الدبلوماسية الثقافية.. يُصنع بالفنون ما لا يصنع بالدبابات
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
يعي العالم المشغول بقضايا الحرب والسلم ومسارات تشكل نظاما عالميا جديدا متعدد الأقطاب قيمة الثقافة ومكانتها في تاريخ الإنسان، وفي كل مكونات حضارته ومساره نحو المستقبل. وهذا الوعي نقطة مهمة في حفظ الكثير من التوازنات الدولية التي تحدثها التجاذبات السياسية أو المواجهات العسكرية. والمقالات التي كتبت في أعقاب رفض بعض المؤسسات الثقافية والأكاديمية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية العام الماضي أي تعامل مع المبدعين الروس بعد نداء نائب وزير التعليم والعلوم الأوكراني أندري فيترينكو الذي قال فيه بوضوح: «تخلصوا من كل شيء يربطنا بأي شكل من الأشكال بالإمبراطورية الروسية»، دليل على فهم قيمة المنجز الإبداعي بغض النظر عن تصنيفه الجغرافي والنظر له بمقياس مختلف تماما عن توجهات السياسة وآلتها العسكرية.
إن قوة العالم التي يمكن أن تصمد لقرون طويلة لا تتمثل في القوة العسكرية المحكوم عليها في يوم من الأيام بالتراجع والتقهقر أمام منطق التحولات وصعود الأمم وهبوطها بل يكمن في قوة الثقافة والفن والإبداع باعتبارها أدوات حيوية في بناء العلاقات الدولية والإنسانية بشكل عام.
بل إن قوة الإبداع الإنساني، شعرا ونثرا وموسيقى وخيالا.. إلخ قادرة على بناء مشتركات إنسانية حتى وسط الحروب الكونية.
لذلك فإن الاحتفاء بالثقافة والمثقفين والمفكرين والمبدعين في كل مكان هو احتفاء بإنسانية الإنسان بعيدا عن كل التصنيفات الأخرى وموازين القوة والضعف.. واحتفاء بالحوار الإنساني الذي يملك وحده قوة التقارب بين مختلف الأقطاب عند نقاط تملك قوة الجذب السحرية.
والتحالفات السياسية مهما رأينا أنها متينة وصلبة إلا أنها أمام حركة المصالح يمكن أن تكون عابرة، لكن الروابط الثقافية أو الاجتماع حول منتج ثقافي وإبداعي أكثر قدرة على البقاء والدوام رغم تحولات الأزمان.
إن عالمنا اليوم بحاجة لإعطاء الدبلوماسية الثقافية المكانة التي تستحقها، وهي قادرة على أن تتعالى فوق التجاذبات السياسية والاقتصادية لأنها تملك قدرة الإقناع وقوة المنطق الإنساني.. والثقافة والفنون لا يمكن أن تكون في يوم من الأيام مجرد زينة أو ترفا إنسانيا في لحظة سكون وهدوء وأمان.. بل هي أدوات حقيقية قادرة على بناء عالم يتسم بالتفاهم والاحترام والسلام والمزيد من الاستقرار.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
طهران وواشنطن.. رهن بميزان الضغوط والتنازلات.. هل تنجح الدبلوماسية بتفادي مواجهة أشمل؟ - عاجل
بغداد اليوم – بغداد
كشف الدبلوماسي السابق، غازي فيصل، اليوم السبت (29 آذار 2025)، عن موقف إيران من المفاوضات مع واشنطن، مشيرا إلى موافقتها على التفاوض بشأن الملف النووي عبر وساطة عمانية، لكنها رفضت بشكل قاطع التطرق إلى قدراتها الصاروخية والدفاعية.
وأوضح فيصل في حديث لـ”بغداد اليوم” أن “الرد الإيراني يحمل طابعا إيجابيا من حيث المبدأ، لكنه يصطدم بعقبة أساسية، تتمثل في رفض طهران مناقشة ملف الصواريخ، الذي تعتبره الإدارة الأمريكية تهديدا خطيرا للأمن الإقليمي ولمصالحها في الشرق الأوسط”.
وأشار إلى أن "واشنطن ترى ضرورة تفكيك برامج الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى، إلى جانب حل الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران في لبنان واليمن والعراق وسوريا، باعتبارها أحد العوامل الرئيسية في زعزعة الاستقرار بعد أحداث 7 أكتوبر".
وأضاف فيصل أن “إيران تنفي ارتباطها المباشر بهذه الفصائل، إلا أن المعطيات على الأرض تؤكد خلاف ذلك، حيث يشرف قادة فيلق القدس، ومن بينهم الجنرال إسماعيل قاآني، على تحركاتها، سواء في بيروت إلى جانب حزب الله، أو في سوريا واليمن، وحتى في العراق داخل قواعد مثل جرف الصخر، التي يُعتقد أنها تحتضن مصانع صواريخ ومقرات قيادة”.
ولفت إلى أن "الفصائل المسلحة تعلن بوضوح، عبر منصاتها الإعلامية، ولاءها لولاية الفقيه والتزامها بتوجيهات الحرس الثوري، رغم محاولة طهران إبعاد نفسها عن تداعيات الأزمات والصراعات في المنطقة".
في السياق، أشار إلى "تصاعد التوتر في اليمن، حيث تعرضت مواقع الحوثيين لأكثر من 40 غارة جوية أمريكية مؤخرا، في ظل اعتبار واشنطن أن أي هجوم حوثي على السفن أو المصالح الأمريكية في البحر الأحمر هو بمثابة “طلقة إيرانية”، ما قد يفتح الباب أمام تصعيد عسكري أوسع يشمل طهران نفسها".
على مدى عقود، اتسمت العلاقة بين إيران والولايات المتحدة بالتوتر والتصعيد، خاصة بعد الثورة الإسلامية عام 1979، حيث فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية مشددة على طهران، واعتبرتها مصدر تهديد للاستقرار الإقليمي.
في عام 2015، وقّعت إيران مع القوى الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة، الاتفاق النووي المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” (JCPOA)، والذي حدّ من أنشطة طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات.
إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، انسحبت من الاتفاق عام 2018، وأعادت فرض العقوبات، مما دفع إيران إلى التراجع عن التزاماتها النووية وتصعيد نشاطها الإقليمي.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى مستقبل العلاقة بين إيران والولايات المتحدة رهنا بميزان الضغوط والتنازلات، فهل يمكن أن تنجح الدبلوماسية في تفادي مواجهة أشمل؟