هل اقترب السلام مع تعثر الهجوم الأوكراني المضاد؟
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
رأى الباحث المختص بالشأن الروسي أليكس بوريلكوف، أن الوقت حان لأن تمارس واشنطن ضغوطاً من أجل السلام، وذلك بالتزامن مع تعثر الهجوم المضاد لأوكرانيا، وفي ظل المعطيات التي تفيد بأن روسيا قد تشن هجوماً جديداً في عام 2024.
أي نصر روسي بهذه الشروط هو انتكاسة كبيرة للولايات المتحدة
وقال في مقاله بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية إن الهجوم الأوكراني المضاد الذي طالما انتظرناه يراوح مكانه.
وأضاف أن إمدادات الأسلحة الغربية لا تُقدِّم الكثير لأوكرانيا. فغالبية الدبابات التي وُعِدَت بها موجودة في ميدان المعركة بالفعل. واللجوء إلى أسلحة عتيقة كالدبابة الألمانية ليوبارد 1 لن يُرجِّح كفة أوكرانيا. وفي المقابل، تتمتع القوات الروسية، التي تتبنى استراتجية المناورات السوفيتية الدفاعية، بالتفوق الجويّ، وتُعزز تفوقها بأعدادٍ لا تفتأ تزداد من أنظمة الأسلحة الرخيصة والفعَّالة كالطائرة المُسيرة "لانسيت".
National Interest - With #Ukraine’s #counteroffensive all but halted, the time has come for Washington to push for peace—particularly given that Russia might launch a new offensive in 2024. #War_in_Ukraine https://t.co/zYTTQ8FwrI
— #War_in_Ukraine #Facts #Opinions #Trends #Kharkiv (@HarZizn) August 22, 2023
وتتراجع حاليّاً مخزونات الأسلحة بالغة الدقة، الأمر الذي يعتبر سبباً رئيسياً في رفض إدارة بايدن إمداد أوكرانيا بمنظومة إم جي إم-140 أتاكمز الصاروخية الضرورية لضمان الأمن الأمريكي في المحيط الهادئ.
على أي حال، سيُقهَر الجنود الأوكرانيون في مواجهة القوات الجوية الروسية النشطة والواثقة على نحوٍ متزايد، والدفاع الجوي المُتكامل لروسيا.
وفي ظل هذا المشهد القاتم، يتساءل الكاتب: هل يكون "سيناريو كوريا" هو النتيجة الأرجح؟، هذا يعني أنه بحلول الوقت الذي يبلغ فيه الهجوم الأوكراني المضاد ذروته في نهاية أغسطس (آب)، سيتجمد الصراع عند الحدود الإقليمية المقابلة لخط المواجهة. وعملياً، تقايض أوكرانيا مناطقها الأربع التي ضمتها موسكو عام 2022 بضمانات أمنية غربية (أمريكية),
غير أن إشكالية "سيناريو كوريا" تكمن في أنه مبني على فرضية أن القيادة الروسية ستستميت من أجل وقف إطلاق النار، والجلوس إلى طاولة المفاوضات، علماً أنه لا أدلة كبيرة على ذلك.
لن تكون هذه أسوأ نتيجة من وجهة نظر أمريكية، يقول الكاتب، إذ ستكون واشنطن قادرة على نزع فتيل التوترات مع موسكو، وإقامة حوار مجدداً حول المسار المستقبليّ للهيكل الأمني الأوروبي. كما تتمكن أخيراً من التركيز على المحيط الهادئ. فالصين في النهاية هي المنافس الحقيقي للولايات المتحدة، إذ تسعى لإضعاف النفوذ الأمريكي منذ عام 2022، ويرجع ذلك في جانب منه، إلى فرض أمريكا عقوبات قاسية على روسيا.
وقاتل الروس الأوكرانيين حتى أوصلوهم لطريقٍ مسدود في الجنوب، كما شنوا هجمات عليهم في الشمال، بغية الاستيلاء على النطاق الكامل لمنطقة لوغانسك، حيث تزحف القوات الروسية بثبات.
Would be good for the US, if Russia goes for it. Which it may not, after all the lies and the crazy beyond-the-pale hateful stuff the West has done, like banning Russian kids from the Special Olympics.https://t.co/RnlzTZtMfT
— Ghost of Neverland (@Atr0pos007) August 22, 2023
وصرَّح ري غوروليف، القائد الأسبق للمنطقة العسكرية المركزية والنائب في مجلس الدوما، بأن الإنتاج العسكري الروسي المتزايد كان كافيّاً لتلبية احتياجات "العملية العسكرية الخاصة"، والجنود المتعاقدين مع الجيش الروسي البالغ عددهم 150 ألف جنديّ، ولكن يمكن توسيع نطاق الإنتاج تلبيةً لاحتياجات التعبئة الجزئية الجديدة.
