن في تلك التسوية، فإنها كشريك صغير لم يكن لديها خيار سوى الموافقة، ومع ذلك فشلت الدبلوماسية في حل القضية بسبب عناد مصدق.
للضغط على مصدّق، فرضت بريطانيا حظرا على النفط الإيراني، فتدهور الاقتصاد بسبب قطع الإيرادات، وكلما قل المال الذي يحصل عليه مصدق، أصبح أكثر تشددا.
أثارت سياساته وتوجهاته قلق المسؤولين في الدولة الفارسية، وبما أنّ الشاه كان لا يزال صغيرًا جدًا ومترددًا في تولي المسؤولية، بدأ التجار ورجال الدين وضباط الجيش جميعًا في التآمر على رئيس الوزراء، إلا أن سلطة رجال الدين كانت هي الحاسمة في الإطاحة بمصدق، وهو أمر تنفيه الجمهورية الإسلامية ويخفيه الأكاديميون الغربيون.
في عام 1953، طلب الإيرانيون الدعم من السفارة الأمريكية، وبدا (آيزنهاور) متعاطفا بسبب اعتماد مصدق المتزايد على (حزب توده الشيوعي). في نهاية المطاف، أرسلت وكالة الاستخبارات المركزية (كيرميت روزفلت) إلى إيران للعمل مع مجموعة من المسؤولين الفاعلين.
لكن وكالة الاستخبارات المركزية لم تشكّل معارضة ضدّ مصدق. كان أحد أبرز الضباط الإيرانيين، الفريق (فضل الله زاهدي)، قد نظم بالفعل الجيش للإطاحة برئيس الوزراء، وكان رجال الدين يستخدمون تأثيرهم على الشارع الإيراني لتنظيم مظاهرات ضد مصدق، وكان التجار يغلقون أسواقهم احتجاجًا على سياساته.
طوال تلك الفترة، ظل النظام الملكي مؤسسة تحظى بالدعم الشعبي، لذلك كانت مساهمة أمريكا في عزل مصدق هي بإقناع الشاه بإقالة رئيس وزرائه، وقد كانت للملك السلطة الدستورية للقيام بذلك لكنه كان يفتقر إلى الشجاعة الكافية. وأخيرًا، في 15 أغسطس، بعد ضغط أمريكي متواصل، أقال الشاه بهلوي رئيس الوزراء مصدق، إذن نستطيع أن نقول إنّ الحديث عن الانقلاب يجب أن يبدأ بمجرد أن أصدر الشاه مرسومه، لأن رئاسة مصدق للوزراء أصبحت غير قانونية منذ تلك اللحظة.
تلقى مصدق معلومات سرية من الخلايا الشيوعية في الجيش الإيراني، وكان ينتظر الضابط الذي أصدر أوامر إقالته. اعتقل الضابط بسرعة، وفر الشاه من البلاد. بالنسبة لواشنطن، فإن الانقلاب قد فشل، فقد اعترفت وزارة الخارجية بأن «عملية الانقلاب جُرّبت وفشلت ويجب ألا نشارك في أي عملية ضد مصدق». وافقت وكالة الاستخبارات المركزية على ما يلي: «يجب وقف العمليات ضد مصدق». أخبر الجنرال (والتر بيدل سميث) الرئيس (آيزنهاور) أن الخطة قد فشلت وأنه «علينا الآن أن نلقي نظرة جديدة كاملة على الوضع الإيراني وربما يتعين علينا التقرب من مصدق إن كنا نرغب في إنقاذ أي شيء في إيران».
أما في طهران، فقد تولى الإيرانيون قيادة الموقف، فأشعل رجال الدين الشوارع بخطبهم بينما سيطر الجيش على العاصمة. في البداية، اختبأ مصدق لكنه سلّم نفسه بعد أيام قليلة من الفرار. أما الشاه، الذي كان يخطط للعيش في المنفى، فرجع إلى إيران. لم يفاجأ أحد بهذا التحول في الأحداث أكثر من المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية.
إنّ انقلاب 1953 كان عملية استخباراتية نادرة اخترقت سجلاتنا الوطنية، فاليسار يأسف لانقلاب لا يفهمه، ويحيي ذكراه في أفلام هوليوود مثل فيلم «أرغو». حتى أن وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت صرّحت أن «الانقلاب كان بلا شك انتكاسة للتطور السياسي في إيران. ومن السهل الآن معرفة سبب استمرار استياء العديد من الإيرانيين من ذلك التدخل الأمريكي في شؤونهم الداخلية».
بالنسبة للديمقراطيين، فإنّ دروس الانقلاب واضحة وهي أنّ على أمريكا أن تتجنب الانحياز إلى أيّ طرف في السياسة الإيرانية لأن النتائج ستكون سيئة بلا شك. إن تصحيح رواية ما حدث في عام 1953 هو الخطوة الأولى نحو سياسة حكيمة تجاه إيران.
راي تاكيه زميل قديم في مجلس العلاقات الخارجية
عن وول ستريت جورنال
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وکالة الاستخبارات المرکزیة فی إیران
إقرأ أيضاً:
معتزة صلاح عبد الصبور للقائمين على الوس الفني: انزلوا لملح الأرض هناك الكنوز الحقيقية
أعربت الفنانة معتزة صلاح عبد الصبور سعادتها بتقديم ورشة ضمن ورش «أوكازيون الفن» التي جاءت تحت قيادة هشام طارق.
وكتبت عبد الصبور عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «تشرفت إني قدمت محاضرة أو ورشة لشباب لا يملكون غير موهبتهم وحبهم الشديد للتمثيل، منهم اللي بيجي من الأقاليم، ومن آخر مناطق القاهرة ومجمعين نفسهم في مسرح صغير في وسط البلد».
وتابعت: «مش دايماً سعاد حسنى وأحمد زكى هيكونوا في الأماكن الثرية، مش دايما هيبقوا ابن وابنة فلان أو علان، أو قريب فلان».
وناشدت معتزة صلاح عبد الصبور العاملين في الوسط الفني بضرورة النزول إلى أرض الواقع لاكتشاف المواهب الشابة قائلة:«إلى كل المخرجين والكاستينج دايريكتورز انزلوا لملح الأرض. هناك الكنوز الحقيقية».
تفاصيل «ورشة أوكازيون الفن»وتعد «ورشة أوكازيون الفن » مبادرة فنية مجانية في مجال التمثيل أسسها الممثل هشام طارق، تستضيف الورشة 10 مدربي تمثيل لإلقاء محاضرات على المواهب الشابة.
اقرأ أيضاًوزير الثقافة يعلق على الجدل الدائر حول ضياع مقتنيات شقة الفنان أحمد زكي
مصطفى كامل يكشف آخر تطورت الحالة الصحية لـ عاد الفار