بعد تأخر لأكثر من ثلاث سنوات عن موعد الإنتاج الذي كان مقررا نهاية العام 2021، أعلنت وزارة الطاقة والنفط الموريتانية أن أول شحنة من الغاز الطبيعي من حقل "السلحفاة آحميم الكبير" المشترك بين موريتانيا والسنغال سيتم تصديرها اليوم السبت.

وقال وزير الطاقة والنفط الموريتاني محمد ولد خالد، إن تصدير أول شحنة من هذا الحقل هي "لحظة تاريخية"، مردفا بأنها اللحظة التي "تدخل فيها موريتانيا بشكل فعلي مصاف الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال".



وعبر الوزير الموريتاني في مقابلة مع قناة CNN الأمريكية عن  فخر بلاده "بوضع الأساس لقطب هام للغاز الطبيعي المسال في غرب أفريقيا"، مؤكدا أن التعاون الوثيق بين موريتانيا والسنغال كان هو العامل الحاسم في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي.



وقالت وزارة الطاقة الموريتانية، إن بدء التصدير اليوم "يؤكد التزام موريتانيا بتطوير مواردها الطاقوية ونجاحها في الاستفادة منها بأفضل الطرق، ما يعزز موقعها الاستراتيجي ويجعلها لاعبًا أساسيًا في تلبية الطلب العالمي على الطاقة".

"استيفاء الشروط الفنية والتجارية"
وقال المستشار المكلف بالاتصال في وزارة الطاقة والنفط الموريتانية، أحمد فال محمدن، إنه "بعد استيفاء كافة الشروط الفنية والتجارية، تنطلق حاليا (اليوم السبت) أول شحنة من غاز حقل السلحفاة آحميم الكبير باتجاه الأسواق الدولية".

وأشار في تصريح خاص لـ"عربي21" إلى أنه خلال فترة قليلة ستنطلق كذلك شحنة أخرى ضمن مسار المشروع.

وأضاف: " إننا نعيش لحظة تاريخية حيث انضمت بلادنا بشكل كامل إلى مصاف الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال".


أكبر الاستكشافات بغرب أفريقيا
ويمثل "حقل السلحفاة" الواقع على الحدود البحرية بين موريتانيا والسنغال، أحد أكبر الاستكشافات الغازية فائقة العمق في البحر "ويهدف إلى استغلال الموارد الطبيعية الغازية بطريقة مستدامة بما يعود بالنفع على سكان واقتصادات البلدين".

وقال مستشار وزير الطاقة والنفط الموريتاني، في حديثه لـ"عربي21" إن مشروع "حقل السلحفاة آحميم الكبير" مشروع ضخم يمكن أن يستمر من 20 إلى 30 عامًا "ما يمنح موريتانيا مكانة متميزة لتطوير إمكاناتها واكتساب المهارات اللازمة لصناعة الغاز، التي تعتبر الطاقة الانتقالية بامتياز".

وتم تطوير "السلحفاة آحميم الكبير" ضمن شراكة بين الشركة الموريتانية للمحروقات وشركة بيتروسن السنغالية وشركتي بي بي (bp) البريطانية وكوسموس إنيرجي الأمريكية.



وتقدر احتياطيات هذا الحقل بـ 25 تريليون قدم مكعب، ويقع على عمق مائي يصل إلى 2850 مترا.

ويعتبر هذا الحقل الذي بلغت كلفته الإجمالية 4.8 مليار دولار، واحدا من أكبر حقول الغاز على المستوى الأفريقي، وقد تم إعلان اكتشافه في أبريل 2015.

ومن المتوقع أن ينتج حقل الغاز نحو 2.3 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا، في مرحلته الأولى، فيما يتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى 6 ملايين طن بين عامي 2027 و2028، على أن يصل الإنتاج إلى 10 ملايين طن بحلول عام 2030.