وصرّحت القيادة الروسية مراراً بأن أهداف العملية العسكرية الخاصة لم تتغير، وستتحقق بالوسائل العسكرية لا السلمية. وتنظر موسكو إلى تقسيم أوكرانيا بصفته هدفاً رئيساً، بما في ذلك أوديسا وبقية أجزاء ساحل البحر الأسود، وربما جميع الأراضي الواقعة شرق نهر دنيبرو.
تعبئة جديدة؟
فهل يُحتمل أن الكرملين يفكر في تعبئةٍ جزئية جديدة؟ يتساءل الكاتب مجدداً، ويقول إن الانتصارات التي تحققت في منطقتي خاركيف وخيرسون نهاية العام الماضي هي التي منحت أوكرانيا زخماً سياسياً كافياً للمطالبة بمساعدات عسكرية كبيرة من الغرب. لكنّ هذه الآلية سارية في الاتجاهين. فإذا فشل الهجوم الأوكراني المضاد، فسيمنح بوتين زخماً سياسياً قوياً في الداخل وشرعية محلية.
ولفت إلى أن إلحاق دفعْة جديدة من الجنود الروس بجدول تدريب نصف سنويّ مُتسارع يعني أن الجيش الروسي سيدخل موسم حملة ربيع عام 2024 بما يربو على 300 ألف جندي جديد، في حين تتعرض القوات الأوكرانية للاستنزاف خلال فصل الشتاء بسبب قوة النيران الروسية.
وأشار الكاتب إلى أن الزحف الروسي السريع على كييف عام 2022 قد باء بالفشل إلى حدٍ كبير بسبب التركيز المُفرط على القوات الآلية وإعلاء أولويتها على الجنود المشاة. والجيش الروسي الذي يدخل ربيع عام 2024 بعد جولتين من التعبئة لن يواجه هذا القيد بعد الآن.
وسيترتب على حشد أعداد كافية من الجنود تتجاوز الخصم الأوكراني المُنهك حصول طفرات محتملة من الجانب الروسي والعودة إلى حرب المناورات.
وإذا كان باستطاعة القوات الروسية التوغل في العمق الأوكراني والاستيلاء على المناطق التي حددتها روسيا أهدافاً لها، فستضع الحرب أوزارها بنصرٍ روسي مؤزَّر وحاسم بقوة السلاح وحدها، لا بتسوية سلمية بوساطة أمريكية.
وأي نصر روسي بهذه الشروط هو انتكاسة كبيرة للولايات المتحدة، حسب الكاتب، مضيفاً أن الضرر الذي سيلحق بسمعة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وقدراتهما العسكرية سيكون مهولاً، إذ إن الجيش الأوكراني تلقى أفضل المعدات العسكرية للحلف وأعلى تدريباته، وستكون روسيا قادرة على الزعم بأنها وقفت وحدها ضد الغرب.. وانتصرت.
ترسيخ فكرة التسوية السلمية
لذلك كله، يرى الكاتب أنه من الضرورة ترسيخ فكرة التسوية السلمية لجميع أطراف الصراع، منوهاً إلى أن هناك شخصيات أمريكية مؤثِّرَة تشارك بالفعل في مسار الحوار مع نظرائهم الروس. وينبغي تشجيع هذه الجهود وتوسيع نطاقها، وإرساء الأساس للمشاركة المُستدامة في مفاوضات السلام. عندئذ فقط ستكون الولايات المتحدة قادرة على التركيز بالكامل على احتواء الصين، التي تمثل أهميةً قصوى لأمن الولايات المتحدة وازدهارها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الهجوم الأوکرانی المضاد
إقرأ أيضاً:
ترامب × بوتين| صفقة تثير العاصفة الأوروبية.. التقارب الأمريكي الروسي يقلق أوروبا وتدرس تأثيره المحتمل على أمن القارة العجوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لم تكن العلاقة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الروسى فلاديمير بوتين مجرد "كيمياء شخصية"، كما وصفها ترامب ذات مرة، بل تحولت إلى مُعادلة سياسية معقدة هزّت أركان التحالف الأطلسي، وأثارت تساؤلاتٍ عن مدى استمرارية التضامن الغربى فى مواجهة التمدد الروسي، حيث نشهد منذ عودة الرئيس الأمريكى إلى البيت الأبيض فى يناير ٢٠٢٥ تحولات جذرية فى السياسة الدولية، أبرزها التقارب الملحوظ بين واشنطن وموسكو والذى أثار تساؤلات عديدة حول مستقبل العلاقات الأمريكية الأوروبية، خاصة فى ظل التوترات المستمرة مع الصين.
بدأت ملامح التقارب بين ترامب والرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالظهور مع إعلان البيت الأبيض عن تعليق الدعم العسكرى والاستخباراتى لأوكرانيا، والبدء فى مفاوضات مباشرة مع موسكو لإنهاء الصراع فى أوكرانيا، كما أكد ترامب أن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو ليس مطروحًا على الطاولة، مما يعكس تحولًا كبيرًا فى السياسة الأمريكية تجاه الأزمة الأوكرانية. كما أن جاءت العاصمة السعودية الرياض كمنصة شهدت لقاءات أمريكية روسية تمهيدية على مستوى وزراء الخارجية ناقشت سبل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وتعزيز التعاون الثنائي، مما يعكس جدية الطرفين فى تحسين العلاقات.
وفى خطوة لافتة، قدمت واشنطن مقترحًا لوقف إطلاق النار لمدة ٣٠ يومًا فى أوكرانيا، بهدف فتح المجال أمام مفاوضات سلام شاملة. ورغم أن الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى أبدى دعمه للمقترح، إلا أن موسكو أبدت تحفظات، مشيرة إلى ضرورة مناقشة تفاصيل إضافية قبل الموافقة النهائية. وترامب، من جانبه، حث بوتين على تجنب أى تصعيد قد يؤدى إلى "مجزرة رهيبة"، مشددًا على أهمية الحفاظ على أرواح الجنود الأوكرانيين المحاصرين، عاكسًا رغبة ترامب فى لعب دور الوسيط لإنهاء الصراع المستمر منذ سنوات.
المعروف هو أن ترامب قبل توليه منصب الرئاسة، كان رجل أعمال صاحب ثروة تقدر بمليارات الدولارات الأمريكية، وبالتالى من المنطقى أن نجد قرارته وسياسات أمريكا الخارجية أشبه بالصفقات التجارية، بمعنى، إنه لم تكن أمريكا أكبر رابح من الصفقة، فإنها تعد صفقة غير رابحة.
ومن هنا يمكن أن نفهم انحياز ترامب لروسيا ونرجع هذا الانحياز إلى عدة عوامل، أبرزها اعتقاد ترامب بأن ما يمثل التهديد الأكبر للولايات المتحدة فى القرن الحادى والعشرين هى الصين وليس روسيا، هذه القناعة تدفعه إلى السعى لتطبيع العلاقات مع موسكو، بهدف التركيز على مواجهة النفوذ الصينى المتصاعد. بالإضافة إلى ذلك، يرى ترامب أن تحسين العلاقات مع روسيا قد يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادى والسياسي، مما يعزز مكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية. كما أن ترامب يحمل نظرة متشككة تجاه حلف الناتو، إذ يرى أن الدول الأوروبية لا تساهم بما يكفى فى نفقات الدفاع الجماعي، مما يجعله أكثر ميلًا للتعاون مع روسيا كبديل.
وتصاعد هذا المشهد الدرامى الدولى المتشابك وإعادة ترتيب التحالفات. فقد بقى يوم ٢٨ فبراير ٢٠٢٥ عالقا فى الأذهان لأنه هو اليوم الذى شهد لقاءً متوترًا بين ترامب وزيلينسكي، حيث تحول الاجتماع إلى مشادة كلامية حادة أمام وسائل الإعلام. وانتقد ترامب زيلينسكى علنًا متهمًا إياه بعدم الاحترام وهو ما أدهش متابعى اللقاء حول العالم، حيث إن لا أحد كان يمكن أن يتخيل حدوث موقف مشحون بهذا الكم من الكوميديا السوداء، وهو ما أثار أيضا استياء القادة الأوروبيين الذين يرون فى هذا التصرف تقليلًا للوحدة الغربية فى مواجهة التهديدات الروسية. هذا التوتر ألقى بظلاله على العلاقات الأمريكية الأوروبية، حيث أعربت العديد من الدول الأوروبية عن قلقها من التقارب الأمريكى الروسى وتأثيره المحتمل على أمن القارة. فالاتحاد الأوروبى يعتبر روسيا تهديدًا استراتيجيًا، وأى تقارب بين واشنطن وموسكو قد يُضعف الجبهة الغربية الموحدة.