وتضم منشآت المشروع أربعة مكونات كبرى هي: أنظمة الآبار وخطوط الأنابيب تحت سطح البحر، ومنصة إنتاج وتخزين وتفريغ الغاز، ومحطة تسييل الغاز، بالإضافة إلى منشآت المرافق الفنية كالسكن والجسور الفولاذية والحائط كاسر الأمواج الذي تم إنشاؤه لحماية المنصات العائمة من تقلبات البحر.

وتبلغ القدرة التخزينية لمنشأة الغاز الطبيعي المسال 125 ألف متر مكعب، وبإمكانها تبريد الغاز الطبيعي المسال حتى 162 درجة مئوية تحت الصفر.


تعثر متكرر
وقد عرف تطوير الحقل تعثرا متكررا، حيث وقعت موريتانيا والسنغال عام 2018 على اتفاقية استغلاله، وحينها توقعت شركتا كوسموس وبريتش بتروليوم "بي بي" الموقعتان على عقد استغلال الحقل أن يبدأ الإنتاج فيه بشكل فعلي نهاية العام 2021.

لكنّ بدء الإنتاج تأخر لأكثر من ثلاث سنوات، وتضاعفت تكاليف تطويره، وأصبح بعض الخبراء يقللون من قيمته الاقتصادية وفوائده التنموية.

فقد أعلنت شركة "بي بي" البريطانية، المالكة لنسبة 56% من المشروع، عن تأخير في بدء الإنتاج في الموقع عدة مرات، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف الذي أثار استياء المسؤولين الموريتانيين والسنغاليين، الذين وجدوا أنفسهم في حرج بعد أن دمجوا بالفعل العائدات المتوقعة من المشروع في مشاريع قوانين المالية لعام 2023.

احتياطيات ضخمة
وبالإضافة للحقل المشترك مع السنغال، تمتلك موريتانيا العديد من حقول الغاز الخاصة بها، والتي لم يبدأ استغلالها حتى الآن.

فعلى بعد 60 كيلومترا شمالي "حقل السلحفاة الكبرى آحميم" يكتنز الحوض الساحلي الموريتاني حقل بير الله العملاق الذي صنف من ضمن أفضل حقول الغاز في العالم، من حيث الحجم والجودة، مع انخفاض نسبة ثاني أكسيد الكربون، وتقدر احتياطيات هذا الحقل بـ 80 تريليون قدم مكعب من الغاز.

وعلى الرغم من ضخامة احتياطيات هذا الحقل من الغاز الطبيعي المسال، فإنه لم يحفر فيه بعد سوى بئرين هما  "مارسوين" و"أوركا" ما يؤكد الحاجة الماسة إلى المزيد من المعلومات حول احتياطياته، وكذا إجراء الدراسات التقنية المفصلة لتطوير الخطة المناسبة لاستغلاله، وهو ما تقول وزارة الطاقة والنفط الموريتانية إنها تسعى إليه جاهدة.



وبدأت الحكومة الموريتانية عام 2022 مباحثات مع شركة "بريتش بتروليوم" للتوصل إلى عقد جديد يحدد الشروط التقنية والاقتصادية لاستغلال وتطوير حقل بير الله، ورغم التقدم في دراسة الخطة طلبت الشركة تمديد العقد 4 سنوات إضافية، غير أن الشروط لم تتحقق، ما أدى لإنهاء العقد في عام 2024، ودفع وزارة الطاقة والنفط الموريتانية، إلى البحث عن شركاء عالميين لديهم الإمكانيات اللازمة لتطوير الحقل، وفق معطيات رسمية.

تطلعات الموريتانيين
ويتطلع الموريتانيون إلى أن تسهم عائدات ثروة الغاز في تحسين ظروفهم المعيشية، وتوفير فرص للشباب العاطلين عن العمل، إذ تبلغ نسبة البطالة 30 بالمئة.

وفي هذا السياق يقول المستشار المكلف بالاتصال في وزارة الطاقة والنفط الموريتانية أحمد فال محمدن، في تصريح لـ"عربي21" إن بدء تصدير الغاز الموريتاني سيكون له "انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني من حيث توفير السيولة للخزينة وتشييد البنى التحتية وتعزيز الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة وخلق فرص الاستثمار.