فى ظل هذه التطورات، تبرز التساؤلات حول مستقبل العلاقات الأمريكية الأوروبية، فالتقارب بين ترامب وبوتين قد يؤدى إلى توترات مع الحلفاء الأوروبيين، خاصة إذا شعروا بأن مصالحهم الأمنية مهددة. من جهة أخرى، قد يسعى ترامب إلى طمأنة الأوروبيين من خلال تعزيز التعاون فى مجالات أخرى، مثل الاقتصاد ومكافحة الإرهاب. أما فيما يتعلق بالصين، فإن التقارب الأمريكى الروسى قد يكون جزءًا من استراتيجية أوسع لمواجهة النفوذ الصينى المتزايد. فالولايات المتحدة ترى فى بكين منافسًا استراتيجيًا يسعى لتقويض النظام الدولى القائم، وقد يكون التنسيق مع موسكو خطوة لتعزيز الجبهة المضادة للصين.
ويظل التقارب بين ترامب وبوتين يعكس تحولًا فى ميزان القوى العالمي. فمن جهة، تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة ترتيب أولوياتها الاستراتيجية، مركزة على التهديد الصينى المتصاعد. ومن جهة أخرى، ترى روسيا فى هذا التقارب فرصة لتعزيز نفوذها الدولى وتخفيف الضغوط الغربية، وقد يؤدى ذلك إلى إعادة تشكيل التحالفات الدولية. فالدول الأوروبية قد تجد نفسها مضطرة لإعادة تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة، وربما تعزيز التعاون فيما بينها لمواجهة التهديدات المحتملة. كما قد تسعى دول أخرى، مثل الهند واليابان، إلى تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة لموازنة النفوذ الصينى والروسى المتزايد.
على الصعيد الاقتصادي، قد نشهد تغييرات فى سياسات التجارة والطاقة. فروسيا قد تسعى إلى تعزيز صادراتها من الطاقة مما قد يؤثر على أسواق الطاقة العالمية. كما قد يؤدى التعاون الاقتصادى بين البلدين إلى تغييرات فى سياسات العقوبات والتعريفات الجمركية. من ناحية أخرى، قد يثير التقارب الأمريكى الروسى قلق الشركات الأوروبية التى تعتمد على الأسواق الأمريكية والروسية. فالاتحاد الأوروبى يفرض عقوبات صارمة على موسكو، وأى تخفيف أمريكى لهذه العقوبات قد يضعف التأثير الاقتصادى الأوروبى عليها.
إن التقارب بين ترامب وبوتين يمثل تحولًا كبيرًا فى السياسة الدولية، يحمل فى طياته فرصًا وتحديات. فبينما قد يسهم هذا التقارب فى إنهاء الصراع الأوكراني، إلا أنه يثير مخاوف الحلفاء الأوروبيين بشأن أمنهم ومصالحهم، وفى ظل التوترات مع الصين، يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية توازن الولايات المتحدة بين تعزيز علاقاتها مع روسيا والحفاظ على تحالفاتها التقليدية فى أوروبا وآسيا.
على المدى الطويل، سيحدد هذا التقارب مستقبل النظام الدولي، حيث قد نشهد إعادة هيكلة كبرى للعلاقات بين القوى العظمى. أوروبا قد تجد نفسها مضطرة لتعزيز قدراتها العسكرية والاستراتيجية لمواجهة التهديدات الروسية المحتملة دون الاعتماد الكامل على واشنطن. أما الصين، فقد ترى فى التقارب الأمريكى الروسى فرصة أو تهديدًا، مما قد يدفعها إلى تعزيز تحالفاتها فى آسيا وأفريقيا لتعويض أى خسائر دبلوماسية.
وفى النهاية، يبقى السؤال الأهم هو هل سيكون هذا التقارب مجرد تكتيك مؤقت أم بداية لتحالف استراتيجى جديد يعيد تشكيل النظام العالمي؟ والإجابة عن هذا السؤال ستعتمد على كيفية تفاعل القوى العالمية مع هذه المتغيرات، ومدى قدرة أوروبا والصين على موازنة التأثير الأمريكى الروسى المتزايد.