ويأتي بدء تصدير الغاز الموريتاني في وقت تتزايد فيه الحاجة في العديد من بلدان العالم للغاز الطبيعي، في ظل الأزمات التي يعرفها العالم، حيث يتوقع أن يستمر نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي في السنوات القادمة، إذ تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى وصول الاستهلاك إلى مستويات قياسية جديدة بحلول عام 2025.

ويرجح خبراء الاقتصاد، أن تكون أوروبا الوجهة الرئيسية للغاز الموريتاني وذلك نظرا لقرب الأسواق الأوروبية من شواطئ موريتانيا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية موريتانيا تصدير موريتانيا تصدير الانتاج الغاز المسال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الغاز الطبیعی المسال موریتانیا والسنغال للغاز الطبیعی حقل السلحفاة هذا الحقل من الغاز

إقرأ أيضاً:

المثلث الإيراني العراقي التركمانستاني.. الحل الأمثل لأمن الطاقة في أوروبا؟

الاقتصاد نيوز - متابعة

أزمة الطاقة في أوروبا لم تنتهِ بعد. واجهت جهود تنويع مصادر الطاقة الأوروبية تحديات كبيرة منذ أن هددت حرب أوكرانيا إمدادات الغاز الروسية. يبحث القادة الأوروبيون عن بدائل للطاقة مع بروز حل محتمل من منطقة غير متوقعة: مثلث الطاقة بين إيران والعراق وتركمانستان. تتمتع أوروبا بإمكانية الوصول إلى أمن طاقة موثوق وطويل الأمد من خلال احتياطيات الغاز غير المستغلة في هذه المنطقة. ومع ذلك، فإن الشكوك السياسية والحواجز الجيوسياسية تعيق التقدم باستمرار.

عملت الدولة التي تمتلك رابع أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي عالميًا باستمرار على تقليل اعتمادها على الصين كمشتري رئيسي لها. على الرغم من العقوبات، تحافظ إيران على مكانتها كمركز عبور حيوي بفضل بنيتها التحتية المتطورة. وتُمكِّن احتياجات الطاقة المتزايدة في العراق من العمل كنقطة وصل بين موارد الطاقة في آسيا الوسطى والسوق الدولية.

تمثل دبلوماسية الطاقة النهج الأساسي لإطلاق العنان لهذه الإمكانات. ويدل بدء نقل الغاز التركماني عبر إيران إلى تركيا في مارس 2025 بموجب اتفاقية ثلاثية حديثة على رغبة إيران وتركمانستان في التعاون الإقليمي في مجال الطاقة. وفقًا لوزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، تُمثل هذه الاتفاقية خطوة تاريخية نحو أمن الطاقة، وتعتزم تركيا أن تصبح مركزًا رئيسيًا للطاقة.

أهمية هذا التطور كبيرة جدًا لا يمكن تجاهلها. ستُمكّن اتفاقية موسعة الغاز التركماني من دخول الأسواق الأوروبية عبر تركيا، مما سيُوفر مصدرًا بديلًا للغاز الروسي. وقد صرّح الرئيس رجب طيب أردوغان سابقًا بأن تركيا تُمثل مركزًا للطاقة حيث سيتم تحديد التسعير والتوزيع بدلاً من كونها مجرد دولة عبور.

على أوروبا أن تُراقب الوضع عن كثب إذا كانت تنوي حقًا تنويع مصادر الطاقة لديها. يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى موارد غاز بديلة، لكنه يُظهر تقدمًا غير كافٍ في التعامل الجاد مع تركمانستان وإيران.

على سبيل المثال، تُجبر العقوبات المفروضة على إيران الشركات الأوروبية وصانعي السياسات على توخي الحذر بشأن التعاملات التجارية مع طهران عند النظر في مشاريع الطاقة بسبب نظام العقوبات الأمريكية. وعلى الرغم من وجود بدائل، مثل صفقات تبادل الغاز، لتجنب المعاملات مع إيران، إلا أن بروكسل تفتقر إلى العزيمة السياسية لتنفيذها.

علاوة على ذلك، يُمثل افتقار آسيا الوسطى إلى بنية تحتية متكاملة لخطوط الأنابيب إلى أوروبا تحديًا كبيرًا. فعلى مدى عقود، حالت النزاعات القانونية حول وضع بحر قزوين دون المضي قدمًا في مشروع خط أنابيب الغاز عبر بحر قزوين، على الرغم من دوره في نقل الغاز التركماني عبر أذربيجان وتركيا.

وهناك أيضًا تأثير روسيا الذي يجب مراعاته. تاريخيًا، مارست موسكو ضغوطًا على تركمانستان لتوجيه صادراتها من الغاز إلى الصين بدلًا من أوروبا. وتعني سيطرة روسيا على أسواق الطاقة العالمية أنها ستُعارض بالتأكيد إنشاء أي طريق جديد لنقل الطاقة.

ومع ذلك، فإن هذه التحديات ليست مستعصية على الحل. ويمكن للاتحاد الأوروبي حل هذا المأزق من خلال تقديم الدعم الدبلوماسي لمبادرات البنية التحتية، مع التفاوض على تخفيف العقوبات على تجارة الطاقة، وبناء علاقات أقوى مع تركمانستان.

إن اعتماد الاتحاد الأوروبي على واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر أمر غير مستدام من المنظورين المالي والجيوسياسي. ويشكل الاعتماد الكبير على هذه الواردات باهظة الثمن خطرًا كبيرًا على القدرة التنافسية الصناعية الأوروبية واستقرار أمن الطاقة.

يحمل الغاز التركمانستاني المنقول عبر إيران وتركيا إمكاناتٍ تحويليةً لأوروبا، شريطة أن تتخذ بروكسل إجراءاتٍ حاسمة. وقد بدأت الصين والهند بتعزيز علاقاتهما في مجال الطاقة مع دول آسيا الوسطى. على الاتحاد الأوروبي التحرك بسرعة، وإلا سيُضيّع المنافسون العالميون الأكثر عدوانيةً هذه الفرصة.

يحمل ممر الطاقة الذي تُشكّله إيران والعراق وتركمانستان آفاقًا حيويةً للطاقة بالنسبة لأوروبا. ومع ذلك، فإن مجرد إمكانية الوصول إلى موارد الطاقة لن يكون كافيًا؛ إذ يجب على أوروبا أن تُشارك دبلوماسيًا بعزم.

هل ستختار اغتنام هذه الفرصة الحيوية أم ستترك السياسات القديمة والمخاوف الجيوسياسية تُسيطر على مصيرها في مجال الطاقة؟ سيُحدد خيار أوروبا ما إذا كانت القارة ستُرسي استقرارًا دائمًا في مجال الطاقة أم ستبقى عُرضةً لانقطاعاتٍ مُستقبلية.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • هيئة الطاقات المتجددة: اقتراب افتتاح أولى محطات الطاقة الشمسية في ليبيا 
  • الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي يتفوقان على النفط والفحم.. رقم قياسي سنوي جديد
  • خطّة حكومية لتوفير الغاز عبر المنصة العائمة من أربع دول
  • «نواتوم البحرية» تتسلّم أول سفينة تعمل بالغاز الطبيعي المسال
  • "نواتوم البحرية" تتسلّم أول سفينة متعددة الاستخدام تعمل بالغاز الطبيعي
  • إنتاج سلطنة عمان من الغاز الطبيعي يرتفع 9.5%
  • مجلس الوزراء: مدبولي يتابع معدلات إنتاج الغاز الطبيعي والزيت الخام وخطط الاستكشاف
  • الغاز النيابية:العراق مازال يستورد الغاز الإيراني
  • العراق يواجه تحديات في استيراد الغاز الإيراني بسبب العقوبات الأميركية
  • المثلث الإيراني العراقي التركمانستاني.. الحل الأمثل لأمن الطاقة في أوروبا؟